باستخدام البعوض.. لقاح واعد ضد الملاريا بنتائج مذهلة
تاريخ النشر: 9th, December 2024 GMT
هولندا – استخدم فريق من العلماء حشرات البعوض في دراسة جديدة لتطوير لقاح واعد ضد الملاريا، يمكن أن يقدم حماية أفضل بكثير مقارنة بالخيارات الحالية.
ورغم أن البعوض عادة ما يرتبط بنقل المرض، إلا أن هذه الدراسة تفتح آفاقا في مكافحة الملاريا، وتعتبر خطوة متقدمة في الجيل الثاني من اللقاحات ضد الملاريا، وقد أظهرت نتائجها تحسنا ملحوظا في الفعالية.
وطور الفريق من جامعة Leiden وجامعة رادبود في هولندا، هذا اللقاح باستخدام نسخة معدلة وراثيا من طفيلي Plasmodium falciparum، المسؤول عن الإصابة بالملاريا. ورغم أن اللقاح (الذي يحمل اسم GA2) يحتوي على طفيلي غير نشط، إلا أنه يساعد الجسم على بناء استجابة مناعية ضد الملاريا دون التسبب في الإصابة بالمرض.
ويوضح عالم اللقاحات، ميتا روستنبرغ، من جامعة Leiden قائلا: “يتم إدخال الطفيليات الخاملة عن طريق لدغة البعوض، حيث تصل إلى الكبد البشري كالمعتاد، ولكن بسبب التعديل الجيني، لا يمكن للطفيلي إتمام نموه داخل الكبد، ولا يستطيع الانتقال إلى مجرى الدم، وبالتالي لا يحدث المرض. وفي الوقت نفسه، يخلق هذا الطفيلي المعطل استجابة مناعية قوية في الكبد، ما يمنح الجسم مناعة ضد العدوى الحقيقية في المستقبل”.
وأظهرت الدراسة أن اللقاح GA2 يمنح الجهاز المناعي وقتا أطول للتعرف على الطفيلي مقارنة بالإصدار السابق. إذ يحتاج P. falciparum في هذا اللقاح المعدل إلى نحو أسبوع كامل للنضوج داخل الكبد، بينما كان النضوج يستغرق 24 ساعة فقط في الإصدار القديم (GA1). وهذا التوقيت الإضافي يعزز قدرة الجهاز المناعي على مواجهة الطفيلي.
كما أظهرت النتائج أن اللقاح GA2 حفز استجابة مناعية أقوى وأكثر تنوعا، وهو ما يفسر فعاليته المحسنة بشكل كبير. وتبين أن 8 من كل 9 شباب بالغين تلقوا اللقاح الجديد كانوا محميين ضد الملاريا، مقارنة بشخص واحد فقط من كل 8 تلقوا اللقاح الحالي.
ويفكر فريق البحث في تحسين اللقاح بناء على هذه النتائج لفهم سبب نجاحه بشكل أكبر.
ورغم أن الآثار الجانبية كانت طفيفة جدا، حيث اقتصرت على الاحمرار والحكة في منطقة لدغات البعوض، فإن جميع المشاركين في الدراسة تم علاجهم بدورة من الأدوية المضادة للملاريا بعد جمع البيانات.
يذكر أنه على الرغم من التقدم الكبير في مكافحة الملاريا، سواء عبر القضاء على مصدر العدوى أو تعزيز مناعة الأفراد، إلا أن المرض ما يزال يشكل تحديا عالميا، حيث يسجل سنويا نحو 250 مليون حالة إصابة، إضافة إلى مئات الآلاف من الوفيات. كما أن اللقاحات المتوفرة حاليا تقدم حماية محدودة تتراوح بين 50-77% فقط، وغالبا ما تدوم أقل من عام.
نشرت نتائج الدراسة في مجلة نيو إنغلاند الطبية.
المصدر: ساينس ألرت
المصدر: صحيفة المرصد الليبية
كلمات دلالية: ضد الملاریا أن اللقاح
إقرأ أيضاً:
شاهد.. أزمات مخيم الهول تتراكم دون استجابة دولية لتفكيكه
الحسكة – على أطراف خيمة مهترئة في مخيم الهول، ينظر حسين عبد الفرج إلى طفلته ذات الملامح المختلطة بحسرة قائلا "كسرت ظهري.. ليس بيدي حيلة"، فرغم أنه متزوج من امرأة سورية، فإنه لا يُسمح له بتسجيل طفلته باسمه، بموجب قوانين المخيم.
فحسين، الخمسيني القادم من العراق، والذي يعيش في خيمة قماشية مثقوبة ليس استثناءً، فمثله آلاف العراقيين الذين لا يملكون أية وثائق رسمية، ويعيشون واحدة من أكثر الأزمات تعقيدا في سوريا، وسط هواجس من المجهول أو الملاحقة في حال العودة إلى بلادهم.
تقول حنان حسن علي، التي خرجت من الأنبار وهي طفلة وتقيم في الهول منذ 7 سنوات، للجزيرة نت، "أعيش بلا وطن وبلا مستقبل، ابنتي غادرت رفقة زوجها إلى العراق، وبقي معي ولدان، أما زوجي فمعتقل ولا أعرف مصيره. تعبت، أريد فقط أن أعيش بين أهلي".
أما علي خلف العلي، وهو من الموصل، فيتحدث صراحةً عن هواجس العودة، ويقول "البعض لا يريد الرجوع، لأنه حين يصل العراق ستُفتح له ملفات قديمة، حتى من ليس له علاقة بتنظيم الدولة الإسلامية يُلاحق أو يُسجن، العودة بالنسبة للبعض -وأنا منهم- فخ".
أما منعم الظاهر الذي ينحدر من مدينة الفلوجة فلديه رأي آخر، ويقول "مَن ارتكب جريمة فليُحاسب، لكن ما ذنب الأطفال والنساء؟ نحن نعيش مأساة حقيقية، بلا خدمات، بلا أمل، نريد العدالة والعودة".
إعلانورغم تراكم المآسي بين قصص سكان المخيم، فإن العوائق أيضا تبقى متعددة، بين الخشية من الانتقام العشائري والعقبات القانونية، أو وجود روابط عائلية مع مطلوبين.
يعيش اليوم قرابة 35 ألف شخص في مخيم الهول الواقع شمال شرقي محافظة الحسكة السورية، شمال شرق البلاد قرب الحدود العراقية التركية، ومعظمهم من النساء والأطفال العراقيين.
ورغم أن عدد سكانه بلغ نحو 73 ألفا في عام 2019، فإن 8 دفعات من العراقيين غادرته منذ بداية العام الحالي، في حين لا يزال الآلاف عالقين فيه، في ظل تنسيق محدود واستجابات متعثرة بين الحكومات المعنية.
وأُنشئ مخيم الهول عام 1991 بعد حرب الخليج لإيواء نازحين عراقيين ومنهم أكراد، ومع اندلاع الثورة السورية في 2011، تحوّل إلى ملاذ لآلاف النازحين من جنسيات عدة.
ومع تقدم قوات سوريا الديمقراطية "قسد" في المناطق التي كانت خاضعة لتنظيم الدولة الإسلامية، أصبح المخيم يشهد تدفقا كبيرا للمقاتلين وعائلاتهم بعد هزيمة التنظيم عام 2019.
واليوم، يضم المخيم أكثر من 43 ألف شخص من جنسيات متعددة، تشمل العراقيين والسوريين، بالإضافة إلى جنسيات أوروبية وآسيوية وأخرى من مختلف دول العالم، مما يعقّد مهمة التنسيق لإعادة هؤلاء إلى بلدانهم.
شنّت قوات سوريا الديمقراطية في مطلع مايو/أيار الحالي حملة أمنية داخل المخيم، بهدف القضاء على خلايا تنظيم الدولة الإسلامية، وشملت الحملة تفتيش الخيام والمرافق واعتقال المشتبه بانتمائهم للتنظيم.
ووفق تقارير محلية، أسفرت الحملة عن اعتقال 20 شخصا وضبط 15 خلية نائمة، بالإضافة إلى مصادرة 10 قطع سلاح ومواد متفجرة، كانت مخبأة في مناطق داخل المخيم.
إعلانوتوضح إحدى المسؤولات في المخيم للجزيرة نت، والتي فضّلت عدم ذكر اسمها، أن الإدارة الذاتية في شمال شرق سوريا تحاول التنسيق مع الحكومتين السورية والعراقية ومع عدد من الدول الأجنبية لترحيل قاطني المخيم، لكنها وصفت الاستجابة بـ"المعدومة".
وتضيف "رغم تراجع عدد سكانه، لا يزال آلاف ينتظرون حلا، الخطر الحقيقي لا يكمن فقط في الخلايا النائمة، بل في الفكر المتشدد الذي يترسّخ في أذهان الأطفال والنساء".
وتحذّر من أن تنظيم الدولة بات يعتمد على تهريب الأفراد من داخل المخيم، مؤكدة أن "بيئة المخيم غير صالحة وتُغذي التطرف لدى الأجيال الجديدة"، وتقول "الخطر ليس فقط في من عاش تجربة داعش، بل في الجيل الذي لم يعرف شيئا سواها".
بدورها، وصفت الأمم المتحدة -في وقت سابق- المخيم بأنه "قنبلة موقوتة"، ودعت الدول إلى تحمّل مسؤولياتها وإعادة رعاياها وتأهيلهم، وسط تحذيرات من أن كل تأخير في إفراغ المخيم "يمنح التطرف فرصة جديدة للتمدّد".
يقول عصام الفيلي، المختص في شؤون "الجماعات المتطرفة" والمقيم في العراق، إن "مخيم الهول يمثل أحد أخطر التحديات الأمنية في المنطقة، لاحتوائه على آلاف من عائلات عناصر تنظيم الدولة الإسلامية، كما تتكرر فيه حالات القتل والاختفاء القسري".
ويضيف "بقاء المخيم دون تفكيك يشكّل تهديدا مباشرا، لا بد من تعاون إقليمي ودولي عاجل، كثير من الأمهات يلقنون أبناءهن مفاهيم التنظيم، ما قد يحوّلها إلى سلوك وفكر خطير في أي مكان ينتقلون إليه".
ويرى الفيلي أن "رفض بعض الدول إعادة رعاياها يعقّد المشكلة، فالإعادة والتأهيل تحت إشراف الدولة هي الطريقة المثلى، أي بما يشبه التطهير البيئي الأمني".
ويختم بالقول إن "إجراءات الإدارة الذاتية محدودة، وكان من الضروري فصل الأبناء عن الأمهات مبكرا، لبدء عملية تعليمية قائمة على التسامح، فالتغذية الفكرية السلبية داخل المخيم هي التهديد الأخطر".
إعلان