في الوقت الذي يترقب فيه اليمنيون بارقة أمل لإنهاء سنوات العدوان والحصار الذي فرضه تحالف العدوان واحتلاله للمحافظات الجنوبية من الوطن، تعود إلى الواجهة موجة مقلقة من جرائم التقطعات والاختطافات التي تطال المسافرين والمواطنين في مناطق سيطرة الاحتلال، وعلى رأسها مدينة عدن وعدد من المحافظات الجنوبية.
آخر تلك الحوادث تمثّل في اختطاف المواطن محمد الحسني من داخل مطار عدن الدولي، في واقعة أعادت إلى الأذهان سلسلة طويلة من الجرائم المشابهة التي تشي بوجود منظومة أمنية موازية تعمل لصالح الاحتلال، وتكرّس واقع الفوضى والتشظي.

يمانيون/تقرير/خاص

 

لم تعد حوادث الخطف والتقطّع في مناطق الاحتلال أحداثاً معزولة، بل تحوّلت إلى سلوك متكرّر ومنهجي، يستهدف بدرجة كبيرة المسافرين القادمين من المحافظات الشمالية، والنشطاء، ورجال الأعمال، وحتى بعض المسؤولين المحليين.

تقارير حقوقية ومحلية وثّقت خلال العامين الماضيين عشرات حالات الاختطاف والتقطّع، وتشير البيانات إلى أن مطار المدينة، الذي يُفترض أن يكون رمزاً للعبور الآمن، تحوّل إلى بؤرة خطف وابتزاز تمارس فيها جماعات مسلّحة أنشطتها في وضح النهار.

اللافت أن هذه الجرائم لا تُنفذ دوماً بأسلوب العصابات التقليدية، بل تتم عبر جهات أمنية أو عسكرية تتبع تشكيلات محسوبة على قوى الاحتلال، ما يمنحها غطاءً رسمياً ويجعل مساءلتها شبه مستحيلة.

 

حادثة محمد الحسني .. نموذج مكثّف للفوضى

اختطاف المواطن محمد الحسني في مطار عدن جاء ليكون العنوان الأبرز لهذه الظاهرة، فقد أوقف الحسني أثناء محاولته السفر عبر المطار، ليُتهم لاحقاً بكونه قيادياً حوثياً، دون أي مسوّغ قانوني أو دليل رسمي.
عملية الاعتقال تمت وفق شهود عيان بطريقة مهينة، على أيدي عناصر ملثّمين دخلوا إلى صالة المغادرة، في مشهد يعكس مدى تغوّل الفوضى داخل واحدة من أكثر المنشآت السيادية حساسية.

وحادثة الحسني ليست استثناءً، فقد سُجِّلت خلال الأشهر الماضية حوادث مشابهة، بينها اختطاف مواطنين آخرين في نقاط أمنية على الطرق الواصلة بين عدن ولحج وأبين، ما جعل التنقّل بين المحافظات مغامرة محفوفة بالمخاطر.

 

الفوضى الأمنية كسلاح سياسي

يذهب مراقبون إلى أن هذه الجرائم لا تُفهم بمعزل عن السياق السياسي والأمني الذي تعيشه المحافظات المحتلة.
فهي ليست مجرد تجاوزات فردية، بل أدوات ضغط وتخويف تهدف إلى منع حرية التنقّل وإشاعة الخوف في صفوف المواطنين، خصوصاً القادمين من المحافظات الشمالية، وتعميق الانقسام الجغرافي والمناطقي بين الشمال والجنوب، وتحويل خطوط السفر إلى خطوط تماس نفسي وسياسي، وكذا تثبيت نفوذ الجماعات المسلحة الموالية لقوى الاحتلال، عبر ترهيب المعارضين وضرب أي صوت ناقد، وخلق واقع سلطة الأمر الواقع الذي تتحكم فيه الميليشيات لا القوانين.

بهذا المعنى، تتحوّل الجريمة إلى أداة سياسية تُستخدم لفرض الهيمنة وإعادة تشكيل المشهد الداخلي بما يخدم مصالح القوى الخارجية التي ترعى حالة الفوضى.

 

في ظل مخطط صهيوأمريكي لإشعال الفتنة

التحليل السياسي يربط بين تصاعد هذه العمليات وبين حالة التوتر الإقليمي والدولي في البحر الأحمر والخليج، فاليمن، بموقعه الاستراتيجي، يظل ساحة مفتوحة لتصفية الحسابات بين القوى الكبرى، ومن هذا المنطلق، يرى خبراء أن تصعيد الفوضى الأمنية عبر التقطّعات والاختطافات قد يكون جزءاً من مخطط صهيوأمريكي يستهدف، تعطيل أي مسار للسلام وإبقاء البلاد في دائرة الفوضى، وإعادة إشعال الحرب الداخلية عبر إثارة الأحقاد المناطقية وتشويه صورة الأطراف المقاومة للاحتلال، وإضعاف الدولة اليمنية الموحدة وتحويل الجنوب إلى منطقة نفوذ دائم تحت إدارة تحالف العدوان.

فكل جريمة اختطاف، مهما بدت محدودة، تترك أثراً سياسياً ومعنوياً يُترجم على الأرض كوقود إضافي لصراع لم يُطفأ بعد.

 

التداعيات الإنسانية والاجتماعية

انعكاسات هذه الظاهرة تتجاوز البعد الأمني لتطال نسيج المجتمع اليمني بأسره، فالمواطن بات يخشى السفر من محافظة إلى أخرى، والأنشطة التجارية والإنسانية تعطّلت، فيما تتنامى مشاعر الحقد والكراهية بسبب الأساليب الإجرامية المتعمدة التي يذكي نارها تحالف العدوان لتحقيق أهدافه الاحتلالية والابقاء على نفوذه في  المحافظات اليمنية الغنية بالثروة .
إن فقدان الشعور بالأمان في الطرق والمطارات يعني عملياً شلّ حركة الحياة اليومية وتحويل الناس إلى رهائن الخوف والريبة.

 

استفادة العدو الصهيوأمريكي وأدواته من الفوضى

توظّف دول العدوان وعلى رأسها السعودية والامارات ومن خلفها أمريكا وإسرائيل، هذا الانفلات الأمني لتبرير تدخلاتها في الشأن اليمني، فالفوضى دائماً وسيلة تُستخدم كذريعة لتوسيع الوجود العسكري الأجنبي، سواء تحت غطاء مكافحة التطرف والإرهاب أو حماية الملاحة في البحر الأحمر، وبينما يُختطف المواطن داخل مطار بلاده، تتكثف الاجتماعات الأجنبية التي تبحث في استقرار اليمن، دون أن يكون لليمنيين أنفسهم كلمة الفصل في مصيرهم.

 

أخيراً

حادثة اختطاف محمد الحسني لم تكن مجرد جريمة عابرة، بل جرس إنذار حاد يكشف مدى خطورة الوضع في المناطق الخاضعة للاحتلال، إنها صورة مكثفة لبلد تُغتال فيه الكرامة عند بوابات المطارات، وتُصادر فيه حرية المواطن تحت شعارات واتهامات جاهزة.

وإذا لم تُتخذ خطوات عاجلة وجادة من العقلاء في  المحافظات المحتلة، لوقف هذه الانتهاكات، فإن البلاد تسير بخطى متسارعة نحو  تحقيق أهداف العدو وعودة دوّامة الحرب التي لن تُبقي ولن تذر، فاليمن، بكل جغرافيته وتاريخه، لا يحتمل مزيداً من الفوضى، ولا بد من استعادة الأرض من المحتلين .

المصدر: يمانيون

كلمات دلالية: محمد الحسنی

إقرأ أيضاً:

حماس: تصاعد هجمات المستوطنين الوحشية التي تستهدف أراضي المزارعين تمثل سياسة إرهاب منظّمة

أكد القيادي في حركة حماس عبد الرحمن شديد، أن استمرار وتصاعد الهجمات الوحشية التي ينفذها المستوطنون في محافظات نابلس والخليل ورام الله وغيرها من المحافظات، والتي تستهدف أراضي المزارعين خلال موسم حصاد الزيتون، تمثل سياسة إرهاب منظّم تستهدف الأرض والإنسان وكل مكونات الحياة في الضفة الغربية.

وأوضح شديد اليوم، السبت، أن هذه الاعتداءات تأتي في سياق العدوان الشامل على شعبنا منذ حرب الإبادة في غزة، ضمن محاولة لتوسيع رقعة الاستيطان وترويع السكان ودفعهم لترك أراضيهم، في إطار مخطط الضم والتهجير الذي ترعاه حكومة الاحتلال الفاشية.

وتوجه بالتحية للمزارعين والمواطنين الصامدين الذين واجهوا اعتداءات المستوطنين بصدورهم العارية، داعيًا إلى تفعيل دور اللجان الشعبية وحماية القرى والبلدات، وتشكيل حالة ردع لمنع الاعتداءات على الأراضي والمزارعين.

كما دعا القيادي في الحركة إلى تحرك عاجل من المؤسسات الحقوقية الدولية  لتوثيق جرائم المستوطنين ومحاسبة الاحتلال على هذه الانتهاكات التي ترقى إلى جرائم حرب.

وشدد على أن شعبنا سيواصل صموده وثباته في أرضه رغم كل أشكال القمع والإرهاب، وأن زيتوننا الذي يروى بعرق المزارعين ودماء الشهداء سيبقى رمزاً للتجذر والحرية والانتماء للأرض.
 

طباعة شارك حركة حماس عبد الرحمن شديد محافظات نابلس رام الله أراضي المزارعين

مقالات مشابهة

  • البث الإسرائيلية: الجيش ينسحب من المناطق التي تجري فيها حماس أعمال البحث عن جثث
  • هيئة البث الإسرائيلية: جيش الاحتلال ينسحب من مناطق حماس
  • اليمن: التحريض الحوثي يضع العمل الإنساني «على المحك»
  • مسؤول بحركة فتح : الاحتلال دمر الأجهزة التي تساعدنا في التعرف على هوية الشهداء
  • الأمم المتحدة تكشف عن اختطافات جديدة طالت موظفيها في اليمن وتقول إنها بصدد إعادة تقييم عملها في مناطق الحوثيين
  • حماس: تصاعد هجمات المستوطنين الوحشية التي تستهدف أراضي المزارعين تمثل سياسة إرهاب منظّمة
  • قوات الاحتلال تشن حملة اعتقالات بعدة مناطق في الضفة الغربية
  • اليمن يدين اعتقال «الحوثيين» 7 موظفين أمميين
  • الرمان.. فاكهة الجمال والمناعة التي تحارب الشيخوخة من الداخل