آخر تحديث: 30 أكتوبر 2025 - 11:02 ص بغداد/ شبكة أخبار العراق- لم يعد المقعد النيابي في العراق عنواناً للتمثيل الشعبي بقدر ما أصبح بوابةً للنفوذ والثراء. فداخل القبة التي وُلدت لتراقب السلطة، تشكّلت سلطة موازية تمتلك من الامتيازات ما يفوق قدرة الدولة على محاسبتها. ومع كل دورة انتخابية، يتضخم حضور النواب في المشهد العام، فيما تتلاشى الحدود بين المال والسياسة، وتتحول العضوية البرلمانية إلى امتياز اقتصادي أكثر منها مسؤولية تشريعية.

الباحث لقمان حسين أكد في حديث صحفي، أن “المرشحين في الانتخابات المقبلة يكررون الوجوه والخطابات ذاتها من دون برامج واضحة أو خطط عملية”، موضحاً أن “ضعف الوعي البرامجي للحملات الانتخابية يعكس هشاشة التجربة البرلمانية، التي فقدت بريقها الشعبي منذ الدورات الأولى”. ويُرجع متخصصون في النظم البرلمانية هذه الظاهرة إلى طريقة إنتاج النائب نفسه، حيث تُصاغ القوائم الانتخابية داخل غرف مغلقة وبناءً على الولاء الحزبي والتمويل الانتخابي، لا الكفاءة أو الخبرة. ويقول أحد الباحثين إن “البرلمان في العراق يعيد إنتاج مراكز القوة نفسها التي تتحكم في توزيع المناصب داخل الدولة، ما جعله امتداداً للنفوذ لا للتمثيل”.وفق دراسات بحثية صدرت عن مراكز عراقية، فإن أكثر من نصف أعضاء مجلس النواب يفتقرون إلى خلفيات سياسية أو قانونية، وبعضهم يدخل المجلس للمرة الأولى دون تجربة حزبية سابقة. ويشير الخبراء إلى أن هذا التكوين غير المتجانس جعل البرلمان أقرب إلى “تجمّع شخصيات اجتماعية” منه إلى مؤسسة تشريعية منتجة. ومع أن النظام البرلماني يفترض أن يكون أداة للمساءلة، إلا أن الواقع السياسي في العراق أفرغ هذا الدور من مضمونه. فالأحزاب، بحسب محللين في علم السياسة، لم تعد تعمل كمصفاة للكفاءة، بل كقنوات ولاء. المواقع الانتخابية توزّع داخل الكتل وفق معايير القرب السياسي أو المصلحة المالية، ما جعل مقاعد البرلمان أشبه بحصص تفاوضية تُباع وتُشترى.ويضيف باحثون في الحوكمة أن هذه الآلية أضعفت الوظيفة التشريعية لصالح نفوذ رؤساء الكتل. فالقرار لا يصدر من قاعة البرلمان بل من المكاتب السياسية التي تدير التحالفات الكبرى، ما جعل النائب، في كثير من الأحيان، اسماً على الورق، وصوتاً بقرار مفروض. أما على الصعيد المالي، فتشير تقارير ديوان الرقابة المالية وهيئة النزاهة إلى تضخم لافت في الذمم المالية لعدد من النواب خلال دورة واحدة فقط، من دون وجود تبريرات قانونية أو تفعيل حقيقي لقانون “من أين لك هذا”. ويعتبر خبراء مكافحة الفساد أن هذا الواقع ساهم في تحويل الموقع النيابي إلى منصة للثراء السريع لا أداة رقابة على المال العام.تحليلياً، يربط مختصون في علم الاجتماع السياسي بين هذا السلوك النيابي وبين ثقافة “الخدمة الفردية”، حيث يُقاس أداء النائب بعدد التعيينات والمعاملات التي ينهيها لناخبيه، لا بعدد القوانين التي يقدّمها. وبهذا تتحول القبة التشريعية إلى مكتب خدمات محلي، وتغيب عنها الرؤية الوطنية طويلة الأمد. ويرى باحثون أن النظام الحالي يعيد تدوير الوجوه نفسها، فحتى النواب الذين وُجّهت لهم انتقادات حادة بسبب الغياب أو الفساد، يعودون مجدداً إلى المجلس بفضل طبيعة النظام الانتخابي المغلق وغياب أدوات المحاسبة الشعبية.وفي نهاية المطاف، تتقاطع آراء المختصين عند نتيجة واحدة: أن الأزمة ليست في الأشخاص فقط، بل في بنية التمثيل السياسي ذاته. فحين يصبح النائب تابعاً لزعيم الكتلة، والبرلمان انعكاساً لمراكز النفوذ، تتحول الديمقراطية التمثيلية في العراق إلى واجهة شكلية، تُدار قراراتها من خارجها، ويغدو صوت الناخب مجرد صدى في قاعة فارغة.

المصدر: شبكة اخبار العراق

كلمات دلالية: فی العراق

إقرأ أيضاً:

عبدالله آل حامد يلتقي رئيس هيئة الإعلام والاتصالات العراقي خلال الملتقى الإعلامي العربي في بيروت

التقى معالي عبدالله بن محمد بن بطي آل حامد، رئيس المكتب الوطني للإعلام، رئيس مجلس إدارة مجلس الإمارات للإعلام، الدكتور نوفل أبو رغيف رئيس هيئة الإعلام والاتصالات في جمهورية العراق الشقيقة، وذلك على هامش مشاركته في فعاليات النسخة الحادية والعشرين من الملتقى الإعلامي العربي في العاصمة اللبنانية بيروت والذي يقام تحت شعار «الإعلام والتنمية المستدامة شركاء الحاضر - تحالف المستقبل».
وشهد اللقاء مناقشة سبل تعزيز التعاون الإعلامي بين دولة الإمارات وجمهورية العراق الشقيقة، مع التركيز على دعم الابتكار الإعلامي وتبادل التجارب الناجحة في مجالات الإعلام الرقمي والإعلام الحكومي، بما يسهم في بناء إعلام عربي مؤثر ومتطور.

أخبار ذات صلة 21 مليون عراقي يختارون نوابهم 11 نوفمبر لبنان: ملتزمون ببذل كل جهد لمكافحة الإرهاب

وأكد معالي عبدالله آل حامد حرص دولة الإمارات على تعزيز التعاون الإعلامي مع العراق، وبما يجعل من الإعلام قوة محركة للتنمية المستدامة، قادرة على نقل الإنجازات وإبراز قيم الاستقرار والتقدم، مشددا على عمق العلاقات الثنائية التي تربط البلدين في مختلف المجالات، ونوه بما توليه الدولتان من حرص على تعزيز هذه العلاقات، بما يحقق الأهداف المشتركة للبلدين والشعبين الشقيقين. 
وتطرق اللقاء إلى برنامج النسخة الحادية والعشرين من الملتقى الإعلامي العربي، وما تضمنه جدول الأعمال من موضوعات حيوية تصب في صالح تطوير مسيرة العمل الإعلامي العربي المشترك، والارتقاء بالرسالة الإعلامية العربية إلى الآفاق التي تلبي التطلعات.

مقالات مشابهة

  • البركاني يتهم العليمي برفض عقد جلسات مجلس النواب
  • نائب:يجب إلغاء كل الإتفاقيات التي أبرمها السوداني مع تركيا
  • من قتل جعفر العسكري مؤسس الجيش العراقي؟
  • عبدالله آل حامد يلتقي رئيس هيئة الإعلام والاتصالات العراقي خلال الملتقى الإعلامي العربي في بيروت
  • البرلمان العراقي.. صمت القبة العالية والسلطة تتحول إلى امتياز
  • الرئيس العراقي يؤكد دعم بلاده الكامل لحقوق الشعب الفلسطيني في إقامة دولته المستقلة
  • رئيس الوزراء العراقي: علاقتنا مع أميركا يجب أن تكون قائمة على الشراكة لا على القرارات الأحادية
  • عرب كركوك:تصريحات مسرور تهديد للأمن القومي العراقي
  • برلماني: المتحف المصري الكبير بوابة مصر للمستقبل الثقافي والسياحي