براك في بيروت.. لهجة مختلفة ورسائل ضاغطة
تاريخ النشر: 22nd, July 2025 GMT
بيروت- لم تكن الزيارة الثالثة للموفد الأميركي توم براك إلى بيروت كسابقاتها، فهذه المرة، حمل الرجل لهجة حازمة، واختار توقيتًا بالغ الحساسية، ليعلن بوضوح أن واشنطن لم تعد في مرحلة استكشاف المواقف، بل انتقلت لممارسة ضغط مباشر على الدولة اللبنانية، واضعة سلاح حزب الله في صلب أولوياتها.
وفي ظل تصاعد التوتر الميداني جنوبًا، واستمرار الغارات الإسرائيلية على مناطق لبنانية، جاءت زيارة براك لتكرّس تحولًا في المقاربة الأميركية؛ لا التزامات بوقف إطلاق النار، ولا دعما اقتصاديا أو سياسيا، ما لم تُتخذ خطوات ملموسة تجاه ما تصفه واشنطن بـ"جوهر الأزمة"، أي سلاح حزب الله وعلاقته بمعادلة الاستقرار على الحدود.
هذا التحول يشي بتضييق هامش المناورة لدى السلطات اللبنانية، ويضعها في مفترق خيارات صعبة، في وقت تتزايد فيه الضغوط الاقتصادية والسياسية، داخليًا وخارجيًا، فالمعادلة التي ترسمها واشنطن لا تقف عند حدود المواجهة مع حزب الله، بل تشمل أيضًا مستقبل العلاقة مع المجتمع الدولي، ومسار أي تسوية محتملة جنوبًا.
وساطة متعثرةيؤكد الكاتب والمحلل السياسي يوسف دياب، للجزيرة نت، أن زيارة المبعوث الأميركي توم براك إلى بيروت حملت نبرة حازمة غير مألوفة، تجلّت بوضوح في تصريحاته من السرايا الحكومية عقب لقائه رئيس الحكومة اللبنانية نواف سلام، حيث شدد على أن سلاح حزب الله "قضية داخلية لبنانية"، وهو ما اعتبره دياب بمثابة إعلان تخلي واشنطن عن التدخل المباشر في هذا الملف، وتركه للبنانيين وحدهم لتقرير مصيره.
في المقابل، لفت دياب إلى أن براك ألمح إلى عدم قدرة بلاده على الضغط على إسرائيل لاتخاذ خطوات محددة، ما قد يُفسَّر كتمهيد لسحب واشنطن دورها كوسيط في ملف وقف إطلاق النار بين لبنان وإسرائيل، في حال استمر غياب المبادرة اللبنانية.
وأضاف أن اللافت في كلام براك هو نفيه قدرة واشنطن على تقديم ضمانات أمنية للبنان، وهو ما يتناقض -في رأيه- مع الوقائع الميدانية التي أثبتت قدرة أميركا على لجم إسرائيل حين أرادت، كما حصل في فترات سابقة، سواء في المواجهة مع إيران أو في الضربات على دمشق.
إعلانويعتقد دياب، أن براك حمل رسالة واضحة فحواها أن الرد اللبناني على الورقة الأميركية لم يكن على مستوى التوقعات، فقد خلا من أي خريطة طريق، سواء من حيث جدول زمني لسحب السلاح غير الشرعي، أو من حيث آلية التنفيذ، لا سيما ما يتعلق بسلاح حزب الله والفصائل الفلسطينية.
ويشير إلى أن الإدارة الأميركية لمّحت سابقًا إلى أن تقاعس لبنان عن تنفيذ القرار 1559، خاصة ما يتعلق بنزع السلاح في كامل الأراضي اللبنانية، قد يدفع بإسرائيل إلى تولي هذه المهمة بنفسها.
ومع استمرار القصف الإسرائيلي على جنوب لبنان، يرى دياب أن الصورة تزداد قتامة، خصوصًا في ظل توقعات بتصعيد عسكري قد يفوق ما جرى خلال حرب 2024، وربما يحمل ملامح حرب شاملة.
ويضيف أن المخاوف تتزايد من أن تكون واشنطن قد رفعت يدها نهائيًا عن الملف اللبناني، تاركة لإسرائيل هامشًا واسعًا للتحرك، ليس فقط ضد حزب الله، بل ضد مؤسسات الدولة اللبنانية برمتها، في ما يُعد تحميلًا مباشرًا للسلطات اللبنانية مسؤولية أي فشل في تنفيذ بنود وقف إطلاق النار، وعلى رأسها سحب السلاح غير الشرعي.
ويُحذِّر دياب من أن أي تصعيد محتمل قد يتخطى ما شهدته البلاد في حرب يوليو/تموز 2006، وقد يشمل حصارًا شاملًا، من إغلاق مطار بيروت، إلى تعطيل المرافئ وقطع الحدود مع سوريا، وهو ما يثير قلقًا واسعًا في الأوساط السياسية والشعبية على السواء.
كما يشير إلى معلومات تفيد برفض إسرائيل المقترح اللبناني الذي حمله رئيس مجلس النواب نبيه بري، ويتضمن مهلة زمنية لوقف الانتهاكات الإسرائيلية مقابل نقاش لبناني داخلي في إستراتيجية وطنية للأمن.
لكن رغم قتامة المشهد، يختتم دياب: إن الأمل لا يزال قائمًا في ألّا يعود براك خاليَ الوفاض، وأن يتمكن لبنان من تفادي سيناريوهات التصعيد التي تُرسم في الأفق والتي قد تُفرض عليه بالقوة.
ضغوط مبطّنة
من جهته، يرى الباحث والكاتب السياسي حسن شقير، في حديثه للجزيرة نت، أن زيارة براك إلى بيروت، وإن خلت من خطاب التهديد العلني، حملت في طيّاتها رسائل ضغط مبطّنة، وسط تحذيرات من جهات لبنانية بعينها من تداعيات تجاهل مطلب نزع سلاح حزب الله، رغم تخلّي إسرائيل عن أي التزامات سابقة.
ويشير شقير إلى أن الاتفاق الذي تم سابقًا قضى بخطوات متبادلة؛ تبدأ بانسحاب المقاومة من الحدود، على أن يُقابل ذلك انسحاب اسرائيلي ووقف الاعتداءات، والإفراج عن الأسرى، والشروع بإعادة الإعمار. لكن حتى اليوم، لم تنفّذ تل أبيب أيًا من تلك الالتزامات، في ظل صمت دولي وعجز الراعي الأميركي عن فرض توازن حقيقي في التطبيق.
ورغم امتناع براك عن التلويح بالعقوبات أو استخدام لهجة الحرب، فإن إعلانه "رغبة بلاده في تفعيل الاتفاق" بدا لافتًا، لا سيما وأن واشنطن نفسها سبق أن تراجعت عن دورها كضامن، ولم تقدم أي ضمانات ملموسة لتنفيذ الاتفاقات المعلّقة.
وبحسب شقير، فإن المطلوب من لبنان الرسمي موقف أكثر حزمًا ووضوحًا، يقوم على مبدأ أساسي: لا يمكن الحديث عن خرائط طريق جديدة أو إجراءات إضافية في جنوب الليطاني تحديدا، قبل التزام إسرائيلي واضح بثلاثة استحقاقات أساسية تُجمع عليها الدولة اللبنانية، وهي الانسحاب الكامل، والإفراج عن الأسرى، ووقف الاعتداءات على الجنوب.
ويلفت شقير إلى تصريحات براك عقب لقائه بري، والتي وصف فيها الاجتماع بـ"الممتاز"، وأكد حرص بلاده على "الاستقرار". معتبرا أن هذا الكلام، في رأيه، يحتاج إلى ترجمة فعلية، لأن الاستقرار لا يُبنى من طرف واحد، بل يتطلب التزامًا إسرائيليًا جديًا بوقف التصعيد وتنفيذ البنود المجمدة.
إعلانويطرح شقير تساؤلًا جوهريًا، ما إذا كانت الإيجابية التي تحدث عنها براك تعبّر فعلًا عن رغبة أميركية في التوصل إلى تسوية متوازنة؟ أم أنها مجرد غطاء دبلوماسي لضغوط أكبر في ملف نزع السلاح؟
وإذا كانت واشنطن -حسب شقير- تبحث عن طرح واقعي وقابل للتنفيذ، عندها يمكن مناقشة أي خريطة طريق، شرط أن تكون متكافئة وعادلة، مضيفا "أما إذا كان الهدف الوحيد هو نزع سلاح المقاومة، وترك بقية البنود إلى زمن غير معلوم، فذلك مسار فاشل منذ البداية، بل وقد يُفجر الوضع في الجنوب، بما لا يخدم أحدًا؛ لا لبنان، ولا إسرائيل، ولا حتى أميركا".
ويختتم شقير: "إذا كانت واشنطن جادة في سعيها نحو الاستقرار، فعليها إعادة ضبط مقاربتها بالكامل. فلبنان لا يُدار بالإملاءات، والاستقرار لا يتحقق بالضغط الأُحادي، بل باحترام الالتزامات المتبادلة، والاعتراف بأن الجنوب تحكمه توازنات دقيقة من القوة والمصالح، لا التهديدات الخفية".
المصدر: الجزيرة
كلمات دلالية: حريات دراسات سلاح حزب الله إطلاق النار إلى أن
إقرأ أيضاً:
بناء على مبادرة من السلطات اللبنانية.. الجيش يشارك في إخماد حرائق في قبرص
صدر عن قيادة الجيش – مديرية التوجيه البيان الآتي:
توجهت طوافتان تابعتان للقوات الجوية في الجيش منذ صباح اليوم من قاعدة بيروت الجوية للمشاركة في إخماد حرائق في قبرص، بناء على مبادرة من السلطات اللبنانية، وذلك بالتنسيق بين قيادة الجيش والسلطات القبرصية. مواضيع ذات صلة وزير الدفاع السوري: قواتنا الجوية تشارك في عمليات إخماد الحرائق في اللاذقية Lebanon 24 وزير الدفاع السوري: قواتنا الجوية تشارك في عمليات إخماد الحرائق في اللاذقية 25/07/2025 13:54:33 25/07/2025 13:54:33 Lebanon 24 Lebanon 24 تركيا تشارك بإخماد الحرائق المستمرة بريف اللاذقية السورية Lebanon 24 تركيا تشارك بإخماد الحرائق المستمرة بريف اللاذقية السورية 25/07/2025 13:54:33 25/07/2025 13:54:33 Lebanon 24 Lebanon 24 وزير الطوارئ السوري: طلبنا من الاتحاد الأوروبي المساعدة في إخماد الحرائق Lebanon 24 وزير الطوارئ السوري: طلبنا من الاتحاد الأوروبي المساعدة في إخماد الحرائق 25/07/2025 13:54:33 25/07/2025 13:54:33 Lebanon 24 Lebanon 24 "لبنان 24": مُشاركة طوافات الجيش في إخماد الحرائق المندلعة في غابة الأرز والشوح في القلة في أعالي جرد مشمش - عكار Lebanon 24 "لبنان 24": مُشاركة طوافات الجيش في إخماد الحرائق المندلعة في غابة الأرز والشوح في القلة في أعالي جرد مشمش - عكار 25/07/2025 13:54:33 25/07/2025 13:54:33 Lebanon 24 Lebanon 24 قد يعجبك أيضاً خبر إيجابيّ عن مطار بيروت... هذا عدد الوافدين يوميّاً Lebanon 24 خبر إيجابيّ عن مطار بيروت... هذا عدد الوافدين يوميّاً 13:42 | 2025-07-25 25/07/2025 01:42:39 Lebanon 24 Lebanon 24 مؤسسة مياه لبنان الشمالي تصدر جدولا للتوزيع في أحياء اهدن Lebanon 24 مؤسسة مياه لبنان الشمالي تصدر جدولا للتوزيع في أحياء اهدن 13:27 | 2025-07-25 25/07/2025 01:27:10 Lebanon 24 Lebanon 24 اتحاد نقابات الافران عرض مع حيدر خطة وزارة العمل لتحقيق الاستقرار في القطاع Lebanon 24 اتحاد نقابات الافران عرض مع حيدر خطة وزارة العمل لتحقيق الاستقرار في القطاع 13:21 | 2025-07-25 25/07/2025 01:21:51 Lebanon 24 Lebanon 24 قبلان: لا ضامن لهذا البلد أكبر من جيشه وشعبه ومقاومته Lebanon 24 قبلان: لا ضامن لهذا البلد أكبر من جيشه وشعبه ومقاومته 13:12 | 2025-07-25 25/07/2025 01:12:09 Lebanon 24 Lebanon 24 في تبنين.. إسرائيل تزعم اغتيال عنصر في حزب الله Lebanon 24 في تبنين.. إسرائيل تزعم اغتيال عنصر في حزب الله 13:07 | 2025-07-25 25/07/2025 01:07:47 Lebanon 24 Lebanon 24 الأكثر قراءة قالها نعيم قاسم.. رسائل تكشف قرار "حزب الله" القتاليّ Lebanon 24 قالها نعيم قاسم.. رسائل تكشف قرار "حزب الله" القتاليّ 18:00 | 2025-07-24 24/07/2025 06:00:00 Lebanon 24 Lebanon 24 توقيف 6 أشخاص... إليكم ما كانوا يقومون به في المطار مقابل مبالغ ماليّة Lebanon 24 توقيف 6 أشخاص... إليكم ما كانوا يقومون به في المطار مقابل مبالغ ماليّة 18:21 | 2025-07-24 24/07/2025 06:21:49 Lebanon 24 Lebanon 24 في كسروان... المباحث الجنائيّة أوقفت السوريّ "علي شليش" Lebanon 24 في كسروان... المباحث الجنائيّة أوقفت السوريّ "علي شليش" 21:48 | 2025-07-24 24/07/2025 09:48:10 Lebanon 24 Lebanon 24 عن الودائع وإمكانية إسترجاعها.. هذا ما كشفه حاكم مصرف لبنان Lebanon 24 عن الودائع وإمكانية إسترجاعها.. هذا ما كشفه حاكم مصرف لبنان 15:17 | 2025-07-24 24/07/2025 03:17:22 Lebanon 24 Lebanon 24 مؤسسات ترفض قبض هذه الدولارات Lebanon 24 مؤسسات ترفض قبض هذه الدولارات 22:30 | 2025-07-24 24/07/2025 10:30:00 Lebanon 24 Lebanon 24 أخبارنا عبر بريدك الالكتروني بريد إلكتروني غير صالح إشترك أيضاً في لبنان 13:42 | 2025-07-25 خبر إيجابيّ عن مطار بيروت... هذا عدد الوافدين يوميّاً 13:27 | 2025-07-25 مؤسسة مياه لبنان الشمالي تصدر جدولا للتوزيع في أحياء اهدن 13:21 | 2025-07-25 اتحاد نقابات الافران عرض مع حيدر خطة وزارة العمل لتحقيق الاستقرار في القطاع 13:12 | 2025-07-25 قبلان: لا ضامن لهذا البلد أكبر من جيشه وشعبه ومقاومته 13:07 | 2025-07-25 في تبنين.. إسرائيل تزعم اغتيال عنصر في حزب الله 13:04 | 2025-07-25 بالفيديو... طائرة مسيّرة إسرائيليّة فوق بيروت والضاحية الجنوبيّة فيديو "أنا والقمر"… هدية جديدة من هشام جمال إلى ليلى زاهر (فيديو) Lebanon 24 "أنا والقمر"… هدية جديدة من هشام جمال إلى ليلى زاهر (فيديو) 17:00 | 2025-07-24 25/07/2025 13:54:33 Lebanon 24 Lebanon 24 "نعمل مهرجان للبوس".. نقيب الفنانين في مصر ينفعل مباشرة على الهواء بسبب قُبلة راغب علامة (فيديو) Lebanon 24 "نعمل مهرجان للبوس".. نقيب الفنانين في مصر ينفعل مباشرة على الهواء بسبب قُبلة راغب علامة (فيديو) 09:48 | 2025-07-24 25/07/2025 13:54:33 Lebanon 24 Lebanon 24 بأجواء عائلية بسيطة.. فنانة شهيرة تحتفل بخطوبة شقيقتها الصُغرى (فيديو) Lebanon 24 بأجواء عائلية بسيطة.. فنانة شهيرة تحتفل بخطوبة شقيقتها الصُغرى (فيديو) 09:25 | 2025-07-23 25/07/2025 13:54:33 Lebanon 24 Lebanon 24 Download our application مباشر الأبرز لبنان فيديو خاص إقتصاد عربي-دولي متفرقات أخبار عاجلة Download our application Follow Us Download our application بريد إلكتروني غير صالح Softimpact Privacy policy من نحن لإعلاناتكم للاتصال بالموقع Privacy policy جميع الحقوق محفوظة © Lebanon24