ثمن التكنولوجيا.. كيف يدمر الذكاء الاصطناعي مهاراتنا دون أن نشعر؟
تاريخ النشر: 23rd, October 2025 GMT
في زمن تتسارع فيه التقنيات بوتيرة غير مسبوقة، بات الذكاء الاصطناعي قادرا على كتابة المقالات، تلخيص الكتب، وحل المشكلات المعقدة في ثوان مهام كانت تتطلب من الإنسان جهدا ذهنيا يمتد لدقائق أو ساعات.
إلا أن هذا التقدم، رغم فوائده، يثير مخاوف متزايدة بشأن تأثير الذكاء الاصطناعي العميق على القدرات البشرية الأساسية، مثل التفكير النقدي واللغة الإبداعية.
بحسب أبحاث في علم النفس والأعصاب، فإن الاعتماد الزائد على التكنولوجيا قد يعيد تشكيل أدمغتنا، وليس مجرد دعمها.
أظهرتإحدى الدراسات الكلاسيكية أن الأشخاص الذين يستخدمون أنظمة الملاحة GPS باستمرار يواجهون تراجعا في قدرتهم على بناء خرائط ذهنية، على عكس سائقي التاكسي في لندن الذين كانوا يحفظون آلاف الشوارع قبل عصر الأقمار الصناعية، ما أدى إلى تضخم في منطقة "الحصين" المرتبطة بالذاكرة المكانية.
واليوم، يتساءل باحثون: هل يمكن أن يحدث الذكاء الاصطناعي تأثيرا مشابها في مجالات التفكير واللغة؟
كلمات جاهزة على حساب الفهمفي البيئات التعليمية، يقبل الطلاب على أدوات الذكاء الاصطناعي لإنتاج نصوص متقنة في وقت قياسي، وبينما تبدو النتيجة لغويا ممتازة، يشير أساتذة إلى أن هذه النصوص كثيرا ما تفتقر للفهم العميق أو التفكير النقدي ما يعتبرونه تآكلا تدريجيا لقدرة الطالب على التفكير كممارسة إبداعية.
مراجعة علمية حديثة نشرت عام 2024 أظهرت أن الإفراط في استخدام أدوات الذكاء الاصطناعي يضعف القدرات المعرفية، ويفضل الحلول السريعة على التفكير البطيء والعميق.
كما كشفت دراسة ميدانية شملت 285 طالبا من باكستان والصين أن الذكاء الاصطناعي، رغم فعاليته في المهام المتكررة، يقلل من استخدام الإنسان لمهاراته الإدراكية والتحليلية، ويدفع نحو الكسل الذهني.
خطر يطال اللغة أيضاالمخاوف لا تقتصر على التفكير، بل تمتد إلى اللغة ذاتها، إذ يحذر متخصصون من “تآكل الكفاءة اللغوية” وهي ظاهرة تحدث عندما يتوقف الإنسان عن استخدام لغته بفعالية، مما يؤدي إلى فقدان تدريجي للقدرة على التعبير بها.
تشير نظريات علمية إلى أن الفكر واللغة ليسا كيانين منفصلين، بل تطةرا سويا عبر التاريخ الإنساني، فاللغة لا تنقل الأفكار فحسب، بل تساهم في تكوينها.
ومن خلال الكلمات، يحول الإنسان مشاعره وتجربته إلى مفاهيم وقيم، ما يمنحه القدرة على التخيل والتأمل والتخطيط.
من تكنولوجيا مساعدة إلى تهديد للسيادة المعرفيةإذا تحولت اللغة إلى منتج تصنعه الخوارزميات وتستهلك جاهزا، فإن الخطر يتجاوز الفرد ليصل إلى المجتمع بأسره، إذ يحذر مختصون من أن الجهات التي تتحكم بالبنية الرقمية للغة قد تملك في المستقبل سلطة تشكيل الخيال والنقاش العام ما يهدد مفهوم "السيادة المعرفية".
في هذا السياق، قد نشهد مستقبلا سياسيا خاليا من الأصالة، تنتج فيه الشعارات والرسائل من قِبل خوارزميات، لا من وعي شعبي نابض بالنقاش والاختلاف، وهذا لا يعني بالضرورة رفض الذكاء الاصطناعي، بل توظيفه كأداة تعزز التفكير لا أن تحل محله.
استعادة اللغة كفعل حيالخلاصة أن الحفاظ على التفكير الإبداعي والقدرة اللغوية لا يتطلب وعيا بالخطر فقط، بل ممارسة فعلية لاستخدام اللغة كوسيلة تفكير، لا كمنتج استهلاكي، فاستعادة حرية التعبير تبدأ من سعي الفرد لاختيار كلماته، ومن مقاومة الاكتفاء بما يقدم جاهزا من أدوات الذكاء الاصطناعي.
فقط من خلال هذا الجهد الواعي يمكن للإنسان أن يستعيد قدرته على التخيل، التأمل، وإعادة تشكيل المستقبل.
المصدر: صدى البلد
كلمات دلالية: الذكاء الاصطناعي تأثير الذكاء الاصطناعي الكسل الذهني الذکاء الاصطناعی على التفکیر
إقرأ أيضاً:
ضوابط استخدام الذكاء الاصطناعي في التعليم العالي والبحث العلمي فى ندوة بجامعة أسيوط
شهدت كلية تكنولوجيا صناعة السكر والصناعات التكاملية بجامعة أسيوط، اليوم الإثنين 20 أكتوبر، ندوة حول ضوابط استخدام الذكاء الاصطناعي في التعليم العالي والبحث العلمي، نظمها قطاع الدراسات العليا والبحوث، برعاية الدكتور أحمد المنشاوي، رئيس الجامعة، وبإشراف الدكتور جمال بدر، نائب رئيس الجامعة لشئون الدراسات العليا والبحوث، والدكتور صالح محمود إسماعيل، عميد الكلية.
وهدفت الندوة إلى نشر ثقافة وأخلاقيات استخدام الذكاء الاصطناعي في البحث العلمي بين شباب الباحثين، وأدارها الدكتور محمد بدري محمد علي، وكيل الكلية لشئون الدراسات العليا والبحوث، بحضور عدد من الأساتذة وأعضاء هيئة التدريس والباحثين.
أكد الدكتور أحمد المنشاوي، حرص الجامعة على تعزيز ثقافة الاستخدام المسؤول لتقنيات الذكاء الاصطناعي في التعليم العالي والبحث العلمي، بما يتماشى مع توجهات الدولة واستراتيجية وزارة التعليم العالي والبحث العلمي في دعم التحول الرقمي وتعزيز الابتكار داخل الجامعات المصرية.
وأوضح رئيس الجامعة أن إدماج الذكاء الاصطناعي في العملية التعليمية والبحثية يسهم في تطوير منظومة التعليم وتحسين جودة المخرجات الأكاديمية، مؤكدًا أن جامعة أسيوط تعمل على تمكين الباحثين وأعضاء هيئة التدريس من توظيف هذه التقنيات الحديثة بما يحافظ على القيم الأكاديمية والأمانة العلمية.
وأشار الدكتور جمال بدر إلى حرص إدارة الجامعة على تطوير استراتيجية البحث العلمي من خلال توظيف تقنيات الذكاء الاصطناعي، ونشر ثقافة استخدامها بين شباب الباحثين داخل الجامعة وخارجها، وذلك تماشيًا مع استراتيجية وزارة التعليم العالي والبحث العلمي لتعزيز الابتكار ودعم التحول الرقمي في المؤسسات الأكاديمية والبحثية.
من جانبه، أوضح الدكتور صالح محمود إسماعيل أن تنظيم الندوة يأتي في إطار حرص الكلية على تعزيز قدرات الباحثين في استخدام تقنيات الذكاء الاصطناعي لخدمة البحث العلمي، بما يتماشى مع الاطار التنظيمي لاستخدامها، مؤكّدًا أن الندوة تمثل خطوة مهمة لتوعية الأجيال الجديدة بأهمية الذكاء الاصطناعي ودوره في تطوير التعليم والبحث ومواكبة متطلبات العصر الرقمي.
كما أشار الدكتور محمد بدري إلى أن الندوة تضمنّت عقد جلستين علميتين لمناقشة عدد من المحاور الأساسية، أبرزها الإطار الاستراتيجي والتنظيمي لاستخدام الذكاء الاصطناعي، والمبادئ والضوابط الأخلاقية المرتبطة به، إضافة إلى مجالات تطبيقه في التعليم العالي والبحث العلمي، ودور إدارة المخاطر وآليات التقييم.