القدس المحتلة- فتحت توصيات لجنة التحقيق المدنية في أحداث 7 أكتوبر/تشرين الأول 2023، والتي خلصت إلى أن الحكومة الإسرائيلية والمؤسستين الأمنية والعسكرية فشلت بالحفاظ على أمن مواطني إسرائيل، السجال مجددا بالأوساط الإسرائيلية حول ضرورة تشكيل لجنة تحقيق رسمية.

وتزامن نشر التوصيات التي حمّلت الحكومة الإسرائيلية ومختلف أذرع الأجهزة الأمنية والعسكرية مسؤولية الإخفاق الاستخباراتي والفشل بمنع الهجوم المفاجئ الذي شنته حركة حماس على مستوطنات "غلاف غزة"، مع الإعلان عن التوصل إلى اتفاق لوقف إطلاق النار مع حزب الله في لبنان.

وأعقب نشر توصيات واستنتاجات اللجنة المدنية التي استمعت ووثقت حوالي 120 إفادة، بضمنها إفادات لرؤساء حكومات ووزراء دفاع سابقين، ورئيس سابق للاستخبارات العسكرية "أمان"، وجنود شاركوا بمعارك "غلاف غزة"، وعائلات مختطفين وجنود ومواطنين قتلى، استكمال مراقب الدولة، متنياهو أنغلمان، استجواب جميع أعضاء "الكابينت"، حول أداء الأخير بالفترة التي سبقت "طوفان الأقصى"، وذلك قبيل تشكيل لجنة تحقيق رسمية.

طمس الحقائق

أمام هذه التطورات المتسارعة بالمشهد الإسرائيلي، والتي تدفع نحو تشكيل لجنة تحقيق رسمية بإخفاقات 7 أكتوبر، وفي ظل تعالي الأصوات وتصاعد المطلب الجماهيري لذلك، يسابق مكتب رئيس الوزراء بنيامين نتنياهو، الزمن، للترويج لمشروع قانون يحل محل لجنة التحقيق الرسمية، وينص على تشكيل لجنة حكومية، سعيا منه، بحسب مراقبين، لطمس حقائق الإخفاق، وإعفائه هو شخصيا من أي مسؤولية.

وفي قراءة نقدية لحكومة نتنياهو وللمستوى العسكري، وكذلك للمؤسسة الأمنية لعدم التوافق حتى الآن على تشكيل لجنة تحقيق رسمية، وصف الكاتب الإسرائيلي الرائد احتياط يتسحاكي غليك، لجنة التحقيق المدنية بـ"العمل الصهيوني المهم"، وذلك مهما كانت نتائجها وتوصياتها.

في غياب القيادة وانعدام تحمل المسؤولية، وفي غياب لجنة تحقيق رسمية، وعندما يكون الانطباع العام هو أنه لم يتم إجراء تحقيق مناسب، يقول غليك "يأتي دور المجتمع المدني، فالمواطنون ينهضون مرة أخرى، ويبادرون للعمل".

ويولي غليك المنتمي لمعسكر اليمين، أهمية بالغة للجنة التحقيق المدنية، التي بحسب وجهة نظره تعكس مختلف شرائح المجتمع الإسرائيلي، قائلا "يوم السبت الأسود بالسابع من أكتوبر، حيث اختفت وصمتت القيادات، كان المواطنون والجنود الميدانيون هم الذين قاتلوا العدو، وأنقذوا الجرحى والناجين، وأنشؤوا أنظمة الدعم المدنية وفرق الحراسة".

ويرى أن توقيت نشر لجنة التحقيق المدنية توصياتها، وذلك بعد عام ونيف على الإخفاق في منع الهجوم المفاجئ على مستوطنات "غلاف غزة"، يوحي أن المجتمع الإسرائيلي استخلص العبر، ويأخذ زمام المبادرة حتى عندما تفشل الحكومة والجيش في أداء واجبهم حتى اليوم، وبعد مرور 14 شهرا على بدء الحرب.

وفي إشارة لدور مؤسسات المجتمع المدني في الإسناد خلال الحرب، أوضح غليك أن إسرائيل ما زالت تعاني من فراغ قيادي، فالعديد من الهيئات التي تعالج الناجين من أحداث 7 أكتوبر، وترافق الأشخاص الذين تم إجلاؤهم وتوفر الرعاية للمعاقين عقليا، هي هيئات مدنية ومواطنون يتحملون المسؤولية.

نتنياهو في محور نتساريم بغزة (إعلام الجيش الإسرائيلي) انعدام الثقة

بدا رئيس الوكالة اليهودية الجنرال المتقاعد دورون ألموغ، أكثر حزما، داعيا إلى ضرورة تحمل المسؤولية وتشكيل لجنة تحقيق رسمية في إخفاقات 7 أكتوبر، على غرار لجنة "غرانات" التي أقيمت للتحقيق في إخفاقات حرب أكتوبر 1973، حيث شكلت مباشرة بعد انتهاء القتال وقدمت توصياتها واستنتاجاتها بقصور الجيش الإسرائيلي بعد 6 أشهر من إنشائها.

وقال رئيس الوكالة اليهودية لصحيفة كلكليست "في 7 أكتوبر، فقد الجمهور الإسرائيلي الثقة بالجيش والأمن والقيادة العسكرية والقيادة السياسية. صحيح، كانت هناك بعض الإنجازات والنجاحات، ولكن وقبل كل شيء يجب على القيادة بأكملها أن تعتذر عما حدث من فشل وإخفاقات".

ويعتقد ألموغ أن إسرائيل وصلت إلى وضع رهيب، وهي بأمسّ الحاجة إلى قيادة تضمد الجراح وتوحد الشعب وإلى خطاب جماهيري مغاير للشعب اليهودي، قائلا "يتعين على الحكومة إنشاء لجنة تحقيق رسمية، واستخلاص العبرة الأولى بالذهاب إلى انتخابات مبكرة".

استخلاص العبر

وفي تقدير موقف بعنوان "موقف الجمهور من تشكيل لجنة تحقيق في الحرب"، والصادر عن جامعة "رايخمان" في هرتسليا، أعده كل من رئيس معهد "الحرية والمسؤولية"، أمنون كافوري، والباحث والمحاضر بالسياسة العامة والقانون، رعنان كينان، يتضح أن الغالبية العظمى من الجمهور الإسرائيلي تؤيد تشكيل لجنة تحقيق رسمية.

وبحسب تقدير الموقف الذي استعرضه الموقع الإلكتروني "زمان يسرائيل"، حيث اعتمد أيضا على استطلاع للرأي العام بإسرائيل، فإنه منذ 7 أكتوبر، تتزايد الدعوات والمبادرات المطالبة بتشكيل لجنة تحقيق رسمية في الظروف التي أدت للهجوم المفاجئ والأحداث التي وقعت خلاله وبعده.

لكن من جانبها، بحسب ما ورد في تقدير الموقف، ترفض الحكومة الإسرائيلية، والتي تتنصل من المسؤولية، تشكيل لجنة تحقيق رسمية، بل ويسعى نتنياهو إلى تشريع قانون غير عادي، ينص على إنشاء آلية لجنة تحقيق سياسية وحكومية تهدف إلى طمس أحداث 7 أكتوبر.

ينبع مبرر تشكيل لجنة تحقيق رسمية بعد فشل السلطة التنفيذية (الحكومة)، يقول كافوري "من أهمية التعلم واستخلاص الدروس والعبر، وذلك من أجل الحد من مخاطر مماثلة في المستقبل. لقد تم تصميم شكل لجنة التحقيق لتمكين إجراء تحقيق شامل ومستقل، مع الحفاظ على ثقة الجمهور في هيئة التحقيق".

ونظرا للدور العام المهم الذي تلعبه لجنة التحقيق الرسمية في حالات الأزمات الوطنية، يضيف رئيس معهد "الحرية والمسؤولية"، فإن "دعم الجمهور لإنشاء لجنة التحقيق وثقته في هيكلها له أهمية مركزية في سيرورة استقرار نظام الحكم بإسرائيل".

ويرى أن "تنفيذ استنتاجات لجنة التحقيق وتحمل المسؤولية لمن يتبين أنه مسؤول عن التقصير والفشل والإخفاق، هو الخطوة التالية لضمان إعادة ثقة الجمهور الإسرائيلي بمختلف القيادات والمؤسسات، ودون هذين الأمرين، لن تتمكن إسرائيل من التعافي من كارثة أحداث 7 أكتوبر".

المصدر: الجزيرة

كلمات دلالية: حريات تشکیل لجنة تحقیق رسمیة أحداث 7 أکتوبر

إقرأ أيضاً:

وحدتان عسكريتان للعدو الإسرائيلي رفضتا مواجهة مقاتلي حماس في 7 أكتوبر

الثورة نت /..

كشف تحقيق أجراه جيش العدو الإسرائيلي، عن فشله في حماية مستوطنة “بري غان” جنوب فلسطين المحتلة عام 48، حيث رفضت وحدتان عسكريتان دخول المستوطنة، ولم يكن لدى المستوطنة فريق جاهزية فعال، ولم يتخذ جيش العدو أي إجراء حيال ذلك.

وأظهر التحقيق، الذي نشرت نتائجه اليوم الخميس، والذي يعد أحد أكثر التقارير إثارة للقلق في المراجعة الجارية لأحداث يوم السابع من أكتوبر 2023، أن وحدتان من جيش العدو هما: كتيبة الاستطلاع “ناحال” وكتيبة “كاراكال” – رفضتا التصدي للمقاومين الفلسطينيين الذين اقتحموا المستوطنة، بحسب وكالة “قدس برس”.

ووفقًا للتحقيق الذي قاده العميد الصهيوني إيتمار بن حاييم، فشل جيش العدو في الدفاع عن “بري غان”، وقُتل في الاشتباكات أربعة من أفراد أمن العدو الإسرائيلي، بينهم ضابط شرطة وثلاثة أعضاء من فريق الاستعداد الأمني “شلوميت”.

وبيّن التحقيق أن عشرة أفراد من “حماس” فقط تسللوا بالسيارات وراجلين، مستهدفين “بري غان” والمنشآت العسكرية المحيطة.

ووفق التحقيق بدأ الهجوم الساعة 6:29 صباحًا بإطلاق كثيف للصواريخ من قطاع غزة باتجاه مستوطنات النقب الغربي.

وأشار إلى أنه في الساعة 6:41 صباحًا، وبعد انطلاق صفارات الإنذار الحمراء، أعلن قائد فرقة غزة حالة الحرب، وكانت الكتيبة 934 من لواء ناحال، المعروفة باسم كتيبة “كرم أبو سالم” القتالية، مسؤولة عن القطاع، إلا أنها سرعان ما هُزمت رغم تفوقها العددي، حيث قُتل قائد الكتيبة وقائد فصيلته في بداية الاشتباك مع مقاتلي حماس.

وفي مكان قريب، في قاعدة “صوفا” الواقعة على بُعد كيلومترين من “بري غان”، حوصر الجنود الصهاينة إثر تعرض القاعدة لهجوم مباشر، وحوصر العديد منهم في قاعة الطعام، كما تضررت مقرات قيادة جيش العدو الإسرائيلي في المنطقة.

وقالت صحيفة “جروزاليم بوست” العبرية: “إن هذه القضية تضاف إلى القائمة المتزايدة من الإخفاقات العملية للجيش في ذلك اليوم، مما يثير تساؤلات حول الاستعداد النظامي، وبروتوكولات القيادة، والتنسيق بين الوحدات”.

وكانت تحقيقات سابقة أجراها جيش العدو الإسرائيلي، خلصت إلى الإقرار “بالإخفاق التام” في منع الهجوم على مستوطنات غلاف غزة.

مقالات مشابهة

  • خلال لقاءاتهم بلجنة التحقيق.. سجناء يشكون تفشي الأمراض وغياب الرعاية الصحية بإصلاحية تعز
  • إعلام غربي: طهران لم تتوقع شدة الهجوم الإسرائيلي بعد 7 أكتوبر
  • إدانة رسمية وحزبية في تونس للعدوان الإسرائيلي ضد إيران
  • الحكومة اليمنية: لا صفة رسمية أو دبلوماسية للمواطن المتهم بالتخابر مع الموساد الإسرائيلي
  • وسائل إعلام إيرانية رسمية: مقتل محمد باقري قائد أركان الجيش في العدوان الإسرائيلي على البلاد
  • لجنة في «الوطني» تناقش سياسة تحقيق أمن الصناعات الدوائية
  • نتنياهو يسعى لاستغلال "الفرصة المؤقتة" لضرب إيران.. وتحذير أمريكى
  • وحدتان عسكريتان للعدو الإسرائيلي رفضتا مواجهة مقاتلي حماس في 7 أكتوبر
  • الزناتي: فتح باب تلقي أوراق الصحفيين بلجنة المشتغلين الجديدة الإثنين المقبل
  • أبو عرقوب: البعثة قد تلجأ إلى تشكيل لجنة حوار لوضع قوانين نهائية للانتخابات