دار الأوبرا السلطانية.. سيمفونية الجمال العُماني
تاريخ النشر: 27th, October 2025 GMT
أمينة بنت ناصر البلوشية
تلك الفاتنة التي تطل عليك من قلب منطقة القرم بالعاصمة مسقط، بشموخها الأخَّاذ وتمايل خيوط المغيب على جدرانها تشعر بها وهي تعانق ضحكات الأطفال ومشاعر زوارها، هذه هي دار الأوبرا السلطانية، دُرة مسقط وأيقونتها البارزة منذ افتتاحها بتاريخ 12 أكتوبر 2011؛ ذلك اليوم المهيب الذي تفضَّل فيه السلطان قابوس بن سعيد- طيب الله ثراه- بقص شريط الافتتاح، وأعلن دخول سلطنة عُمان محافل الدول الكبرى ومشاركتها في مسيرة التقدم الحضاري والفني الرفيع، أصبحت دار الأوبرا رمزًا للفن الراقي وواجهة مشرفة للحضور العُماني على الساحة الثقافية العالمية.
لقد أصبحت عُمان بهذا الصرح السباقة بين دول الخليج في احتضان الفنون العالمية واستحضار روح كلاسيكيات القرن التاسع عشر في قالب معاصر يزهو بالألوان في كل زاوية من زوايا المبنى المحمل برائحة الفن والرقي.
كانت وما زالت منارة الذوق ومثالا للرقي الفني الذي يليق بعُمان وهويتها وما حدث مؤخرًا من تصرف فردي عابر في لحظة لم يتوقعها أحد من القائمين بجهودهم في الدار، لا ينبغي أن يُتخذ معيارًا لتقييم مسيرةٍ استمرّت 15 عامًا من الجهود والالتزام بالبروتوكولات التي يبذلها كل القائمين والعاملين والتي حافظت على هيبة المكان ووقاره ويكفي أن كل من زار الأوبرا يشهد أن النظام والالتزام ما زالا العنوان الأبرز فيها.
ودار الأوبرا السلطانية هي مثال للروح العُمانية المعاصرة التي تتجلى في إنسانيتها وانفتاحها على الآخر؛ فالفيلسوف الألماني هيغل يرى أن الفن هو الوعي الذاتي للروح في صورتها الحسية فإن الوتر الذي خرج نشازًا في لحظةٍ غير مُتوقعة لا يُفْسد سيمفونية عظيمة متكاملة.
دار الأوبرا السلطانية مدرسة تربي الذائقة وتساعد على تنويعها وتقديمها لكافة شرائح المجتمع العُماني بما يضمه من مواطن ومقيم وزائر وهذه عملية مستمرة تحمل الكثير من الصور والمشاهد.
النظر إلى ما حدث يعيدني إلى التفكير بمنظار النقد البناء في صورته الفلسفية والذي يحمل البعد الأخلاقي وهو الموقف الأجدر بالوعي فالفكرة التي يجب أن تصل إلى الجمهور هي الارتقاء لا الإقصاء، وإلى إضاءة الفكرة لا محوها، وبتطبيق هذا الفهم على الفن والثقافة، يصبح النقد وسيلة لتجديد المعايير الجمالية وإعادة النظر؛ بما يخدم الذوق والوعي معًا.
الفيلسوف الألماني يورغن هابرماس وضَّح لنا مفهوم "المحاورة" في نظريته حول الفعل التواصلي مبينًا أن النقد الحقيقي يتحقق في فضاء من الحوار المتكافئ القائم على الحجة لا السلطة ولا يكون هجوميًا وفي جوهره بحث جماعي عن الحقيقة وراء المشهد بكافة جوانبه.
وهذا ما أحببت أن أبرزه أن الهدف من التعقيب حول النقد الذي أثير سابقًا حول دار الأوبرا السلطانية هو إضاءة جانب آخر واختلاف وجهات النظر لا يعني تضادًا؛ بل إنه حوار بناء حول مفهوم الأخطاء الفردية التي لا تهدم الكيانات الكبرى وإنما تدفعها إلى الوعي والمسؤولية.
ختامًا.. إنَّ دار الأوبرا السلطانية لم تفقد رسالتها ورؤيتها الفنية بما يضمن استمرار رسالتها الراقية، وكما أن الفن هو مرآة الروح، فإنَّ النقد المسؤول هو مرآة الفن ذاته.
المصدر: جريدة الرؤية العمانية
إقرأ أيضاً:
25.8 مليار ريال حجم المعروض النقدي بنهاية أغسطس
مسقط- العُمانية
شهد عرض النقد بمعناه الواسع في سلطنة عُمان بنهاية شهر أغسطس 2025 نموًّا بنسبة 6.1 بالمائة على أساس سنوي ليبلغ 25.8 مليار ريال عُماني.
وأشارت الإحصاءات الصادرة عن البنك المركزي العُماني إلى أن هذه الزيادة جاءت نتيجة ارتفاع النقد بمعناه الضيق بنسبة 6.9 بالمائة، وشبه النقد بنسبة 5.8 بالمائة والذي يتكون من مجموع ودائع التوفير وودائع لأجل بالريال العُماني زائد شهادات الإيداع المُصدرة من قبل البنوك إضافة إلى حسابات هامش الضمان وجميع الودائع بالعملة الأجنبية لدى القطاع المصرفي.
وأوضحت الإحصاءات أنه خلال الفترة ذاتها، انخفض النقد لدى الجمهور بنسبة 5 بالمائة، بينما شهدت الودائع تحت الطلب ارتفاعًا بنسبة 9.4 بالمائة. وفيما يتعلق بهيكل أسعار الفائدة لدى البنوك التجارية التقليدية، فسجل المتوسط المرجّح لأسعار الفائدة على الودائع بالريال العُماني انخفاضًا من 2.704 بالمائة في أغسطس 2024م إلى 2.535 بالمائة في أغسطس 2025، كما انخفض المتوسط المرجح لأسعار الفائدة على القروض بالريال العُماني من 5.603 بالمائة إلى 5.492 بالمائة خلال الفترة نفسها.
أما مُتوسط أسعار الفائدة في سوق الإقراض ما بين البنوك لليلة واحدة، فانخفض إلى 4.012 بالمائة في أغسطس 2025 مقارنة مع 5.133 بالمائة في أغسطس من عام 2024، ويعزى ذلك إلى انخفاض المتوسط المرجح لأسعار الفائدة على عمليات إعادة الشراء ليصل إلى 5 بالمائة مقارنة مع 6 بالمائة خلال الفترة ذاتها من العام الماضي؛ تماشيًا مع سياسات الاحتياطي الفدرالي الأمريكي.