الأسبوع:
2025-10-19@17:55:30 GMT

"لامارتين".. خلود الرومانسية

تاريخ النشر: 19th, October 2025 GMT

'لامارتين'.. خلود الرومانسية

"يا دهرُ قفْ، فحرامٌ أن تطيرَ بنا// من قبل أن نتملّى من أمانينا.. ويا زمانَ الصِّبا دعنا على مَهَلٍ// نلتذُّ بالحبِّ في أحلى ليالينا".. تلك بعض من أبيات قصيدة "البحيرة" لشاعر الرومانسية الأكبر في فرنسا وأوروبا "الفونس دي لامارتين" (1790- 1869م)، والذي تحل في يوم 21 أكتوبر الجاري الذكرى الـ (235) لميلاده.

ولد "لامارتين" لأسرة من طبقة النبلاء، حيث تلقى تعليمًا راقيًا كأقرانه من تلك السلالة، وتخرج في المدرسة اليسوعية، ثم بدأت رحلته مع السفر كأقرانه إلى العالم الخارجي، حيث قضى فى إيطاليا نحو ثلاثة أعوام (1811- 1814م)، أي حتى سقوط النظام الإمبراطوري بقيادة "نابليون بونابرت" وعودة الملك "لويس الثامن عشر" إلى الحكم.

وبعد العودة، تفرغ للشعر والأدب، فقد أصدر ديوانه الأول والأشهر "تأملات شعرية" (1820م)، والذي أنهى مرحلة الكلاسيكية في الشعر الفرنسي والأوروبي وبداية المرحلة الرومانسية، وهو الديوان الذي جعله شاعرًا شهيرًا بين عشية وضحاها.

وبعد ثلاث سنوات، نشر "لامارتين" مجموعة شعرية ثانية بعنوان "تأملات شعرية جديدة" ثم نشر بعدئذ عدة كتب من بينها: "موت سقراط"، و"آخر أنشودة جحيم للطفل هارولد"، و"جوسلين"، و"سقوط ملاك"، و"رحلة إلى الشرق"، وغيرها.

اشتهر "لامارتين" برحلاته الخارجية، حيث سافر إلى تركيا، والشرق (القدس- بيروت- حلب)، وبعد العودة أصبح موظفًا في السفارة الفرنسية بمدينة فلورنسا الإيطالية. ثم تزوج من فتاة إنجليزية بعد عدة قصص حب فاشلة من بينها تلك القصة التي ألهمته قصيدة "البحيرةَ" الشهيرة التي ترجمها للعربية نقولا فياض.

ورغم انتماء "لامارتين" لطبقة النبلاء، إلا أنه كان متعاطفًا للغاية مع الثورة الفرنسية، وقد عارض بشدة الحكم الرجعي للملك "لويس فيليب" وكان أحد قادة الثورة الشعبية الشهيرة عام 1848م. كما انخرط في الحياة السياسية، حيث أصبح نائبًا في البرلمان. ولأنه كان خطيبًا في الدرجة الأولى، فقد سحر زملاءه بخطاباته الشاعرية الفياضة المليئة بالعواطف النبيلة تجاه الشعب الفقير.

بعد ذلك، أصبح "لامارتين" عضوًا في الحكومة المؤقتة لفرنسا بل وزيرًا لخارجيتها ولكن لفترة قصيرة. كما كان من أكبر الداعين إلى إلغاء قانون الرقّ أو العبودية الذي يصيب السود.

وقد أدى صعود "نابليون الثالث" إلى سدة الحكم عام 1852م عن طريق انقلاب عسكري أدى إلى أن يضع "لامارتين" حدًا لحياته السياسية، وهكذا انطوى على نفسه وبات يكرِّس جل وقته للأدب والكتابة، ولم يواجه "السلطة الديكتاتورية" كما فعل "فيكتور هوجو"، وذلك خوفًا من بطش السلطة التي كانت ستودي به إما إلى السجن أو القبر. وقد عاش "لامارتين" السنوات الأخيرة من حياته بشكل تعيس وحزين، فقد كان مضطرًا للعمل باستمرار لكي يستطيع أن يعيش ويأكل الخبز ويسدد فواتيره، وكأن حياته باتت تعبيرًا عن مقولة فذة له يقول فيها: "الحياة شعلة إما أن نحترق بنارها، أو نطفئها ونعيش في ظلام"!

يذكر أنه من أشهر أقوال "لامارتين": الضمير وحده بدون الله، يُشبه محكمة بدون قاض- هناك امرأة خلف كل البدايات العظيمة التي تحدث- الشعراء والأبطال هما شخصيتان من نفس العِرق.

المصدر: الأسبوع

إقرأ أيضاً:

هل أصبح الذكاء الاصطناعي هو صانع الرأي العام الجديد؟

في زمنٍ غير ببعيد كانت فيه منصات التواصل الاجتماعي رمزًا لحرية التعبير والتفاعل المفتوح، إلا أننا نجدها اليوم وقد تحوّلت تدريجيًا إلى ساحات تُدار بخوارزميات خفية تُوجّه ما نراه وما نعتقده. لم يعد المستخدم هو من يختار ما يقرأ أو يشاهد، بل أصبحت المنصات هي التي تختار له، مستندة إلى نماذج ذكاء اصطناعي ترصد سلوكه وتُحلّل انفعالاته ومدى تفاعله وحتى ميوله العاطفية والسياسية، وكافة ما يتصل به. وهو ما يجعلنا أمام وهم قائم على شعور المستخدم بالحرية الرقمية، إذ يقرر متى يستكمل قراءة منشور مشاهدة فيديو أو إبداء مشاعره تجاه محتوى ما، غير أن الواقع يؤكد على أن هذه المنصات أعادت صياغة وعينا بطريقة هادئة وممنهجة.
فالخوارزميات الحديثة تعتمد على تغذية المستخدم بالمحتوى الذي يُثير اهتمامه ويُعزز قناعاته، مما يؤدي إلى تكوين ما يُعرف بـ"غرف الصدى"؛ إذ يسمع الأفراد فقط ما يتفق مع آرائهم، وكأننا نعيد تشكيل نظريات دوامة الصمت ولكن بنمط معاصر؛ فبينما نظن أننا نُكوّن آراءنا بحرية، نكون في الواقع نتلقّى واقعًا مصممًا بعناية من قبل أنظمة ذكية تهدف إلى زيادة التفاعل لا الحقيقة.
لقد تحوّل الذكاء الاصطناعي في هذه المنصات من أداة تحليل إلى قوة موجهة للرأي والسلوك، تُعيد رسم المشهد العام وتؤثر في اتجاهات التصويت والمواقف الاجتماعية وحتى القيم الثقافية.
ولا يقتصر التأثير على ما نقرأ أو نشارك، بل يمتد إلى كيفية إدراكنا للعالم. فالمحتوى المُولّد آليًا والمقاطع المعدّلة بالذكاء الاصطناعي (deepfakes) تُسهم في خلق بيئة ضبابية يصعب فيها التمييز بين الحقيقة والتزييف، مما يُضعف الثقة في الإعلام التقليدي ويزيد من هشاشة الوعي الجمعي. وهو ما بتنا نراه اليوم بكثرة عبر عدد مئات بل وملايين المقاطع التي يدور حولها جدل كبير حول ما إذ كانت حقيقية أو مولدة بالذكاء الاصطناعي، وهو ما يجعل البسطاء وقليلي الخبرة بالتقنية فريسة سهلة المنال. خاصة بعدما أثبتت دراسات عدة أن الخوارزميات تميل إلى تضخيم المحتوى المثير للجدل والانفعالات الحادة لأنها تزيد من وقت البقاء على المنصة، حتى لو كان ذلك على حساب الاستقرار الاجتماعي أو الحوار العقلاني.
من هنا، لم يعد السؤال الذي نطرحه على أنفسنا حول مدى "ذكاء| هذه الأنظمة، بل عن مدى "مسؤوليتها". فالمجتمعات التي لا تضع أطرًا أخلاقية وتشريعية لاستخدام الذكاء الاصطناعي في الإعلام، تُخاطر بترك الرأي العام رهينة لمعادلات رياضية وأتمتة بلا ضمير.
وفي النهاية يجب علينا التأكيد على كون الذكاء الاصطناعي لن يتوقف عن التطور، لكن علينا أن نحدد له وجهته. فإما أن يكون أداة للتنوير والتنوع المعرفي، أو يتحول إلى "محرر خفي" و"صانع رأي" لا يملك ذرة ضمير، وبالتالي يمكنه إعادة تشكيل وعينا دون أن نشعر. وهنا يجب ان يتحد صُنّاع السياسات والإعلاميين والأكاديميين معًا، للحفاظ على المسافة الآمنة بين الإنسان والخوارزمية... بين حرية التفكير وبرمجة العقول.

مقالات مشابهة

  • أمسية شعرية ساحرة تجمع جمهور الأدب في الأقصر مع الشاعر الكبير أحمد بخيت
  • ‫غسل اليدين.. متى وكيف؟
  • حوارات السلام روتانا
  • مدحت العدل يكشف سر خلود صوت أم كلثوم
  • السودان.. سلامه يتنفس وحربه تترنح
  • هل أصبح الذكاء الاصطناعي هو صانع الرأي العام الجديد؟
  • كيانو ريفز يكشف عن معضلة تغيير اسمه في بداياته
  • بعد رفع سعر المحروقات.. محطات الوقود تعمل بشكل طبيعي في أسوان
  • السلطات السويدية تأمر بتوقيف سوري مشتبه بقتل حارق المصحف