قالت وزارة الاوقاف المصرية، إن المساجد بيوت الله، وهي المكان الذي يملأ القلوب بالسكينة ويزود الأرواح بالهدى، ومن رحمة الإسلام أن جعل المساجد بيئة رحبة للكبار والصغار من الجنسين، حاضنة للأبناء؛ لتعزيز حبهم لها وارتباطهم بها منذ الصغر؛ فقد كان سيدنا النبي ﷺ قدوة في هذا المجال، إذ كان يُلاعب أحفاده داخل المسجد، ويحملهم في أثناء الصلاة؛ ويستقبل الوفود في المسجد، ويشهد "لعب الحبشة" (ما يشبه الفولكلور أو الفنون الشعبية في العصر الحديث)، وكل ذلك وغيره يؤكد التوازن بين الحفاظ على قدسية المسجد، وتعدد أدواره، ورعاية فطرة الطفل وحاجته للطاقة والحركة.

وأضافت الأوقاف، في منشور بيان لها، ففي حديث أبي قتادة رضي الله عنه، قال: “رأيت النبي ﷺ يصلي بالناس وأمامة بنت أبي العاص على عاتقه، فإذا ركع وضعها، وإذا قام حملها”، وهذا يوضح أن وجود الأطفال في المسجد وملاطفتهم لا يتعارض مع قدسيته، بل يعزز ارتباطهم به، ويزرع فيهم حب الصلاة، والإقبال على مجالس العلم، وتوقير بيوت الله وروادها، ومعرفة قدر العلماء والمربّين، وترسيخ فكرة الترويح المباح عن النفس، وتعليمهم كيفية ترشيد استهلاك الطاقة والمياه، وغير ذلك من الأهداف النبيلة. 

وفي حديث آخر عن شداد بن الهاد رضي الله عنه، قال: "خرج علينا رسول الله ﷺ في إحدى صلاتي العشاء وهو حامل حسنًا أو حسينًا، فتقدم النبي ﷺ فوضعه، ثم كبر للصلاة، فسجد أطال السجود". 

وهنا نجد أن النبي ﷺ لم يمنع الأطفال من المسجد حتى في أثناء الصلاة، بل كان يُظهر لهم الرقة والرحمة، بل كان يوجز التلاوة في الصلاة حرصًا على تلبية احتياجات الصغار كما ثبت من سنته الشريفة.

كما ورد في حديث عبد الله بن بريدة عن أبيه: "كان رسول الله ﷺ يخطبنا إذ جاء الحسن والحسين، عليهما قميصان أحمران يعثران، فنزل رسول الله ﷺ من المنبر فحملهما ووضعهما بين يديه"؛ وهذا الموقف يؤكد أن وجود الأطفال في المسجد كان أمرًا مألوفًا -بل محببًا- في عهد سيدنا النبي ﷺ، وهو لا يتعارض مع الوقار، بل يعبر عن رحمة النبي بهم.

أما عن حديث عائشة رضي الله عنها، فقد قالت: "رأيت النبي ﷺ يسترني بردائه وأنا أنظر إلى الحبشة يلعبون في المسجد... "، وهذا الحديث يوضح سماحة الإسلام في السماح ببعض اللعب داخل المسجد طالما أنه لا يخل بقدسيته ولا يؤثر في خشوع المصلين.

ومن المهم أن يكون اللعب والملاطفة في أوقات لا تعيق الصلاة أو تؤثر في خشوع المصلين، كما ينبغي إشراف الكبار على الأطفال من أجل مراعاة الآداب الشرعية في أي نشاط داخل المسجد، والأوقات المناسبة للهو المباح وكيفيته، مع تربيتهم على عدم المساس بقدسية المسجد أو التسبب في إزعاج المصلين، أو في إحداث أي ضرر بالمكان أو بمن هم فيه.

والمؤكد أن تربية الأطفال على احترام الأكوان بما ومن فيها -بما في ذلك حب المساجد- لا تقتصر على التلقين فحسب، بل ينبغي إشعارهم بالألفة والراحة في رحابها؛ والتلطف معهم فيها بالقول وبالفعل، وبالتعليم وبالإهداء، وبالترحيب وبالتوجيه الذي يأخذ بعلوم نفس الطفولة ويراعي متطلبات التنشئة السليمة والذكاء العاطفي، ولا مانع من ملاعبة الأطفال في المساجد بشرط أن يكون ذلك متفقًا مع الآداب الشرعية وألا يتسبب في أي مساس بالمسجد أو مكوناته أو رواده.

واللهَ نسأل الله أن يجعل بيوته عامرة بذكره، وأن يرزقنا تربية أجيالنا على طاعته وحب بيوته التي أذِن سبحانه أن تُرفَع ويُذكَرَ فيها اسمه.

المصدر: صدى البلد

كلمات دلالية: المساجد الاوقاف المزيد فی المسجد النبی ﷺ

إقرأ أيضاً:

"رحلة إلى الحياة الأخرى".. برنامج تعليمي صيفي للأطفال بمتحف شرم الشيخ

أطلق متحف شرم الشيخ برنامجًا تعليميًا صيفيًا تحت عنوان "رحلة إلى الحياة الأخرى"، يستهدف الأطفال من سن 6 إلى 16 عامًا، بهدف رفع الوعي السياحي والأثري لديهم، وتعريفهم بالحضارة المصرية القديمة.

ويُقدم البرنامج تجربة تفاعلية غنية تُعرّف الأطفال بعناصر الحضارة المصرية القديمة، وعمارة المقابر، وفنون المصري القديم ونظرته للعالم الآخر. كما يولي البرنامج اهتمامًا خاصًا بالأطفال من ذوي الاحتياجات الخاصة، من خلال تقديم أنشطة ومحتوى يتناسب مع قدراتهم، بما يضمن مشاركة فاعلة وشاملة.

ويأتي هذا البرنامج في إطار استراتيجية وزارة السياحة والآثار لبناء قدرات الأطفال وتنمية وعيهم السياحي والأثري منذ الصغر، مما يُسهم في ترسيخ الانتماء الوطني والفخر بالحضارة المصرية العريقة.

وفي هذا السياق، أكد الأستاذ مؤمن عثمان رئيس قطاع المتاحف بالمجلس الأعلى للآثار، على أهمية هذه النوعية من البرامج التي تسهم في تحويل المعلومات التاريخية إلى تجربة حية وتفاعلية تُثري فكر الأجيال الجديدة، وتعزز من شعورهم بالانتماء والوعي الثقافي، مشيرًا إلى أن المتاحف المصرية حريصة على تقديم هذه المبادرات خلال المواسم التعليمية، وعلى رأسها فصل الصيف.

من جانبها، أوضحت المهندسة ميريام إدوارد المشرف العام على متحف شرم الشيخ، أن البرنامج يتضمن مجموعة متنوعة من الأنشطة من بينها تصميم وتنفيذ نموذج لمقبرة مصرية قديمة مستوحاة من سيناريو العرض المتحفي بالمتحف، مزينة بمناظر تحاكي الحياة اليومية والطبيعة والعالم الآخر في الفكر المصري القديم.

كما يتضمن البرنامج 17 ورشة عمل تعليمية وفنية تغطي موضوعات متنوعة، مثل: صناعة الفخار، وتصميم التمائم، وفن التحنيط، والكتابة الهيروغليفية، وصناعة نماذج للتوابيت والمومياوات، والأثاث الجنائزي، بما يثري تجربة الأطفال وينمي مهاراتهم الإبداعية والفكرية.

مقالات مشابهة

  • الأوقاف: اقتحام المساجد أمر مستنكر يسيء إلى هيبة الدولة ويزرع الفوضى ويفتح أبواب الفتنة
  • أوقاف عدن: اقتحام المساجد والعبث بحرمتها انتهاكا خطيرا لحرمة الشعائر
  • الأوقاف تفتتح 9 مساجد غدًا الجمعة ضمن خطتها لإعمار بيوت الله
  • تعرّف على مواقيت الصلاة في أسوان .. اليوم
  • ملتقى في الشارقة يوصي بتعزيز الحماية الرقمية للأطفال
  • "رحلة إلى الحياة الأخرى".. برنامج تعليمي صيفي للأطفال بمتحف شرم الشيخ
  • تعرف على مواقيت الصلاة في أسوان .. اليوم
  • حكم الخروج من المسجد بعد الأذان.. الإفتاء تجيب
  • حكم اختصار الصلاة على النبي عند الكتابة إلى (ص) أو (صلعم).. الإفتاء تجيب
  • «كفى عنفاً» يضيء على المخاطر الرقمية للأطفال