بيّن البحث أن هذه الكائنات الدقيقة، التي تعيش في جذور النباتات، تلعب دورًا محوريًا في تنظيم مناخ الأرض، وإعادة تدوير المغذيات، وتخزين الكربون، ودعم صحة التربة والنباتات. لكن تجاهلها قد يؤدي إلى تدهور خطير في قدرة النظم البيئية على مقاومة التغيرات المناخية، ويهدد الأمن الغذائي العالمي. اعلان

كشفت دراسة علمية حديثة نُشرت في مجلة Nature أن 90% من المناطق الغنية بالتنوع الحيوي للفطريات الميكوريزية (الفطريات الموجودة على جذور النباتات) تقع خارج حدود المناطق البيئية المحمية، ما يسلّط الضوء على ثغرة كبيرة في جهود الحفظ العالمية ويدعو إلى تحرك سياسي عاجل لحماية هذه الشبكات الحيوية التي تدعم الأنظمة البيئية لكوكب الأرض من تحت سطح التربة.

البحث الذي قادته "جمعية حماية الشبكات تحت الأرض" (SPUN) يمثل أول خريطة عالية الدقة للتنوع الحيوي للفطريات الجذرية على مستوى العالم. وبيّن أن هذه الكائنات الدقيقة، التي تعيش في جذور النباتات، تلعب دورًا محوريًا في تنظيم مناخ الأرض، وإعادة تدوير المغذيات، وتخزين الكربون، ودعم صحة التربة والنباتات.

لكن تجاهلها في السياسات البيئية قد يؤدي إلى تدهور خطير في قدرة النظم البيئية على مقاومة التغيرات المناخية، ويهدد الأمن الغذائي العالمي.

وقالت الدكتورة توبي كيرز، المديرة التنفيذية لـ SPUN: "الفطريات الميكوريزية بقيت في الظل رغم دورها الاستثنائي في دعم الحياة على اليابسة. إنها تصنع التربة، وتُعيد تدوير المغذيات، وتدعم النباتات، وتسحب الكربون من الجو. وعندما نعبث بهذه المهندسين البيئيين، يتباطأ تجدد الغابات، وتفشل المحاصيل، وتنهار الشبكات الحيوية فوق سطح الأرض".

وأضافت كيرز أن الفضل في استعمار النباتات لكوكب الأرض قبل 450 مليون عام يعود إلى هذه الفطريات، قائلة: "إن وجود شبكة فطرية سليمة يعني إنتاجية زراعية أعلى، وأزهارًا أكبر وأجمل، ونباتات أكثر مقاومة للأمراض".

ووفقًا للدراسة، تساهم هذه الشبكات الجذرية في امتصاص أكثر من 13 مليار طن من ثاني أكسيد الكربون سنويًا في التربة، أي ما يعادل نحو ثلث الانبعاثات العالمية الناتجة عن حرق الوقود الأحفوري، مما يجعلها لاعبًا أساسيًا في التخفيف من تغير المناخ.

Related بسبب وجبات الفطور.. الشرطة الهندية تضبط مركز احتيال أوقع بعدد من المصارف الأستراليةشاهد: نعش من الفطريات يسمح بتحويل الجسم بعد الموت إلى سماد ويساهم في حماية البيئة دراسة: فطريات تصيب وتقتل اليرقات تعالج مرض هشاشة العظام لدى الإنسان

وقد أطلقت SPUN مبادرتها العالمية عام 2021 بالتعاون مع منظمات علمية متخصصة مثل GlobalFungi ومؤسسة Fungi واتحاد Global Soil Mycobiome، بالإضافة إلى علماء من أكثر من 130 دولة، بهدف سد فجوة المعرفة حول هذه الشبكات البيئية الخفية.

واستخدم الفريق البحثي تقنيات تعلم آلي لتحليل قاعدة بيانات ضخمة تضم 2.8 مليار عينة فطرية، ما مكّنه من وضع تنبؤات دقيقة لتوزيع التنوع الفطري على مستوى مربعات مساحة 1 كيلومتر مربع في مختلف أنحاء العالم.

النتائج أظهرت أن 9.5% فقط من المناطق التي تُعد بؤرًا ساخنة للتنوع الفطري تقع ضمن حدود المحميات الطبيعية. ومن أبرز هذه المناطق غير المحمية، سواحل غانا، التي تُعد من أغنى النطاقات الفطرية في العالم، لكنها تواجه خطر الانجراف إلى المحيط نتيجة التآكل الساحلي بمعدل مترين سنويًا، ما يهدد بفقدان هذه الثروة البيئية الحيوية.

وقال الدكتور مايكل فان نولاند، المؤلف الرئيسي للدراسة، إن "هذه الخرائط لا تمثل أدوات علمية فقط، بل يمكن أن تكون مرشدًا استراتيجيًا لمستقبل جهود الحفاظ على البيئة". وأضاف: "إن تجاهل هذه التشاركية الفطرية سيكون فرصة مهدورة، خصوصًا مع ما لها من تأثيرات عميقة على صحة النظم البيئية وعملها".

ونبّه نولاند إلى أن الفطريات تتأثر بشكل سلبي كبير بالأنشطة البشرية، مشددًا على أن عدم معالجة هذا التدهور قد يؤدي إلى فقدان فرصة تطوير حلول طبيعية مبتكرة لمواجهة تغير المناخ.

وأتاحت SPUN نتائج هذا البحث من خلال أداة تفاعلية تُعرف باسم "أطلس العالم تحت الأرض"، ما يمكّن الباحثين وصُنّاع السياسات والمنظمات البيئية من تحديد المناطق التي تستدعي تدخلًا فوريًا.

ويضم الفريق الدولي لـ SPUN أكثر من 400 عالم و96 مستكشفًا ميدانيًا من 79 دولة، ويعمل حاليًا على استكشاف بيئات فطرية نائية يصعب الوصول إليها في دول مثل منغوليا وبوتان وباكستان وأوكرانيا.

وتسعى المنظمة إلى توسيع نطاق خرائطها، التي لا تغطي سوى 0.001% فقط من سطح الكوكب حتى الآن، وذلك من خلال جذب المزيد من الشركاء والتمويل. ويأمل العلماء أن تكون هذه الخرائط دليلًا لصنّاع القرار لدمج النظم الفطرية الميكوريزية في استراتيجيات الحفظ والمناخ.

انتقل إلى اختصارات الوصول شارك هذا المقال محادثة

المصدر: euronews

كلمات دلالية: إسرائيل سوريا حركة حماس غزة فرنسا ضحايا إسرائيل سوريا حركة حماس غزة فرنسا ضحايا بحث علمي الأمن الغذائي المناخ دراسة إسرائيل سوريا حركة حماس غزة فرنسا ضحايا يهود معاداة السامية ألمانيا قطر روسيا الاتحاد الأوروبي

إقرأ أيضاً:

باحثون يحذرون من تفشي سلالة بكتيرية مقاومة للمضادات الحيوية في أوروبا

على مدار العقد الماضي، انتشرت سلالة جديدة من بكتيريا المكورات العنقودية الذهبية المقاومة للميثيسيلين (MRSA)، التي تم رصدها أولاً في هولندا وألمانيا، لتشمل الآن تسع دول أوروبية أخرى على الأقل، وفقًا لدراسة حديثة أجراها معهد دنماركي. اعلان

تنتشر حاليًا في أوروبا سلالة جديدة من البكتيريا يمكن أن تسبب التهابات خطيرة لدى الأطفال، ولكنها تتفادى العلاجات القياسية المتبعة.

بكتيريا المكورات العنقودية الذهبية المقاومة للميثيسيلين (MRSA)هي نوع من البكتيريا تطوّر إلى درجة أصبحت فيها المضادات الحيوية التي تُعد الخيار الأول للعلاج غير فعالة ضدها، مما يجعل علاجها أكثر تعقيدًا. وقد تسبب هذه البكتيريا مضاعفات صحية خطيرة في حال دخولها إلى الجسم، وقد أودت بحياة أكثر من 100 ألف شخص حول العالم في عام 2019.

وتم رصد سلالة جديدة من بكتيريا في كلّ من ألمانيا وهولندا قبل نحو عقد من الزمن، ومنذ ذلك الحين، انتشرت هذه السلالة إلى ما لا يقل عن تسع دول أوروبية أخرى، وفقًا لبحث حديث أجراه معهد ستاتنس سيروم الدنماركي (SSI).

اكتشف الباحثون أن محاربة بكتيريا MRSA بالفيروسات قد تجعلها تفقد مقاومتها للمضادات الحيوية.

وقد بدأ العلماء يشعرون بالقلق من احتمال انتشار هذه السلالة في الدنمارك، بعد إصابة 32 طفلًا وأفراد من أسرهم بقرحات ناجمة عن نوع معيّن من بكتيريا المكورات العنقودية خلال صيف عام 2023. وبعد مرور عام، تم رصد تفشٍّ آخر للبكتيريا نفسها في مناطق أخرى من البلاد.

واشتبه الباحثون في أن الدنمارك لم تكن الدولة الوحيدة المتأثرة بالسلالة الجديدة، التي أطلقوا عليها اسم "استنساخ" لنوع آخر من بكتيريا المكورات العنقودية الذهبية المقاومة للميثيسيلين، نظرًا لوجود بعض أوجه التشابه الجيني بينهما.

وعندما قاموا بتحليل العينات من مختلف أنحاء أوروبا، اكتشفوا وجود هذه البكتيريا في 11 دولة: بلجيكا، الدنمارك، فنلندا، فرنسا، ألمانيا، لوكسمبورغ، هولندا، النرويج، إسبانيا، السويد، والمملكة المتحدة.

وقال أندرياس بيترسن، الباحث في معهد ستاتنس سيروم والذي قاد الدراسة، في بيان: "إن هذه النسخة، التي تم العثور عليها لأول مرة في ألمانيا وهولندا عام 2014، تمثل نوعًا فرعيًا جديدًا من البكتيريا."

وقد نُشرت نتائج الدراسة في مجلة يوروسورفيلانس (Eurosurveillance).

وتتشابه هذه السلالة وراثيًا مع شكل آخر من بكتيريا المكورات العنقودية الذهبية المقاومة للميثيسيلين، يبدو أنه يسبب الإصابة بمرض القوباء، وهي عدوى جلدية بكتيرية تؤدي إلى ظهور تقرحات حمراء حول الأنف والفم.

Related اكتشاف مضاد حيوي جديد قادر على التصدي للبكتيريا المقاومة للأدويةتحذير أوروبي: بكتيريا المياه الدافئة تهدد المصطافين.. انتشار مقلق وهكذا يمكن تجنبهااكتشاف علمي واعد: بكتيريا الأمعاء تساهم في طرد "المواد الكيميائية الأبدية"

وتُعد القوباء أكثر شيوعًا بين الأطفال الذين تتراوح أعمارهم بين عامين وخمسة أعوام، وهي شديدة العدوى ويمكن أن تنتقل بسهولة داخل الأسر. وغالبًا ما تحدث حالات التفشي في أواخر الصيف وأوائل الخريف.

وعلى الرغم من أن القوباء لا تُعتبر خطيرة في العادة، إلا أن مضاعفاتها النادرة قد تشمل تلف الكلى أو التهاب النسيج الخلوي، وهي عدوى قد تهدد الحياة إذا انتشرت إلى الغدد اللمفاوية أو مجرى الدم.

يُستخدم حمض الفوسيديك، وهو كريم مضاد حيوي، على نطاق واسع لعلاج عدوى القوباء، إلا أنه لا يُظهر فعالية كبيرة ضد سلالة المكورات العنقودية الذهبية المقاومة للميثيسيلين.

ولهذا السبب، يرى الباحثون أن على الأطباء في جميع أنحاء أوروبا التحقق مما إذا كانت هذه السلالة تنتشر في مجتمعاتهم.

وقال بيترسن: "نعتقد أن مزيجًا من عوامل الفوعة – أو الجينات – إلى جانب مقاومة الفوسيدين، هو ما ساعد على انتشار هذا النوع الجديد."

تنمو بكتيريا الإشريكية القولونية في طبق بتري، بينما يبحث العلماء كيف تنمو وتطوّر مقاومتها داخل أجسام الأبقار. Shawn Lockhart/AP

تُعد بكتيريا المكورات العنقودية الذهبية المقاومة للميثيسيلين مجرد واحدة من بين العديد من التهديدات الصحية الناشئة بسبب مقاومة المضادات الحيوية. وتشير دراسة تاريخية نُشرت العام الماضي إلى أن العدوى الناتجة عن ما يُعرف بالبكتيريا الخارقة قد تؤدي إلى وفاة أكثر من 39 مليون شخص حول العالم خلال السنوات الخمس والعشرين المقبلة.

كما أن مقاومة المضادات الحيوية تُلقي بآثار سلبية كبيرة على النظام الصحي. فقد أنفقت الدول الإحدى عشرة التي تم فيها اكتشاف السلالة الجديدة من بكتيريا المكورات العنقودية الذهبية المقاومة للميثيسيلين ما يقرب من 13.3 مليار دولار (11.4 مليار يورو) مجتمعةً في عام 2022 لعلاج مرضى المستشفيات المصابين بعدوى مقاومة للأدوية، وذلك وفقًا لتقديرات حديثة صادرة عن مركز التنمية العالمية.

ويرجّح الباحثون في الدنمارك أن هذه السلالة الجديدة قد تكون منتشرة في أجزاء أخرى من أوروبا أيضًا، دون أن يتم اكتشافها بعد.

وقال بيترسن إن هذه السلالة تم رصدها بالفعل خارج نطاق المستشفيات ودور رعاية المسنين، والتي عادة ما تتبع بروتوكولات صارمة لاحتواء بكتيريا المكورات العنقودية الذهبية المقاومة للميثيسيلين.

وأضاف: "إن انتشار بكتيريا المكورات العنقودية الذهبية المقاومة للميثيسيلين في المجتمع المحلي يُعد أكثر صعوبة من حيث المراقبة والسيطرة".

انتقل إلى اختصارات الوصول شارك هذا المقال محادثة

مقالات مشابهة

  • أعضاء في الكونغرس الأمريكي يحذرون من كارثة إنسانية في غزة بسبب التجويع الصهيوني
  • علماء: تدهور الفطريات الجذرية يدمر التنوع البيولوجي
  • دراسة: استعادة الأراضي الرطبة حل مستدام ضد تغير المناخ
  • مشاركون بالمنتدى الاستثماري السوري السعودي: ترجمة للإرادة السياسية الداعمة لتعزيز العلاقات الاقتصادية
  • الأرض لديها "6 أقمار".. اكتشاف جديد يفاجئ العلماء
  • “الغطاء النباتي”: نجاح 3 مشاريع كبرى لاستزراع المانجروف بمساحة (170) هكتارًا
  • “الصناعات العسكرية” توقع اتفاقيات مع شركات تركية لتعزيز توطين صناعة الأنظمة الأرضية
  • ألمانيا: مظاهرة لمتشددين إسلاميين تأييدا لحوادث القتل بحق دروز السويداء وخبراء يحذرون
  • باحثون يحذرون من تفشي سلالة بكتيرية مقاومة للمضادات الحيوية في أوروبا