«مؤتمر الحج» يناقش الشراكة وفرص التنافسية ويطلق حزمة من المبادرات

"تغطية: ماجد الندابي" / "تصوير: فيصل البلوشي"

انطلقت صباح اليوم فعاليات مؤتمر الحج لعام 1447هـ الذي تنظمه وزارة الأوقاف والشؤون الدينية، وذلك تحت رعاية معالي المهندس سعيد بن حمود المعولي وزير النقل والاتصالات وتقنية المعلومات، وبحضور عدد من أصحاب المعالي والسعادة والمسؤولين من مختلف المؤسسات الحكومية والخاصة.

واستعرض سعادة أحمد بن صالح بن سفيان الراشدي وكيل وزارة الأوقاف والشؤون الدينية ورئيس بعثة الحج العمانية في كلمته خلال المؤتمر أبرز الجهود التي تبذلها السلطنة لتطوير قطاع الحج والعمرة مؤكدًا أن هذه الجهود تأتي في إطار رؤية الوزارة لتقديم خدمات نوعية متكاملة لضيوف الرحمن، وترسيخ مكانة سلطنة عمان في التمثيل الحضاري المشرف في أقدس بقاع الأرض.

النظام الإلكتروني

وقال سعادته إن منظومة الحج العمانية تنطلق من منطقٍ دينيٍ وروحيٍ ينظر إلى الحج بوصفه عبادة مالية بدنية بين الإنسان وربه، محكومة بضوابط الاستحقاق الشرعي وعدالة المعايير، مشيرا إلى أن الوزارة أسست نظاما إلكترونيا متكاملا لإدارة شؤون الحجاج من خلال منصة (hajj.om) التي تم تطويرها منذ عام 2016م لتكون أول منصة رقمية شاملة في المنطقة تعنى بإدارة جميع مراحل رحلة الحج.

وأوضح سعادته أن النظام الإلكتروني أسهم في إحداث نقلة نوعية في إدارة شؤون الحج، إذ بلغ عدد طلبات التسجيل للحج خلال الأعوام الماضية أكثر من 303 آلاف طلب، في دلالة على الثقة التي اكتسبها النظام بين المواطنين والمقيمين، مضيفًا أن نسبة رضا الجمهور عن آلية إدارة الاستحقاق الإلكتروني تجاوزت 98%.

وأشار إلى أن تطبيق النظام أسهم في الحد من تكرار الحج بنسبة 90%، وأتاح الفرصة لأداء الفريضة لأكثر من 100 ألف حاج منذ تطبيقه، مؤكدا أن الوزارة تسعى عبر هذا النظام إلى تحقيق العدالة في الاختيار وضمان أحقية الاستحقاق وفق الضوابط الشرعية والتنظيمية.

كما أشار سعادته إلى أن النظام العماني نال جائزة «لبيتم للتميز» من وزارة الحج والعمرة بالمملكة العربية السعودية بصفته أفضل نظام رقمي لإدارة شؤون الحجاج بين 76 دولة، وهو ما يعكس تميز التجربة العمانية في الحوكمة التقنية والشفافية المؤسسية.

تكامل الأدوار

وأكد سعادة وكيل وزارة الأوقاف والشؤون الدينية أن إدارة شؤون الحج في السلطنة تقوم على تكامل الأدوار بين مؤسسات الدولة، حيث تعمل الوزارة بالشراكة مع وزارة الصحة، ووزارة الإعلام، وشرطة عمان السلطانية، ووزارة التربية والتعليم، وجهاز الرقابة المالية والإدارية للدولة، إلى جانب شركات الحج والعمرة التي تخضع لنظام إلكتروني تنافسي يتيح لها تقديم عروض الأسعار والخدمات للحجاج بشفافية كاملة، وأوضح أن الوزارة تدير منظومة شؤون الحج والحجاج والشركات بنسبة 100% إلكترونيا، بما يعزز من كفاءة الأداء ويرسخ قيم الحوكمة والإدارة الرشيدة.

التحسينات ومؤشرات الأداء

واستعرض ما تحقق من تحسينات ميدانية خلال موسم 1446هـ في مخيمي منى وعرفة، مشيرا إلى أن الوزارة نفذت صيانة شاملة لجميع دورات المياه، مع إضافة 150 دورة مياه جديدة، و250 مغسلة إضافية، و75 وحدة تكييف إضافية في منى، فضلا عن 200 مغسلة إضافية و100 وحدة تكييف جديدة في عرفة، كما تم تنفيذ أعمال تطوير للعزل الحراري داخل الخيام، وتركيب مظلات إضافية، واستكمال أرضيات خرسانية خاصة بخيام النساء، مما ساهم في تحسين تجربة الإقامة للحجاج ورفع مستوى الراحة والسلامة.

وبيّنت مؤشرات الأداء ارتفاع نسب الرضا والتحسن في مختلف الجوانب التنظيمية والخدمية، إذ تجاوزت نسب النجاح في مؤشرات النقل، والإعاشة، والرعاية الصحية، والإفتاء والإرشاد، والإدارة والتنظيم، والإعلام والتواصل، نِسبًا تتراوح بين 93% و99%، مما يعكس تطورا ملموسا في جودة الخدمات المقدمة للحجاج.

مبادرات نوعية

وفيما يتعلق بالتحسينات الموجهة لموسم 1447هـ / 2025م أعلن سعادته عن إطلاق عدد من المبادرات النوعية أبرزها: مبادرة "طيران" الهادفة إلى تطوير منظومة النقل الجوي للحجاج، ومبادرة "سكن" لتحسين بيئة الإقامة في المشاعر المقدسة، ودعم أوقاف بيت الرباط بمبلغ يتجاوز 200 ألف ريال عماني لصالح فئة الضمان الاجتماعي ، وأشار إلى أن الوزارة عقدت أكثر من 13 لقاء تشاوريا مع الجهات الحكومية والخاصة و113 شركة حج ضمن ما يعرف بـ «مختبر الحج» بهدف دراسة فرص التحسين وإعداد خارطة طريق تنفيذية لتطوير تجربة الحاج العماني.

وأكد سعادة أحمد الراشدي أن رؤية الوزارة المستقبلية تتركز على تطوير منظومة وآلية نقل وخدمة الحجاج والمعتمرين في الديار المقدسة، وإصدار تشريع قانوني ينظم إدارة شؤون العمرة، إلى جانب تطوير النظام الإلكتروني لتقديم الخدمات للمعتمرين، بما يعزز التكامل بين القطاعين العام والخاص.

وأوضح أن مؤتمر ومعرض الحج والعمرة الثاني يشكل منصة واقعية يلتقي فيها جميع الشركاء في قطاع الحج والعمرة من داخل سلطنة عمان وخارجها، ويعرضون فيها منتجاتهم وخدماتهم لضيوف الرحمن، كما يصاحبه برنامج علمي وتوعوي يشمل 7 أوراق عمل و19 حلقة تدريبية، إلى جانب توقيع مذكرات تفاهم بين الجهات المشاركة، وأشار إلى أن عدد الجهات المشاركة في المعرض بلغ أكثر من 30 جهة حكومية وخاصة (محلية ودولية)، واستقطب المعرض في نسخته الأولى أكثر من 3000 زائر، فيما يتوقع أن يتجاوز هذا العدد في نسخته الثانية.

جلسات المؤتمر

ويستمر المؤتمر ثلاثة أيام، متناولا في جلساته وحلقات العمل موضوعات متعددة تعنى بتطوير قطاع الحج والعمرة في سلطنة عُمان، وترسيخ قيم الشراكة بين القطاعين الحكومي والخاص، وتبادل الخبرات مع الجهات المعنية داخل السلطنة وخارجها، وفي اليوم الأول من المؤتمر: عقدت الجلسة الأولى بعنوان «قطاع الحج والعمرة.. فلسفة وإعلام وقيم»، وأدارها الدكتور أحمد بن علي الشعيبي، وقد قدّم الدكتور صالح بن سعيد الحوسني خبير شؤون الحج بمكتب وكيل وزارة الأوقاف والشؤون الدينية ورقة عمل تناولت «فلسفة إدارة الحج في سلطنة عمان» مستعرضا فيها الأسس الفكرية والتنظيمية التي تنتهجها الوزارة في إدارة هذا القطاع الحيوي، كما تناول المهندس حمود بن عبدالله العامري مدير دائرة شؤون الحج بالوزارة الجانب التنفيذي من هذه الفلسفة وما تحقق من تطور في الخدمات والإجراءات، فيما تحدث الأستاذ بدر بن سعيد الصالحي أخصائي ثقافة دينية بوزارة التربية عن «القيم التعبدية في برامج التثقيف الديني في الحج» مبينا كيف تسهم البرامج التوعوية في ترسيخ السلوك التعبدي السليم لدى الحجاج، أما الأستاذ أحمد بن مهنا الكندي مدير إذاعة القرآن الكريم بوزارة الإعلام، فقد استعرض «الجهود الإعلامية في موسم الحج» مؤكدًا دور الإعلام في نشر الوعي وتنظيم التواصل مع الحجاج قبل وأثناء الموسم.

وفي الفترة المسائية: أقيمت حلقة تدريبية بعنوان «تحسين الخدمات والمبادرات» قدمها كل من الدكتور فيصل بن حمدي الجهني والدكتور سلطان بن فؤاد نصّار من شركة إكرام الضيف بالمملكة العربية السعودية، ركزت على تطوير مهارات فرق العمل الميدانية وتحسين جودة الخدمات المقدمة للحجاج.

أما فعاليات اليوم: فستستهل بافتتاح «مختبر الحج» الذي يهدف إلى توظيف التقنيات الحديثة في تطوير منظومة الحج العمانية، يلي ذلك الجلسة الثانية بعنوان «السلامة الأمنية والوقائية والمروية في موسم الحج»، التي يديرها الدكتور زاهر بن عبدالله الحوسني، ويشارك في الجلسة الملازم أول يوسف بن حامد الغابشي من شرطة عمان السلطانية بورقة عمل تتناول رفع اليقظة والحس الأمني لدى الراغبين في أداء الحج والعمرة، فيما يقدّم النقيب هيثم بن حمود الإسحاقي والملازم أول نعمان بن خليفة الإسماعيلي ورقة بعنوان «إجراءات الأمن والجوازات والجمارك في المنافذ البرية»، ويشرحان فيها آليات تسهيل عبور الحجاج وضمان أمنهم، كما يقدّم الرائد أيمن بن خالد الخنبشي من هيئة الدفاع المدني والإسعاف ورقة بعنوان «السلامة في الحج مسؤولية الجميع» يبين فيها أهمية الالتزام بإرشادات السلامة، ويتحدث المهندس محمد بن راشد الخياري من شرطة عمان السلطانية عن «التوعية المرورية على الطريق» ودورها في الحد من الحوادث أثناء سفر الحجاج إلى الديار المقدسة، وفي الجلسة الثالثة التي يديرها الدكتور أحمد بن مبارك الكعبي، ستناقش موضوع «دور القطاع الحكومي في قطاع الحج والعمرة "شراكة وتكامل"»، ويقدّم خلالها حميد بن سهيل العامري من وزارة الصحة ورقة بعنوان «صحتك في الحج» تركز على الإجراءات الوقائية والتثقيف الصحي للحجاج، فيما يتحدث موسى بن سعيد التميمي من هيئة تنظيم الاتصالات حول «تنظيم أسعار التجوال الدولي» ودوره في تسهيل التواصل للحجاج أثناء أداء المناسك، أما إيمان بنت منصور الكندية مديرة الإحصاءات الاجتماعية بالمركز الوطني للإحصاء والمعلومات، فستتناول في ورقتها «مؤشرات وإحصاءات قطاع الحج والعمرة في سلطنة عمان»، وتبين أهمية البيانات في دعم اتخاذ القرار وتطوير الخدمات.

وسيختتم اليوم الثاني بالجلسة الرابعة التي ستحمل عنوان «الصيرفة الإسلامية في قطاع الحج والعمرة»، ويديرها المهندس حمود بن عبدالله العامري، ويقدّم فيها زياد بن زهران الفرقاني مدير تطوير منتجات الأفراد بميثاق للصيرفة الإسلامية ورقة بعنوان «المنتجات والخدمات المصرفية للحجاج والمعتمرين ومقدمي الخدمات»، فيما سيتناول عيسى بن سالم الريامي رئيس إدارة الالتزام والتدقيق الشرعي ببنك العز الإسلامي موضوع «إدارة الودائع وتمويل المشاريع في ضوء الصيغ الإسلامية المعاصرة في الحج»، كما سيستعرض قاسم بن سالم بن خلفان الجابري مدير فرع الخوض ببنك نزوى «الخدمات المصرفية الخاصة بالحج»، بينما سيتحدث معتصم بن طالب الزدجالي رئيس وحدة المبيعات المباشرة بظفار الإسلامي عن «المنتجات والخدمات المصرفية للحجاج والمعتمرين ومقدمي الخدمات».

وتختتم فعاليات المؤتمر الجمعة بعقد عدد من الحلقات التدريبية المتخصصة التي تقدمها شركة إكرام الضيف السعودية، وتشمل حلقة بعنوان «الأنظمة والخدمات للحجاج» يقدمها الدكتور فيصل بن حمدي الجهني، وحلقة حول «استقطاب المواهب الوظيفية العاملة بالحج» يقدمها الدكتور سلطان بن فؤاد نصّار، كما تعقد في المساء الجلسة الختامية والتوصيات بإدارة الدكتور صالح بن سعيد الحوسني التي ستعرض أبرز ما توصلت إليه جلسات المؤتمر من نتائج ومقترحات لتطوير منظومة الحج العمانية وتعزيز التكامل بين الجهات الحكومية والخاصة.

ويأتي مؤتمر الحج 1447هـ في إطار سعي وزارة الأوقاف والشؤون الدينية إلى تطوير منظومة إدارة الحج في السلطنة على أسس علمية ومؤسسية، وتأكيدًا على نهج السلطنة في تقديم خدمات متكاملة وميسّرة لضيوف الرحمن، واستلهام قيم التعاون والتكامل بين الجهات لتحقيق موسم حج آمن ومنظم.

المصدر: لجريدة عمان