رأي.. خلف بن أحمد الحبتور يكتب عن السنوات الأربع القادمة لترامب: اختبار دقيق للصمود العالمي
تاريخ النشر: 13th, January 2025 GMT
هذا المقال بقلم خلف بن أحمد الحبتور، رجل أعمال إماراتي ورئيس مجلس إدارة مجموعة "الحبتور" الإماراتية، والآراء الواردة أدناه تعبر عن وجهة نظره ولا تعكس بالضرورة وجهة نظر شبكة CNN.
العالم يقف على حافة اللايقين بينما يستعد دونالد ترامب للعودة إلى المكتب البيضاوي في العشرين من يناير. خطابه، الذي غالباً ما يكون استفزازياً، انتقل من القومية الاقتصادية إلى ما يراه العديد من المحللين الآن كأجندة توسعية مستترة.
في تصريحات حديثة، طرح ترامب فكرة ضم كندا، واستعادة السيطرة على قناة بنما، وتغيير اسم خليج المكسيك إلى "خليج أمريكا"، وحتى الاستحواذ على غرينلاند. هذه التصريحات تثير تساؤلات مقلقة: هل تشير إلى تحول أوسع، مشابه لتدخل إيلون ماسك الأخير في الانتخابات الألمانية أو إعادة توجيه بريطانيا بعد خروجها من الاتحاد الأوروبي نحو الولايات المتحدة؟ هل نحن بصدد عصر استعماري حديث أم مجرد نسخة أخرى من الصخب المحسوب لترامب؟
ادعاءات ترامب بأنه كان بإمكانه حلّ النزاع الروسي-الأوكراني تسلّط الضوء على تناقض صارخ. فمن جهة، يقدم نفسه كصانع سلام، ومن جهة أخرى، تشير أفعاله وأقواله إلى استراتيجيات قد تؤدي إلى تصعيد التوترات العالمية. جدول أعماله في السياسة الخارجية يبدو وكأنه يتجاهل سيادة الدول، مما يثير القلق بين الحلفاء والخصوم على حدّ سواء. السنوات الأربع القادمة ستكون اختباراً ليس فقط لمكانة أمريكا، ولكن أيضاً لصمود المجتمع الدولي.
اقتراح ترامب بضم كندا قوبل بإدانة سريعة من القادة الكنديين الذين اعتبروا الفكرة سخيفة ومسيئة. رئيس الوزراء جاستن ترودو رفض الفكرة بشكل قاطع، مشدداً على سيادة كندا الثابتة. وبالمثل، أثارت تعليقاته بشأن قناة بنما قلقاً في أمريكا اللاتينية. القناة، التي تُعد شرياناً حيوياً للتجارة الدولية، تخضع للسيطرة البنمية منذ عام 1999. وأي اقتراح باستعادتها لن ينتهك فقط الاتفاقيات الدولية، بل قد يزعزع استقرار المنطقة.
تغيير اسم خليج المكسيك إلى "خليج أمريكا" يعكس بشكل أكبر تجاهل ترامب للروابط التاريخية والثقافية. يرى المسؤولون المكسيكيون، إلى جانب المجتمع اللاتيني الأوسع، هذا الخطاب كإهانة لهويتهم الوطنية وربما تمهيداً لسياسات أكثر عدوانية. هذه التصريحات مهدت الطريق لتوترات متزايدة في جميع أنحاء الأمريكيتين، حيث تستعد الدول لما قد يحدث لاحقاً.
اهتمام ترامب بغرينلاند عاد إلى السطح خلال خطبه الأخيرة، حيث أكد مجدداً أن الاستحواذ على غرينلاند هو مسألة أمن قومي. رفضت الدنمارك، التي تحكم غرينلاند، هذه الادعاءات وكررت تأكيدها على استقلال غرينلاند. حيث وصف المسؤولون الدنماركيون اقتراحات ترامب بأنها "إهانة سخيفة" لسيادتهم. التداعيات الجيوسياسية لمثل هذا الاستحواذ يمكن أن تغير ميزان القوى في القطب الشمالي، وهو منطقة حيوية للتجارة والأمن العالميين.
هذه الطموحات قد تأتي بنتائج عكسية، مما يهدد الأمن والمصالح الاقتصادية للولايات المتحدة. من خلال استفزاز الحلفاء وزعزعة استقرار المناطق الرئيسية، تخاطر سياسات ترامب بتقويض الشراكات الاستراتيجية لأمريكا وكشف نقاط ضعفها. ماذا يمكننا أن نتوقع أكثر من إدارة ترامب؟ هذه الأسئلة تلوح في الأفق مع تشكيل أجندته للسياسة الخارجية.
بالنسبة للمنطقة العربية، قد تعني عودة ترامب تحديات متزايدة. تحتفظ الولايات المتحدة بقواعد عسكرية كبيرة في دول عربية رئيسية، وعشرات الآلاف من الجنود على الأرض. هذه التواجدات العسكرية تمثل هيمنة استراتيجية، لكنها أيضاً تجعل هذه الدول أهدافاً محتملة وسط تصاعد التوترات الجيوسياسية.
تصريحات ترامب السابقة تزيد من حالة القلق. ففي مناسبات مختلفة، أشار إلى أن الدول العربية "مدينة" للولايات المتحدة بجزء من ثروتها كتعويض عن الحماية العسكرية. والأشدّ إثارة للجدل، حين ألمح إلى أن القادة العرب يجب أن "يدفعوا"، مما يشير إلى أن المظلة الأمنية الأمريكية لها ثمن. هذه التصريحات تثير تساؤلات حول نهجه تجاه الحلفاء وما إذا كان النفوذ المالي سيصبح ركيزة أساسية لسياسته الخارجية.
تمتد تداعيات هذه التطورات إلى ما وراء العالم العربي. موقف ترامب العدائي تجاه كندا والدنمارك وبنما يهدد بتوتر التحالفات الطويلة الأمد. رؤيته الجريئة يمكن أن تقوض المبادئ الأساسية للقانون الدولي والدبلوماسية. الدول ذات السيادة لن تقف مكتوفة الأيدي. سوف تردّ — ربما دبلوماسياً، وربما اقتصادياً، أو بطرق قد تتصاعد إلى صراعات أوسع.
بالنسبة لأوروبا، المخاطر عالية. انتقادات ترامب لحلف الناتو زعزعت بالفعل الدول الأعضاء. قد يؤدي تجاهله المحتمل للاتحاد الأوروبي ككتلة متماسكة إلى تشجيع القوى المعادية، مما يزيد من زعزعة الاستقرار في مشهد جيوسياسي هشّ بالفعل.
بينما يتعامل العالم مع هذه الشكوك، يبقى السؤال: هل ترامب جاد، أم أن هذا مجرد استعراض؟ بشكل أكثر خطورةً، هل يمكن أن تقود أفعاله العالم نحو حرب عالمية ثالثة؟ لقد شهدت فترته السابقة مزيجاً من الخطاب والعمل. انسحب من الاتفاقيات الدولية، وفرض تعريفات جمركية، وأعاد تعريف التحالفات. ومع ذلك، فإن بعض تهديداته الأكثر تصعيداً لم تتحقق.
إذا علمنا التاريخ شيئاً، فهو أخذ مثل هذه التهديدات بجدية. عدم القدرة على التنبؤ بتصرفات ترامب هي السمة المميزة لديه، ويجب على المجتمع الدولي أن يستعد لجميع الاحتمالات. على العالم العربي، على وجه الخصوص، إعادة تقييم تحالفاته الاستراتيجية والاستعداد لتحول محتمل في السياسة الأمريكية. هذا وقت للوحدة والصمود واليقظة.
السنوات الأربع القادمة ستكون محورية. سوف تختبر ليس فقط صمود الدول، بل أيضاً مبادئ السيادة والتعاون الدولي. يجب على قادة العالم أن يقفوا بحزم، مستعدين للدفاع عن شعوبهم وأراضيهم ضد أي اعتداء. هل يمكن أن يتماشى هذا مع تأثيرات عالمية أخرى، مثل دور إيلون ماسك المثير للجدل في ألمانيا وإعادة تنظيم بريطانيا استراتيجياً؟ ومع انكشاف أجندة ترامب، هناك أمر واحد مؤكد: هذا ليس وقتاً للتهاون، بل لاتخاذ إجراءات حاسمة وموحدة. التاريخ سيحكم علينا من خلال كيفية استجابتنا لهذه التهديدات الوشيكة.
نشر الاثنين، 13 يناير / كانون الثاني 2025تابعونا عبرسياسة الخصوصيةشروط الخدمةملفات تعريف الارتباطخيارات الإعلاناتCNN الاقتصاديةمن نحنالأرشيف© 2024 Cable News Network. A Warner Bros. Discovery Company. All Rights Reserved.المصدر: CNN Arabic
كلمات دلالية: یمکن أن
إقرأ أيضاً:
خالد الشناوي يكتب: السادات و المسجد الأحمدي بطنطا
تم انتدابي في مهمة مهنية في طنطا، وكنت على علم قبل ذلك بأن مدينة طنطا "طندتا سابقاً" تتزين بالاحتفال بمولد القطب الكبير سيدي أحمد البدوي رضي الله عنه وقدس سره الشريف .
ولما كنت منذ طفولتي مشدودا لحب العترة المحمدية من آل بيت حضرة سيدنا و مولانا رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم مولعا بسيرهم والسير نحو ديارهم لكونهم يمثلون لي ريحا طيبة بالفعل اشمها من عبق تاريخ أمتنا المجيد والذي لا ينسى .
فوجدت أن الفرصه سانحة للترجل نحو ساحة قطب الأولياء السيد أحمد البدوي ومن معه من أولياء صالحين لا سيما خليفته الأول الولي الكبير سيدي عبد العال الأنصاري وشقيقيه عبدالرحمن ونور الدين والشيخ مجاهد إمام المسجد الأحمدي في قديم الزمان والولي المعاصر العالم الكبير أحمد حجاب دفين المسجد الأحمدي بقرار جمهوري من الرئيس الراحل أنور السادات في سنة ١٩٧٨ من الميلاد والذي كان الرئيس الراحل كثير الزيارة له في خلوته بالمسجد الأحمدي .
حيث أن للرئيس السادات واقعة مشهوره مع هذا الرجل الصالح سيدي أحمد حجاب .
كان السادات قبل ثورة يوليو مفصولا من الجيش وكان يشتغل في المعمار والمقاولات وكان أن التقى بالشيخ حجاب أثناء زيارته المسجد الأحمدي فابلغه الشيخ بنوع من الكشف الواقع للعارفين بالله كنوع من الكرامه بأنه سيكون رئيساً للبلاد فتعجب السادات ولم يكترث بحديث الرجل!
فكيف سيكون رئيساً للبلاد وهو مفصول من الجيش وقد اعياه الشغل في المعمار!
ودارت الأيام و تم رد السادات إلى الجيش ومن ثم بعد سنوات طويلة تولى رئاسة البلاد وعادت الذكريات بالرئيس المؤمن فعجل بزيارة الشيخ في خلوته وظل ملازماً له مكثرا من زيارته حتى انتقل الشيخ العارف بربه إلى الرفيق الأعلى .
ما فعله الشيخ الكبير هو نوع من الكرامة أجراه الله على يديه حيث أن الكرامه هي أمر خارق للعاده يظهره الله على يد عبد من عباده ظاهر الصلاح .
ولذا قال أهل التوحيد في كتبهم والتي تدرس بالأزهر الشريف جامعا وجامعة وأثبتن للأولياء كرامه ومن نفاها فانبذن كلامه.
ظل السادات مكثرا من زيارة المسجد الأحمدي وما به من أضرحة كبيرة وكان كثير الجلوس في الضريح الأنور وبحجرة الآثار الأحمدية بما تحويه من ملابس السيد أحمد البدوي ومتعلقاته كعباءة الشيخ ومسبحته وعصاه حتى أنه قبيل اتخاذه قرار الحرب على العدو الصهيوني في ٧٣ زار القطب الكبير سيدي أحمد البدوي وكان في استقباله الشيخ أحمد حجاب والعالم الكبير الشيخ محمد خليل الخطيب الملقب بشاعر الرسول والكائن ضريحه بمسجد المحافظة بمدينة طنطا محافظة الغربية .
أخذت التجوال في المسجد الأحمدي الأثري العتيق متذكرا كيف جاء القطب البدوي الكبير إلى طندتا باشاره مناميه وكيف اتخذ من دار ابن شحيط منزلا له ومدرسة سطوحية حيث اتخذ من سطح المنزل مرتكزا فكريا وثقافيا وتعليميا و روحانيا .
وكيف ربى هذا الإمام الهمام المريدين فصنع منهم قادة ومصلحين وأولياء صالحين فكانت خلوته هي مركز إشعاع نوراني كبير وكانت ولا تزال نقطة ارتكاز وسط الدلتا .
وكيف تحول المسجد الأحمدي فيما بعد ليكون صنوا للجامع الأزهر الشريف وكيف انتقلت إليه في زمان ليس ببعيد حلقات العلم حين توقفت بعض السنين في الجامع الأزهر الشريف إبان احتلال البلاد .
وكيف انطلق شيخ العرب-كما يطلق عليه المحبين والمريدين وأشياخهم هذا اللقب
و كيف انطلق بسفينة التصوف نحو العالميه ليصبح هذا القطب الكبير هو واجهة التصوف السني في العالم الإسلامي فلا يكاد يذكر التصوف حتى يقرن باسمه .
وكيف كان الرجل مقاتلاً كبيرا للصليبيين والفرنجة في مواجهة حملاتهم على البلاد فلم يك منزويا في منزل أو متقوقعا في خلوه كما ظلمه البعض وحاولوا تشويه تاريخه ورحلته الفياضه والممتده بالعطاء!
وكيف أن هذا الولي الصالح كان فقيها على مذهب الإمام الشافعي فلم يتقاعس في يوم من الأيام عن خدمة وطنه ودينه بواجب قومي كبير .
اطلعت فيما اطلعت وقرأت في الكثير من المصادر الموثقة والتراجم التاريخية كالطبقات الكبرى لشيخ الاسلام القطب الشعراني قديما ومن الأولياء والكتاب المعاصرين الولي المعاصر والعالم الجليل فضيلة الأستاذ الدكتور جوده محمد أبو اليزيد المهدي عميد كلية علوم القرآن الكريم بطنطا ونائب رئيس جامعة الأزهر الشريف الأسبق في مؤلفه الجامع "أعلام الولاية المحمدية" وترجمته عن السيد البدوي ترجمة كبيرة موثقة بالمصادر والمراجع التاريخية من أمهات الكتب مما يوضح مكانته وريادته وتمكنه وورعه وصلاحه وبطولاته وفروسيته وكيف أنه كان يأتي بالأسرى من بلاد الفرنجة مفتحما حصونهم المنيعة حتى كانت الكلمات الشهيرة :
"الله الله يا بدوى جاب الأسرى" وأصبحت فيما بعد جزء من الفلكلور الشعبي المأصل والموثق تاريخيا .
والى جانب كل ما سبق ناهيك عن بصيرة العارفين واشاراتهم حول ولاية الشيخ وتمكنه علما ودراية صلاحا وولاية .وكذا اجماع الأمة والسواد الاعظم من الخاصة والعامة تراهم يسيرون نحو هذا الرمز الكبير أبد الدهر وإجماع الأمة لا يخطئ فلا نلتفت لشذوذ من شذ عن القاعده .
ومن رواد المسجد الأحمدي من العلماء المعاصرين الراسخين في العلم فضيلة الإمام الأكبر الدكتور عبد الحليم محمود شيخ الأزهر الشريف وفضيلة إمام العصر فضيلة الشيخ محمد متولي الشعراوي والمحدث والمسند الكبير فضيلة الأستاذ الدكتور أحمد عمر هاشم رحمهم الله رحمة واسعة وتقبلهم في الصالحين .
حين أزور مثل هذه الأماكن الطاهره فإنما أزور جزءا من تاريخنا العظيم الذي لا يجب أن ننساه أو نتغافل عنه فربط الماضي بالحاضر من أساسيات بناء واستكمال حلقات التاريخ وإن تنصلنا من ماضينا المشرف فعلى الدنيا السلام .
لم اتعرض في مقالي هذا عن سيرة السيد أحمد البدوي بالتفصيل فقد تعرضت لها قبل ذلك في مقالات موثقة في كثير من الصحف الورقية والمواقع الإلكترونية .
وانما قصدت هنا توثيق رحلة لي روحانية بارزا جوانب العظمة التاريخية والأصالة في كافة أنحاء وطني فوطني تشد له رحال السائحين من طالبي المعرفة الحقيقة للاطلاع على تاريخه الفياض وحق لكل هؤلاء في الداخل والخارج أن يشدوا الرحال نحو وطني الآمنة دياره إلى قيام الساعة .