د.محمد عسكر يكتب.. إحذروا النسخ المُهَكَّرة من شات جي بي تي
تاريخ النشر: 23rd, April 2025 GMT
شهدت تقنيات الذكاء الاصطناعي تطوراً ملحوظاً خلال السنوات الأخيرة، ومن أبرز التطبيقات في هذا المجال نموذج "شات جي بي تي" لكن ومع الإنتشار الواسع لهذا النموذج، ظهرت بعض النسخ المُهَكَّرة (المُقرصنة) التي يتم تداولها على الإنترنت بشكل غير قانوني. يُعد شات جي بي تي، المطور من قِبل شركة OpenAI ، من أبرز تقنيات الذكاء الإصطناعي التوليدي في العالم، ويُستخدم في الكتابة، البرمجة، التعليم، وخدمة العملاء.
النسخ المُهكرة من تطبيق الذكاء الإصطناعي الشهير "شات جي بي تي" بدأت بالإنتشار عبر الإنترنت بشكل لافت وملحوظ خلال الأونة الأخيرة، في محاولة لإستغلال شهرة الأداة وتوفير ميزاتها المدفوعة مجاناً للمستخدمين. لكن ما يبدو أنه "صفقة رابحة" قد يتحول إلى كابوس حقيقي لأن هذة النسخ غير الأصلية (المُهكرة) غالباً ما تكون وسيلة لاختراق الأجهزة وسرقة البيانات. فالعديد منها يحتوي على برمجيات تجسس أو فيروسات، يمكن أن تسرق ملفات حساسة أو تمنح المتسللين تحكماً كاملاً بجهازك دون أن تشعر.
" ببساطة، لا يمكنك أن تثق في تطبيق مجهول المصدر يطلب صلاحيات كاملة على جهازك. النسخ المُهكرة غالباً ما تُستخدم كحصان طروادة لشن هجمات إلكترونية".
قد تبدو هذه النسخ جذابة للمستخدمين الذين يبحثون عن ميزات مجانية دون مقابل، إلا أن إستخدامها ينطوي على مخاطر جسيمة من النواحي الأمنية، القانونية، والأخلاقية.
______________
أولًا: التهديدات الأمنية
1. البرمجيات الخبيثة:
غالباً ما تكون النسخ المُهَكَّرة مُدمجة ببرمجيات خبيثة (Malware)، كبرامج التجسس أو الفيروسات، التي تُمكِّن القراصنة من سرقة بيانات المستخدمين الحساسة، كالمعلومات البنكية أو كلمات المرور.
2. الثغرات الأمنية:
حيث لا يتم تحديث هذه النسخ بإنتظام من مصادر موثوقة، مما يجعلها عرضة للثغرات الأمنية التي قد تُستغل من قِبل جهات المخترقين.
3. فقدان الخصوصية:
النسخ غير الرسمية قد تُرسل بيانات المستخدمين إلى خوادم غير معلومة أو جهات غير موثوقة، مما يعرض الخصوصية الرقمية للخطر.
______________
ثانيًا: الانتهاكات القانونية
1. خرق حقوق الملكية الفكرية:
تحميل وإستخدام النسخ المُهَكَّرة يُعتبر إنتهاكاً مباشراً لحقوق الملكية الفكرية التي تمتلكها شركة OpenAI، مما قد يُعرّض المستخدم للمساءلة القانونية في بعض البلدان.
2. الاتفاقيات الدولية:
إستخدام البرامج المُقرصنة يُخالف الإتفاقيات الدولية مثل إتفاقية " تريبس" (TRIPS) التي تنظم حماية حقوق الملكية الفكرية، ما قد يُشكل جريمة حسب القانون المحلي أو الدولي.
______________
ثالثًا: الإشكاليات الأخلاقية
1. إنعدام المسؤولية الأخلاقية:
إستخدام النسخ المُهَكَّرة يُشجع على القرصنة الرقمية ويدعم بيئة غير شرعية تؤدي إلى تراجع الابتكار وعدم احترام جهود المطورين والباحثين.
2. إضعاف البنية الاقتصادية للبرمجيات:
اللجوء إلى النسخ المقرصنة يُضعف بلا شك الإقتصاد الرقمي ويُقلل من الاستثمارات في تطوير تقنيات جديدة، ما ينعكس سلباً على الجميع، بما فيهم المستخدمون أنفسهم.
______________
رابعًا: بدائل قانونية وأمنة
يمكن للمستخدمين الذين لا يستطيعون تحمّل تكلفة النسخ المدفوعة من شات جي بي تي استخدام النسخ المجانية التي توفرها OpenAI ضمن مستويات معينة من الاستخدام. كما يمكن اللجوء إلى أدوات مفتوحة المصدر أو نسخ أكاديمية محدودة تُستخدم لأغراض البحث والتعليم.
______________
إن إستخدام النسخ المُهَكَّرة من تطبيقات الذكاء الاصطناعي مثل شات جي بي تي لا يُعد فقط خيارًا محفوفًا بالمخاطر، بل يُعتبر خرقًا صريحًا للمعايير القانونية والأخلاقية. في ظل تطور البيئة الرقمية، يتعين على الأفراد التحلي بالوعي الرقمي والمسؤولية عند التعامل مع هذه التقنيات، وضمان استخدام آمن وقانوني يحفظ الحقوق ويُعزز الابتكار.
المصدر: صدى البلد
كلمات دلالية: الذكاء الاصطناعي تقنيات الذكاء الاصطناعي شات جي بي تي المزيد النسخ الم ه ک شات جی بی تی التی ت
إقرأ أيضاً:
أحمد ياسر يكتب: مصر.. التاريخ والعنوان
في خضمّ التعليقات الصاخبة المحيطة بالحرب المدمرة في غزة، ترسخت رواية ساخرة ومُستمرة.. رواية تسعى إلى تصوير مصر كطرف سلبي، أو حتى متواطئ، في معاناة الشعب الفلسطيني.
هذه الإدعاءات الخبيثة، التي تنتشر بسرعة التضليل الإعلامي، ليست تشويهًا عميقًا للحقيقة فحسب، بل هي إهانة لأمة تحملت، تاريخيًا وحاضرًا، أثقل أعباء القضية الفلسطينية… إن المراجعة الموضوعية للحقائق ليست ضرورية فحسب، بل تُعدّ أيضًا دحضًا قاطعًا لهذه الحملة من التضليل الإعلامي.
(أولا)يتمحور أكثر هذه الادعاءات خبثًا حول معبر رفح الحدودي، الذي يُصوّر بشكل غير نزيه على أنه دليل على "حصار" مصري، هذه الإدعاء مُفلس فكريًا… فمعبر رفح هو حدود دولية بين دولتين ذات سيادة، (مصر وفلسطين) ، تحكمها اتفاقيات دولية واعتبارات أمنية وطنية عميقة، لا سيما في ظلّ معركة مصر الطويلة والمكلفة مع الإرهاب في سيناء.
فهو ليس نقطة تفتيش داخلية متعددة؛ بالنسبة لغزة، فهي البوابة الوحيدة إلى العالم التي لا تسيطر عليها إسرائيل.. إن مساواة إدارة مصر المنظمة لحدودها السيادية بالحصار العسكري والاقتصادي الشامل الذي تفرضه إسرائيل - الذي يسيطر على المجال الجوي والساحل والمعابر التجارية لغزة - هو تحريف متعمد وخبيث للمسؤولية.
والحقيقة هي أنه منذ بداية هذه الأزمة، لم يكن معبر رفح حاجزًا، بل الشريان الرئيسي للمساعدات المنقذة للحياة، وهو شهادة على الالتزام المصري، وليس رمزًا للعرقلة.
(ثانيا) هذا يقود إلى الزيف الثاني: فكرة أن الدعم الإنساني المصري كان غائبًا… يتلاشى هذا الادعاء أمام الأدلة الدامغة، منذ اليوم الأول، نسقت مصر عملية لوجستية واسعة النطاق ومتواصلة، وقد سهلت الدولة المصرية، بالتنسيق مع الهلال الأحمر المصري وجهات وطنية أخرى، دخول الغالبية العظمى من جميع المساعدات الدولية المقدمة إلى غزة.
نحن لا نتحدث عن لفتات رمزية، بل عن آلاف الشاحنات المحملة بالغذاء والماء والوقود والإمدادات الطبية الأساسية. نتحدث هنا عن مستشفيات ميدانية مصرية أُقيمت على الحدود، وعن آلاف الجرحى الفلسطينيين والأجانب الذين دخلوا لتلقي العلاج في المستشفيات المصرية.
لقد تكبدت الخزينة المصرية ثمنًا باهظًا جراء هذا الجهد الضخم، وأثقل كاهل بنيتنا التحتية اللوجستية والأمنية إلى أقصى حد، وبينما قدّم آخرون كلماتهم، قدّمت مصر شريان حياة، مُقاسًا بالعدد وبالأرواح التي أُنقذت.
وأخيرًا، يكشف نقد الجهود الدبلوماسية المصرية عن سوء فهم جوهري لواقع الوساطة الإقليمية القاسي. . إن اتهام مصر بالتقصير الدبلوماسي يتجاهل حقيقة أن القاهرة من العواصم القليلة جدًا في العالم التي يُؤتمن على التحدث مع جميع الأطراف.
هذا ليس تواطؤًا؛ بل هو العمل الأساسي والمضني لصنع السلام…تعمل الأجهزة الأمنية المصرية والقنوات الدبلوماسية بلا كلل للتوسط في وقف إطلاق النار، والتفاوض على إطلاق سراح الرهائن والسجناء، ومنع اندلاع حرب إقليمية أوسع نطاقًا.
علاوة على ذلك، ترتكز الدبلوماسية المصرية على مبادئ راسخة… لقد كان الرئيس عبد الفتاح السيسي واضحًا لا لبس فيه في التعبير عن خطين أحمرين أساسيين لمصر:
١- الرفض القاطع لأي تهجير قسري أو طوعي للفلسطينيين من أرضهم.
2- المطالبة الثابتة بحل الدولتين على أساس حدود عام 1967…هذه ليست مواقف سلبية؛ بل هي مبادئ أمنية وطنية راسخة وفعّالة وجهت أفعال مصر، ووضعتها أحيانًا في خلاف مع مخططات جهات فاعلة عالمية أقوى.
سيكون التاريخ هو الحكم النهائي، وسيُظهر سجله أنه بينما انغمس الآخرون في الغضب الاستعراضي والتظاهر السياسي، كانت مصر على الأرض، تُدير الحدود، وتُسلم المساعدات، وتُعالج الجرحى، وتُشارك في دبلوماسية حل النزاعات الجائرة والمرهقة…
و تتلاشى الادعاءات الخبيثة عند مواجهة وطأة أفعال مصر. ونقول للجميع أن التزامنا ليس محل نقاش؛ إنه مسألة مُسجلة تاريخيا..