25 ديسمبر، 2024

بغداد/المسلة: يظل العراق، رغم ثرواته وإمكاناته، أسير مخاطبات روتينية وقرارات مؤجلة.
ولعقود مضت، ظل تنفيذ قرارات القضاء بإحالة رؤساء الهيئات المستقلة والمحافظين، إلى التقاعد معطلاً، وكأن الزمن توقف في دوامة من الأوراق الرسمية والمصالح المتضاربة والترضيات.

بين أروقة رئاسة الجمهورية، وجواب البرلمان، ووعود لا تنتهي، تسير الدولة في متاهة من التسويف، حيث تُكتب المخاطبات وتُدرس الملفات، وتُصرف الأموال بلا أي طائل، من أجل قانون.


نواب يجمعون التواقيع، ورؤساء يطلقون الوعود، والنتيجة: قرارات بلا روح، وقوانين بلا تنفيذ.

كأنما أصبح التغيير مجرد وهم يُباع للشعب في سوق من الأكاذيب المكررة.

في المقابل، هناك دول نهضت من العدم، اتخذت قرارات مصيرية في غضون أيام أو أسابيع، أعادت رسم خارطتها وأكدت سيادتها.

أما العراق، فعلى مدار عقدين من الزمن، لم يتخذ خطوة واحدة ترسم ملامح دولة عصرية تحترم القانون وتُقدّر العدالة. الصراعات الحزبية والمصالح الشخصية حولت النظام السياسي إلى كيان نفعي، يرضي زيداً ويهادن عمراً على حساب المصلحة العامة.
دولة ضعيفة أسيرة نفوذ الأحزاب وأهواء السياسيين، بعيدة عن الشفافية والمسؤولية.
غياب الإرادة الحقيقية لتنفيذ القرارات لا يعني فقط تجاهل العدالة، بل يُحرم الأجيال الشابة من فرص العمل، بينما تُستنزف الموازنات في تغطية امتيازات شخصيات لا تزال عالقة في عقلية الهيمنة.

إن العراق اليوم بحاجة إلى قرارات جريئة، قرارات تنهي زمن التسويف وتعيد للدولة هيبتها. فالمستقبل لن يُبنى بورق مكدّس في أدراج المؤسسات، بل بإرادة سياسية صارمة ترسم الطريق نحو الإصلاح الحقيقي.

 

 

المسلة – متابعة – وكالات

النص الذي يتضمن اسم الكاتب او الجهة او الوكالة، لايعبّر بالضرورة عن وجهة نظر المسلة، والمصدر هو المسؤول عن المحتوى. ومسؤولية المسلة هو في نقل الأخبار بحيادية، والدفاع عن حرية الرأي بأعلى مستوياتها.

About Post Author Admin

See author's posts

المصدر: المسلة

إقرأ أيضاً:

صعود “الطبقة المخملية” يُعيد تشكيل ثقافة الأكل في العراق

24 يوليو، 2025

بغداد/المسلة: كتب حسن الحيدري:

يُعد ارتياد المطاعم لدى العوائل العراقية ثقافة شائعة في الآونة الأخيرة. وكنت قد زرت أحد أصدقائي المقرّبين من سكان منطقة الداوودي في بغداد أواخر عام 2012 تقريبًا، فانتابني شعور بالرفاهية التي تمتاز بها المنطقة، حيث المنازل الراقية، والحدائق الخضراء، والأرصفة المخططة. غير أنني، حين اتصلت به، ضللتُ الطريق داخل الحي بسبب تشابه البيوت والشوارع، وعدم وجود معالم واضحة تساعد في الاستدلال.

وحين أدخل اليوم إلى شارع “التانكي”، أجد المطاعم والمقاهي متجاورة بشكل لافت. وإن دلّ ذلك على شيء، فإنما يدل على تحسن الوضع الاقتصادي لشريحة واسعة من العوائل العراقية، وظهور طبقة “مخملية” تعتمد في أحيان كثيرة على الطعام الجاهز بدل الطهو المنزلي، بحكم انشغالها أو عدم امتلاكها طباخًا. وهي ثقافة بدأت ترتبط بمظاهر الرفاهية والتفاخر، لا سيما من خلال عادات “العزيمة” وكرم الضيافة في الأماكن العامة.

وتشير تقارير الجهات المختصة إلى أن في بغداد نحو 540 مطعمًا فخمًا، منتشرة في المناطق الراقية، وقد امتد انتشارها إلى مختلف أحياء العاصمة.

ويُلاحظ تميّز العديد من تلك المطاعم، لاسيما الواقعة في الكرادة، شارع فلسطين، البلديات، والبنوك، بطابع ملكي لافت، وتصاميم معمارية يدخل الرخام في تفاصيلها، فضلًا عن الزخارف الخشبية التي توحي أحيانًا بأنها ليست مطاعم بقدر ما هي قصور مؤقتة!

ويسجّل عراقيون امتعاضهم من الأسعار المبالغ بها لوجبات طعام لا تتناسب من حيث الكم أو الجودة، وغالبًا ما تتكون من مواد زهيدة متوفرة، مع انتشار واضح لظاهرة الطمع والرغبة في تحقيق أرباح سريعة. ويستغرب كثيرون من تسعيرة قناني المياه، التي تبلغ ألف دينار أحيانًا، بينما تنشر بعض العوائل مقاطع ترفيهية ساخرة، تبيّن أنهم بعد أن تناولوا الطعام بـ14 شخصًا، دفعوا 14 ألف دينار فقط مقابل الماء، مقارنة بسعر علبة كاملة تحوي 12 قنينة فقط!

ويستذكر بعضهم طيبة البغداديين وكرمهم في الماضي، حين كان من المعيب أن يغادر غريب باب منزلك دون أن يشرب الماء. واليوم، يشكون من رسوم “الخدمة” التي تبلغ 3000 دينار، ولا تدخل ضمن سعر الطعام أو الشراب، وكأنها تُجمع بشكل منفصل لتسديد رواتب العاملين. وهناك من يرى أن انتظار فتح السلاسل الحديدية أمام المطاعم من أجل السماح بالمغادرة مقابل 3000 دينار أخرى، يعد إساءة لتصميم بغداد الحضري والإنساني.

وعلى مواقع التواصل، انتشر مؤخرًا مقطع لإحدى الناجيات من كارثة “الهايبر”، الذي يسميه البعض ساخرين “مر وكت”، على لسان أحد “الحجّاية” الظرفاء. تروي الناجية أن العاملين طمأنوا الزبائن أول الأمر بأن الحريق تحت السيطرة، ثم طلبوا منهم الصعود إلى الطابق العلوي بعد اشتداد الحريق، وهنا “تُسكب العبرات”، كما تقول.

ويؤكّد شهود أن غالبية المتواجدين في “الهايبر” لحظة الكارثة، كانوا جالسين مع عوائلهم في المطعم. بينما تشير شهادات إلى أن إدارة المطعم كانت تشدد على العاملين ضرورة متابعة الطلبات بدقة، وخصم أي خطأ من رواتبهم. ويرجّح البعض أن الزبائن كانوا قد دفعوا ثمن وجباتهم مسبقًا، كما تجري العادة تحت ذريعة “السستم ينغلق الساعة 11″، ما يعني أنه لو لم يدفعوا، لربما طُلب منهم المغادرة مبكرًا، وتم إنقاذهم. لكن الجشع، وضغط أصحاب المطاعم على العاملين من ذوي الأجور المتدنية، وغالبيتهم من العرب غير العراقيين، ساهم في تعميق الكارثة.

 

المسلة – متابعة – وكالات

النص الذي يتضمن اسم الكاتب او الجهة او الوكالة، لايعبّر بالضرورة عن وجهة نظر المسلة، والمصدر هو المسؤول عن المحتوى. ومسؤولية المسلة هو في نقل الأخبار بحيادية، والدفاع عن حرية الرأي بأعلى مستوياتها.

About Post Author moh moh

See author's posts

مقالات مشابهة

  • مؤشرات بلا ضجيج: الصين تغيّر طبيعة السوق العراقية من دون جيوش
  • ماذا سيبحث وزيرا خارجية سوريا وتركيا في العراق؟
  • الأمانة العامة لمجلس الوزراء تتابع تنفيذ قرارات الحكومة دورياً
  • العراق وايران يبحثان “الوضع الحرج” في غزة
  • الحرائق تكشف عورة البنية التحتية وتُوقد غضب الشارع
  • لقمان الفيلي مندوباً دائماً للعراق لدى الأمم المتحدة
  • العراق يبدأ تنفيذ محطة شمس البصرة لتوليد الكهرباء بالطاقة الشمسية
  • صعود “الطبقة المخملية” يُعيد تشكيل ثقافة الأكل في العراق
  • من النص إلى الحكم.. قانون تجريم التطبيع يُفعّل في أول سابقة قضائية
  • الخارجية النيابية:(زيدان) لم يدافع عن حقوق العراق ومصالحه