الكونغو على مفترق طرق.. المتمردون يحاصرون عاصمة "شمال كيفو"
تاريخ النشر: 26th, January 2025 GMT
تابع أحدث الأخبار عبر تطبيق
تصاعدت حدة المعارك في شرق جمهورية الكونغو الديمقراطية بشكل دراماتيكي في الأيام الأخيرة، بين قوات الجيش وعناصر حركة 23 مارس (إم 23)، التي حققت تقدمًا ملحوظًا على الأرض خلال الأسابيع الماضية بمحاصرة مدينة جوما عاصمة إقليم شمال كيفو التي يبلغ عدد سكانها مليون نسمة، وتضم أيضًا عددًا مماثلًا من النازحين.
على إثر ذلك اندلعت معارك عنيفة بين القوات المسلحة الكونغولية والمتمردين، على بعد نحو 20 كيلومترًا من مدينة جوما، مما تسبب في مقتل اللواء بيتر سيريموامي، الحاكم العسكري لمقاطعة شمال كيفو، متأثرًا بجراحه بعد إصابته في المعارك، ومقتل اثنين من المدنيين، و13 من قوات حفظ السلام (مونوسكو)، وإصابة 9 آخرين.
تداعيات الصراع
إغلاق المطار: تم منع الوصول إلى مطار جوما، عاصمة الإقليم، وألغيت بعض الرحلات الجوية بسبب تقدم المتمردين.
نزوح السكان: طلبت عدة قنصليات في جمهورية الكونغو الديمقراطية من رعاياها مغادرة مدينة جوما ومحيطها نظرًا لتصاعد حدة المعارك، حيث تخطى عدد النازحين مئات الآلاف.
كما أدى الصراع إلى نزوح أكثر من 7 ملايين شخص نزوحًا داخليًا، مما يجعلها ثاني أكبر أزمة نزوح في أفريقيا، فمنذ بداية عام 2024، نزح أكثر من 738،000 شخص بسبب العنف المتصاعد.
انعدام الأمن الغذائي: حيث يواجه 25.4 مليون شخص (23% من السكان) انعدامًا حادًا في الأمن الغذائي، كما أن شخصًا من كل ثلاثة أشخاص في المناطق المتضررة من القتال مثل شمال كيفو وإيتوري، يعاني من انعدام الأمن الغذائي الحاد.
تدهور الخدمات الأساسية: حيث أغلقت 416 مدرسة بسبب انعدام الأمن في سبتمبر 2023، ويفتقر الناس للرعاية الصحية والمياه النظيفة بسبب النزوح المتكرر.
فضلًا عن انتشار حالات العنف الجنسي والاغتصاب، خاصة ضد النساء النازحات، وعمليات تجنيد الأطفال في الجماعات المسلحة أو إجبارهم على العمل.
كما أصيب المئات من الرجال والنساء والأطفال اللذين نُقلوا إلى المستشفيات في جوما ومحيطها، وتكافح المرافق الصحية لاستيعاب أعداد الجرحى المتزايدة من المدنيين في عموم شرق الكونغو الديمقراطية.
أعرب الأمين العام للأمم المتحدة أنطونيو غوتيريش عن قلقه إزاء تقدم حركة 23 مارس المتمردة في شرق البلاد.
كما أبدى الاتحاد الأوروبي قلقه العميق إزاء "التصعيد الدراماتيكي" للصراع في شرق جمهورية الكونغو الديمقراطية.
وعقد مجلس الأمن الدولي جلسة طارئة لمناقشة تصاعد العنف في المنطقة، كما بدأت الأمم المتحدة بإجلاء جميع الموظفين غير الأساسيين من جوما مع تصاعد الأعمال العدائية.
يتبع المتمردون في جمهورية الكونغو الديمقراطية، وخاصة حركة 23 مارس (M23)، عدة استراتيجيات لتحقيق أهدافهم وتعزيز نفوذهم من أهمها:
السيطرة على المدن الاستراتيجية: يسعى المتمردون للسيطرة على المدن والمناطق ذات الأهمية الاستراتيجية، مثل مدينة كيرومبا التي تعد مركزًا تجاريًا مهمًا، والتقدم نحو المدن الرئيسية مثل غوما، عاصمة إقليم شمال كيفو، لزيادة الضغط على الحكومة، والسيطرة على المناطق الحدودية مع الدول المجاورة لتسهيل حركة الأسلحة والموارد.
استغلال الموارد الطبيعية: يركز المتمردون على تعزيز السيطرة على مناطق التعدين الغنية بالمعادن الثمينة مثل الذهب والكولتان، وفرض الضرائب وجمع الرسوم الجمركية في المناطق التي يسيطرون عليها لتمويل عملياتهم.
التحالفات والدعم الخارجي: يسعى المتمردون للاستفادة من دعم الدول المجاورة، خاصة رواندا، للحصول على الأسلحة والتدريب، وإقامة تحالفات مع جماعات مسلحة أخرى لتوسيع نطاق نفوذهم.
استراتيجيات عسكرية متطورة
بالإضافة إلى ذلك يستخدم المتمردون معدات متطورة مثل أجهزة الرؤية الليلية وقذائف الهاون عيار 120 ملم، وتنفيذ هجمات مفاجئة وسريعة على مواقع القوات الحكومية.
استغلال التوترات العرقية: ويستخدمون الخطاب العرقي لكسب التأييد من مجموعات معينة، خاصة التوتسي، التي تعاني من التوترات بينها وبيت الهوتو، مما يوفر قاعدة دعم للمتمردين، مع ادعائهم بحماية مصالح الأقليات العرقية لتبرير أعمالهم.
الضغط السياسي والدبلوماسي: يطالب المتمردون بفتح محادثات سلام مع الحكومة كوسيلة للضغط وكسب الشرعية، وإنشاء إدارات موازية في المناطق التي يسيطرون عليها لتحدي سلطة الحكومة المركزية.
ويشجع ضعف الدولة الكونغولية وعدم قدرة الحكومة على بسط سيطرتها الكاملة على المناطق الشرقية بسبب ضعف قدراتها العسكرية والأمنية على تقدم المتمردين في شرق البلاد، بالإضافة إلى عدد من العوامل الاقتصادية مثل الصراع على الموارد في المنطقة الشرقية.
يؤثر الصراع في جمهورية الكونغو الديمقراطية بشكل كبير على الأمن الإقليمي في منطقة البحيرات الكبرى الأفريقية، حيث يؤدي تدفق اللاجئين إلى الدول المجاورة، لأعباء اقتصادية وأمنية عليها، كما تستخدم الجماعات المسلحة الأراضي الكونغولية كقواعد خلفية لشن هجمات ضد الدول المجاورة مثل رواندا وأوغندا وبوروندي، علة الرغم من تردد اتهامات لهذه الجماعات بتلقي الدعم والتمويل من هذه الدول، فضلًا عن انتشار الأسلحة الصغيرة والخفيفة في المنطقة. كما تؤثر حالة عدم الاستقرار سلبًا على فرص التنمية الاقتصادية والتكامل الإقليمي.
المصدر: البوابة نيوز
كلمات دلالية: الكونغو شمال كيفو المتمردون شرق الكونغو مصطفى حمزة جمهوریة الکونغو الدیمقراطیة الدول المجاورة شمال کیفو انعدام ا فی شرق
إقرأ أيضاً:
الإقصاء هو داء الديمقراطية العضال في السودان!
النقاش حول ملابسات قيام إنقلاب 30 يونيو 1989 الذي جاء بنظام ثورة الإنقاذ الوطني، انطلق بعنفوان عندما حلت ذكراه في 30 يونيو الفارط 2025.
وذلك نقاش جيد علي الجملة ومفيد إذ شكل سانحة لحوار جاد يبحث في معضلة أسباب عدم استقرار و استمرار النظم الديمقراطية في البلد . جيد لأنه يستبطن تفضيلاً للحكم الديمقراطي من قبل جل السودانيين باعتباره الحكم الذي يمثل الشعب في بلد لم يشهد ملكاً عضوضاً إلا في عصور سحيقه وإن استزلته بعد ذلك شموليات في عهد ما بعد الاستقلال اتسمت بأريحية ميزتها عن شموليات في بلاد أخري فرضها مجتمع جعلت تلك الأنظمة الشمولية الدكتاتورية تبدو في مصاف ديمقراطيات في بلدان أخري لشدة ما يتناول الناس وبجرأة من قضايا السياسة والاقتصاد والاجتماع من غير وجل في مناسبات المآتم والأفراح. ومع ذلك لم يطقها الناس فتمكنوا من لفظها لفظ النواة مؤكدين على مساواتية كأنها بعض جيناتهم الوراثية.
لقد كان الأحرى بنا بحث الأسباب ودراسة تجارب قليلة نجحت في بلدان كانت مستعمرات كالهند ، كوريا الجنوبية وماليزيا والسنغال وغانا وتنزانيا وكينيا نستهدي بها، فتلك البلاد نجحت رغم أنها تعاني مثلما نعاني من تعدد وتباين العرقيات والمعتقدات فيها.
وباستقراء التاريخ تجد أن أس البلاء يكمن في قبولنا جميعاً بالديمقراطية إذا كان الفوز في الانتخابات حليف حزبنا . أما إن فاز خصمنا توجسنا خيفة من فوزه ورجحنا أنه سيبطش بنا في أول منعطف ! وهكذا يبدأ سعينا الحثيث لنتفادى أن نصبح ضحايا تلك الديموقراطية غدا ونشرع في ذلك بمجموعة تدابير : مكائد ومؤامرات واستقواء أحيانا بالخارج! ومن ذلك ما قيل من أن عمداً وشيوخ قبائل في شمال السودان لجأوا إلي محمد علي باشا في مصر يدعونه لاحتلال السودان. ولا شك أن الخديوي كان يخطط لذلك الغزو دعوه أم لم يفعلوا لتأسيس إمبراطوريته الواسعة بذهب السودان ومقاتليه.
وفيما يلي وقائع تاريخية تؤيد أن الجميع أحزاباً وجماعات يريدون ديمقراطية تناسب مقاساتهم وتقصي منافسيهم ، يؤكد ذلك قول البعض (البلد بلدنا ونحن أسيادها) كأن الآخرين لا نصيب لهم فيها.
عندما فاز حزب الأشقاء فوزاً ساحقاً في الفترة الانتقالية الأولى التي سبقت إعلان الإستقلال، نسب حزب الأمة ذلك الفوز لأموال ضختها الحكومة المصرية، وبذلك وقعت أحداث مارس الدموية عند زيارة اللواء محمد نجيب للسودان كأن الزيارة كانت دليلاً دامغاً على التآمر المصري !!
وفي رئاسة عبد الله بك خليل للوزارة وعندما وجد أن حزب الختمية، حزب الشعب الديمقراطي، حلفاؤه وشركاه في الحكومة الإئتلافية يخططون لإعادة الدمج مع الوطني الاتحادي في حزب يحمل اسم الاتحادي الديمقراطي وسينتج عن ذلك إسقاط حكومته، سلم الحكم للجيش فكان نظام الفريق إبراهيم عبود.
وفي الديمقراطية الثانية قررت أحزاب الأمة والاتحادي وجبهة الميثاق حظر الحزب الشيوعي وطرد نوابه من الجمعية التأسيسية، السلطة التشريعية. ولم تنصاع الحكومة لقرار القضاء بعدم شرعية الحل.
نتج عن ذلك تحالف عريض لليسار قوض تلك الديمقراطية فجاءت مايو علي انقاض حكومة محجوب، وقال محجوب في كتابه (الديمقراطية في الميزان) إن ذلك كان خنجراً مسموماً من صنع جمال عبدالناصر : نميري في السودان وقذافي في ليبيا استعدادا لحرب الاستنزاف ضد إسرائيل.
وفي الديمقراطية الثالثة والأخيرة اتسمت العلاقة بين الحزبين اللذين يشكلان الحكومة بعراك حاد ومتواصل بينهما علي المناصب، مع تباين رؤى حول السياسة الخارجية حتي نعاها وزير الخارجية الشريف زين العابدين الهندي بما تعرفون. .بل كانت تلك سمة الائتلاف الحاكم في كل الحقب الديمقراطية.
قدم زعيم المعارضة في الجمعية التأسيسية، وتعتبر المعارضة في ديمقراطية ويستمنستر حكومة ظل مكملة للحكومة المنتخبة، رؤية المعارضة للموازنة العامة للحكومة المقدمة أمام نواب الشعب للموافقة عليها. وكان زعيم المعارضة يقدم نقداً لموازنة الحكومة بنداً بنداً بطبيعة الحال. قال له زعيم الأغلبية فيما معناه : ليش مغلب حالك فتقدمها بابا بعد باب ؟ قدمها جملة واحدة لنسقطها جملة واحدة !!
مذكرة الجيش في فبراير 1989 أخرجت الجبهة الإسلامية من حكومة الصادق. قرأتُ تصريحاً للصادق قال فيه إن الجيش لم يطالب بذلك صراحة لكن عبد الماجد حامد خليل وزير الدفاع وقائد الجيش لم يكن صديقاً للجبهة أو شئ بهذا المعني.
زرت الخرطوم في فيضانات 1988 وهي بلا وال لاحتدام الصراع بين الاتحادي والجبهة علي المنصب. شهدت تنمراً غير مسبوق على المواطنين من قبل عناصر قرنق في الخرطوم : في صفوف العيش وفي المواصلات وما أكثر الصفوف يومئذ !
ومعلومة قضية اثنين منهم اشتجرا علي بناية فاخرة تكون من نصيب أيهما عند اجتياح قرنق للخرطوم؟! أنا شخصيا لم استبعد ذلك الاجتياح بحكم ما رأيت وسمعت وحديث منسوب للرجل عن مجازر زنجبار!
سبق انقلاب الإنقاذ حديث عن سبع انقلابات كانت في ال pipeline عدا انقلاب الجبهة …بعث ونميري و.. و..وهلمجرا ….
وعندما اختلف الناس بشأن الإتفاق الإطاري بعد ذهاب الإنقاذ، هدد أحد المتحمسين لذلك الاتفاق بأنه سيطوف علي السفارات سفارة .. سفارة محرضاً !!
والآن الرباعية هذه ماذا ستفعل سوي فرض نظام ديمقراطي شكلاً مسيطر عليه من أولئك وأمريكا وغيرها يدعمونه.
الديمقراطية في اختيار الحكام واستقلالية القرار الوطني هي أفضل ما نصبو إليه وهي الأجدر بتحقيق الكرامة الإنسانية. السودان ظل رغم ضعف ديمقراطيته العرجاء ، البلد الوحيد الذي كان جزيرة حريات في كل المنطقة ولن يسمح له بسهولة بأن يكون منارة لذلك مجدداً .
إذن فنحن بمكوناتنا المختلفة نشكل خطراً علي الديمقراطية إذ نخشى بعضنا البعض والاقليم يخشانا فما العمل؟!
لينصرف التفكير إلى ذلك: كيف نصنع ديمقراطية صلبة ومستدامة، ولنعلم أن الديمقراطية الدائمة التي يحرص الجميع علي استمرارها لا تقبل بعزل قطاع من الشعب صغر أو كبر لا يجد نفسه بعض نسيجها حين يتنادى الجميع لحمايتها إن دعا داع الفداء، ولا تصلح فيها عبارة مطلقاً (إلا.. الجهة الفلانية) فمن كلمة إلا.. هذه تنطلق الشرور والآثام والتآمر عليها.
يلي ذلك من حيث الأهمية البحث في إبعاد تدخلات الإقليم والغير، كشرط لتحقيق الاستقلال الحقيقي الذي يجعل مصالح البلاد العليا تعلو فوق كل الاعتبارات. ذلك يحقق طموحات شعبنا في الإفادة من ثرواته الهائلة وتحقيق العيش الكريم أولاً ومن ذلك المنطلق يتعاون مع الجوار القريب والبعيد ومع العالم وفق المصالح المشروعة التي تنص عليها قوانين ونظم العالم .
الدكتور الخضر هارون
إنضم لقناة النيلين على واتساب