سيناريو ساعة بساعة.. ماذا يحدث لو داهمتك المجاعة في حجرتك؟
تاريخ النشر: 4th, August 2025 GMT
في بيان صدر مساء الأحد 28 يوليو/تموز، أكد المكتب الإعلامي الحكومي في غزة أن المجاعة لا تزال مستمرة بل تتفاقم، رغم إعلان الاحتلال الإسرائيلي عن "هدنة إنسانية مؤقتة"، لكن ما دخل للقطاع من شاحنات لم يكن فقط قليلا جدا، بل إن جزءا كبيرا منها تم الاستيلاء عليه أمام مرأى قوات الاحتلال، التي تعمد إلى عرقلة وصول المعونات إلى مراكز التوزيع الرسمية، مما يؤدي إلى زيادة الضغوط على السكان وعرقلة جهود الإغاثة.
المجاعة ما زالت مستمرة، بل تتفاقم، لكن قبل أن نبحث عن أسباب المجاعة وتبعاتها السياسي ومشكلاتها المرتبطة بالعملية العسكرية في غزة يجب أولا أن نتساءل عما تعنيه المجاعة من الأساس؟
وفي هذه المادة من القسم العلمي بالجزيرة نت، نحاول أن نجيب عن هذا السؤال بأكثر الطرق المباشرة وصراحة، عبر استعراض ما يقوله العلم في تلك النقطة، لكن ما يلي لن يكون مجرد معلومات بحتة، بل سيكتب في صورة سيناريو، نطلب منك عزيزنا القارئ أن تعيش داخله لمدة 15-20 دقيقة فقط، وربما يساعد ذلك على فهم ما يحدث حقا.
وليبدأ السيناريو كالتالي: افترض معنا أنه لسبب ما، حُبست في غرفتك ولم تتمكن أبدا من الخروج، ربما بسبب زلزال لا قدر الله حدث في المنطقة، أنت بخير ولم يحدث شيء لك ولكنك لا تتمكن من الخروج أبدا بسبب كميات هائلة من الخرسانة المسلحة المتراكمة على غرفتك التي حفظها الله ولم تتحطم، ولكن هناك مشكلة حيث لا يوجد حولك إلا وجبة واحدة أخيرة تتكون من بضع قطع الخبز وقطع الفواكه وربما العصير وعليك بعد هذه الوجبة أن تستمر لأيام طويلة بدون طعام حتى تجدك قوات البحث وتخرجك مما أنت فيه من كارثة، ما الذي سيحدث في جسدك خلال تلك الفترة؟ كيف ستشعر وفيما ستفكر؟
في حالة المجاعة المطولة، حيث لا يتوفر الطعام لفترة طويلة، يخضع جسم الإنسان لتغيرات جذرية في محاولة للبقاء على قيد الحياة، تغيرات لا توصف إلا بأنها إستراتيجية ذكية جدا، لكنها قاسية وبائسة وكئيبة جدا، لاحتواء أكبر كارثة يمكن أن يواجهها جسدك، الجوع.
إعلان الساعات الأولى: التزود بالطاقة من الوجبة الأخيرةفي الساعات القليلة الأولى بعد تناول آخر وجبة، لا يزال جسمك يعتمد على الطاقة منها، السكر المستخرج من الخبز والفواكه والعصير يدور بين خلاياك لتزويدها بالطاقة.
عادة، يستغرق إفراغ المعدة وانخفاض مستوى السكر في الدم حوالي 6-8 ساعات بعد تناول الطعام، مما يُحفز أولى نوبات الجوع الحقيقية. عند هذه النقطة، يرتفع هرمون الغريلين (الذي يُسمى غالبا "هرمون الجوع")، مرسلا إشارة إلى الدماغ بأن وقت تناول الطعام قد حان، إنها نوبة معتادة ما إن تختبرها حتى تبحث عن وجبتك التالية.
قد تسمع صوت قرقرة معدتك وتشعر بتقلصات الجوع، وقد تشعر بدوار خفيف أو صعوبة في التركيز بمجرد حضور الجوع الشديد، وربما يتدهور مزاجك، أو تغضب وتتوتر، فالجوع قد يجعلنا سريعي الانفعال.
بالنسبة للأطفال، تبدأ آثار الجوع هذه في وقت أبكر. يمتلك الرضع والأطفال الصغار احتياطيات طاقة أقل وعمليات أيض أسرع، لذلك قد يصبحون عصبيين وضعفاء بعد بضع ساعات فقط من عدم تناول الطعام.
في الواقع، يمتلك الرضع مخزونا محدودا من الطاقة المخزنة في صورة سكر في الكبد، مما يجعلهم لا يستطيعون الحفاظ على مستوى سكر الدم الطبيعي إلا لمدة 4 ساعات تقريبا إذا لم يتناولوا الطعام، هذا هو سبب حاجة الأطفال إلى وجبات متكررة.
بمجرد أن يستنفد الجسم السكر مباشرة من الوجبة الأخيرة، فإنه يتحول إلى استخدام السكر المخزن للحصول على الطاقة، من أين نحصل على هذا السكر المخزن؟ الإجابة هي الكبد والعضلات، حيث يخزنان السكر (الغلوكوز) على شكل مادة تسمى الغليكوجين، ويصبح هذا مصدر الطاقة التالي.
خلال اليوم الأول من الصيام، يرتفع مستوى هرمون الغلوكاغون في جسمك، فيحث الكبد على تحويل الغليكوجين إلى سكر غلوكوز مرة أخرى. ويمكن لهذا التكتيك عادة تلبية احتياجات الطاقة لدى البالغين الأصحاء لمدة 24 ساعة تقريبا قبل أن ينخفض مخزون الغليكوجين بشكل كبير.
خلال هذه الفترة الزمنية التي تتراوح بين 6 و24 ساعة، تشعر بجوع شديد، ثم بعد ذلك ينحسر فلا يصبح مستمرا، بل يمر بك على شكل موجات.
جسديا، قد تشعر بالارتعاش وانخفاض الطاقة وآلام الجوع في المعدة، ومن الشائع الشعور بقرقرة في المعدة، بل حتى الصداع مع تقدم فترة الصيام المبكرة هذه.
ومع نهاية اليوم الأول الكامل من الصيام، تُستنفد احتياطيات السكر السريعة في الجسم بشكل كبير، وهنا تبدأ مستويات السكر في الدم بالانخفاض بشكل ملحوظ.
والوصول إلى هذه المرحلة لدى الأطفال أكثر خطورة، فالطفل الصغير بعد 24 ساعة من الامتناع عن الطعام، سيعاني من انخفاض حاد في سكر الدم، ولن يملك سوى القليل من الموارد الأخرى التي يعتمد عليها، ومن المرجح أن يُصاب بضعف شديد، أو ارتباك، أو حتى فقدان للوعي إذا لم يُساعد.
أما لدى البالغين، فيمكن لاحتياطيات الجسم الداخلية أن تُخفف من وطأة الـ24 ساعة بشكل أفضل، فمعظم البالغين الأصحاء، رجالا ونساء، يستطيعون الحفاظ على وظائفهم الأساسية خلال اليوم الأول، وإن كان ذلك بصعوبة واضطراب، فقد يشعرون بالبرد حيث يتباطأ التمثيل الغذائي قليلا للحفاظ على الطاقة، وتصبح ممارسة النشاط البدني الشاق صعبة للغاية مع بدء الشعور بالتعب.
إعلانولا يمر ذلك بدون أثر نفسي، حيث تزداد حدة الاستجابات العاطفية، وقد يتحول الانزعاج الخفيف إلى غضب وقلق وحتى اكتئاب كامن في داخلك، ويعود ذلك بشكل كبير إلى تغيرات في كيمياء الدماغ مع انخفاض إمداد الدماغ بالطاقة.
مع تحول الجسم من الغلوكوز إلى الدهون للحصول على الطاقة، يبدأ صفاؤك الذهني بالتراجع، وتشعر بصعوبة في التركيز، ومشاكل في الذاكرة، وكأن هناك ضبابا يحاوط دماغك فلا تفكر بشكل سليم.
اليوم الثاني والثالث: التحول إلى الدهونبعد حوالي 48 ساعة من الامتناع عن الطعام، يجري جسمك تحولا جذريا في كيفية حصوله على الطاقة، لقد استنفد بحلول هذا الوقت الغلوكوز والغليكوجين، فماذا بقي للجسم؟
هنا ينتقل الجسم إلى ما يسمى "وضع المجاعة"، وهو في الأساس تكيف للبقاء على قيد الحياة، فيبدأ الجسم بحرق مخزون الدهون كوقود أساسي، وهناك منها الكثير في الجسم، في دهون البطن والفخذين والذراعين وتحت الجلد ووصولا إلى العضلات والأجهزة وحتى نخاع العظام.
يحول الكبد الدهون إلى "أجسام كيتونية"، وهي جزيئات صغيرة غنية بالطاقة يمكن استخدامها من قبل العديد من الأعضاء، بما في ذلك الدماغ.
وبحلول اليوم الثالث من الصيام التام، ترتفع نسبة الكيتونات في الدم بشكل حاد، وهنا يبدأ دماغك باستخدام الكيتونات لتلبية جزء كبير من احتياجاته.
في هذه المرحلة يكون جسمك قد بدأ في تفكيك أنسجة العضلات للحصول على أحماض أمينية معينة يمكن تحويلها إلى غلوكوز. لاحظ أن جسمك الآن في حاجة ماسة للطاقة، لكن لم تعد هناك طاقة تدخل من الخارج، فيبدأ في حرق ما هو مخزن في أعضائه، ويبدأ الأمر بالدهون، والآن يتحول الجسم إلى البروتين.
في بداية المجاعة (حوالي اليوم الثاني والثالث)، يحاول الجسم تقليل فقدان العضلات (التي تتكون من بروتين) عن طريق زيادة حرق الدهون، لكن انهيار العضلات أمر لا مفر منه، لأن بعض الأنسجة الحيوية (مثل أجزاء من الدماغ وخلايا الدم الحمراء) لا تزال تحتاج إلى كمية من الغلوكوز لا توفرها الدهون.
ومن ثم فخلال الأيام الخمسة الأولى من الصيام، يمكن أن يظهر أثر الجوع عليك، حيث ينخفض وزنك، ليس بشكل كبير في البداية.
في هذه المرحلة فجسمك لا يزال قادرا على التحمل، إلا أن جسم الطفل الذي يمتلك دهونا أقل بكثير ليعيش عليها، بحلول اليوم الثاني أو الثالث، يصبح نحيلا حقا، وضعيفا للغاية، ومعرضا لخطر فشل الأعضاء، بما في ذلك الدماغ إذا لم تقدم له بعض التغذية.
مع تقدم الأسبوع الأول، يتباطأ جسم كل شيء في جسمك، حتى أفكارك تصبح أقل ترتيبا وأبطأ وكأن العالم كله بالنسبة إليك يتحرك ببطء، تكتئب بشكل أكبر، وتنخفض تعبيراتك العاطفية إلى حد أدنى، وتنطوي على ذاتك، إنه فقط جسدك يتكيف مع هذا الظرف القاسي، في محاولة لإطالة عمرك بأي طريقة.
لأن الجسم بالفعل استنفد كل شيء متاح، لم يعد هناك إلا تكتيك واحد، وهو أن يتباطأ الأيض بشكل ملحوظ للحفاظ على الطاقة، يحاول الجسم تقليل معدل حرق السعرات الحرارية، نظرا لعدم دخول سعرات حرارية جديدة.
وإحدى طرق تحقيق ذلك هي تغيير مستويات الهرمونات. فعلى سبيل المثال، غالبا ما تتوقف الدورة الشهرية لدى النساء اللواتي لم يحصلن على طعام كافٍ لفترة من الوقت، وعند الرجال تنخفض مستويات هرمون التستوستيرون، مما يعكس تثبيط الجسم للوظائف غير الأساسية مثل التكاثر وبناء العضلات.
جسديا، تكون عواقب ما يقرب من أسبوع بدون طعام وخيمة، تشعر بضعف وبرد شديدين، يصبح من الصعب القيام بأكثر من الراحة، وفقط السكون جانبا في انتظار أي حل، فالجسم يكون في وضع توفير الطاقة.
ينخفض ضغط الدم نتيجة لانخفاض حجم السوائل، ويتباطأ نبض القلب. وعلى الجانب الآخر، يضعف الجهاز المناعي بشدة في هذه المرحلة، فبدون العناصر الغذائية الأساسية، لا يستطيع الجسم الحفاظ على دفاعاته المناعية الطبيعية. في هذه الحالة، تلتئم الجروح بشكل سيئ، وتصبح عدوى البرد العادية مميتة.
إعلانتظهر علامات الجوع الواضحة بحلول نهاية الأسبوع الأول:
يبدو الإنسان هزيلا
تبرز الأضلاع والعظام
تنكمش العضلات نتيجة استهلاك البروتين
ويصبح الجلد رقيقا وجافا، وقد يُصاب الشخص بطفح جلدي متقشر وهي من علامات نقص المغذيات الدقيقة.
ومن المفارقات أن كاحلي الشخص الجائع أو قدميه أو بطنه قد ينتفخان بالسوائل، ويلاحظ هذا بشكل خاص لدى الأطفال الذين يعانون من شكل من أشكال سوء التغذية الحاد، حيث يسبب نقص البروتين تسرب السوائل (يُسمى تاريخيا "كواشيوركور")، ولذلك، قد يُعاني الطفل الجائع من انتفاخ البطن، حتى مع نحافة باقي الجسم.
أما نفسيا، فكل شيء منهار، الدماغ يعاني من انهيار إدراكي، وارتباك شبه كامل، مع فقدان الوعي بالذات، لم يعد الإنسان قادرا على تمييز الآخرين أو الاستجابة للمنبهات الخارجية. في هذه الحالة، قد يعاني البعض من نوبات ذهانية، حيث يتصرف بطرق غريبة وغير منطقية، معتقدين أنهم في واقع مختلف.
أنت الآن في حالة تُهدد حياتك، ستفقد نسبة كبيرة من وزن الجسم. إذ تشير المراجع الطبية إلى أن فقدان أكثر من 10% من وزن الجسم بسبب الجوع أمر خطير ويمكن أن يسبب آثارا جانبية شديدة، ولكن بحلول اليوم السابع، فقد تجاوزت هذه العتبة، بفقدان حوالي 18% من الوزن.
بعد أسبوع واحد: مستويات حرجةإذا استمرت المجاعة لأكثر من أسبوع، يصبح الوضع أكثر خطورة، استهلك الجسم كل شيء، الآن لم يبق إلا خيار واحد وهو استهلاك أنسجة العضلات والأعضاء كوقود. ببساطة، يبدأ الجسم في "التهام" نفسه للبقاء على قيد الحياة.
يتسارع تحلل الدهون، ويشمل ذلك أهم عضلة على الإطلاق، إنها القلب. يمكن أن تضعف عضلة القلب نفسها نتيجة لاستنزاف البروتين من جميع أنحاء الجسم، كما تتفاقم اختلالات توازن الإلكتروليتات، مثل البوتاسيوم والمغنيسيوم والفوسفات، والتي تعد أساسية لوظائف القلب والعضلات، وتتعطل بسبب عدم كفاية تناولها وتدهور الأنسجة المستمر.
في الواقع، غالبا يكون السبب الرئيسي للوفاة في حالات الجوع هو السكتة القلبية، والتي غالبا ما تحدث بسبب عدم انتظام ضربات القلب الناجم عن اضطرابات الإلكتروليتات وتدهور أنسجة القلب.
إلى جانب ذلك، يعد فشل الأعضاء بأشكال أخرى من المخاطر، فقد يصاب الكبد بتغيرات دهنية حادة تؤدي إلى فشله، وقد تفشل الكلى (خاصة في حالة الجفاف)، ويفقد الجهاز الهضمي قدرته على امتصاص العناصر الغذائية بشكل صحيح، ويضعف جدار الأمعاء وتموت خلاياه.
حاليا، الجهاز المناعي في حالة من الفوضى، ومن المرجح أن تكون العدوى حتى العدوى البكتيرية البسيطة أو الفيروسات قاتلة لأن الجسم لا يملك الموارد اللازمة لمكافحتها.
من الناحية العصبية، فالفوضى مستمرة، يصاب الإنسان بالارتباك أو النوبات الاختلاجية أو الغيبوبة، ويكون فاترا وغير مستجيب لأي شيء، وفي الروايات التاريخية عن المجاعات أو الإضرابات عن الطعام في السجون، غالبا ما يرقد الأشخاص الجائعون في المرحلة النهائية بلا حراك تقريبا، مع تنفس ضحل ونبض بطيء وخافت.
بدون تدخل طبي، الموت حتمي في هذه المرحلة، والسؤال عن "كم من الوقت يمكن للإنسان أن يعيش في هذه الحالة؟" فالإنسان في هذه الحالة يكون بانتظار الموت.
يختلف الأمر من شخص لآخر، ولكن مع الحفاظ على تناول الماء، لا يستطيع معظم البشر البقاء على قيد الحياة لأكثر من شهر إلى شهرين بدون طعام، وفي حالات الإضراب عن الطعام الموثقة، تحدث الوفاة عادة بين 45 و61 يوما من الجوع التام، هذا بالنسبة لك كشخص بالغ، لكن غالبا ما يكون الأطفال هم أول من يستسلم، ربما خلال الأسبوع الأول.
المصدر: الجزيرة
كلمات دلالية: حريات دراسات فی هذه المرحلة على قید الحیاة فی هذه الحالة على الطاقة الحفاظ على من الصیام بشکل کبیر عن الطعام غالبا ما فی حالة یمکن أن
إقرأ أيضاً:
ماذا يحدثُ في المُحافظاتِ الجنوبيَّةِ والشَّرقيةِ اليمنيَّةِ الواقعةِ تحتَ الاحتلالِ السُّعوديِّ ومَشيخةِ الإماراتِ؟
تلكَ القوَّاتُ (اليمنيَّةُ الجنوبيَّةُ الانفصاليَّةُ) التي تمَّ استعراضُ مجموعاتِها في هذا اليومِ المجيدِ، وفي هذهِ السَّاحةِ الحُرَّةِ لا شيءَ يُشبهُ ذلكَ، لا السَّاحةُ في خور مكسر، ولا ذكرى يومِ الاستقلالِ منْ بريطانيا (العُظمى) تُشبهُ منْ أتوا بهمْ للعرضِ العسكريِّ، فالسَّاحةُ كانَ يحتفلُ في منصَّتِها القادةُ القوميُّونَ الذينَ قاتلوا المُحتلَّ البريطانيَّ حتى طردوهُ، أمثالُ الرَّئيسِ الشَّهيدِ / قحطان الشعبيّ والرَّئيسِ الشَّهيدِ / سالم رُبيِّع علي [سالمين]، والرَّئيسِ الشَّهيدِ / عبدالفتاح إسماعيل ، ودولةِ / الشَّهيدِ / مُحمَّد صالح عولقي، والرَّئيسِ / علي ناصرِ مُحمَّد - أطالَ اللهُ في عُمرِهِ - ، ودولةِ الشَّهيدِ / علي أحمد ناصر (عنتر)، ومعالي الشَّهيدِ / البطلِ / صالح مُصلح قاسم، والرَّئيسِ / المُهندسِ / حيدر أبوبكر العطَّاس ، ومعالي / أنيس حسن يحيى (أبو باسلٍ) أطالَ اللهُ في عُمرِهِ، ومعالي / الفقيدِ / أحمد مساعد حُسين، ومعالي / أبوبكر عبدالرزاق باذيب، الفقيدِ / المُناضلِ / علي أحمد ناصر السَّلامي، ومعالي / مُحمَّد سعيد عبدالله (الشَّرجبي) متَّعَهُ اللهُ بالصَّحةِ، هؤلاءِ الأبطالُ الشُّهداءُ والأحياءُ منهمْ حملوا السَّلاحَ كطلائعَ للفِدائيينَ؛ لقتالِ جنودِ وعملاءِ المُحتلِِّ البريطانيِّ البغيضِ.
أمَّا مَنْ حضرَ على منصَّةِ الشَّرفِ في هذا اليومِ المجيدِ الـ 30 نوفمبر في ذكراهُ الـ 58 عاماً، حضروا لاستقبالِ الجنودِ والضُّباطِ في العرضِ العسكريِّ فهمْ مُرتزقةٌ صِغارٌ خدموا ويخدمونَ الشَّيخَ / مُحمَّد بن زايد آل نهيان / شيطانَ العربِ، الذي احتلَّ مدينةَ عدنَ في يوليو 2015 م، وأمَّا هؤلاءِ الضَّحايا منَ الجنودِ (تمَّ تصحيحُ "الجنوط" سياقيَّاً) والضُّباطِ وصفِّ الضُّباطِ، فهُمْ مُستأجرُونَ بأبخسِ الأثمانِ بقضِّهمْ وقضيضِهمْ للوكيلِ الإماراتيِّ الذي قامَ بتجهيزِهمْ اللوجستيِّ، والمعيشيِّ؛ لكي يحضروا مُهندَّمينَ في ساحةِ العروضِ بخور مكسر، ألمْ يسألْ سائلٌ منْ بينِ المرصُوصينَ رصَّ القاعدينَ بأريحيَّةٍ على منصَّةِ الاستعراضِ العسكريِّ، ليسألَ سؤالاً؟ مَنْ وفَّرَ وأحضرَ لهؤلاءِ الجنودِ البدلَ العسكريةَ النظيفةَ وألبسَها لهمْ؟، ومنْ اشترى لهمْ القُبَّعاتِ العسكريةَ كيْ تحميَ رؤوسَهمْ منْ حرارةِ شمسِ خور مكسر؟، مَنْ اشترى لهمْ البياداتِ (الجزماتِ) لكيْ يضبطوا الإيقاعَ العسكريَّ بالطابورِ؟ مَنْ أحضرَ لهمْ الناقلاتِ والحافلاتِ لتقلَّهمْ منْ مواقعِ سكنِهمْ إلى موقعِ العرضِ العسكريِّ؟ مَنْ جهَّزَ لهمُ الفطورَ الصَّباحيَّ؛ كيْ يحضروا العرضَ وهمْ في حالةٍ صحيَّةٍ سليمةٍ؟.
هذهِ تساؤلاتٌ مشرُوعةٌ للمشاهدِ اليمنيِّ الكريمِ الذي تابعَ البعضُ منهمْ منْ بابِ الفضُولِ ليسَ إلا ذلكَ العرضَ العسكريَّ بتلكَ المُناسبةِ الوطنيَّةِ المُهمَّةِ.؟ أليستْ هيَ مشيخةَ الإماراتِ العربيَّةِ المُتحدةِ، ورئيسَها المُتصهينَ اللعينَ، هيَ مَنْ صرفتِ الملياراتِ منَ الدولاراتِ السَّائبةِ؛ لتنفيذِ ذلكَ المشروعِ الصُّهيونيِّ الإسرائيليِّ الأمريكيِّ الخبيثِ تُجاهَ، وضدَّ اليمنِ العظيمِ. الأغربُ هُنا في المشهدِ العسكريِّ المُخزي بأنَّ وزيرَ الدفاعِ لحكومةِ الفنادقِ حضرَ يُمثِّلُ الجناحَ الثانيَ منَ المرتزقةِ، وهمْ مرتزقةُ المملكةِ السُّعوديةِ، يُمثِّلُ حكومةَ الارتزاقِ ومجلسَها الرئاسيَّ غيرَ الشَّرعيِّ وغيرَ القانونيِّ، أليستْ هذهِ مهزلةَ العصرِ، وأضحوكةَ الزَّمانِ، حينما يلهثُ، ويتبارى مُرتزقةُ الإماراتِ، ومُرتزقةُ السُّعوديّة في السَّعيِ لتدميرِ اليمنِ العظيمِ، وتقسيمِ المُقسَّمِ منها، مُقابلَ حفنةٍ منْ مالٍ مُدنَّسٍ، مُلوَّتٍ، ورخيصٍ وتافهٍ.
بعدَ الانتهاءِ منْ تلكَ الحفلةِ العسكريَّةِ البائسةِ صدرتِ الأوامرُ، والفرماناتُ، العسكريَّةُ لهؤلاءِ القادةِ منْ مُرتزقةِ الإماراتِ، وجحافلِها بالتحرُّكِ في تاريخِ 3 / ديسمبر/ 2025 م باتجاهِ مُحافظةِ حضرموتَ للبسطِ عليها، واحتلالِها على حسابِ مُرتزقةِ المملكةِ السُّعوديّة المُسمَّاةِ (قوَّاتِ حلفِ قبائلِ حضرموتَ، برئاسةِ المُقدَّمِ / عمر بن علي بن حبريش العليي)، هذهِ القبائلُ تنظيمُها، وتدريبُها العسكريُّ محدودٌ جداً، وحاولتْ أنْ تُدافعَ بما أوتيتْ منْ تنظيمٍ وقوَّةٍ لكنَّها انهزمتْ منْ قبلِ قوَّاتِ مُرتزقةِ المجلسِ الانتقاليِّ التي كانتْ أكثرَ تأهيلاً وتدريباً وتسليحاً، وهمُ المنحدرونَ منْ مرتزقةِ مُديريَّاتِ (الضَّالعِ ويافع) كتجمُّعٍ رئيسيٍّ، مُضافاً إليها القليلُ القليلُ منَ المُرتزقةِ منْ عددٍ منَ المُحافظاتِ الجنوبيَّةِ والشَّرقيَّةِ.
المُؤسفُ والمُحزنُ حقاً بأنَّ هؤلاءِ المُرتزقةَ جنودَ المجلسِ الانتقاليِّ، وبمُجرَّدِ وصولِهمْ إلى أرضِ مُحافظةِ حضرموتَ الحضارةِ والعراقةِ والعلومِ والثقافةِ، قدْ مارسوا أعمالاً إرهابيةً خطيرةً كالقتلِ والسحلِ والنهبِ والسرقةِ والتدميرِ، وشجعوا الغوغاءَ والدَّهماءَ منَ الحاضرينَ في مسرحِ الجريمةِ بأنْ ينخرطوا في عمليةِ النهبِ والسَّرقةِ، التي لمْ ولنْ تغتفرَها لهمُ الأجيالُ اليمنيَّةُ الفتيةُ، حاملينَ معهمْ علمَ دولةِ الانفصالِ السابقةِ معَ علمِ مشيخةِ الإماراتِ العربيَّةِ المُتحدةِ المُتصهينةِ. بطبيعةِ الحالِ المواطنُ اليمنيُّ والرأيُ العامُّ اليمنيُّ لا يُفرِّقُ مُطلقاً بينَ مُرتزقةِ الإماراتِ ومُرتزقةِ السُّعوديّة، فكلاهما قدْ خانَ اليمنَ العظيمَ، وكلا جناحي الارتزاقِ قدْ أضرَّ ضرراً بالغاً باللُحمةِ الوطنيَّةِ اليمنيَّةِ وبالأرضِ اليمنيَّةِ الطاهرةِ لأنَّهما قدْ أدخلا العدوَّ السُّعوديَّ والإماراتيَّ الصُّهيونيَّ والأمريكيَّ، والصُّهيونيَّ الإسرائيليَّ إلى حدودِهِ وجوفِ أرضِهِ، وجزرِهِ، ومُدنِهِ دونَ أدنى ضميرٍ، أو أخلاقٍ ودينٍ.
ما هيَ الأهدافُ الخبيثةُ التي هدفتْ إليها المملكةُ السُّعوديّةُ والإماراتُ الصهيونيةُ منْ وراءِ تحريكِ مُرتزقتِها وعُملائِها المُتوحشينَ إلى محافظةِ حضرموتَ المُسالمةِ؟ :
أولاً : إنَّ إرسالَ قوَّاتٍ عسكريةٍ مليشاويةٍ مُرتزقةٍ منْ محافظةِ الضالعِ ومُديرياتِ يافعَ لغزوِ واحتلالِ محافظةِ شبوةَ أولاً ومحافظةِ حضرموتَ ثانياً، ومحافظةِ المهرةِ ثالثاً هوَ تكريسٌ وتعميقٌ لظاهرةِ العداوةِ والبغضاءِ وزرعِ الأحقادِ بينَ أبناءِ تلكَ المُحافظاتِ، وهيَ موجودةٌ أصلاً وعملَ الحزبُ الاشتراكيُّ اليمنيُّ على غرسِها طيلةَ فترةِ حكمِهِ في جنوبِ الوطنِ، وغرسِ وتعميقِ الكراهيةِ بينَ أبناءِ الوطنِ اليمنيِّ الواحدِ.
ثانياً : يجري التنسيقُ الدَّقيقُ وبعنايةٍ بالغةٍ وبحرصٍ شديدٍ بينَ القوَّاتِ الاحتلاليةِ الجديدةِ للأرضِ اليمنيَّةِ منْ مُمثلي المملكةِ السُّعوديّة ومشيخةِ الإماراتِ المُتصهينةِ في جميعِ تحرُّكاتِها على الأرضِ، وبالتالي همْ يختارونَ الزمانَ والمكانَ لتحريكِ أزلامِهمْ، وطواقمِهمْ ومليشياتِهمْ، ومُرتزقتِهمْ؛ لخدمةِ مشروعِهمُ المُتصهينِ.
ثالثاً : يُدركُ المُحتلُّ الجديدُ السُّعوديُّ والإماراتيُّ أهميَّةَ إخضاعِ قياداتِ مُرتزقتِهمْ إنْ كانوا في مدينةِ عَدَن ،أو في المحافظاتِ الواقعةِ تحتَ الاحتلالِ أو في الفنادقِ التي يسكنونَ بها، بأيةِ وسيلةٍ وبأيةِ طريقةٍ، وهدفُهمْ في ذلكَ المزيدُ منَ التركيعِ والإخضاعِ والإذلالِ ؛ لكيْ لا يجدوا الوقتَ الكافيَ للتفكيرِ في أيةِ قضيةٍ.
رابعاً : زرعُ وهمِ الانفصالِ بينَ شطري اليمنِ في عقولِ وقلوبِ البسطاءِ منْ أبناءِ المحافظاتِ الجنوبيةِ والشرقيةِ، وإيهامُهمْ بأنَّ موضوعَ الانفصالِ باتَ وشيكاً، وكيْ يساوموا عليها كورقةٍ رخيصةٍ حينما تحطُ الحربُ العدوانيةُ على اليمنِ أوزارَها.
خامساً : مُحاولةُ تثبيتِ مشاريعِهمُ الاستعماريةِ في الجُزرِ اليمنيَّةِ، وفي عددٍ منَ الفضاءاتِ السَّاحليةِ والصحراويةِ استجابةً للمُخططِ الأمريكيِّ البريطانيِّ الإسرائيليِّ الصُّهيونيِّ.
سادساً : تسابقُ طرفي العدوانِ السعوديِّ والإماراتيِّ بإذلالِ مُرتزقتِهمْ، وعُملائِهمْ منَ اليمنيينَ، تارةً بإلزامِهمْ بإرسالِ عوائلِهمْ إلى عاصمتي دولِ العدوانِ في الرياضِ وأبوظبي، وتارةً بتسليطِ مليشياتِهمْ ضدَّ بعضِهمِ البعضِ، وتارةً بعدمِ صرفِ معاشاتِهمْ، وأتعابِهمْ، وجعلِهمْ يتسوَّلونَ في مكاتبِ ودوائرِ عواصمِ دولِ العدوانِ.
سابعاً : الغريبُ أنَّ مُرتزقةَ السُّعوديّة بالذاتِ قدْ سقطوا سقوطاً مُدوِّياً إلى الدَّركِ الأسفلِ منَ النَّارِ، فبعدَ كلِّ التشهيرِ بهمْ منْ قبلِ مُرتزقةِ الإماراتِ ولا زالوا يرددونَ أقاويلَ قدْ أكلَ الدهرُ عليها وشربَ، ولمْ يَعُدْ حتى الأطفالُ المُبتدئونَ في السِّياسةِ أنْ يُردِّدوها؛ لأنَّها أقاويلُ ممجُوجةٌ ساذجةٌ واهيةٌ في المعنى والمبنى .
الخلاصةُ : إنَّ منْ يعتمدُ في التجييشِ المليشاويِّ على الغوغاءِ والدَّهماءِ لتدميرِ المُدنِ والمُحافظاتِ الحضاريَّةِ عاليةِ القيمةِ والثقافةِ والوعيِ كحضرموتَ سيكونُ مصيرُهُ الفشلَ والاندحارَ، وسيلعنُ التاريخُ والإنسانيةُ جمعاءُ المُحتلينَ الجُددَ لليمنِ منْ عصاباتِ المملكةِ السُّعوديةِ وعصاباتِ مشيخةِ الإماراتِ العربيَّةِ المُتصهينةِ إلى يومِ الدِّين .
"وَفَوْقَ كُلِّ ذِي عِلْمٍ عَلِيْمٌ"
*عضوُ المجلسِ السِّياسيِّ الأعلى في الجمهوريةِ اليمنيَّةِ/ صنعاء