بين الواقع والافتراض.. كيف نربّي جيلًا نشأ في حضن التكنولوجيا؟
تاريخ النشر: 24th, October 2025 GMT
سهير العامرية:
مع تسارع التقنيات وتتشابك العوالم الرقمية نشأ جيلٌ جديد يختلف في سلوكياته وأنماط تفكيره عن الأجيال السابقة؛ جيلٌ وُلد في قلب التكنولوجيا وتغذّى على وسائطها منذ خطواته الأولى... إنهم "جيل ألفا"، مواليد عام 2010 الذين يُعدّون الأكثر اتصالاً بالعالم الرقمي والأكثر إلمامًا بمهاراته وأدواته.
ورغم ما يتمتع به هذا الجيل من ذكاء رقمي واستقلالية في اتخاذ القرار، إلا أن تحدياتٍ جديدة برزت في محيط الأسرة والمدرسة على حد سواء، نتيجة ضعف تواصلهم الواقعي وانغماسهم في العوالم الافتراضية.
وحول هذا الواقع وتأثير الاعتماد المفرط على التكنولوجيا في تكوين شخصية "جيل ألفا" وتفاعله الاجتماعي، كان لنا هذا الحوار مع الأخصائية النفسية سهير العامرية التي تسلّط الضوء على أبرز الجوانب النفسية والسلوكية لهذا الجيل وتجيب عن تساؤلاتنا الآتية:
- من هم جيل ألفا؟
جيل ألفا هم الأطفال المولودون منذ عام 2010 فصاعدًا، أي الجيل الذي أعقب جيل "زد"، ومن المتوقع أن يمتد حتى عام 2025 تقريبًا. ويتميّز هذا الجيل بكونه الأول الذي وُلد ونشأ في بيئة رقمية خالصة، تحيط به الأجهزة الذكية، والتقنيات الحديثة، والتعليم الرقمي، والذكاء الاصطناعي منذ سنواته الأولى.
-ما الذي يميز جيل ألفا عن الأجيال السابقة؟ وكيف أسهمت التكنولوجيا في تكوين شخصيته؟
يُعرف جيل ألفا بكونه "جيلًا رقميًا بالفطرة"، إذ يتعامل مع التكنولوجيا منذ سنواته الأولى بسهولة ومرونة. وتميل فئة كبيرة من هذا الجيل إلى التعلم البصري والعملي، مفضّلين مقاطع الفيديو والصور والتجارب التفاعلية على القراءة التقليدية.
وتضيف العامرية أن أبناء هذا الجيل يميلون إلى الاستقلالية ولا يتقبلون الأوامر المباشرة، بل يفضلون المشاركة في اتخاذ القرار، كما يتّصفون بالحساسية والعاطفية، ويتأثرون سريعًا بالكلمة أو الموقف، مما يستدعي دعمًا نفسيًا مستمرًا من الأسرة والمحيطين.
وتشير إلى أن جيل ألفا اجتماعي بطريقته الخاصة، إذ يعبّر عن تفاعله عبر الإنترنت من خلال الألعاب والمنصات الرقمية، في حين ترتفع توقعاته تجاه كل ما يحيط به، فهو يحب السرعة والجودة والحصول على إجابات مباشرة.
-ما دور الأسرة في توجيه جيل ألفا وسط التطور الرقمي المتسارع؟
الإصغاء إلى الأبناء يُعد الخطوة الأولى لفهم هذا الجيل، مع ضرورة إتاحة المجال لهم للتعبير عن آرائهم حتى وإن اختلفت مع وجهة نظر الأسرة. وينبغي تجنّب أسلوب الرفض القاطع أو الجدال العقيم، واستبداله بالحوار الهادئ القائم على طرح الأسئلة، مع توظيف التكنولوجيا بشكل إيجابي في عملية التعليم والتربية، عبر التطبيقات والوسائط التي يفضلها الأبناء.
كما أن الاعتراف بمشاعرهم عبر عبارات بسيطة مثل: "أفهم شعورك"، يسهم بشكل كبير في بناء الثقة، إلى جانب تشجيع الأبناء على الاستقلالية الموجّهة، من خلال منحهم مساحة من الحرية وإشراكهم في اتخاذ القرارات بطريقة متوازنة بين الحزم والدعم.
-هل يُعدّ جيل ألفا أكثر ذكاءً تقنيًا من الأجيال السابقة؟
يُعد جيل ألفا بالفعل الأكثر ذكاءً تقنيًا بين الأجيال، إذ نشأ في بيئة رقمية متكاملة تحيط به التكنولوجيا من كل جانب، بدءًا من الهواتف الذكية والأجهزة اللوحية، وصولًا إلى الذكاء الاصطناعي والتعليم عبر الإنترنت.
ويعيش هذا الجيل في عصر السرعة، ما جعله معتادًا على الحصول الفوري للمعلومة عبر محركات البحث ومنصات التواصل مثل "يوتيوب" و"تيك توك"، ويتواصل بسهولة مع أقرانه حول العالم من خلال الألعاب والمنصات الرقمية، ويتمتع بقدرة عالية على التفاعل عبر الشاشات واكتساب المعرفة الذاتية، إضافةً إلى امتلاكه مهارات ابتكارية تؤهله لتطوير تطبيقات وبرامج رقمية جديدة.
-ما إيجابيات وسلبيات استخدام الأجهزة الذكية في سن مبكرة؟
يحمل الاستخدام المفرط للأجهزة الذكية في مراحل الطفولة المبكرة آثارًا سلبية عدة، أبرزها الإدمان على الشاشات الذي يؤدي إلى ضعف التركيز وتشتّت الانتباه، إضافة إلى تراجع القدرة على الصبر والرغبة في النتائج الفورية. كما يسهم تأثير المحتوى الإعلامي في تشكيل سلوكهم واتجاهاتهم، إذ يتأثر بعض الأطفال بالمؤثرين ومحتوى الإنترنت أكثر من تأثرهم بآراء الأسرة.
ويؤدي الإفراط في استخدام الوسائط الرقمية إلى ضعف مهارات التواصل الواقعي، حيث يميل الأطفال إلى الدردشة والكتابة بدل اللقاء المباشر.
أما الجانب الإيجابي، فيكمن في تنمية قدراتهم المعرفية والإبداعية، إذ يمتلك جيل ألفا قابلية عالية للتعلّم السريع ومرونة في استخدام التكنولوجيا، إلى جانب انفتاحه على الثقافات العالمية، ما يجعله أكثر استعدادًا لمستقبل رقمي متطور.
-هل فقد هذا الجيل جزءًا من التواصل الاجتماعي الواقعي؟
لقد فقد بالفعل جزءًا من تواصله الاجتماعي الواقعي نتيجة انغماسه العميق في العالم الرقمي، حيث ضعفت لديه مهارات الحوار المباشر والعلاقات الإنسانية القائمة على التفاعل الوجداني. وتشير المعطيات إلى أن الكثير من الأطفال والمراهقين باتوا يعتمدون على الرسائل النصية والرموز التعبيرية (الإيموجي) للتعبير عن مشاعرهم، بدل التواصل اللفظي والمشاعر الحقيقية، مما أحدث فجوة في مهاراتهم الاجتماعية على أرض الواقع.
-كيف يمكن تعزيز قيم الاحترام والمسؤولية لدى هذا الجيل؟
يشكل الانشغال بعوالم الإنترنت خطرًا على منظومة القيم الإنسانية والروحية، مما يستدعي دورًا أكبر للأسرة في التربية بالقدوة والحوار. ويؤكد الخبراء على ضرورة أن تكون القدوة حاضرة قبل التوجيه، مع استبدال أسلوب الأوامر بالنقاش الهادئ المبني على الاحترام المتبادل.
ويُعزز تعليم الأبناء لغة الاحترام اليومية من خلال الممارسة، وتحديد الحدود السلوكية بوضوح وشفافية، وربط تلك القيم بالهوية الوطنية والأخلاقية؛ لترسيخ الانتماء والمسؤولية في نفوسهم منذ الصغر.
-ما دور المدرسة والمجتمع في بناء شخصية متوازنة؟
يُتوقع من المدرسة والمجتمع استثمار الأدوات التقنية المتاحة لتعزيز الجانب الإنساني والاجتماعي لدى الطلبة، والموازنة بين المعرفة الرقمية والمهارات الحياتية الواقعية. هذا يُسهم في بناء جيل متكامل قادر على التفاعل بفاعلية مع العالمين الواقعي والافتراضي معًا، مع الحفاظ على قيم الاحترام والمسؤولية والاستقلالية.
-كيف يمكن للوالدين تحقيق التوازن بين الحرية والضبط في التربية ؟
تربية جيل ألفا تتطلّب مقاربة جديدة تراعي طبيعة هذا الجيل الرقمي، وتقوم على الاحترام المتبادل والحوار الفعّال. وتؤكد أن غرس قيم الاحترام ينبغي أن يتم بأسلوبٍ حديثٍ مفهومٍ لهم، من خلال التواصل المستمر، وتوزيع المسؤوليات والمهام داخل الأسرة، والإصغاء الجيد لآرائهم، إلى جانب التعامل معهم بذات الأدوات والوسائل التي يفضّلونها، كالوسائط التقنية والتطبيقات الحديثة، مما يخلق جسرًا من الثقة والفهم المتبادل بين الطرفين.
-ما أبرز التحديات التي قد يواجهها جيل ألفا مستقبلًا؟
توضح العامرية أن التحدي الأكبر أمام جيل ألفا يتمثل في الاعتماد المفرط على التكنولوجيا، إذ يُعدّ هذا الجيل أول من وُلد في بيئة رقمية تحيطه الأجهزة الذكية والذكاء الاصطناعي من كل جانب، مما جعل التقنية جزءًا من تكوينه النفسي والاجتماعي ،وذلك قد يؤدي إلى ضعف مهارات التواصل الواقعي والإدمان الرقمي، إلى جانب التغيّر السريع في منظومة القيم والمعتقدات وتعدّد الهويات الرقمية والاجتماعية، ما قد يسبب حالة من الارتباك أو المقارنة المستمرة مع الآخرين.،وهذه التحديات تتطلب تعزيز الوعي الذاتي والانتماء الحقيقي للقيم الإنسانية والوطنية لدى هذا الجيل.
-كيف سيكون سوق العمل في المستقبل مناسبًا لهذا الجيل ؟
يشهد سوق العمل تحوّلًا جذريًا خلال السنوات القادمة بفعل الذكاء الاصطناعي والأتمتة والروبوتات، ما سيؤدي إلى اختفاء العديد من المهن التقليدية وظهور وظائف جديدة لم تُخترَع بعد ،وسيكون أكثر قدرة على التكيّف مع هذا الواقع، بفضل مهاراته التقنية العالية ومرونته في التعامل مع التقنيات الحديثة، ما يؤهله لقيادة المستقبل في مجالات الابتكار الرقمي والتقنية الذكية.
-هل سيؤدي الذكاء الاصطناعي إلى تغيّر طريقة تفكيرهم ؟
إن الذكاء الاصطناعي سيترك أثرًا واضحًا في طريقة تفكير هذا الجيل، إذ سيمتد تأثيره إلى الجوانب العقلية والنفسية والتعليمية والاجتماعية، وسيسهم في تطوّر التفكير الإبداعي لدى هذا الجيل، ويعزز قدراته المعرفية والتعليمية بفضل التفاعل المستمر مع الأدوات الذكية والمحتوى التفاعلي. ومع ذلك فإن هذا التطور يحتاج إلى توجيه سليم حتى لا يطغى الجانب التقني على القيم الإنسانية والمهارات الواقعية.
-ما المجالات التي يُتوقّع أن يبدع فيها جيل ألفا؟
إن جيل ألفا يمتلك قابلية فطرية للإبداع في مجالات التقنية الحديثة، ويتوقّع أن يتفوّق في التصميم، والبرمجة، والتكنولوجيا، والاختراع والابتكار، بفضل قدرته العالية على التعلم الذاتي والتعامل مع الأدوات الرقمية منذ سن مبكرة.
-هل من المهم أن يفهم الآباء طبيعة هذا الجيل ؟
إن فهم الأهل لطبيعة جيل ألفا أمرٌ جوهري لبناء تواصل فعّال معهم، حيث إن الفهم هو أساس العلاقة المتوازنة داخل الأسرة وغيابه يؤدي إلى صدامٍ دائم بين الطرفين، إذ قد يظنّ الأهل أن أبناءهم يتصفون بالعناد أو قلّة الاحترام، بينما يرى الأبناء أن ذويهم لا يفهمونهم أو يرفضون أفكارهم.
وتختم بالقول إن إدراك الوالدين لخصائص هذا الجيل وسلوكياته يجعل العلاقة أكثر قربًا وتفاهمًا، ويتحوّل أسلوب التربية من الأوامر الصارمة إلى حوار بنّاء يعزز الثقة والاحترام المتبادل.
المصدر: لجريدة عمان
كلمات دلالية: الذکاء الاصطناعی هذا الجیل جیل ألفا إلى جانب من خلال
إقرأ أيضاً:
تنافس أبل .. Galaxy XR نظارة سامسونج الجديدة إليك أهم مواصفاتها
إذا كنت تبحث عن نظارة ذكية بمواصفات رائدة فيمكنك التفكير في نظارات الواقع الممتد Galaxy XR، لتدخل بها في منافسة مباشرة مع نظارة Apple Vision Pro من آبل ونظارة Meta Quest 3 من ميتا. وتُعد هذه النظارة أول جهاز في العالم يعمل بنظام التشغيل Android XR، مما يجعلها خطوة إستراتيجية كبرى في سوق تقنيات الواقع المعزز والافتراضي.
ميزات نظارات الواقع الممتد Galaxy XRوفي السياق نفسه تتعاون جوجل وكوالكوم وسامسونج لدمج الذكاء الاصطناعي في الواقع المعزز والواقع الافتراضي عبر نظام أندرويد إكس آر ، مما سيؤدي في نهاية المطاف إلى تطوير خط إنتاجها للنظارات الذكية .
أما عن أبرز ميزات النظارة فهي دمج مساعد Gemini، وهو أحد أكثر المساعدين الذكيين تطورًا حاليًا، مما يمنح المستخدمين تجربة تفاعلية مميزة وترجمة اللغات وتلخيص المستندات، والتحكم في الجهاز، وتقديم اقتراحات.
على الجانب الآخر تحتوي النظارة أيضا على شاشتين بتقنية Micro-OLED وبدقة قدرها حوالي 4.3K، مع مجال رؤية أفقي يبلغ حوالي 109 درجات وتغطية لونية قدرها 95% وتدعم الشاشتان معدل تحديث افتراضيًا قدره حوالي72 هرتزًا، ويمكن رفعه إلى 90 هرتزًا.
مواصفات نظارات Galaxy XRوتأتي العدسات ضمن وسادة مريحة، مع وجود حاجبٍ يعد قابل لمنع تسرب الضوء الخارجي وتوفير تجربة مشاهدة غامرة.
على الجانب الاخر تاتي النظارة بنظامًا صوتيًا ثنائي الاتجاه (Tweeter + Woofer) يدعم Dolby Atmos والصوت الفائق الدقة Hi-Res، مع عدة 6 ميكروفونات تلتقط الصوت بوضوح. كما تضم أربع كاميرات لتتبع العين وتقنية تعرّف قزحية العين لتأمين الجهاز والمصادقة البيومترية داخل التطبيقات.
أما عن سعر النظارة فهي تأتي بسعر 1800 دولارٍ أمريكي. ولم تكشف الشركة بعدُ عن موعد توفرها في أسواقٍ أخرى.