بعد نحو 80 عامًا من اندلاع شرارة الصراع، عادت ألسنة اللهب إلى كشمير، الوادي الجميل العالق بين الهند وباكستان، بعدما أعلنت الهند شن ضربات على مواقع باكستانية، في حين أعلن الجيش الباكستاني إسقاط خمس مقاتلات هندية، إثر هجوم دموي على منطقة خاضعة للهند في الإقليم المتنازع عليه، راح ضحيته 26 شخصًا.

تاريخ من المواجهات

لم تكن هذه الجولة سوى حلقة جديدة في سلسلة نزاعات تعود جذورها إلى عام 1947، عندما قسمت بريطانيا شبه القارة الهندية إلى دولتين: الهند ذات الأغلبية الهندوسية، وباكستان ذات الأغلبية المسلمة، بينما تُرك مصير كشمير معلقًا.

في ذلك العام، اشتعل أول صراع عسكري بعدما انضم أمير كشمير، الهندوسي الديانة، إلى الهند مقابل حماية عسكرية من توغل ميليشيات باكستانية. انتهت الحرب الأولى بوقف إطلاق نار بوساطة أممية عام 1949، تمخض عنه خط تقسيم للإقليم: ثلثاه للهند، والثلث المتبقي لباكستان، فيما ظلت التسوية النهائية سرابًا.

حروب متكررة واتفاقات هشة

اندلعت الحرب الثانية عام 1965 عقب توترات حدودية، استمرت 3 أسابيع وخلفت دمارًا واسعًا قبل التوصل لاتفاق لوقف القتال في يناير 1966. ثم جاءت حرب 1971، التي أسفرت عن استقلال بنغلاديش، وأعادت صياغة خطوط السيطرة بتحويل «خط وقف النار» إلى «خط المراقبة» بموجب اتفاقية شِملا (1972).

لكن التوترات لم تهدأ، إذ شهدت كشمير في 1987 تصاعد تمرد مسلح عقب اتهامات بتزوير الانتخابات، اتهمت فيه الهند جارتها بدعم الجماعات المتمردة. تصاعد العنف خلال التسعينيات، وسجلت الشرطة آلاف الهجمات والتفجيرات والاشتباكات، مما عمق العداء بين الجارتين.

وفي 1999، كادت زيارة تاريخية لرئيس وزراء الهند إلى باكستان أن تمهد لسلام تاريخي، قبل أن تنفجر الأوضاع مجددًا في «حرب كارغيل» بعد تسلل مسلحين من الجانب الباكستاني إلى كشمير الخاضعة للهند، لتعود عقارب الساعة إلى الوراء.

التوتر في الألفية الجديدة

لم تتوقف بؤر التوتر: ففي 2019، ألغت حكومة ناريندرا مودي الوضع الدستوري الخاص لكشمير، وقيدت الاتصالات، وفرضت إجراءات أمنية غير مسبوقة، مما أثار موجة استياء داخلية وانتقادات دولية.

وفي أبريل 2025، أعاد هجوم مروع أسفر عن مقتل 26 شخصًا قرب باهالغام – معظمهم من السياح – أجواء الرعب والصراع إلى الواجهة، وسط اتهامات متبادلة واستعدادات عسكرية توحي بأن الأزمة مرشحة للتصعيد مجددًا.

نزاع لا ينطفئ

رغم مرور 8 عقود، لا يزال وادي كشمير يدفع ثمن موقعه الجغرافي وديمغرافيته المعقدة، محتفظًا بلقب «أخطر منطقة عسكرية في العالم»، وسط سباق تسلح نووي بين جارتين تملكان تاريخًا من الحروب والهدنات المكسورة.

فهل تُكتب نهاية لهذا الصراع الدموي، أم أن كشمير ستظل رهينة لقدرها الجغرافي والتاريخي؟

 

المصدر: بوابة الفجر

كلمات دلالية: كشمير الهند باكستان النزاع الحرب خط المراقبة التمرد الاستقلال ناريندرا مودي الهجمات الارهابية الأمم المتحدة التقسيم شبه القارة الهندية الصراع النووي الارهاب التصعيد العسكري

إقرأ أيضاً:

من إيران إلى نيجيريا وباكستان.. موجة اضطرابات جديدة تهدد الاستقرار الإقليمي

أعلنت وزارة الدفاع في النيجر، الخميس، مقتل 34 من جنودها وإصابة 14 آخرين في هجوم واسع نفذه مئات المسلحين على بلدة بانيبانغو الواقعة غرب البلاد قرب الحدود مع مالي، في أحدث تصعيد للعنف في المنطقة التي تشهد نشاطاً مكثفاً لجماعات متطرفة مرتبطة بتنظيمي «القاعدة» و«داعش».

وقالت الوزارة في بيان بثه التلفزيون الرسمي إن «عصابة من مئات المرتزقة استقلوا 8 سيارات وأكثر من 200 دراجة نارية شنّت هجوماً جباناً ووحشياً على البلدة»، مشيرة إلى أن القوات المسلحة تمكّنت من قتل «عشرات الإرهابيين» خلال التصدي للهجوم، في حين أُرسلت تعزيزات عسكرية إلى المنطقة، وأُطلقت عملية برية وجوية لتعقب منفّذي الاعتداء.

ويأتي الهجوم ضمن سلسلة هجمات متكررة تتعرض لها النيجر، التي يحكمها مجلس عسكري منذ نحو عامين بعد انقلاب عسكري أطاح بالحكومة المنتخبة، وتتزامن هذه التطورات مع انسحاب القوات الفرنسية والأميركية التي كانت منخرطة في مهام مكافحة الإرهاب، وتسليم الولايات المتحدة قاعدة كبرى للطائرات المسيّرة للسلطات المحلية في مارس 2024.

وتقع بلدة بانيبانغو في منطقة تيلابيري، على المثلث الحدودي المشترك بين النيجر ومالي وبوركينا فاسو، وهو معقل رئيسي للجماعات الجهادية، كما تشهد النيجر أيضاً تهديداً مستمراً من جماعة «بوكو حرام» وتنظيم «الدولة الإسلامية – ولاية غرب أفريقيا» في الجنوب الشرقي، بمحاذاة بحيرة تشاد ونيجيريا.

ويتبنى المجلس العسكري الحاكم في نيامي سياسة “سيادية” تتضمن تقليص التعاون الأمني مع القوى الغربية، في خطوة يرى مراقبون أنها قد تؤدي إلى فراغ أمني تستفيد منه الجماعات المسلحة.

وتزيد الهجمات الأخيرة من تعقيد المشهد الأمني في غرب إفريقيا، وسط تحذيرات دولية من تمدد الجماعات الإرهابية في منطقة الساحل، مستفيدة من هشاشة الأنظمة السياسية وانسحاب القوى الدولية من ساحات المواجهة.

باكستان تحذر من تصاعد أنشطة الانفصاليين على حدودها مع إيران في حال انهيار الاستقرار

حذرت باكستان من تداعيات أمنية خطيرة قد تنجم عن تزعزع استقرار إيران، مشيرة إلى احتمال تصاعد أنشطة الجماعات الانفصالية والمتشددة على طول الحدود المشتركة بين البلدين، في حال انهيار السلطة في طهران، جاء ذلك خلال اجتماع جمع قائد الجيش الباكستاني الجنرال عاصم منير بالرئيس الأميركي دونالد ترمب في البيت الأبيض هذا الأسبوع.

وقال ترمب عقب لقائه منير: “إنهم غير راضين عن كل شيء”، في إشارة إلى الموقف الباكستاني المتوجس من تصاعد وتيرة الصراع بين إسرائيل وإيران، لا سيما بعد القصف الإسرائيلي المكثف للمنشآت النووية الإيرانية. وأكد بيان صادر عن الجيش الباكستاني أن الطرفين شددا على أهمية إيجاد حل دبلوماسي للأزمة.

وتخشى إسلام آباد من أن يؤدي الفراغ الأمني المحتمل في إيران إلى تحفيز جماعات متمردة مثل “جيش العدل”، وهي حركة بلوشية مسلحة مناهضة لطهران تنشط انطلاقاً من الأراضي الباكستانية، لاستغلال الاضطرابات والتوسع في عملياتها.

وفي بيان أصدرته الجماعة منتصف يونيو، وصفت الحرب بين إسرائيل وإيران بأنها “فرصة عظيمة”، داعية الأقليات الإيرانية للانضمام إلى ما سمته “صفوف المقاومة”.

ويقول محللون إن الجماعات البلوشية على جانبي الحدود قد توحد جهودها في حال تصاعد التوتر، ضمن ما يشبه مشروع “بلوشستان الكبرى”، وهو ما حذر منه المحلل السياسي الباكستاني سيمبال خان، الذي أشار إلى أن هذه الجماعات “ستقاتل جميعاً إذا انفجر الوضع”.

من جهتها، نددت وزارة الخارجية الباكستانية بالهجمات الإسرائيلية على إيران واعتبرتها انتهاكاً للقانون الدولي، مؤكدة أن التطورات الأخيرة “تمثل تهديداً خطيراً للهياكل الأمنية الإقليمية وتؤثر بشكل مباشر على باكستان”.

وتعد الحدود الممتدة لأكثر من 900 كيلومتر بين البلدين بؤرة اضطراب تقليدية، حيث تتقاطع فيها مصالح جماعات انفصالية تنشط منذ سنوات، خصوصاً في إقليم بلوشستان على الجانب الباكستاني ومنطقة سستان وبلوشستان على الجانب الإيراني، وهما منطقتان تقطنهما أقلية البلوش التي تتهم الحكومتين بالتهميش والتمييز.

وتعقّد الصراع الجيوسياسي أكثر بسبب علاقات الهند الوثيقة مع إيران، إذ لم تُصدر نيودلهي أي إدانة للهجمات الإسرائيلية، ما يثير قلق إسلام آباد من تغير التوازنات الإقليمية. يُذكر أن باكستان وإيران تبادلتا العام الماضي ضربات جوية واتهامات بدعم الجماعات البلوشية المسلحة.

وفي سياق متصل، عبّرت الصين عن قلقها من الوضع الأمني في بلوشستان، حيث تستثمر بكثافة في مشاريع البنية التحتية ضمن “مبادرة الحزام والطريق”، بما في ذلك ميناء جوادر الاستراتيجي الذي سبق أن تعرض لهجمات من قبل جماعات مسلحة معارضة للوجود الصيني.

وتواجه باكستان تحديات أمنية معقدة على حدودها الأخرى أيضاً، سواء مع أفغانستان الخاضعة لحكم حركة طالبان أو مع الهند، الخصم النووي التقليدي، ومع تصاعد التوترات الإقليمية، تسعى إسلام آباد لتجنب تحول حدودها مع إيران إلى جبهة اضطراب إضافية.

مقالات مشابهة

  • الجزائر وباكستان يناقشان مستجدات العدوان على إيران
  • مصر وباكستان تؤكدان ضرورة احتواء وقف التصعيد بين اسرائيل وإيران
  • إصابة شخص في ضربة إسرائيلية استهدفت قاعدة عسكرية جنوب طهران
  • الحرب تستعر.. إيران تهدد بضرب شحنات عسكرية لإسرائيل
  • لماذا نحتاج إلى اتفاقية تجارة مع الهند؟ ولماذا الآن؟
  • ترامب ونوبل للسلام.. مفارقة "السياسة والنار"
  • باكستان ترشح ترامب لـنوبل بعد تدخله لوقف الحرب مع الهند.. الأخيرة نفت الوساطة
  • لماذا جرش شعلة لا تنطفئ؟
  • من إيران إلى نيجيريا وباكستان.. موجة اضطرابات جديدة تهدد الاستقرار الإقليمي
  • اليوم الثامن من الحرب الإيرانية الإسرائيلية.. أهداف عسكرية ومؤسسات نووية تحت القصف