في زمن يتهاوى فيه الموقف الرسمي العربي وتتقزم فيه المواقف الدولية أمام هول المجازر التي تُرتكب بحق الشعب الفلسطيني، ينهض اليمن، رغم جراحه العميقة وحصاره القاسي، ليقول كلمته المدوية: نحن هنا… لا نساوم، لا نهادن، لا نخون. فمساء الجمعة، أعلنت القوات المسلحة اليمنية تنفيذ عملية عسكرية نوعية استهدفت مطار اللد في منطقة يافا المحتلة، في خطوة غير مسبوقة تؤكد أن يد المقاومة قادرة على بلوغ العمق الاستراتيجي للعدو الصهيوني.

هذه العملية لا يمكن قراءتها باعتبارها مجرد رد عسكري أو تصعيد تكتيكي فحسب، بل هي إعلان مبدئي عن أن هناك من لا يزال يضع القدس وفلسطين في قلب عقيدته القتالية، وفي أولويات نضاله، رغم ما يعانيه من حصار وعدوان. فالرسالة اليمنية واضحة: إذا سقطت العواصم العربية في وحل التطبيع، فإن صنعاء ترفع راية التحرير، وإذا خرس الإعلام العربي الرسمي، فإن صواريخ صنعاء تتكلم بلغة لا تعرف الالتباس.

وفي قلب هذا الحدث تتجلى الحقيقة الكبرى التي حاول البعض طمسها لعقود وهي أن فلسطين ليست مجرد قضية قومية أو دينية، بل هي معيار إنساني وأخلاقي واختبار لضمير العالم بأسره، ولذلك كان النداء الذي يجب أن يُكتب بماء الوعي وبمداد الدم:» إن لم تنتصروا لدينكم فانتصروا لعروبتكم، وإن لم تنتصروا لعروبتكم فانتصروا لإنسانيتكم.»

هذه الكلمات تختصر حالة الانهيار الأخلاقي في عالم يدّعي التحضر، ويزعم احترام حقوق الإنسان، بينما يقف عاجزًا أمام مشاهد القصف والتجويع والقتل الجماعي في غزة. فما الذي تبقّى من إنسانيتنا حين نصبح شهود زور على مذابح لا تتوقف؟ وما قيمة العروبة حين نصبح متفرجين على أقدس قضايا الأمة تُغتصب أمام أعيننا؟ وهل بقي من الدين ما يكفينا للصلاة دون أن نشعر بالخجل من صمتنا؟

إن مطار اللد المستهدف في هذه العملية ليس مجرد مرفق مدني في عرف الاحتلال، بل هو رمز استراتيجي يقع في قلب الأراضي المحتلة، ويُعد بوابة من بوابات الكيان الصهيوني إلى العالم، ولذلك فإن استهدافه يُمثل نقلة نوعية في عمليات الردع، ورسالة ميدانية تقول: لم تعد تل أبيب بمنأى عن الحساب، ولم تعد منشآتها الحيوية خطوطًا حمراء.

الأهم من ذلك، أن هذه العملية أعادت الاعتبار إلى مفهوم «الردع الشعبي العربي»، القائم لا على الجيوش النظامية التي شاخت في ثكناتها، بل على إرادة الشعوب الحرة، وعلى بوصلة نضال لم تنحرف رغم حملات التجويع والحصار والتطويق.

إن اليمن اليوم لا يدافع فقط عن فلسطين، بل يدافع عن شرف أمة بأكملها، عن معنى الكرامة في زمن الذل، وعن هوية عربية وإسلامية كادت تضيع بين صفقة وبيان مشترك، وإن كانت صواريخه تصيب أهدافًا في يافا، فإن صداها الأخلاقي يصيب كل من بقي في قلبه ذرة نخوة.

 

المصدر: الثورة نت

إقرأ أيضاً:

نائب بولندي ينتقد موقف بلاده من جريمة الابادة التي ترتكبها “إسرائيل” في غزة

الثورة نت/وكالات انتقد رئيس لجنة الصداقة البرلمانية مع الشعب الفلسطيني النائب في البرلمان البولندي، ،ماتشي كونيتشني، موقف بلاده من جرائم الإبادة التي ترتكبها قوات الاحتلال الإسرائيلي في قطاع غزة . وقال كونيتشني خلال جلسة برلمانية الجمعة : “إن دولا عديدة بدأت تطالب بفرض عقوبات على “إسرائيل”، حيث أن رئيس الوزراء الإسباني دعا إلى تعليق اتفاقية الشراكة بين الاتحاد الأوروبي و”إسرائيل” ، لافتا الى أنه “في المقابل، يعرب نائب رئيس الوزراء البولندي، وزير الخارجية ،رادوسواف شيكورسكي، عند حدود “القلق” فحسب، كما يوقّع وزير الدفاع البولندي، نائب رئيس الوزراء فواديسواف كوشنياك-كاميش، اتفاقيات عسكرية جديدة مع “إسرائيل””. وأضاف كونيتشني أمام البرلمان قائلا :” نائب رئيس الوزراء، في عهد حكومتكم تخفي بولندا عار التعاون مع نظام إجرامي، ولا تتحرك إزاء جريمة الإبادة المستمرة، وما يُعدّ واجبًا تجاه روسيا، يجب أن يكون كذلك تجاه “إسرائيل””. وأكد النائب البولندي ، أن :” “إسرائيل” تواصل حرب الإبادة التي ترتكبها في قطاع غزة أمام أعين العالم، وتتعمّد تجويع الفلسطينيين، في وقت تقف فيه مئات الشاحنات المحمّلة بالمواد الغذائية على الحدود دون السماح بدخولها”. وأضاف :” أن جيش الاحتلال الإسرائيلي يطلق النار على الجائعين المتجمّعين أمام مراكز توزيع الغذاء. (يُقتلون، ويُجَوَّعون، ويُصابون، وسط صمت العالم) حيث ان مئات الآلاف من الأطفال الجرحى والجائعين ينتظرون الغذاء والأمان، بينما نحن نراقب ونتابع جرائم غير مسبوقة يرتكبها جيش الاحتلال الإسرائيلي” . وأكد كونتشني أن الحقائق والوقائع لا يمكن إنكارها” متسائلا : أين هي العقوبات على “إسرائيل”؟ ومتى ستبدأ بولندا بملاحقة مجرمي الحرب؟.

مقالات مشابهة

  • مايكروسوفت تمنح Copilot شخصية رقمية تنمو بمرور الوقت.. هل نحن أمام رفيق تقني حقيقي؟
  • نائب بولندي ينتقد موقف بلاده من جريمة الابادة التي ترتكبها “إسرائيل” في غزة
  • تحقيق إسرائيلي: ما هي شركات الطيران التي لا تزال تحلق فوق اليمن وإيران؟ (ترجمة خاصة)
  • حب محرم ونهاية مأساوية.. القصة الكاملة لفتاة الصف التي ألقت رضيعها أمام المسجد
  • العربي الناصري: التجمهر أمام السفارات محاولة مرفوضة لضرب الدولة المصرية
  • حشود اليمن المليونية تؤكد عدم التهاون أمام جريمة الإبادة والتجويع بحق الأشقاء في غزة
  • المجلس العربي: سياسة الحصار والتجويع التي تُمارس بحق غزةتحولت الى إبادة جماعية صامتة
  • مصادر تكشف تفاصيل الانفجارات القوية التي هزّت قاعدة العند العسكرية جنوب اليمن
  • نيويورك تايمز: هذه صرخة تدعو العالم للالتفات للمجاعة في غزة
  • 36 عاما من التنافس.. كأس السوبر بين الأبطال والنخبة