عادات رمضانية في المغرب ومصر.. تنوع ثقافي ووحدة روحية
تاريخ النشر: 3rd, March 2025 GMT
تابع أحدث الأخبار عبر تطبيق
يتميز شهر رمضان في جل المجتمعات الإسلامية بطقوس دينية وعادات وتقاليد متنوعة تعبر عن حفاوة المسلمين بهذه المناسبة الكريمة.. ورمضان في المغرب له مكانة خاصة في قلوب المغاربة الذين يستقبلونه بطقوس مميزة نابعة من حضارة تعكس العمق التاريخي للمملكة. أما فى مصر أم الدنيا، فإن رمضان له طابع خاص، حيث تنبض الشوارع بالحياة.
تتم الاستعدادات بالشهر الكريم أو بـ"سيدنا رمضان" كما يلقب في المغرب في أجواء من المرح والفرحة رفقة الأحباب والجيران، إذ يجتمعون قبل الإعلان عنه لتبادل الوصفات الرمضانية والآراء فيما يخص"موديلات" القفاطين والجلاليب المغربية، ومثلما يغير المغاربة عاداتهم في المطبخ يغيرون أزياءهم أيضاً، حيث تتوارى إلى الخلف الأزياء العصرية ويتصدر المشهد الزي التقليدي الذي لا يزال حاضرًا في جميع المناسبات الدينية كجزء من "تمغربيت" التي لا يمكن الاستغناء عنه، بل يزداد الإقبال عليه في رمضان لأنه رمز للرقي والأناقة لاستقبال الضيوف على موائد الإفطار.
من مظاهر الإرث الرمضاني التقليدي التي لم يندثر في المغرب على الرغم من تعاقب الأجيال، النفار، أو المسحراتي كما يسمى في الدول الشرقية، مصطلح يدل على آلة النفخ النحاسية التي لا يقل طولها عن متر، والنفار هو ذلك الشخص الذي يتجول بصحبة "الطبال" و"الغياط" يجوبون الشوارع العتيقة كلٌ بآلته قبل آذان الفجر يوقظون الناس لتناول السحور، ومن الشروط التي يجب توفرها في النفار أن يكون حافظاً للتراث المغربي الأصيل والمدائح النبوية التي يرددها وهو يجوب الأزقة للحصول على القبول لدى الناس.
من المأكولات المغربية المرتبطة بشهر الصيام في المغرب، "الحريرة"، الأكلة التي أصبحت عالمية تحمل شعار المغرب في كل مكان، فهي ليست مجرد حساء بل جزء من الهوية الثقافية للمغاربة وترمز إلى الدفء العائلي والتقاليد المتوارثة، ويحرص المغاربة على بدء إفطارهم بها نظراً لقيمتها الغذائية إلى جانب "سلو"، و"الشباكية"، و"البغرير"، و"البريوات"، أما الشاي المغربي المنعنع مع "التمر" و"الشريحة" فهو من أشهر المشروبات المغربية على المائدة الرمضانية.
من الطقوس المغربية المبهجة أيضاً الاحتفال بالصيام الأول للأطفال تشجيعاً وتحفيزًا لهم على نجاحهم في إتمام يومهم الأول، يجلسون أمام مائدة الإفطار بالزغاريد وأصوات تصدح بالصلاة على النبي ولباس تقليدي الذي يكون عبارة عن قفطان مغربي مطرز بـ"الصقلي الحر" بالنسبة للبنات ويوضع تاج فوق رأسها كعروس في ليلة زفافها، وتزين يدها اليمنى بالحناء على شكل قرص، أما الأولاد فيلبسون ما يسمى بـ"الجبادور" وهو الزي التقليدي عند الرجال في المغرب، والهدف من ذلك تحبيب الأطفال الصغار في الصيام وتوعيتهم بأهمية الالتزام بهذه الفريضة.
أما في مصر أم الدنيا، فإن رمضان له طابع خاص، حيث تنبض الشوارع بالحياة وتتحول إلى لوحة زاهية تفيض بالحب والبهجة، موسم يعكس دفء القلوب وروح التكافل حيث تتجلى الطيبة المتأصلة في نفوس المصريين في أدق تفاصيل الحياة اليومية.
تكتسي الشوارع المصرية بالزينة والأضواء والفوانيس التي تزين المحلات والبيوت والطرقات، وتتحول الأحياء إلى احتفال شعبي مفتوح، تتوجه الأسر إلى الأسواق لشراء كل المستلزمات الغذائية وخاصةً "الياميش" و"المكسرات" إضافة إلى المشروبات التقليدية مثل "قمرالدين"، و"العرقسوس"، و"الخروب" و"الكركديه".
ومن العادات الأصيلة التي تعكس كرم المصريين وروحهم الطيبة "موائد الرحمن"، حيث يجتمع العشرات من الناس حول مائدة قاسمهم المشترك البحث عن الونس وسط متطوعين يوزعون الطعام والشراب بحب وبهجة وكأنهم يرون في خدمة الآخرين الخير والبركة، وفي زاوية أخرى هناك من يجهز "شنط رمضان" حقائب مليئة بالخير توزع على المحتاجين ابتغاء مرضاة الله.
وبالرغم من تطور الحياة، فما زال المصريون يحافظون على بعض التقاليد الفريدة، إذ تسمع صوت المدفع وقت الغروب وكأنه احتفال يومي يضفي على الإفطار طابعا مميزا يستمتع به عشاق الزمن القديم.
أما المائدة المصرية في رمضان، فإنها ليست مجرد أطباق عادية بل هي قصص تروى بكل نكهة ورائحة، حيث تبدأ الوجبة بالتمر والمشروبات الرمضانية وتختتم بـ"المحشي" و"المشاوي" و"الملوخية" التي لا تغيب عن البيوت الأصيلة، ولا يكتمل اليوم إلا بـ"القطايف" و"الكنافة" التي تأسر محبيها خلال هذا الشهر.
وبعد الفطار وفي الأحياء القديمة، تتحول الشوارع إلى مهرجانات من الألوان والأصوات خصوصاً في الأحياء العتيقة مثل الحسين وخان الخليلي، حيث تتداخل أصوات الذكر مع نغمات العود وعبق البخور في صورة تراثية تأسر القلوب.
رمضان، سواء في المغرب أو في مصر، شهر مبارك كريم تمتزج فيه العبادة بالمحبة، يفتح فيه الناس قلوبهم قبل أبوابهم وتصبح الرحمة اللغة الموحدة التي يتكلم بها أهل البلدين.
*كاتبة وإعلامية مغربية
المصدر: البوابة نيوز
كلمات دلالية: رمضان في المغرب المشروبات الرمضانية مصر فی المغرب
إقرأ أيضاً:
ذاكرة العيد.. أمسية تراثية في ثقافي حمص
حمص-سانا
استعادت الأمسية التراثية بعنوان “ذاكرة العيد” التي أقامتها مديرية الثقافة بحمص حكايات العيد وعاداته وتقاليده الموروثة.
الأمسية التي أقيمت بالتعاون مع الجمعية التاريخية في قاعة سامي الدروبي بمديرية الثقافة، عُرض خلالها برومو يروي طقوس العيد في حمص، تلته جلسة حوارية عن الأخمسة الحمصية، من بينها خميس الحلاوة، وفقرة موشحات حمصية التي كانت لحن الروح في صباحات العيد لفرقة مدّاح الحبيب التي أنشدت وصلتين “ملكتي فؤادي وكلموني ولم تكترث بحالي” بإشراف الوشاح ياسر عساف.
وتحدث عضو الجمعية التاريخية الباحث في التراث غازي حسين آغا بأنه تمر على مدينة حمص في فصل الربيع من كل عام سلسلة من الأخمسة بعاداتها وتقاليدها القديمة الموروثة حيث تبدأ هذه الأعياد بخميس التائه، ثم خميس الشعنونة، وخميس المجنونة، وخميس القطط، وخميس النبات أو خميس (القلعة)، وخميس الأموات أو (خميس الحلاوة)، مشيراً إلى أن الأخير ما زالت تقاليده تمارس حتى الآن ويرتبط بزيارة المقابر، وتوزيع الحلاوة الحمصية بأنواعها للمحتاجين وللأقارب والجيران صلة للأرحام.
ويقول محمد خالد خيارة في حديثه لمراسل سانا: في العيد تفوح رائحة الورود والمحبة، وتنهض فيه أصوات المآذن وضحكات الأطفال، وفي حمص العيد حكاية متجددة بالتكبير والموشحات، وإننا نعيش هذه السنة عيداً مختلفاً عن الماضي، لشعور الناس بفرحة النصر والتحرير وعودة الأمن والأمان مع سوريا الجديدة.
ورأى بدوي دكي أن الأخمسة الحمصية هي نوع من التهاني التقليدية التي كان الناس يتبادلونها في صباح العيد التي تبدأ بأخمسك الله بالخير واليمن والبركة، وبحسب اعتقاد أهل حمص أنه بهذه المبادلة تكبر المحبة بالقلوب.
تابعوا أخبار سانا على