لجريدة عمان:
2025-08-04@20:47:53 GMT

السياسة العالمية تعيش أكبر مراحلها هشاشة

تاريخ النشر: 4th, August 2025 GMT

السياسة العالمية تعيش أكبر مراحلها هشاشة

يبدو العالم من النظرة الأولى أنه يعيش أزهى مراحل قوته بالنظر إلى ما وصل إليه من القوة العسكرية التي نراها تقوم بأدوار الهيمنة والسيطرة لمن يمتلكها، وبالنظر إلى الاقتصاد الذي تعافى بشكل جيد بعد الجائحة، كما يتحول إلى اقتصاد رقمي متطور مدفوعا بالثورة التكنولوجية التي وصلت إلى ذروتها بظهور الذكاء الاصطناعي.

. لكن الحقيقة أن هذا العالم في أشد لحظات هشاشته، وتشظيه من الناحية السياسية، وهذا الجانب هو الأكثر تأثيرا في جميع مسارات تقدمه وتطوره إلى حد أن القوى الكبرى في النظام السياسي العالمي باتت عاجزة عن إنتاج الحلول وصنع الخيارات التي من شأنها أن توقف المآسي الإنسانية. يعيش العالم مشهدا مأساويا تبدو فيه المؤسسات العالمية والدولية عاجزة، وتبدو التحالفات مفككة، والكثير من الأنظمة السياسية متآكلة، أما الشعوب فهي تسير في طريق مضطرب وأبعد ما يكون عن أي يقين.

وهذه الحالة ليست طارئة، ولكنها، مع الأسف، أصبحت بنيتها جديدة التي تهدد العالم من داخله، وتتحدى مفاهيم القوة والاستقرار كما عُرفت منذ نهاية الحرب العالمية الثانية.

ورغم الانبهار والشعور بالإنجاز الكبير الذي حققه العالم مع تقدم ثورة الذكاء الاصطناعي على العقل السياسي، إلا أن الإنسان الذي أبدع كل ذلك يشعر أنه محاصر بين دول بلا إرادة، ونخب بلا قدرة على إنتاج الحلول التي يمكن أن تنقذ العالم وتخلصه من المآسي التي يعيشها، خاصة الإنساني منها. وتطرح الفجوة الكبيرة بين الإمكانات التقنية والقدرات السياسية سؤالا مهما جدا وجوهريا في هذه اللحظة وهو: من يحكم العالم؟

لا يمكن في هذا السياق أن تكون أحداث غزة المستمرة إلا فضيحة سياسية كبيرة للعالم أجمع، وبشكل خاص لمؤسسات المجتمع الدولي وفي مقدمتها مجلس الأمن الدولي الذي كشف عن هشاشة كبرى لا يماثلها إلا هشاشة العالم العربي، الذي بدا مفككا إلى حدّ العجز عن صياغة موقف جماعي، أو حتى الحدّ الأدنى من الرد الرمزي. والهشاشة هنا ليست في غياب القدرة على الردع، بل في عمق الأزمة السياسية والفكرية التي أصابت بنية الدولة العربية، حيث تراجعت السياسة إلى مجرد العمل على إدارة الخوف، وتحول النظام الإقليمي إلى ما يمكن أن يكون ميدانا لتصفية الحسابات بدلًا من صوغ الرؤى التي تعيد للإقليم مكانته.

رغم ذلك فإن العالم العربي ليس الاستثناء في هذا الجانب، فالعالم الغربي، لا يختلف المشهد فيه كثيرا رغم الفارق في النهضة المعرفية والتكنولوجية؛ فلم يعد الغرب ذلك الفضاء الذي يمثل حلم الاستقرار الديمقراطي أو الليبرالية التي وصفت ذات يوم بأنها «نهاية التاريخ». والنماذج التي كان الغرب يريد تصديرها للعالم ذاهبة نحو السقوط والتشظي أمام صعود الشعبوية، فيما تُستبدل القيم الليبرالية القديمة بواقعية مختلفة تماما، تجعل من الفظائع تفاصيل هامشية على خط المصالح.. وهذه البراجماتية المفرطة لا يمكن أن تصنع نظاما عالميا جديدا، لكنها في الحقيقة تعجل في تآكل ما تبقى من النظام القائم. وأمام كل هذا التفكك والتشظي تصبح السياسة فعلا خاسرا، حيث تغيب الاستراتيجيات طويلة الأمد، ويعلو صوت اللحظة بكل مصالحها الآنية، أمّا القيم، التي طالما تغنّت بها الحضارات والدول، فقد تحولت إلى مجرد تنظير خطابي لا يتحمّله منطق السوق ولا حتى مزاج الجمهور الجديد.

لكن الهشاشة البادية على السياسة العالمية لا تتمثل فقط في ضعف الأنظمة، فهناك ما يمكن أن يكون إيمانا عاما أن موضوع الإصلاح ليس ممكنا مع تنامي عدم الثقة في النظام العالمي وفي قدرة السياسات في العالم في حماية إنسانية الإنسان وكرامته أو حتى في قدرة العالم كله في سماع معاناته وألمه وجوعه.. وهذا كله يغيب الشرعية ويعمق الانهيار. والخلاصة أن أكثر ما يفتقده العالم اليوم هو الأخلاق السياسية الجديدة التي تفهم معنى القوة بوصفه القدرة على الحماية وليس القدرة على البطش وهذا الأمر يحتاج إلى بناء وعي عالمي مختلف.

المصدر: لجريدة عمان

كلمات دلالية: یمکن أن

إقرأ أيضاً:

غزة تعيش أزمة تعطيش شديدة وسط ارتفاع أعداد ضحايا التجويع

حذرت الأمم المتحدة اليوم الاثنين من أن الأغلبية الساحقة من أهالي قطاع غزة غير قادرين على الوصول إلى مياه الشرب وخدمات الصرف الصحي، فيما يشتد التجويع جراء حصار الاحتلال، في ظل استشهاد 6 فلسطينيين جوعا، مما رفع ضحايا المجاعة إلى 175.

وشدد مكتب الأمم المتحدة للشؤون الإنسانية على أن 96% من الأسر في غزة تواجه انعدام الأمن المائي، وإن 90% من السكان غير قادرين على الوصول إلى مياه الشرب، فضلا عن أن ثلاثة من كل أربعة غزيين، يواجهون صعوبات في الوصول إلى دورات مياه.

وأشار المكتب الأممي إلى أن شبح المجاعة بات يخيم على السكان، في ظل الانهيار شبه الكامل لقطاعات المياه والصرف الصحي.

طفل في خان يونس جنوبي قطاع غزة يعاني من سوء التغذية الشديد جراء الحصار الإسرائيلي (الأناضول)شهداء التجويع

وأمس الأحد، أعلنت وزارة الصحة في غزة عن استشهاد 6 فلسطينيين جراء التجويع، مما رفع عدد ضحايا المجاعة في القطاع إلى 175، بينهم 93 طفلا.

وفي مقابلة مع الجزيرة من عمان، قال المتحدث الإقليمي باسم منظمة الأمم المتحدة للطفولة (اليونيسف) سليم عويس، إن أكثر من 5000 طفل في غزة أصيبوا بسوء التغذية خلال النصف الأول من شهر يوليو/تموز الماضي.

وشدد المتحدث على ضرورة الإسراع في توفير كل الظروف لإدخال المساعدات المتنوعة إلى القطاع.

كما قال المتحدث باسم مستشفى شهداء الأقصى في دير البلح خليل الدقران إن سلطات الاحتلال تواصل سياسة التجويع في غزة وتمنع وصول أي مساعدات.

النازحون في مخيمات قطاع غزة يعانون لتأمين مياه الشرب النظيفة (غيتي)منع دخول الشاحنات

بدوره، طالب المستشار الإعلامي لوكالة غوث وتشغيل اللاجئين الفلسطينيين (أونروا) عدنان أبو حسنة، بإدخال 600 شاحنة مساعدات على الأقل إلى قطاع غزة والسماح لموظفي الوكالة بإدارة نقاط التوزيع.

وقال للجزيرة إن إسرائيل تسمح بدخول 30 إلى 40 شاحنة فقط، وعبر طرق غير آمنة.

إعلان

وفي حديث للجزيرة، قال مدير الإغاثة الطبية في غزة إن المساعدات التي تدخل غزة لا تكفي لإطعام 1% من سكان القطاع، مشددا على أن حالات سوء التغذية بارتفاع مستمر في ظل حاجة لممرات آمنة لإدخال المساعدات.

وأكد أن العديد من أنواع الطعام مفقودة في قطاع غزة منذ أشهر، لافتا إلى أن كميات المياه النظيفة في القطاع لا تفي بحاجة السكان، فيما تواجه المنظومة الصحية الإنهاك وسط انتشار الأمراض التي يُخشى ألا يتمكن القطاع الطبي من معالجتها.

ومنذ بدئها الإبادة الجماعية في السابع من أكتوبر/تشرين الأول 2023، ترتكب إسرائيل بالتوازي جريمة تجويع بحق فلسطينيي غزة، حيث شددت إجراءاتها في الثاني من مارس/ آذار الماضي، بإغلاق جميع المعابر أمام المساعدات الإنسانية والإغاثية والطبية، ما تسبب بتفشي المجاعة ووصول مؤشراتها إلى مستويات كارثية.

وخلفت الإبادة أكثر من 210 آلاف فلسطيني بين شهيد وجريح، معظمهم أطفال ونساء، وما يزيد على 9 آلاف مفقود، إضافة إلى مئات آلاف النازحين ومجاعة أزهقت أرواح كثيرين.

مقالات مشابهة

  • استمرار عملية إزالة الألغام التي زرعها النظام البائد في قرى جبل الأكراد بريف اللاذقية، لضمان عودة آمنة للأهالي
  • غزة تعيش أزمة تعطيش شديدة وسط ارتفاع أعداد ضحايا التجويع
  • انتشال جثث العمال الخمسة المفقودين إثر انهيار نفق داخل أكبر منجم نحاس في العالم
  • هل يمكن الاعتماد على الذكاء الاصطناعي في الفتوى؟.. أمين الإفتاء يجيب
  • صحف عالمية: إسرائيل أصبحت علامة سامة ولا يمكن الدفاع عما تقوم به
  • الصين ومدنها العملاقة: نموذج جديد للمدن العالمية في عالم ما بعد العولمة
  • البنتاغون يعقد اتفاقاً لـ«عشرين عاماً» مع أكبر مصنع أسلحة في العالم
  • أبو علي خلال لقاء جمعية “انتاج”: نظام الفوترة الوطني خطوة إصلاحية جوهرية في مسار تطوير السياسة المالية والضريبية
  • تشيلي تسابق الزمن لإنقاذ عالقين داخل أكبر منجم نحاس