بينما يستمر تدهور الأمن الغذائي بالتزامن مع انكماش الاقتصاد الوطني في اليمن، تبرز عديد الخيارات التي تدرسها الحكومة، ومنها زراعة الأراضي البور.

 

وطالب اليمن الأسبوع الماضي، المجتمع الدولي بدعم تعزيز قدرة مؤسسات الدولة على الاستجابة الفعّالة لمخاطر تغير المناخ، ودعم تحسين القدرات الزراعية وتقديم التمويل اللازم لتحقيق الأمن الغذائي على مستوى الدولة، وتعزيز قدرة المجتمعات الزراعية في مواجهة التحديات والتكيف مع التغيرات البيئية التي تعالج ندرة المياه، وتدهور التربة، وتعزيز ممارسات الزراعة المستدامة.

 

وتدرس جهات حكومية في اليمن زراعة الصحراء وتحديد متطلبات التوسع في زراعة الأراضي "الصلبة" أو "البور"، حيث تجري دراسة استهداف صحراء السهل التهامي شمال غرب اليمن، وزراعتها على امتداد مساحتها الشاسعة لتحقيق الأمن الغذائي والاكتفاء الذاتي، خصوصاً من بعض المحاصيل الزراعية كالحبوب والبقوليات.

 

ويؤكد مسؤولون في وزارة الزراعة والري أن الأراضي في مناطق تهامة التي تأتي في طليعة المناطق الزراعية في اليمن، تتميز بمقومات ومناخ يلائم زراعة البقوليات والحبوب، مما يساعد في التوجه نحو زراعة حقيقية تسهم في خفض فاتورة الاستيراد وتجاوز تحديات المرحلة الاقتصادية الصعبة التي يمر بها اليمن.

 

الخبير القانوني أحمد سلطان، يوضح لـ"العربي الجديد"، بعض الجوانب القانونية المهمة في هذا الخصوص، بالإشارة إلى أن هناك عديد الإشكاليات فيما يخص موضوع الأراضي التي يدور حولها جدل كبير خلال الفترة الماضية.

 

وأكد أن ما يسمى بالأرضي "الصلبة" أو "البور"، والتي يعنى بها الأراضي المهملة والتي لا تتوقف عملية تملكها على الدولة بشكل حصري، بل إن هناك أراضي "بور" أو صلبة تعود ملكيتها لمواطنين، وقد أشار إليها القانون اليمني بكونها أراضي تابعة للدولة ما لم يتعلق بها ملك ثابت لأحد، وهو نفس الأمر الذي ينطبق على الأراضي الصحراوية.

 

ويفسر سلطان أن هناك قواعد ولوائح مشددة في القانون اليمني تنظم وتفصل في عملية التصرف بالأراضي "البور" من حيث الإعلان عنها بمزادات علنية.

 

ويرى خبراء في المجال الزراعي والجيولوجي أن الزيادة الحاصلة في توسع الأراضي المتصحرة غير القابلة للزراعة في اليمن نتيجة مباشرة للنمو السكاني المتزايد، وزيادة الضغط على الموارد الطبيعية المحدودة المؤدية إلى الاستهلاك غير المتوازن، واختفاء الغطاء النباتي الطبيعي والرعي الجائر، والتبعات الناتجة عن التغيرات المناخية.

 

أستاذ الزراعة بجامعة صنعاء عبد الله عبد الباري، يوضح لـ"العربي الجديد"، أن هناك عديد العوامل التي ساهمت في تدهور الأراضي والإنتاجية الزراعية كالزحف العمراني والتلوث البيئي، وعدم الاستفادة من مياه الأمطار الموسمية، والأهم الاستخدام العشوائي والمفرط للأسمدة والمبيدات الزراعية.

 

ويرى عبد الباري أن الخيارات المتاحة لمواجهة الأزمة الغذائية والتدهور الحاصل في القطاع الزراعي كالاستفادة من الأراضي الصلبة أو "البور"، والتعامل مع مشاكل التصحر والجفاف والملوحة، تتطلب استثمارات ضخمة ومدروسة وتعاونا حقيقيا وفاعلا بين القطاعين العام والخاص.

 

ويعتبر تقرير صادر مطلع أغسطس/ آب عن "الإسكوا" لجنة الأمم المتحدة الاقتصادية والاجتماعية لغرب آسيا، حصلت "العربي الجديد" على نسخة منه، أن الزراعة من أشد القطاعات تأثراً بتغير المناخ في اليمن، مع بروز مجموعة من التحديات التي تفرض ضغطاً هائلاً على الموارد الطبيعية وتسهم في زيادة أوجه الهشاشة والخطر، والوصول إلى الموارد وكيفية توزيعها.

 

وتكشف "الإسكوا" عن ارتفاع نسبة السكان الذين يعانون من انعدام الأمن الغذائي الحاد في اليمن خلال الفترة من 2020 إلى 2022 من 45% إلى 58%، في حين أصبحت البلاد أكثر اعتماداً على الواردات لتلبية الطلب على الغذاء.

 

ويقول الباحث الزراعي حزام المشولي، لـ"العربي الجديد"، إن المشكلة الراهنة في الأمن الغذائي تفوق بكثير الخطط والحلول المتداولة لمواجهتها، مع تدهور البنية التحتية للقطاع الزراعي وأزمة الانقسام المؤسسي والاقتصادي والنقدي، مشيرا إلى العشوائية في التعامل مع هذا الملف.


المصدر: الموقع بوست

كلمات دلالية: اليمن اقتصاد الزراعة الحقول حبوب الأمن الغذائی العربی الجدید فی الیمن

إقرأ أيضاً:

تعنت حوثي يفاقم الأزمة.. عرقلة دخول القمح يقطع شريان الغذاء في اليمن

في مؤشر خطير على تدهور الأمن الغذائي في مناطق سيطرة مليشيا الحوثي، كشفت وثيقة رسمية صادرة عن شركة المحسن إخوان للتجارة عن نفاد مخزون القمح كليًا من مطاحن وصوامع البحر الأحمر بمدينة الحديدة، وتوقفها عن العمل، وسط اتهامات لوزارة الاقتصاد في حكومة صنعاء الحوثية بتجاهل التحذيرات السابقة ورفض إدخال شحنات جديدة من القمح، ما ينذر بأزمة غذائية خانقة تهدد ملايين السكان.

وقالت الشركة، في مذكرة رسمية موجهة إلى القائم بأعمال وزير الصناعة بتاريخ 22 أكتوبر الجاري، إنها سبق أن نبهت إلى قرب نفاد المخزون وضرورة السماح بدخول شحنات جديدة، إلا أن الوزارة تجاهلت تلك التحذيرات، مشيرة إلى أن "المخزون نفد كليًا يوم أمس، وتوقفت المطاحن اليوم بشكل كامل".

وأكدت الشركة أنها تخلي مسؤوليتها عن أي نقص في إمدادات السوق واستقراره، محمّلة السلطات الحوثية كامل المسؤولية عن تداعيات الأزمة.

الناشط الحقوقي رشيد البروي، الذي نشر الوثيقة على صفحته في "فيسبوك"، أكد توقف مطاحن البحر الأحمر عن العمل منذ مساء الثلاثاء، مشيرًا إلى أن هذا التوقف "ينذر بشلل تام في إمدادات السوق المحلية وعجز عن تلبية احتياجات المحافظات"، محذرًا من أن "الإنتاج المحلي من القمح في الجوف لا يغطي سوى 4% من الاستهلاك الوطني".

ويأتي توقف المطاحن في ظل قرار حوثي سابق بحظر استيراد القمح من الخارج، بحجة دعم الإنتاج المحلي، في وقت لا تغطي فيه الزراعة سوى نسبة محدودة جدًا من الطلب، ما تسبب في اضطراب إمدادات الدقيق وارتفاع الأسعار وتزايد قلق المواطنين حيال مستقبل الأمن الغذائي.

وتزامنت هذه التطورات مع تحذيرات أطلقتها أكثر من 30 منظمة دولية ومحلية من تفاقم الأزمة الإنسانية في اليمن، الذي يشهد ثالث أكبر أزمة غذاء في العالم.

وقالت المنظمات، في بيان مشترك، إن "نصف سكان اليمن يواجهون الجوع، بينما يعاني نصف الأطفال دون سن الخامسة من سوء تغذية مزمن"، مشيرة إلى أن محافظتي الحديدة وتعز تواجهان مستويات حرجة من سوء التغذية، مع توقعات بارتفاع معدلاته بين 15% و30% خلال العام المقبل.

وحذّرت المنظمات من أن 18 مليون يمني سيواجهون مستويات متأزمة من الجوع مطلع العام 2026، بينهم أكثر من 41 ألفًا معرضون لخطر المجاعة، في ظل استمرار القيود الحوثية على عمل وكالات الإغاثة، ومنع حركة النساء العاملات في المجال الإنساني دون مرافقة ذكور، وهو ما يعيق وصول المساعدات إلى المحتاجين.

ويرى مراقبون أن رفض سلطات الحوثي إدخال شحنات القمح وتقييد العمل الإنساني يمثلان سياسة ممنهجة لفرض مزيد من السيطرة على الموارد والأسواق، واستخدام الغذاء كورقة ضغط سياسي واقتصادي، على حساب ملايين اليمنيين الذين يواجهون شبح المجاعة في واحدة من أكثر الأزمات الإنسانية قسوة في العالم.

مقالات مشابهة

  • التوسع الاستيطاني الإسرائيلي يهدد الأراضي الزراعية في الأغوار ومحيط القدس
  • الإمارات تواصل تعزيز مكانتها العالمية في منظومة الأمن الغذائي
  • إزالة 22 حالة تعدٍ على الأراضي الزراعية بالفيوم
  • تعنت حوثي يفاقم الأزمة.. عرقلة دخول القمح يقطع شريان الغذاء في اليمن
  • الرئيس اللبناني يطالب بالضغط على الكيان الإسرائيلي للانسحاب من الأراضي التي يحتلها
  • ضمن الموجة الـ 27.. إزالة 528 حالة تعد علي الأراضي الزراعية ببني سويف
  • إزالة 528 حالة تعديات على الأراضي الزراعية ببني سويف
  • ”زراعة جدة“ تعرف المزارعين بـ ”حصر“ لرقمنة القطاع وتعزيز الأمن الغذائي
  • مطالب باستثمار الأراضي الزراعية غير المستغلة بعجلون
  • محافظ أسيوط: استرداد 71 فدانًا خلال إزالة التعديات على الأراضي الزراعية