قالت تنسيقية العمل الوطني إن استمرار العبث القانوني يهدد مفهوم الدولة الحديثة، ويُكرس الفوضى المؤسسية التي عطّلت مسار بناء دولة القانون لعقدٍ كامل، وإذا لم يتم التصدي لهذا الانحراف عبر موقف وطني موحد، فإن ليبيا ستجد نفسها أمام واقع مزدوج: دولة تملك قوانين بلا عدالة، ومحاكم بلا شرعية.

جاء ذلك في بيان للتنسيقية تلقت “عين ليبيا” نسخة منه، حول الحكم الذي صدر عن ما يُعرف بـ“المحكمة الدستورية العليا” والذي يقضي بتحصين قرار مجلس النواب بشأن تعيين القائد العام للجيش الليبي، واعتبار ذلك من قبيل “الأعمال التشريعية” التي لا تخضع لاختصاص القضاء الإداري في الطعن أو المراجعة.

وبحسب البيان، فإن هذا الحكم يعكس عمق الارتباك القانوني والمؤسسي الذي تعيشه الدولة الليبية، كما أثار استغراب الأوساط القانونية والسياسية، ولم يأتِ من فراغ؛ بل جاء من كيان قضائي غير مشروع من الأساس، إذ أن المحكمة المسماة بـ“الدستورية العليا” قد أُنشئت بموجب القانون رقم (5) لسنة 2023م الصادر عن مجلس النواب، وهو القانون الذي قضت الدائرة الدستورية بالمحكمة العليا – في الطعن رقم (70/9ق) – بعدم دستوريته، لمخالفته أحكام الإعلان الدستوري المؤقت وتعديلاته، التي نصت صراحة على أن اختصاص الرقابة على دستورية القوانين واللوائح معقود للمحكمة العليا – الدائرة الدستورية دون غيرها.

كيان باطل يصدر أحكامًا باطلة

نوهت التنسيقية في بيانها، بأن من المبادئ الراسخة في الفقه والقضاء أن ما بُني على باطل فهو باطل، وبالتالي، فإن إنشاء محكمة جديدة على أساس قانوني قضت المحكمة العليا بعدم دستوريته، يجعل كل ما يصدر عنها منعدماً قانوناً ولا يُرتب أثراً.

وتساءلت التنسيقية في بيانها: “كيف يمكن لكيان حكم بعدم دستوريته أن يمارس اختصاصاً سيادياً بهذا الحجم، ويُصدر أحكاماً تتعلق بتحصين قرارات سياسية أو عسكرية تمسّ صميم السلطة العامة في الدولة؟.. ما جرى لا يُعد فقط مخالفة إجرائية أو خطأ قانوني، بل هو انتهاك خطير لمبدأ المشروعية الدستورية، ومحاولة لإضفاء شرعية قضائية على سلطة أمر واقع”.

تسليح القضاء لخدمة السياسة

أوضحت التنسيقية أن الحكم الأخير لا يمكن فصله عن السياق السياسي العام الذي يشهد صراعاً على الشرعية بين المؤسسات الليبية المنقسمة، ومحاولات مستمرة لتكريس مراكز نفوذ عبر أدوات ظاهرها قانوني وباطنها سياسي، فتحويل القضاء إلى أداة لتثبيت قرارات سياسية أو تحصين شخصيات عسكرية يُعد سابقة بالغة الخطورة، لأنه يُفرغ فكرة “الفصل بين السلطات” من مضمونها، ويحوّل القضاء من حارس للشرعية إلى أداة لتقويضها.

وأشارت إلى أن تحصين قرار تعيين القائد العام بهذا الشكل يعني عملياً منح حصانة سياسية وقضائية لشخص أو منصب دون سند دستوري، في حين أن الأصل هو خضوع جميع القرارات العامة لرقابة القضاء حمايةً لمبدأ سيادة القانون والمساءلة.

المحكمة العليا هي المرجع الوحيد

شددت تنسيقية العمل الوطني على أن الإعلان الدستوري الليبي، وتعديلاته المتعاقبة منذ عام 2011م، لم يُنشئ سوى جهة واحدة مختصة بالرقابة على دستورية القوانين، وهي المحكمة العليا – الدائرة الدستورية، وقد أكدت أحكام هذه الدائرة في أكثر من مناسبة على أن إنشاء كيانات موازية يُعد انتهاكاً صارخاً لمبدأ وحدة القضاء واعتداءً على اختصاصات المحكمة العليا، وهو ما تم تكريسه صراحةً في حكمها الصادر بالطعن رقم (70/9ق) القاضي بعدم دستورية القانون رقم (5) لسنة 2023.

دعوة إلى احترام القضاء وتوحيد مؤسساته

اختتمت التنسيقية بيانها بالتأكيد على أن ما تشهده ليبيا اليوم من محاولات لتفتيت المنظومة القضائية تحت مسميات متعددة يُهدد أحد أهم ركائز الدولة وهو “استقلال القضاء”، فالقضاء لا يمكن أن يكون موضوعاً للمساومات السياسية، ولا أداة في يد أي سلطة تشريعية أو تنفيذية أو عسكرية.

كما أكدت أن الحكم الصادر عن ما يُعرف بالمحكمة الدستورية هو حكم منعدم الأثر، ولا يُعتد به قانوناً أو سياسياً، ودعت كافة المؤسسات الوطنية إلى الالتزام بأحكام المحكمة العليا كمرجع وحيد للشرعية الدستورية.

المصدر: عين ليبيا

كلمات دلالية: المحکمة العلیا على أن

إقرأ أيضاً:

بطلان الجمعية العمومية للنادي للأهلي.. الحكم 26 أكتوبر

حجزت محكمة القضاء الإداري، دعوى تطالب ببطلان انعقاد الجمعية العمومية غير العادية للنادي الأهلي والمنعقدة بتاريخ 19 سبتمبر 2025، للحكم بجلسة 26 أكتوبر الجاري.

جلسة بطلان الجمعية العمومية للأهلي 26 أكتوبر

وجاء في الدعوى، أن الجمعية العمومية للنادي الأهلي  باطلة لعدم بلوغ نصاب صحة الحضور، فضلًا عن بطلان ورقة التصويت لعدم احتوائها على خانة “لا أوافق”.

وخلال الجلسة، أكد المحامي خالد سليمان، أن مذكرة وزير الشباب والرياضة المقدمة له تضمنت أن التعديلات المعروضة على الجمعية العمومية للنادي الأهلي لا تقبل الرفض، واعتبر ذلك أمرًا بالغ الخطورة يؤكد بطلان قرار الوزير رقم 1112 لسنة 2025، لمخالفته القاعدة التشريعية بالقانون رقم 171 لسنة 2025.

وأضاف أن ما ورد بمذكرة دفاع الوزير يمثل دينًا جديدًا لا يتفق مع صحيح القانون، مطالبًا ببطلان القرار وما ترتب عليه من آثار.

إدارة كمبوند بفرلي هيلز تكشف تفاصيل دهس أسرة بعد خناقة الطلاب نادي القضاة يهنئ المستشار عصام الدين فريد بمناسبة اختياره رئيسًا لمجلس الشيوخ اتمسك فى المطار.. تفاصيل القبض على كروان مشاكل بسلم هيدروليكي.. الحماية المدنية تنقذ أسرة حاصرتها النيران داخل شقة بحي الجمرك بالإسكندرية عفاف شعيب تطعن على براءة المخرج محمد سامي القضاء الإداري ينظر 40 طعنا من مرشحي انتخابات النواب عاطل يرتدي نقاب حريمي ويتسلل لمستشفي أبو النمرس للتحرش بالسيدات..تفاصيل رسميا.. قضايا الدولة تفتتح مركز الدراسات القضائية والتدريب الداخلية تصدر بيان فى واقعة فيديو الحاج فوزي المسن بالدقهلية بحقنة فيلر.. المشدد 7 سنوات للطبيب المتسبب في وفاة حفيدة رئيس الوزراء الأسبق

مقالات مشابهة

  • بن زير: انقسام المرجعية القضائية تنزع الثقة في القضاء الليبي
  • المحكمة الدستورية ببنغازي تطالب البعثة الأممية بسحب تصريحاتها حول وجود “مؤسستين قضائيتين”
  • ترامب يهدد حماس مجددا بـ القضاء على الحركة وشن هجوم جديد
  • ترامب يهدد بـالقضاء على حماس إذا انتهكت اتفاق وقف إطلاق النار
  • إلغاء ديوان الخدمة المدنية والحقوق الدستورية !
  • المحكمة الدستورية تختتم ندوة إقليمية حول عمل المحاكم والمجالس الدستورية
  • القاضي سهيل عبود.. نائب لرئيس الشبكة الفرنكوفونية لمجالس القضاء العليا
  • بطلان الجمعية العمومية للنادي للأهلي.. الحكم 26 أكتوبر
  • القانون الذي لا يشيخ.. المفصولون السياسيون يعودون جيلاً بعد جيل