حكم إهمال الزوجة والأولاد بالشرع الشريف
تاريخ النشر: 23rd, October 2025 GMT
الزوجة.. قالت دار الإفتاء المصرية إن الله تعالى خلق الخلق وبناه على الاختلاف والتنوع، وجعل خصائص ووظائف مختلفة بين البشر؛ ليكتمل بها جميعًا مراد الله من خلقه وهو عبادته وحده؛ قال تعالى: ﴿وَمَا خَلَقْتُ الْجِنَّ وَالْإِنْسَ إِلَّا لِيَعْبُدُونِ﴾ [الذاريات: 56]، وعمارة الأرض؛ قال تعالى: ﴿هُوَ أَنْشَأَكُمْ مِنَ الْأَرْضِ وَاسْتَعْمَرَكُمْ فِيهَا﴾ [هود: 61]، وتزكية النفس؛ قال تعالى: ﴿قَدْ أَفْلَحَ مَنْ زَكَّاهَا﴾ [الشمس: 9].
وأوضحت الإفتاء أن الله تعالى أمر كلا من الرجال والنساء بالقيام بما أقامهم الله فيه؛ فمن ناحية الحقوق والواجبات قال تعالى: ﴿وَلَا تَتَمَنَّوْا مَا فَضَّلَ اللهُ بِهِ بَعْضَكُمْ عَلَى بَعْضٍ لِلرِّجَالِ نَصِيبٌ مِمَّا اكْتَسَبُوا وَلِلنِّسَاءِ نَصِيبٌ مِمَّا اكْتَسَبْنَ وَاسْأَلُوا اللهَ مِنْ فَضْلِهِ إِنَّ اللهَ كَانَ بِكُلِّ شَيْءٍ عَلِيمًا﴾ [النساء: 32].
وأضافت أن في ترتيب بناء الأسرة طالب الرجل بالعناية والرعاية بزوجته وأبنائه، وهذه الرعاية والعناية تتمثل في النفقة المادية والإشراف المعنوي وحسن التربية، وأمر المرأة برعاية زوجها وأبنائها؛ قال تعالى: ﴿وَلَهُنَّ مِثْلُ الَّذِي عَلَيْهِنَّ بِالْمَعْرُوفِ وَلِلرِّجَالِ عَلَيْهِنَّ دَرَجَة﴾ [البقرة: 228].
إهمال الزوجة والأولاد:
وهذه الدرجة هي درجة تكليف قبل أن تكون درجة تشريف؛ قال تعالى: ﴿أَسْكِنُوهُنَّ مِنْ حَيْثُ سَكَنْتُمْ مِنْ وُجْدِكُمْ وَلَا تُضَارُّوهُنَّ لِتُضَيِّقُوا عَلَيْهِنَّ وَإِنْ كُنَّ أُولَاتِ حَمْلٍ فَأَنْفِقُوا عَلَيْهِنَّ حَتَّى يَضَعْنَ حَمْلَهُنَّ فَإِنْ أَرْضَعْنَ لَكُمْ فَآتُوهُنَّ أُجُورَهُنَّ وَأْتَمِرُوا بَيْنَكُمْ بِمَعْرُوفٍ وَإِنْ تَعَاسَرْتُمْ فَسَتُرْضِعُ لَهُ أُخْرَى لِيُنْفِقْ ذُو سَعَةٍ مِنْ سَعَتِهِ وَمَنْ قُدِرَ عَلَيْهِ رِزْقُهُ فَلْيُنْفِقْ مِمَّا آتَاهُ اللهُ لَا يُكَلِّفُ اللهُ نَفْسًا إِلَّا مَا آتَاهَا سَيَجْعَلُ اللهُ بَعْدَ عُسْرٍ يُسْرًا﴾ [الطلاق: 6-7].
إهمال الزوجة:
قال تعالى: ﴿وَلَا تَعْضُلُوهُنَّ لِتَذْهَبُوا بِبَعْضِ مَا آتَيْتُمُوهُنًّ﴾ [النساء: 19]، وقال تعالى: ﴿وَلَا تُمْسِكُوهُنَّ ضِرَارًا لِتَعْتَدُوا وَمَنْ يَفْعَلْ ذَلِكَ فَقَدْ ظَلَمَ نَفْسَهُ وَلَا تَتَّخِذُوا آيَاتِ اللهِ هُزُوًا﴾ [البقرة: 231]، وقال تعالى: ﴿لَا تُضَارَّ وَالِدَةٌ بِوَلَدِهَا وَلَا مَوْلُودٌ لَهُ بِوَلَدِهِ وَعَلَى الْوَارِثِ مِثْلُ ذَلِكَ فَإِنْ أَرَادَا فِصَالًا عَنْ تَرَاضٍ مِنْهُمَا وَتَشَاوُرٍ فَلَا جُنَاحَ عَلَيْهِمَا﴾ [البقرة: 233].
مظاهر توطيد الإسلام لعلاقة الاحترام والتعاطف بين أفراد الأسرة:
ومن مظاهر توطيد الإسلام لعلاقة الاحترام والتوقير والتعاطف في الأسرة أو في المجتمع ككل: وجوب النفقة على الأب الكبير الفقير العاجز عن الكسب على ولده -أو ابنته-؛ مثل أن يكون مريضًا مرضًا مزمنًا أو كبير سن لا يقدر على الكسب، وكذلك وجوب النفقة على الابن تجاه أحد والديه -أو كلاهما- إذا كان في نفس الحال.
توطيد الإسلام لعلاقة الاحترام والتعاطف في الأسرة والمجتمع:
كما أن الإنسان مأمورًا بتوقير وإجلال من هو أكبر منه، موضحة أن أولى الناس بهذا الإجلال والتوقير الوالدين، فقد جمعا بين الكبَر والتفضل على الابن، بالإضافة إلى أن الشريعة قد أمرت بإكرامهما وإجلالهما، ولا خلاف أنَّ عقوق الوالدين أو أحدهما من كبائر الذنوب.
المصدر: بوابة الوفد
كلمات دلالية: الزوجة إهمال الزوجة قال تعالى
إقرأ أيضاً:
حكم تقبيل يد العلماء والوالدين وكبار السن.. توقير أهل الفضل
أكدت دار الإفتاء المصرية أن تقبيل يد العلماء والصالحين والوالدين وكبار السن والمشايخ والأجداد من السنن المستحبة التي جاءت بها السنة النبوية الشريفة، واعتاد عليها الصحابة الكرام رضوان الله عليهم مع النبي ﷺ ومع بعضهم البعض، لما فيها من تعبير عن التوقير والاحترام والاعتراف بفضل أصحاب المنزلة الدينية أو العلمية أو الأسرية.
حكم تقبيل يد العلماء والوالدين وكبار السنوأوضحت الدار أن الإسلام دعا إلى مكارم الأخلاق وحسن المعاملة، مستشهدة بحديث النبي ﷺ: «إِنَّمَا بُعِثْتُ لِأُتَمِّمَ صَالِحَ الْأَخْلَاقِ»، وأن من تمام الأخلاق توقير الكبير وإكرام ذوي الفضل، كما قال ﷺ: «لَيْسَ مِنْ أُمَّتِي مَنْ لَمْ يُجِلَّ كَبِيرَنَا وَيَرْحَمْ صَغِيرَنَا وَيَعْرِفْ لِعَالِمِنَا حَقَّهُ».
وبيّنت دار الإفتاء أن من مظاهر توقير العلماء وكبار السن تقبيل أيديهم، وهو أدب نبوي جليل، دلت عليه الأحاديث الصحيحة؛ فقد ورد عن أم المؤمنين عائشة رضي الله عنها أنها قالت عن السيدة فاطمة رضي الله عنها: «وَكَانَتْ إِذَا دَخَلَ عَلَيْهَا رَسُولُ اللَّهِ ﷺ قَامَتْ إِلَيْهِ مُسْتَقْبِلَةً وَقَبَّلَتْ يَدَهُ»، كما رُوي عن الصحابي زارع العبدي أنه قال: «لَمَّا قَدِمْنَا الْمَدِينَةَ فَجَعَلْنَا نَتَبَادَرُ مِنْ رَوَاحِلِنَا، فَنُقَبِّلُ يَدَ النَّبِيِّ ﷺ وَرِجْلَهُ».
وأضافت أن الصحابة لم يقصروا هذا الفعل على النبي ﷺ فقط، بل فعلوه مع بعضهم البعض، فقد ورد أن أبا عبيدة قبّل يد عمر بن الخطاب رضي الله عنه، وكانوا يعدّون ذلك من مظاهر الاحترام والاقتداء بالسنة.
كما نقلت دار الإفتاء عن عدد من كبار الفقهاء عبر المذاهب الأربعة اتفاقهم على جواز واستحباب تقبيل يد العلماء والصالحين، منهم الإمام النووي الذي قال: «يستحب تقبيل يد الرجل الصالح والزاهد والعالم ونحوهم من أهل الآخرة»، والإمام ابن مودود الموصلي الذي أشار إلى أنه «لا بأس بتقبيل يد العالم والسلطان العادل»، مؤكدًا أن الصحابة كانوا يقبّلون أطراف النبي ﷺ، وكذلك ما نقله العدوي المالكي والبهوتي الحنبلي عن جواز ذلك إذا كان بدافع الاحترام والتدين.
وشددت الدار على أن تقبيل يد الظالمين أو المتجبرين أمر مكروه، لأنه يدل على الخضوع لغير الحق، بينما يكون التقبيل مستحبًا في حق من يُرجى بركته وعلمه وصلاحه، مثل الوالدين والعلماء والمشايخ وأهل الفضل.
واختتمت دار الإفتاء بيانها بالتأكيد على أن تقبيل اليد سلوك إسلامي يعبر عن التواضع، والاعتراف بالفضل، وغرس قيمة الاحترام بين الأجيال، وأن من يوقر الكبير ويكرم العالم والوالد والمربي إنما يحيي سنة نبوية تُعزز الأخلاق وتوطد أواصر المحبة في المجتمع، مصداقًا لقول النبي ﷺ: «مَن لا يَرْحَمُ صَغِيرَنَا وَلا يُوَقِّرُ كَبِيرَنَا فَلَيْسَ مِنَّا».