لجريدة عمان:
2025-10-27@18:27:06 GMT

الروبوتات الصينية قادمة

تاريخ النشر: 27th, October 2025 GMT

سيلينا شو - هيلين تشانغ

مشاهد روبوتات الكلاب، والروبوتات البشرية المعاونة، والمصانع المظلمة والمؤتمتة بالكامل والخالية من العمال تبدو وكأنها مقتطعة مباشرة من إحدى روايات الخيال العلمي، لكنها قادمة بقوة في الصين في لحظتنا هذه؛ فالصين بعد سنوات من الاستثمار الصبور توشك على الدخول في ثورة «روبوتية».

وإذا كان الذكاء المتجسِّد (كما في الروبوتات التي يحركها الذكاء الاصطناعي، ويمكنها التعامل مع العالم الحقيقي) يشكل المرحلة التالية للذكاء الاصطناعي ستبدو الصين على أهبة الاستعداد لبسط هيمنتها.

وعلى الرغم من أن الولايات المتحدة لا تزال لديها ميزات واضحة في البرمجيات ورقائق الذكاء الاصطناعي المتقدمة والأبحاث الأساسية، إلا أن الصين تقود في أجهزة الروبوتات واستخدامها والسياسات الداعمة لها.

في العام الماضي ركَّبت الصين ما يقارب 300 ألف روبوت في مصانعها أو ما يزيد عن إجمالي الروبوتات في باقي العالم حسب تقرير صدر في سبتمبر عن الاتحاد العالمي للروبوتات. وأكثر من نصفها إنتاج محلي. أما الولايات المتحدة فاستخدمت 34 ألف روبوت فقط معظمها مستورد من اليابان وأوروبا.

لقد تم الإعلان عن ظهور عصر جديد لتفوق الصين التقني مرارًا وتكرارًا خلال العقدين الماضيين، لكننا لم نشعر بذلك أبدًا على نحو أشد وضوحًا مثلما فعلنا في أثناء رحلتنا هذا الصيف إلى الصين.

هناك سافرنا بالقطار فائق السرعة من شنغهاي الى هانغتشو، وهي مدينة برزت كمركز صناعي عالمي للذكاء الاصطناعي والروبوتات. ويعود الفضل في ذلك أساسا الى شركة ديب سيك. عندما تحدثنا الى مؤسسي شركات ومهندسين من «التنانين الستة الصغيرة» في هانغتشو (وهذا لقب ساد في الإنترنت لشركات التقنية الناشئة والأكثر شهرة في المدينة) كان يمكننا أن نشعر بالأرض وهي تميد تحت أقدامنا. أحد أسباب ذلك القدرة التصنيعية الباهرة؛ فمن المشغِّلات إلى المستشعرات والبطاريات أنشأت الصين سلسلة توريد تمكِّن الشركات الناشئة من تحسين وتشذيب نماذج الروبوتات إلى أن يظهر منها روبوت يمكن تصنيعه بتكلفة قليلة وإنتاجه بكميات كبيرة.

معظم الشركات التي زرناها صنعت روبوتاتها قريبا من مختبرات البحث التابعة لها، وأوجدت بذلك حلقات تغذية راجعة سريعة.

تكرس الشركات أيضا الأولوية للتكامل الرأسي مع إنتاج العديد من المكونات الرئيسية للروبوتات داخل مصانعها، وشراء المواد الأساسية محليا. وتشهد أسعار الروبوتات الأساسية هبوطًا حادًا؛ ففي يوليو أطلقت شركة «يونيتري» روبوتها «آر1» بسعر يقلّ عن 6 آلاف دولار أو حوالي ثلث سعر روبوتها «جي1» قبل عام.

الصين صاحبة ثاني أكبر اقتصاد في العالم متلهفة إلى إشاعة استخدام هذه التقنية؛ فمع شيخوخة سكانها تأمل في معالجة النقص الذي تواجهه في العمالة بالذكاء الاصطناعي والروبوتات. لقد شرعت معظم الشركات الناشئة التي علمنا بها في استخدام الروبوتات في مصانعها، وحفز ذلك على جمع البيانات الضرورية لتدريب أدمغة الروبوتات.

حماس الناس يزداد أيضا، وأحد العوامل وراء ذلك دعمُ واضعي السياسات وعروض التقنية الجذابة. ففي المؤتمر الدولي اللافت للذكاء الاصطناعي في شنغهاي هذا الصيف امتلأت قاعات المعرض بروبوتات بشرية تتبادل الضربات في حلقات ملاكمة وكلاب روبوتية تقف على قدميها الخلفيتين وروبوتات تقدِّم «بوبكورن».

وبعد أسابيع قليلة لاحقا استضافت بكين أول دورة ألعاب عالمية للروبوتات البشرية شاركت فيها الروبوتات بالسباق والرقص ولعب كرة القدم، واجتياز مسار به عقبات.

تعمل شركات الروبوتات الصينية بكامل طاقتها الإنتاجية وبأقصى سرعة. وتحدث مؤسسوها الذين قابلناهم عن الانتقال من إنتاج عشرات الوحدات إلى عشرات آلاف الوحدات خلال شهور.

من شنجن الى هانغتشو تكتظ الصين بمراكز تشكل مجتمعات ممارسة هندسية؛ حيث يمكن لرواد الأعمال والمهندسين والمستثمرين الاختلاط والتفاعل مع القوة العاملة الصناعية الأكثر خبرة لتسريع الابتكار. (مجتمع الممارسة أو المعرفة يعني مجموعة من الأفراد الذي يجمعهم هدف مشترك ويعملون معا لتسهيل بناء المعرفة وتوليد الأفكار وتبادل المعلومات- المترجم.)

وكما كتب المحلل الصيني دان وانغ في كتابه الأخير (العجلة الفائقة: سعي الصين لهندسة المستقبل) «في الصين يخرج الابتكار التقني من موقع الإنتاج داخل المصنع أثناء الانتقال بالمنتج المبتكر من مرحلة التصميم إلى مرحلة الإنتاج الكبير». توقعوا انطلاق هذه الابتكارات إلى الخارج؛ فكل مؤسس شركة قابلناه تقريبا كان يريد التوسع خارج الصين لا سيما في الولايات المتحدة. من بين أسباب ذلك حرب الأسعار الشرسة في الداخل مع هوامش الأرباح بالغة الضآلة وسط تنافس مع «تخمة» من الشركات الأخرى. وهو ما أسماه البعض نيجوان (التنافس غير المفيد- المترجم).

على الرغم من هذه الأوضاع غير المواتية كان حماس المؤسسين لافتا؛ فهم يؤمنون حقا أن «صنع في الصين» علامة جودة عالمية خصوصا في تصنيع المنتجات المتميزة.

فالشركات الصينية من أمثال (بي واي دي)، و(كاتل)، و(دي جيه آي) و(هواوي) أصبحت رائدة عالميا في إنتاج السيارات الكهربائية، والبطاريات، والمسيَرات الاستهلاكية (المستخدمة للأغراض لشخصية)، وشبكات الجيل الخامس على التوالي. والشركات الناشئة في حقل الروبوتات والذكاء الاصطناعي مصممة على أن تحذو حذوها.

هذا الجيل الجديد من رواد الأعمال والمهندسين والذي ولد في التسعينيات يبدو مختلفًا اختلافًا صارخًا عن الجيل السابق الأكثر تأثرًا بالغرب. ففي حين يميل رواد التقنية القدامى في الصين إلى تبجيل وادي السيلكون (مركز شركات التقنية المتقدمة والابتكار في الولايات المتحدة) يجد المؤسسون الشباب قدوتهم في أناس من أمثال ليانغ وينفينغ مؤسس ورئيس شركة «ديب سيك» ووانغ شِنْغشِنْغ مؤسس ورئيس شركة «يونيتري» للروبوتات. وهما كلاهما درسا حصريًا في الجامعات الصينية ومعلوم عنهما أنهما يوظفان الكفاءات المحلية في الغالب.

يتوقع تحليل من مركز الأبحاث (جي بي أس) التابع لمصرف سيتي بانك أن «يقطن» 648 مليون روبوت شبه بشري في العالم بحلول عام 2050. وستتحقق بذلك ميزة إنتاجية دائمة وقدرة اقتصادية هائلة؛ حيث ستتولى الروبوتات تصنيع المزيد من الروبوتات بشكل أفضل وأرخص وأسرع.

لقد سُكِبَ الكثير من الحبر حول الكيفية التي يمكن أن تستعيد بها الولايات المتحدة صناعاتها التحويلية. أما فيما يتعلق بالروبوتات فسيلزم الولايات المتحدة الاستثمار في البنية التحتية لتقوية صناعات المستقبل كبناء شبكة كهربائية أفضل، والدخول في مشاريع مشتركة مع الحلفاء يمكنها استجلاب (توطين) الخبرة التصنيعية لإنتاج المكونات الروبوتية الحيوية. تحتاج أمريكا أيضا إلى تعزيز مواضع قوتها بطرائق يمكن أن تكون صعبة في هذه اللحظة السياسية المضطربة مثل الأبحاث الأساسية التي تقودها الجامعات وسياسات الهجرة التي ترحب بأفضل المواهب من الخارج، والنظام البيئي الحاضن لريادة الأعمال والمُفعم بالحيوية والذي لا يغرق في العقبات الإجرائية.

سباق الروبوتات لم يصل إلى نهايته، لكن ما لم تحسِّن الولايات المتحدة أداءها يبدو من الواضح أن هذا سباق ستهيمن عليه الصين.

سيلينا شو وهيلين تشانغ باحثتان بارزتان في مجال الذكاء الاصطناعي والسياسات التكنولوجية

الترجمة عن واشنطن بوست

المصدر: لجريدة عمان

كلمات دلالية: الذکاء الاصطناعی الولایات المتحدة فی الصین

إقرأ أيضاً:

قاليباف : الرسالة الإيرانية-الروسية-الصينية إلى الأمم المتحدة رمز للتضامن الاستراتيجي بين ثلاث قوى كبرى

الثورة نت/وكالات اعتبر رئيس مجلس الشورى الإيراني (البرلمان) محمد باقر قاليباف، الرسالة المشتركة التي أرسلتها إيران وروسيا والصين إلى الأمين العام للأمم المتحدة ورئيس مجلس الأمن، أنها رمز للتضامن الاستراتيجي بين هذه القوى الثلاث الكبرى، مؤكدا أن انتهاء العمل بقرار مجلس الأمن رقم 2231 يعني انتهاء مهمة المدير العام للوكالة الدولية للطاقة الذرية المتعلقة بالإبلاغ عن التحقق من تنفيذ البرنامج النووي الإيراني ومراقبته. وقال قاليباف خلال الجلسة العلنية لمجلس الشورى الإيراني، اليوم الأحد، وفقا لما نقلته وكالة الأنباء الإيرانية “إرنا”، إن : “الرسالة المشتركة التي أرسلتها وزارات خارجية إيران وروسيا والصين إلى الأمين العام للأمم المتحدة ورئيس مجلس الأمن الدولي، تُعد رمزا للتضامن الاستراتيجي بين هذه القوى الثلاث الكبرى، وقد أكدت هذه الدول صراحة أن محاولات الترويكا الأوروبية (فرنسا وألمانيا وبريطانيا) لتفعيل آلية ما يُسمى بـالسناب باك (Snapback) تفتقر كليا إلى الأساس القانوني. “ وشدّد قاليباف قائلا: “وبناء عليه، ووفقا للفقرة 8 من قرار مجلس الأمن رقم 2231، فإن جميع القيود والالتزامات المنصوص عليها في هذا القرار قد انتهت، ويستمر إلغاء جميع قرارات مجلس الأمن السابقة، كما أن الملف النووي الإيراني قد خرج رسميا من جدول أعمال مجلس الأمن مع الاعتراف الصريح والرسمي بحق إيران في التخصيب. “ وأشار قاليباف إلى أنه “في استمرار لهذا النهج الحكيم، أرسل سفراء وممثلو الدول الثلاث الدائمون لدى الوكالة الدولية للطاقة الذرية رسالة مشتركة إلى المدير العام للوكالة الدولية للطاقة النووية، أكدوا فيها أن تفعيل آلية سناب باك غير قانوني، وصرّحوا بوضوح أنه مع انتهاء العمل بقرار مجلس الأمن رقم 2231، فقد انتهت مهمة المدير العام للوكالة المتعلقة بالإبلاغ عن التحقق من تنفيذ البرنامج النووي الإيراني ومراقبته. “ وأكد أنه وبناء على ذلك، فإنه ينبغي على الوكالة الدولية للطاقة النووية أن تلتزم بقرار مجلس المحافظين الصادر في ديسمبر 2015، بدلا من اتباع التفسيرات أحادية الجانب التي تروّج لها الدول الغربية. “ وشدّد قاليباف قائلا: “في الوقت الذي تقف فيه الصين وروسيا، باعتبارهما عضوين دائمين في مجلس الأمن، بحزمٍ إلى جانب إيران، فإن ذلك يُظهر بوضوح أن عصر الأحادية الذي تقوده الولايات المتحدة وحلفاؤها قد ولّى. “ وتابع :” يُبدي النظام الدولي اليوم مؤشراتٍ واضحة على دخوله حقبة جديدة، حيث وضعت الصين وروسيا وإيران، إلى جانب 120 دولة من دول حركة عدم الانحياز، خاتمة قانونية نهائية على إساءة استخدام آليات المؤسسات الدولية، ووقفت بوجه فرض الإرادة غير القانوني والهيمنة التي تمارسها الولايات المتحدة وبعض الدول الأوروبية على بقية العالم، وهو ما سيؤدي بلا شك إلى تقليل أثر العقوبات المفروضة على إيران. “

مقالات مشابهة

  • الصين تكشف سلاحها الجديد: مركبة قتالية ذاتية بقيادة الذكاء الاصطناعي
  • بوتين يلغي رسميا اتفاقا مع الولايات المتحدة للتخلص من البلوتونيوم
  • أرباح الشركات الصناعية في الصين ترتفع بـ 3.2% في 9 أشهر
  • روبوت صيني بسعر هاتف ذكي يقرب الذكاء الاصطناعي من الجميع
  • قاليباف : الرسالة الإيرانية-الروسية-الصينية إلى الأمم المتحدة رمز للتضامن الاستراتيجي بين ثلاث قوى كبرى
  • نفوذ الصين الدوائي هو الخيار النووي في محادثات التجارة مع الولايات المتحدة
  • خطر جديد في عالم التقنية: كيف يُصاب الذكاء الاصطناعي بـ”التسمم”؟!
  • الذكاء الاصطناعي يشوه تصوراتنا.. دراسة تحذر من نصائح روبوتات الدردشة
  • الولايات المتحدة تفرض عقوبات على الرئيس الكولومبي