علي جمعة: السر في شق صدر النبي لتهيئته لرحلة الإسراء والمعراج
تاريخ النشر: 23rd, January 2025 GMT
قال الدكتور علي جمعة، عضو هيئة كبار العلماء بالأزهر الشريف، انه لقد شق الصدر الشريف لسيد الخلق ﷺ مرتين ؛ مرة وهو في بني سعد عند مرضعته حليمة ، ومرة قبل الإسراء. وقيل إن شق الصدر وقع ثلاث مرات؛ المرة الثالثة عند المبعث. عن ميسرة أنه قال : "متى وجبت لك النبوة يا رسول الله ؟ فقال: وآدم مجندل في طينته".
وأضاف جمعة، في منشور له عبر صفحته الرسمية بموقع التواصل الاجتماعي فيسبوك، انه يفسر شق الصدر من قِبَل علماء المسلمين بأنه تهيئة لهذا الطفل الوليد ليتحمل الجهد البليغ الذي سيواجهه.
وعند نزول الوحي، كان إذا نزل عليه الوحي وهو على دابة -جمل قوي-، فإن الجمل كان ينخ بسبب ما يحدث في جسده من تلقي الوحي. لذا، كان شق الصدر جزءًا من تهيئة هذا الجسد الشريف لهذه المهمات.
وفي بعض الروايات، كان الهدف من شق الصدر نزع نصيب الشيطان من قلبه. ويفهم البعض هذه العبارة على ظاهرها وكأن قلب رسول الله ﷺ كان فيه جزء يتأثر بالشيطان، لكن أهل الله أوضحوا أن المعنى ليس كذلك. فقد كان قلبه ﷺ كله رحمة، والجزء الذي نُزع هو الرحمة التي قد يخصّ بها الشيطان. فلو لم يُنزع هذا الجزء، لربما كان سيرحم الشيطان، فأخرج الله من قلبه الرحمة لمن لم يرحمه الله.
وفي التراث الإسلامي إشارات تدعم هذا المعنى. فقد روي أن موسى عليه السلام لقي إبليس فقال له : "يا موسى، أنت الذي اصطفاك الله برسالته وكلمك تكليما ، وأنا خلق من خلق الله أذنبت وأريد أن أتوب ، فاشفع لي إلى ربي أن يتوب علي". فقال موسى : "نعم". فلما صعد موسى الجبل وكلم ربه عز وجل وأراد النزول، قال له ربه : "أدِّ الأمانة". فقال موسى : "يا رب ، عبدك إبليس يريد أن تتوب عليه". فأوحى الله تعالى إلى موسى :" يا موسى، قد قضيت حاجتك ، مره أن يسجد لقبر آدم حتى يتاب عليه". فلقي موسى إبليس فقال له : "قد قضيت حاجتك ، أمرت أن تسجد لقبر آدم حتى يتاب عليك". فغضب واستكبر وقال : "لم أسجد له حيًّا، أسجد له ميتًا!" [إحياء علوم الدين] {إِلَّا إِبْلِيسَ أَبَى وَاسْتَكْبَرَ وَكَانَ مِنَ الْكَافِرِينَ}. إذًا ، كان قلب سيدنا النبي ﷺ الرحيم قد يتصرف كذلك، فنزعوا منه نصيب رحمته لإبليس، وبقي قلبه كله رحمة باستثناء ما يخص إبليس، فكان قلبه ﷺ كاملًا مكمَّلًا.
وكان لشق الصدر فوائد كثيرة، منها طهارته ﷺ ظاهرًا وباطنا، فكان ﷺ طاهرًا بكله ؛ عرقه طاهر، ودمعه طاهر، ودمه طاهر، كله طاهر، وهكذا كان شأن الأنبياء.
وقد حدث شق الصدر مرة أخرى تهيئةً لسيدنا النبي ﷺ لهذا الحدث الجلل، الإسراء والمعراج ، لأنه سيخترق السماء؛ واختراق السماء لا يتناسب مع الجسد البشري دون إعداد خاص. سيرقى إلى سدرة المنتهى، ثم إلى البيت المعمور، ثم إلى العرش. وهذا أمر لا يتحمله البشر المعتاد قبل التهيئة.
فكان لابد من تهيئة ذلك الجسد الشريف لهذا الحدث العظيم. فجاءت الملائكة وشقت صدره الشريف كما حدث وهو صغير، تهيئةً لتلقي الوحي وللنبوة.
ويقول بعض الماديين إنه لا يمكن لأحد أن يرقى في السماء بهذا الجسد دون تجهيزات خاصة للوقاية من الضغط. هناك مرض يُسمى "مرض الصندوق"، وهو أن يعرق الإنسان دمًا عند الصعود في السماء دون تهيئة أو تجهيزات. لذلك، كان لابد من تهيئة هذا الجسم الشريف الْمُنِيف لهذه الرحلة العجيبة التي تتطلب استعدادًا استثنائيًا.
المصدر: صدى البلد
كلمات دلالية: شق صدر النبي رحلة الاسراء والمعراج المزيد شق الصدر
إقرأ أيضاً:
جزاء صلاة الضحى "الأوابين" بالشرع الشريف
الضحى.. تعد صلاة الضحى من الصلوات التي حث عليها النبي صلى الله عليه وآله وسلم، كما أنها مستحبة في الشرع الشريف، قال صلوات الله عليه وسلم عنها: «إِنَّ أَحَبَّ الْأَعْمَالِ إِلَى اللهِ أَدْوَمُهَا وَإِنْ قَلَّ» أخرجه الإمام أحمد في "مسنده" عن أم المؤمنين السيدة عائشة رضي الله عنها.
صلاة الضحى:وورد عن أبي هريرة رضي الله عنه أنَّ النبي صلى الله عليه وآله وسلم قال: «مَنْ حَافَظَ عَلَى شُفْعَةِ الضُّحَى غُفِرَ لَهُ ذُنُوبُهُ وَإِنْ كَانَتْ مِثْلَ زَبَدِ البَحْر» أخرجه الإمام الترمذي في "سننه".
لماذا سميت صلاة الضحى بصلاة الأوابين
ومعنى الأوابين التي سميت بها صلاة الضحى أي التوابين كثيري الرجوع إلى الله تعالى.
وقت صلاة الضحى
تبدأ صلاة الضحى مِن وقت ارتفاع الشمس حوالي بخمس وعشرين دقيقةً تقريبًا بعد الشروق، وإلى قبل دخول وقت صلاة الظهر بقليل، حوالي بأربع دقائق تقريبًا.
فضائل صلاة الضحى
ومن فضائل صلاة الضحى: أنها مِن أسباب مغفرة الذنوب ولو كانت مثل زَبَدِ البحر، فعن أبي هريرة رضي الله عنه أنَّ النبي صلى الله عليه وآله وسلم قال: «مَنْ حَافَظَ عَلَى شُفْعَةِ الضُّحَى غُفِرَ لَهُ ذُنُوبُهُ وَإِنْ كَانَتْ مِثْلَ زَبَدِ البَحْر» أخرجه الإمام الترمذي في "سننه".
كما أنها مجزئةٌ عن جميع الصدقات المطلوبة على جميع سُلَامِيات بدن الإنسان -أي: عظامه- في كلِّ يومٍ شكرًا لله على نعمته وفضله، فعن أبي ذَرٍّ الغِفَارِي رضي الله عنه أنَّ النبي صلى الله عليه وآله وسلم قال: «يُصْبِحُ عَلَى كُلِّ سُلَامَى مِنْ أَحَدِكُمْ صَدَقَةٌ، فَكُلُّ تَسْبِيحَةٍ صَدَقَةٌ، وَكُلُّ تَحْمِيدَةٍ صَدَقَةٌ، وَكُلُّ تَهْلِيلَةٍ صَدَقَةٌ، وَكُلُّ تَكْبِيرَةٍ صَدَقَةٌ، وَأَمْرٌ بِالْمَعْرُوفِ صَدَقَةٌ، وَنَهْيٌ عَنِ الْمُنْكَرِ صَدَقَةٌ، وَيُجْزِئُ مِنْ ذَلِكَ رَكْعَتَانِ يَرْكَعُهُمَا مِنَ الضُّحَى» أخرجه الإمام مسلم في "صحيحه".
الضحى.. وإظهارًا لأهمية صلاة الضحى، وتأكيدًا على بيان فضلها قد جعلها النبيُّ صلى الله عليه وآله وسلم وصيةً بين أصحابه رضوان الله تعالى عليهم أجمعين، فعن أبي هريرة رضي الله عنه قال: «أَوْصَانِي خَلِيلِي بِثَلَاثٍ، لَا أَدَعُهُنَّ حَتَّى أَمُوتَ: صَوْمِ ثَلَاثَةِ أَيَّامٍ مِنْ كُلِّ شَهْرٍ، وَصَلَاةِ الضُّحَى، وَنَوْمٍ عَلَى وِتْرٍ» أخرجه الإمام البخاري في "صحيحه".
وعن أبي الدَّرْدَاء رضي الله عنه قال: «أَوْصَانِي حَبِيبِي صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وآلِهِ وَسَلَّمَ بِثَلَاثٍ، لَنْ أَدَعَهُنَّ مَا عِشْتُ: بِصِيَامِ ثَلَاثَةِ أَيَّامٍ مِنْ كُلِّ شَهْرٍ، وَصَلَاةِ الضُّحَى، وَبِأَنْ لَا أَنَامَ حَتَّى أُوتِرَ» أخرجه الإمام مسلم في "صحيحه".
مذهب جمهور الفقهاء في حكم المداومة على صلاة الضحى
والمواظبة على صلاة الضحى مستحبةٌ شرعًا على ما ذهب إليه جمهور الفقهاء مِن الحنفية والمالكية والشافعية، والإمام الآجُرِّيُّ والإمام ابنُ عَقِيل والشيخ ابن تيمية مِن الحنابلة؛
قال الإمام الطَّحْطَاوِي الحنفي في "حاشيته على مراقي الفلاح" (ص: 395، ط. دار الكتب العلمية): [واختلف العلماءُ هل الأفضلُ المواظبةُ عليها أو لا؟ والظاهرُ الأولُ] اهـ.
وذهب جمهور فقهاء الحنابلة إلى عدم استحباب المداومة على صلاة الضحى؛ لما جاء عن عبد الله بن شقيق، قال: قلت لعائشة رضي الله عنها: أكان رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم يصلي الضحى؟ قالت: «لَا، إِلَّا أَن يَجِيءَ مِن مَغِيبِهِ» أخرجه الإمام مسلم في "صحيحه".
وعن أبي سعيد الخُدْرِي رضي الله عنه قال: «كَانَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَآلِهِ وَسَلَّمَ يُصَلِّي الضُّحَى حَتَّى نَقُولَ: لَا يَدَعُهَا، وَيَدَعُهَا حَتَّى نَقُولَ: لَا يُصَلِّيهَا» أخرجه الإمام أحمد في "مسنده".