تقف الكاميرا شاهدة على واحدة من أكثر التجارب الإنسانية قسوة في تاريخ الصحافة المعاصرة، حيث يتحول الصحفيون أنفسهم إلى جزء من المأساة التي يوثقونها؛ يدفنون أطفالهم ثم يعودون إلى الشاشة ليواصلوا نقل الحقيقة من قلب الجحيم.

ويحمل قطاع غزة، منذ السابع من أكتوبر/تشرين الأول 2023، فصلا مختلفا تماما من فصول الألم الفلسطيني، فصلا لم تشهد القضية مثله من قبل.

ومن قلب هذا الوضع المأساوي، يرصد الجزء الأول من برنامج "الجزيرة بتوقيت غزة" -المكون من 3 أجزاء- اللحظات الأولى للحرب الإسرائيلية على القطاع، حين اخترقت كتائب القسام -الجناح العسكري لحركة المقاومة الإسلامية (حماس)- الحصار المفروض منذ عقدين تقريبا، ونفذت عملية عسكرية غير مسبوقة هزت كيان الاحتلال من أساسه.

في صباح ذلك السبت، أيقظ طوفان الأقصى إسرائيل على واقع لم تتخيله، حين اقتحمت المعابر والقواعد العسكرية وأحرقت دبابات الميركافا، وسقط أكثر من 300 ضابط وجندي وتم أسر 130 عسكريا في ساعات معدودة.

وبعدها، أعطت حكومة بنيامين نتنياهو -المطلوب لدى المحكمة الجنائية الدولية– الضوء الأخضر لآلة القتل الإسرائيلية لتشرع بتنفيذ واحدة من أكثر حروب التاريخ الحديث عنفا وبشاعة.

تغطية متواصلة

ووسط هذا الواقع الجديد القاسي، تحول مكتب الجزيرة في غزة منذ اللحظة الأولى إلى خلية نحل، يوجه مدير المكتب وائل الدحدوح التغطية الإخبارية ويوفر ما أمكن من وسائل الأمن والراحة لكوادره.

ويعاون وائل في مهامه كل من هشام زقوت وهبة عكيلة ومؤمن الشرافي بصفتهم مراسلين أساسيين، تواكبهم مجموعة من المصورين والتقنيين ومهندسي البث.

يعملون جميعا في ظروف خطرة لنقل مجريات الحرب، يشاهدون الأطفال وهم أشلاء، يتخيلون أولادهم في كل طفل مصاب، يحملون عبئا نفسيا هائلا، وهم مطالبون بالتماسك أمام الكاميرا.

إعلان

وتتجلى صعوبة هذا الواقع في شهادات الفريق، إذ يروي المراسل هشام زقوت كيف يواجه الفريق المخاطر نفسها التي يواجهها سكان غزة، تركوا منازلهم 3 أو 4 مرات بحثا عن مكان آمن، يشاهدون المأساة بشكل أسرع وأقرب من الجميع.

في حين تؤكد المراسلة هبة عكيلة أن أصعب ما في المهمة توقعها في كل مرة أن يكون القصف قد استهدف أحد أقاربها أو أفراد أسرتها، "إرهاق جسدي ونفسي وضغوط هائلة" بينما تظل مطالبة بالتماسك أمام الكاميرا.

عائلة الدحدوح

معاناة صحفيو الجزيرة في غزة لم تقتصر على المتاعب والمشاهد المؤلمة والبعد عن الأسرة، فما أن حل يوم 25 أكتوبر/تشرين الأول 2023 حتى كانت أثقل الأخبار وأصعبها تنزل كالصاعقة على مسامع من في المكتب، حين استهدفت غارة إسرائيلية منزلا لجأت إليه عائلة الدحدوح في النصيرات بعد قصف منزلهم وتحويله لركام.

ويتلقى وائل وزملاؤه نبأ استشهاد 12 فردا من عائلته في لحظة واحدة، بينهم زوجته آمنة، وابنه محمود الذي كان يسير على خطاه ليصبح صحفيا، وابنته شام زهرة العائلة، وحفيده الرضيع آدم ذو الـ45 يوما.

ووسط الدموع التي تنساب على وجهه، أمّ الدحدوح صلاة الجنازة عليهم جميعا، ودفنهم في مقابر جماعية مؤقتة في باحات مستشفى شهداء الأقصى، ثم يعود إلى الشاشة بعد ساعات قليلة.

ويلخص موقفه في كلمات قليلة تصف حجم الصراع الداخلي الذي يعيشه، إذ يقول الدحدوح بصوت مخنوق بالألم إن البكاء والرثاء لن يخدم القضية شيئا، لا قضية الصحافة ولا قضية شعبه ولا قضية أبنائه الذين دفنهم للتو في التراب.

ويعض على جرحه النازف ويواصل التغطية، لأنها أمانة ورسالة وواجب في هذه اللحظة التاريخية والاستثنائية، حسب قوله.

عائلة أبو القمصان

ويوم 31 أكتوبر/تشرين الأول 2023، تتكرر مأساة جديدة لطاقم الجزيرة، حين تقصف الطائرات الإسرائيلية مخيم جباليا شمال القطاع بـ6 قنابل خارقة للتحصينات تزن الواحدة منها قرابة طن من المتفجرات.

ويسقط أكثر من 400 مدني بين شهيد وجريح، بينهم 18 فردا من عائلة محمد أبو القمصان مهندس البث في قناة الجزيرة، بينهم والده واثنتان من أخواته.

ويصل أبو القمصان إلى مكان الاستهداف ليجد منزل عائلته قد أبيد بالكامل، لا يستطيع حتى توديع والده، أبسط حق للإنسان في لحظة الفراق الأخيرة.

وبالتوازي مع هذه المآسي الشخصية، تتصاعد الغارات العنيفة وتقترب الدبابات الإسرائيلية من مكتب الجزيرة وسط مدينة غزة، ويتحول الوضع إلى حصار ناري، ويحمل رصاص القنص رسائل واضحة بضرورة إيقاف التغطية.

ويضطر الفريق إلى الانضمام إلى مسيرة النزوح القسري نحو جنوب القطاع في العاشر من نوفمبر/تشرين الثاني 2023، في رحلة محفوفة بالموت تختلط فيها مشاعر الأسى والغضب.

ولكن حتى النزوح لم يوقف التغطية، إذ يصل الفريق إلى مجمع ناصر الطبي في خان يونس، يستريحون قليلا ثم يواصلون التغطية من هناك، لأن القصة لم تنته بعد.

المصدر: الجزيرة

كلمات دلالية: غوث حريات دراسات

إقرأ أيضاً:

الشوبكي يرجّح تخفيض أسعار البنزين في تسعيرة تشرين الثاني

#سواليف

رجّح الباحث الاقتصادي المتخصص في شؤون الطاقة، #عامر(الشوبكي، أن تقوم #الحكومة بتخفيض #أسعار #البنزين 90 والبنزين 95 بمقدار قرش ونصف لكل لتر، مع تثبيت أسعار #الديزل و #الكاز في #تسعيرة شهر #تشرين_الثاني القادم.

وقال الشوبكي إن المعدل الشهري العالمي لأسعار النفط الخام تراجع من 67 إلى 63 دولارًا للبرميل، بانخفاض نسبته نحو 6%، إلا أن أسعار المشتقات النفطية المكررة حافظت على استقرار نسبي نتيجة موسم الصيانة في المصافي العالمية وشح قدرات التكرير.

وأضاف أن رغم انخفاض المخاوف الجيوسياسية في الشرق الأوسط، إلا أن الأسواق بدأت تتعامل مع وفرة نسبية في المعروض في ظل حالة عدم اليقين بالاقتصاد العالمي وتصاعد الحرب التجارية بين الصين والولايات المتحدة، إضافة إلى مضيّ تحالف أوبك بلس في خطته لزيادة الإنتاج تدريجيًا.

مقالات ذات صلة نهفات سمعة .. موسم الزيت مع ابو صقر 2025/10/20

وأشار الشوبكي إلى أن سعر برميل النفط تراجع بنحو 20% منذ بداية عام 2025، في حين لم تنعكس هذه التراجعات بشكل ملموس على الأسعار المحلية، نتيجة السياسات الحكومية الحالية، وخاصة حجم الضريبة الثابتة المقطوعة المفروضة منذ عام 2019.

وكانت الحكومة الأردنية قد قررت في تسعيرة شهر تشرين الأول الحالي رفع أسعار البنزين بنوعيه بمقدار 5 فلوس للتر الواحد، ورفع سعر الديزل بقرش واحد، مع تثبيت سعر الكاز، لتصبح الأسعار السارية حاليًا على النحو التالي:
• بنزين 90: 85.5 قرش/لتر
• بنزين 95: 108 قرش/لتر
• ديزل: 68.5 قرش/لتر

مقالات مشابهة

  • شهداء يروون قصص شهداء.. الجزيرة تدفع ثمن الحقيقة في غزة
  • حظك اليوم الجمعة 24 تشرين الأول/ أكتوبر 2025‎‎‎
  • غزة.. ماذا نعلم عن الرهينة الأكبر سنا بعد تسليم رفاتها لإسرائيل وكشف هويتها؟
  • حظك اليوم الخميس 23 تشرين الأول/ أكتوبر 2025‎‎‎
  • قائد الثورة: الشهيد الغماري تميز بالابتكار والتكيف وأسهم ورفاقه في تحقيق نقلة فارقة في القدرات والإمكانات
  • ترامب وبن سلمان يلتقيان في 18 تشرين الثاني
  • حظك اليوم الأربعاء 22 تشرين الأول/ أكتوبر 2025‎‎
  • الشوبكي يرجّح تخفيض أسعار البنزين في تسعيرة تشرين الثاني
  • الجزيرة ترصد أوضاع الجرحى بمستشفى شهداء الأقصى