هل يجوز المساواة بين الرجل والمرأة في الميراث وكتابة التركة للبنات
تاريخ النشر: 21st, April 2025 GMT
أثارت قضية المساواة بين الرجل والمرأة في الميراث جدلًا واسعًا، خاصة فيما يتعلق بقيام بعض الأهالي بكتابة التركة لأبنائهم — تحديدًا البنات — خلال حياتهم، خشية انتقال الميراث إلى أقارب آخرين من جهة الأب أو الأم.
الهلالي: المساواة ليست محرّمة.. والقرار يجب أن يكون شعبيًّافي حوار عبر برنامج "سؤال مباشر" على قناة العربية، أوضح الدكتور سعد الدين الهلالي، أستاذ الفقه المقارن بجامعة الأزهر، أن مهمته تنحصر في توضيح الأحكام وليس إصدار فتاوى حاسمة، معتبرًا أن الدعوة إلى مساواة الرجل والمرأة في الميراث لا تتعارض مع نص صريح في القرآن أو السنة، لا سيما في حالات تساوي درجة القرابة بين الورثة كالأخ والأخت.
وأشار إلى سوابق دولية وتشريعية مثل تطبيق تركيا للمساواة في الميراث منذ عام 1937، وكذلك ما أقره القانون المصري رقم 148 لسنة 2019 بتساوي الذكور والإناث في معاش المتوفى، بالإضافة إلى حالات عديدة تقسم فيها بعض الأسر المصرية التركة بالتساوي بالتراضي.
واستعرض الهلالي تفسيرًا لآية "يوصيكم الله في أولادكم للذكر مثل حظ الأنثيين" على أنها إما وصية بتفضيل الذكر أو ضمان حق الأنثى حتى لا تُحرم. ولفت إلى وجود اجتهادات واختلافات في بعض أحكام الميراث حتى بين الصحابة، معتبرًا أن النقاش المجتمعي هو الطريق إلى الحسم.
وأضاف أن الفقه الإسلامي يجيز التصالح والتراضي في تقسيم التركة، كما يتيح باب "التخارج" إمكانية تنازل الورثة عن حقوقهم، مشيرًا إلى وجود فتاوى تُجيز التنازل عن الميراث المحتمل أو المجهول.
وفي ختام تصريحاته، دعا الهلالي إلى إجراء استفتاء شعبي لحسم توجه المجتمع، مؤكدًا ضرورة احترام القوانين القائمة حتى يتم التوافق على أي تعديل.
مركز الأزهر للفتوى: النصوص قطعية.. ولا اجتهاد فيهامن جانبه، شدد مركز الأزهر العالمي للفتوى الإلكترونية على أن نصوص الميراث في الشريعة الإسلامية قطعية لا تقبل الاجتهاد أو التغيير، وأن الدعوة لتشكيل "تدين شخصي" أو "قانون فردي" تمثل افتئاتًا على الشرع وولي الأمر، فضلًا عن كونها مدخلًا لإعادة إنتاج الفكر المنحرف.
وأوضح المركز في بيان رسمي، أن التلاعب بالاستدلالات الدينية وتحريف الأحكام يؤدي إلى زعزعة الأمن الفكري والاستقرار المجتمعي، كما وصف محاولات التشكيك في أحكام الميراث بأنها تغذية للفكر المتطرف والانحراف السلوكي.
وأكد البيان أن أحكام الميراث نزلت بنصوص محكمة في القرآن الكريم، وتمت بإجماع الصحابة والعلماء، وتناسب كل زمان ومكان، مشيرًا إلى أن تقسيم المواريث جاء بأمر إلهي لحماية الحقوق ومنع النزاعات.
وهاجم البيان محاولات الطعن في الشريعة الإسلامية بحجة الدفاع عن حقوق المرأة، معتبرا ذلك حيلة تهدف إلى تشويه صورة الدين وتمييع الهوية الإسلامية لصالح أفكار دخيلة.
واختتم البيان بالتأكيد أن المسلم الحق هو من يستسلم لحكم الله، مستشهدًا بالآية:
{تلك حدود الله ومن يطع الله ورسوله يُدخله جنات... ومن يعص الله ورسوله ويتعدّ حدوده يدخله نارًا خالدا فيها} [النساء: 13-14].
عباس شومان: لا يجوز حرمان الورثة الشرعيين تحت أي مبرروفي ذات السياق، أكد الدكتور عباس شومان، الأمين العام لهيئة كبار العلماء بالأزهر الشريف، أن تذرع البعض بحرية التصرف في المال لكتابة التركة للبنات خشية من دخول الورثة من جهة الأب، أمر باطل لا دليل شرعي عليه.
وأضاف شومان في بيان رسمي، أن تقسيم التركة حسب أحكام الميراث فرضٌ شرعي بنص قرآني لا يجوز تغييره: {يوصيكم الله في أولادكم للذكر مثل حظ الأنثيين}.
وأوضح أنه يمكن للوريث الشرعي فقط التنازل عن حقه في الميراث بعد الوفاة، أما التصرفات التي تهدف إلى حرمان بعض الورثة أثناء الحياة فلا تستند إلى قاعدة شرعية، متسائلًا: "هل يقبل أحد أن يكتب أمواله للذكور دون الإناث؟"، مشيرًا إلى أن الأخ يعتبر كالإبن في حال غياب الأبناء.
كما أشار إلى أن حرية الإنسان في التصرف بالمال ليست مطلقة، بل تخضع لضوابط منها: عدم الإسراف أو التبذير أو التهرب من الزكاة، وأن تصرفات الشخص في مرض الموت تُعتبر ملغاة شرعًا.
وختم شومان حديثه بالتساؤل: "لماذا يتم التفكير في كتابة الأموال للبنات فقط عند غياب الأبناء؟ أليس ذلك دليلًا على وجود نية لحرمان الإخوة؟".
المصدر: بوابة الفجر
كلمات دلالية: الميراث مركز الازهر العالمي للفتوى الأزهر المساواة في الميراث نصيب الميراث أحکام المیراث فی المیراث
إقرأ أيضاً:
مصالحات الأزهر تنهي خصومة ثأرية بالصعيد بين "آل الشهاينة "و "آل العقل".. بعد 12 عام
برعاية من الإمام الأكبر الدكتور أحمد الطيب، شيخ الأزهر، وفي أجواء سادها التسامح وروح الأخوة، نجحت اللجنة العليا للمصالحات بالأزهر الشريف، برئاسة أ.د عباس شومان، في عقد صلح بين عائلتي "آل الشهاينة" و"آل العقل" بمركز ساحل سليم بمحافظة أسيوط، وذلك بعد خلافات وخصومة دامت لأكثر من 12 عاما، وراح ضحيتها 4 من أفراد العائلتين.
وخلال كلمته، وجّه الدكتور عباس شومان الشكر إلى فضيلة الإمام الأكبر أ.د أحمد الطيب، شيخ الأزهر، لدعمه المستمر لجهود المصالحة، وإلى العائلتين على تجاوبهما مع نداء الصلح، مؤكدًا أن "رحمة الله تتجلى في الإصلاح بين الناس ووأد الخصومات"، كما ثمّن الجهود المتواصلة للجنة المصالحات بالتعاون مع الأجهزة الأمنية في دعم ثقافة العفو والتسامح.
وأكد د شومان، أن الأزهر الشريف، بتوجيهات الإمام الأكبر، يواصل أداء دوره الوطني والاجتماعي في رأب الصدع بين أبناء الوطن الواحد، مشيدًا بالعائلات التي تُعلي قيمة الصلح وتنبذ العصبية والعنف، لما له من أثر مباشر في حفظ استقرار المجتمع وصون مستقبل الأجيال، موضحا أن الصلح خطوة جديدة في مسيرة الأزهر الشريف نحو ترسيخ ثقافة السلم الأهلي، وتعزيز روح التراحم والتلاحم بين أبناء الشعب المصري.
من جانبهم، عبر أبناء العائلتين عن امتنانهم لجهود الأزهر الحاسمة في إنهاء هذه الخصومة التي استمرت لسنوات عديدة، مؤكدين أن الصلح نعمةً تحقق الأمن والرخاء للجميع، كما أثنوا على دور اللجنة العليا للمصالحات بالأزهر، في تجسيد قيم القرآن الكريم، خاصةً قوله تعالى: "والكاظمين الغيظ والعافين عن الناس"، مؤكدين أن العفو شيمة الأقوياء الذين بلغوا درجاتٍ عاليةً من الإيمان.
أقيمت مراسم الصلح بين العائلتين بمشاركة أ.د محمد عبد المالك، نائب رئيس جامعة الأزهر، والدكتور علي محمود، رئيس الإدارة المركزية لمنطقة أسيوط الأزهرية، والشيخ سيد عبد العزيز، مسؤول بيت العائلة المصرية بالمحافظة، والشيخ حسني الفولي، عضو لجنة مصالحات الأزهر بأسيوط، إلى جانب عدد من أعضاء مجلسي النواب والشيوخ، وقيادات الأمن العام، وكبار المصلحين بمحافظة أسيوط، ولفيف من القيادات الدينية والأمنية والشعبية، وبحضور أعداد كبيرة من الأهالي.