عربي21:
2025-06-06@02:03:02 GMT

ترامب .. الكوميديا السوداء ...!

تاريخ النشر: 7th, February 2025 GMT

«كأن حياتنا حصص من الصحراء مختلف عليها بين آلهة العقار»، يتذكر الفلسطينيون هذا النص لشاعرهم الكبير وهم يتابعون بسخرية مريرة رئيس أقوى دولة في العالم يتعاطى بهذه الخفة مع قضيتهم الأكثر رصانة وعدالة، وكأنه يطالبهم بإخلاء عقار يمتلكه وحتى لا يلقي بهم في الشارع يعدهم بمساعدتهم بالبحث عن بديل مستخفاً بصراع ثلاثة أرباع القرن على الهوية والعلم والنشيد والمصير بمسار طويل كبير الكلفة.



وكي تكتمل سخرية الرئيس ترامب يبدي حزنه على الفلسطينيين في غزة الذين يتعرضون للقتل والدمار، بينما يقف القاتل على يمينه مزهواً به كضيف شرف حيث اللاشرف في كل ما قال ليبدو الأمر كاريكاتورياً أو على درجة من البلاهة التي لا يمكن تفسيرها في معاجم السياسة، سوى خليط من الخفة والغطرسة التي تستمد ذاتها من قوة ظهرت في سنواتها الأخيرة، لتكون وحدها من يحتكر إهانة الشعوب ومحاربتها ومن رئيس يهبط من عالم الصفقات والمضاربات، هكذا الأمر بالنسبة له.

«فلسطين ليست أكثر من عقار مختلف عليه»، هذا مفهوم أميركي يرتبط بتشكل الدولة الأميركية التي تشكلت بالصفقات العقارية لبعض ولاياتها، فقد اشترت بصفقة ولاية لويزيانا من الفرنسيين وولاية فلوريدا من إسبانيا وكذلك اشترت منهاتن من سكانها الأصليين.

وهذا تحول إلى ثقافة سياسية في بلد لم يكن وطناً لسكانه ولا هوية ولا تراثاً ولا حضارة  لتكتسب تلك الثقافة زخمها مع تاجر العقارات.

هكذا هو الأمر يأخذ غزة ويبني فيها عقارات ويعطي للفلسطينيين قطعة أرض من مصر والأردن وانتهى الأمر، هذا حل سهل فلماذا يتصارعون فيما الحل موجود؟

سطحية السياسة لدى الرئيس الأميركي تؤخذ على درجة من الجدية، حيث الكلام يصدر عمن يمتلك القوة الكاسحة القادرة على فرض وقائع وتغيير أنظمة، فما بالنا حين يقف على رأس تلك القوة رجل معتد بشخصيته يعتقد أن التاريخ أعاد استدعاءه لإصلاح خراب الكون كما يراه بنفس السطحية التي يتمتع بها إذ بدأ ولايته مصارعاً على الحلبة يلاكم الجميع ويفتح النار على الجميع من الصين وكندا والدانمارك والمكسيك وبنما وأوروبا والناتو والأردن ومصر والخليج والفلسطينيين، دون أن يدرك حدود القوة مهما بلغت إمكانياته.

في ذروة النشوة تساقط الكلام من الإسرائيليين بأن كل ما قاله الرئيس ترامب كان قد أعد سلفاً بخطط ومشاريع وفيديوهات قد تم شحن عقل الرئيس بها، وهكذا خرج متناقضاً مرة بأنه سيعيد إعمار غزة للغزيين بعد أن يرجعهم إليها ومرة يريد إخراجهم للأبد، مرة يريد أن يبني غزة للفلسطينيين ومرة يريد أن يأخذها ليستثمر بها ... يبدو أن الملقِّن الإسرائيلي لم يجهز عقل الرئيس جيداً أو قام ببرمجته على عجل، لكن نتنياهو المزهو برئيس بهذا القدر من الخفة لم يتوقف عن توزيع الابتسامات وهو محق.
شخصية الرئيس ترامب مدعاة للدراسة. هو تاجر أولاً لا أحد يعرف إذا ما كان يقول كلاماً جدياً أو يضعه سقفاً للمساومة.

هكذا قال ذات مرة عندما سأله نايجل فراج عن تصريحات انسحابه من الناتو رد عليه: «هذا للمساومة»، ينبغي تصديق ذلك حين يكون السياسي قادماً من عالم التجارة، هو مغامر لأبعد الحدود ولكنه يخشى الخسارة حد الجبن، يتهور مثل فيل لكنه يتراجع في اللحظة المناسبة دون أن يخجل، كانت بروفة كندا والمكسيك نموذجاً يصلح للقياس فهو يعرف حدوده عندما يريد أن يعرف.

لغته تجاه العرب والفلسطينيين تعكس استعلاءً لم يمارسه السادة في عصر العبيد «نعم سيخرج الفلسطينيون من غزة وليس لديهم خيار آخر»، وماذا عن مصر والأردن ؟«سيقبلون وسينفذون».

تلك لغة بلطجة وليست لغة سياسة وترتبط باعتقاده كما الرئيس هاري ترومان بأن إغضاب العرب لا ثمن له فلماذا يعمل على إرضائهم لكن إغضاب إسرائيل مكلف، تلك هي المعادلة ببساطة وهو ما عكسه مؤتمره الصحافي، نتنياهو يبتسم فيما يستشيط الزعماء العرب غضباً لكن هذا لا يعني شيئاً في عالم السياسة الأميركية ولن يأخذه الزعماء الأميركيون على محمل الجد إلا مع أول تحدٍ عربي يتم به اختبار الإرادة التي يفترض أن لدى العرب ما يكفي من ممكنات إغراء في عالم المصالح يسيل لعاب الرئيس الأميركي من أجلها.

الخوف من مشروع التهجير ليس فقط لأن رئيس أقوى دولة في العالم أطلق له العنان وتكفل بالإعلان عنه وتحمل مسؤوليته، لأن ترامب سيصطدم بالكثير من مشاريعه سواء الداخلية أو الخارجية ولكن لأن خلف هذا المشروع الدولة الإسرائيلية التي تقف بكل ثقلها تحاصر ترامب من خلال دوائره ومعاونيه وتضع مشروع التهجير كأولوية للأمن القومي ووجود الدولة، وترى أنها فرصة لن تتكرر لحسم الأمر وهو المشروع الذي بدأ العام 48 ولم يكتمل وتوفرت الآن مناخات التنفيذ. فالعالم لم يتحرك لمواجهة الإبادة هل سيتحرك أمام التهجير ؟ مستغلة حدث السابع من أكتوبر وفرصة رئيس أميركي يقوم رئيس وزراء إسرائيل ببرمجة عقله كما يريد هذا مدعاة للخوف ... إلا إذا تصدى العرب بكل ممكناتهم هذه المرة، وهم قادرون إذا وثقوا بأنفسهم وهناك تجارب.

الأيام الفلسطينية

المصدر: عربي21

كلمات دلالية: سياسة اقتصاد رياضة مقالات صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة تفاعلي سياسة اقتصاد رياضة مقالات صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة تفاعلي مقالات كاريكاتير بورتريه ترامب مصر نتنياهو مصر الاردن نتنياهو ترامب تهجير غزة مقالات مقالات مقالات سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة أفكار صحافة سياسة سياسة اقتصاد رياضة صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة

إقرأ أيضاً:

الذهب يرتفع مع ضعف البيانات الأمريكية التي عززت رهانات خفض أسعار الفائدة

انتعش الذهب يوم الأربعاء، مرتفعًا نحو 3، 370 دولارًا للأونصة، ومقتربًا من أعلى مستوى له في شهر، حيث جددت سلسلة من التقارير الاقتصادية الأمريكية الضعيفة المخاوف بشأن التوقعات.

وأظهر مؤشر مديري المشتريات لقطاع الخدمات الصادر عن معهد إدارة التوريد (ISM) انكماش القطاع في مايو لأول مرة منذ ما يقرب من عام، متأثرًا بانخفاض حاد في الأعمال الجديدة وارتفاع في تكاليف المدخلات، ويرجح أن يكون ذلك مرتبطًا بالرسوم الجمركية الجديدة التي فرضتها إدارة ترامب.

على صعيد آخر، كشفت بيانات ADP أن أصحاب العمل في القطاع الخاص أضافوا 37، 000 وظيفة فقط في مايو، وهو أقل بكثير من التوقعات وأبطأ وتيرة منذ مارس 2023.

ويتجه المستثمرون الآن إلى بيانات الرواتب غير الزراعية الصادرة يوم الجمعة بحثًا عن المزيد من الأدلة على اتجاه سياسة الاحتياطي الفيدرالي.

ويواصل الرئيس الأمريكي دونالد ترامب الدعوة إلى خفض أسعار الفائدة، بينما لا يزال مسؤولو الاحتياطي الفيدرالي حذرين وسط حالة عدم اليقين المستمرة المتعلقة بالتجارة.

وعلى الصعيد التجاري، قال ترامب إنه "من الصعب للغاية" التوصل إلى اتفاق مع الرئيس الصيني شي جين بينغ، بينما ضاعفت الولايات المتحدة رسميًا الرسوم الجمركية إلى 50% على معظم واردات الصلب والألمنيوم بدءًا من اليوم.

اقرأ أيضاًالبنك المركزي: 48.526 مليار دولار صافي احتياطي النقد الأجنبي في مصر بنهاية مايو

مع صعود التضخم.. معدل الفائدة الحقيقي يسجل 7% قبل اجتماع البنك المركزي

البنك المركزي: التضخم الأساسي في مصر يرتفع إلى 13.1% في مايو 2025

مقالات مشابهة

  • ترامب يريد لأمريكا أن تعود لصناعة المنتجات مجددا.. هل تمتلك القدرة على ذلك؟
  • تقرير: ماسك أُرغم على مغادرة البيت الأبيض وكان يتصرف كرجل أعمال يريد حماية مصالحه
  • في ذكرى رحيل محمد نجم.. عملاق الكوميديا الذي رسم البسمة في قلوب المصريين
  • بينها اليمن..ترامب يحظر دخول مواطني 12 بلدا
  • أول تعليق لترامب على حظر السفر الجديد والدول التي يشملها
  • ترامب يحظر دخول مواطني 12 بلدا منها ليبيا والسودان واليمن
  • الأمين العام لـ «الكتاب العرب» يهنئ الرئيس السيسي بحلول عيد الأضحى المبارك
  • الذهب يرتفع مع ضعف البيانات الأمريكية التي عززت رهانات خفض أسعار الفائدة
  • هل يريد العرب وقف الحرب حقا؟
  • رئيس اتحاد النحالين العرب: العسل المصري آمن ويخضع لرقابة صارمة