معركة الوعي.. أساليب الحرب الخفية للأعداء لتفكيك الأمة الإسلامية… فما هو طوق النجاة وكيف ننتصر؟
تاريخ النشر: 9th, November 2025 GMT
يمانيون|تحليل: محسن علي
“ولا يزالون يقاتلونكم حتى يردوكم عن دينكم إن استطاعوا”، بهذه الآية الكريمة كشف القرآن الكريم عن الغاية النهائية لأعداء الأمة، وهي معركة وجودية تستهدف العقيدة والوحدة والإرادة في ساحة صراع لا تُرى بالعين المجردة، ولا تُسمع فيها أصوات المدافع، تخوض الأمة الإسلامية اليوم أخطر حروبها على الإطلاق إنها “معركة الوعي”، حرب خبيثة تُشن في العقول والقلوب، هدفها ليس احتلال الأرض، بل تفكيك الروح والذات وتجريد الأمة من هويتها ومبادئها التي تمثل مصدر قوتها الأبدي .
منذ قرون، والأدوات تتغير بينما الهدف ثابت, من الانحرافات التاريخية الأولى التي حدثت للأسف مبكرا في صدر الإسلام، مروراً بمؤامرة “سايكس-بيكو” التي مزقت الجسد الواحد، وصولاً إلى حروب اليوم الناعمة التي تُخاض عبر شاشات الهواتف والقنوات الفضائية ومنصات شبكات التواصل الاجتماعي والسوشال ميديا، تتكامل استراتيجيات الأعداء لتنفيذ مشروع التفكيك الشامل,و أن النجاة تبدأ من فهم أبعاد هذه الحرب وأهمية العودة إلى منابع القوة الأصيلة لتحصل الامة من خلالها على المنعة والقوة والريادة
جذور التفكيك.. من السقيفة إلى سايكس-بيكو
كثيرا ما يتحير ذوي الألباب وغيرهم من عامة الناس عن فهم ما يجري حاليا في الساحة, ولكن لفهم مآسي وصراعات الحاضر، لا بد من العودة إلى مفترقات الطرق التاريخية, حيث يرى العديد من المحللين والباحثين في التاريخ الإسلامي أن الشرخ الأول لم يكن وليد الحاضر بل بدأ تاريخياً بعد وفاة النبي محمد (صلوات الله عليه وآله)، وتحديداً في “يوم السقيفة”، الذي يُنظر إليه كنقطة انحراف عن المسار الذي حُدد للأمة في “غدير خم” بإعلان ولاية الإمام علي عليه السلام’ هذا الحدث المفصلي، وما تلاه من إقصاء لأهل البيت كمرجعية قيادية وروحية، فتح الباب أمام سلسلة من الانحرافات التي تفاقمت في عهد بني أمية، حيث تم إضلال الأمة وتغييب الحقائق وتحريف الدين ومبادئه, واستمر هذا التدهور والضياع جيل بعد جيل وصولا إلى ما وصلت إليه أمة الإسلام اليوم في عصرنا الراهن وما هي عليه من حالة تشرذم وشتات وتمزق وفرقة وتناحر وحروب كلها تصب في صالح أعدائها, وهو ما أشار إليه الرسول الكريم حينما قال ” إذا بلغ بنو أمية 40 رجلا اتخذوا دين الله دغلا وعباده خولا وماله دولا”
مؤامرة الاستعمار لتقسيم الأمة بالحديد والنار
هذا التصدع الداخلي جعل الأمة كياناً هشاً، مهيأً للضربات الخارجية, وجاءت الضربة القاصمة في العصر الحديث عبر اتفاقية “سايكس-بيكو” عام 1916, هذه المؤامرة الاستعمارية لم تكن مجرد تقسيم جغرافي لتركة الدولة العثمانية، بل كانت عملية بتر جراحية لتمزيق الأمة إلى دويلات متناحرة، ورسم حدود مصطنعة بالدم والنار, و كرست “سايكس-بيكو” الفرقة كواقع سياسي، وأنشأت كيانات وظيفية تابعة للغرب، مما سهل نهب الثروات وفرض الهيمنة الكاملة على الأمة وخيراتها وشعوبها, وما موجة الفتن والحروب الطاحنة التي تنشأ في أوساط الدول العربية إلا خير شاهد على ذلك.
أسلحة الدمار الشامل.. الغزو الفكري والفتن الطائفية
بناءً على هذا الواقع الممزق، طور الأعداء أسلحة أكثر دقة وفتكاً لاستهداف ما تبقى من حصون الأمة, وكما يوضح السيد القائد عبدالملك الحوثي” حفظه الله، فإن الاستراتيجية الحديثة ترتكز على “تفريغ الأمة من مبادئها وقيمها الدينية لتفقد مشروعها الذاتي”والتي ينفذها الأعداء في مسارات عملية ضمن مساعي تفكيك الأمة بهدف تدمير وسهولة القضاء والسيطرة عليها وعلى رأسها “الغزو الفكري والإلهاء”, هي حرب العقول التي تهدف إلى صناعة جيل بلا قضية حيث تقوم عبر عدة نقاط وهي”التشكيك في الثوابت “وفق حملات ممنهجة للطعن في القرآن ، وتشويه رموز الإسلام لقطع صلة الأجيال بماضيهم, إضافة إلى “التغريب والعلمانية” والترويج للنموذج الغربي كطريق وحيد للتقدم، وفصل الدين عن الحياة لفتح الباب أمام التبعية الكاملة, إضافة إلى “إغراق الشباب بالشهوات” وفق الحرب الناعمة التي جعلت من نشر الإباحية والمخدرات والألعاب التافهة لتدمير طاقات الشباب وجعلهم أسرى لغرائزهم، غير قادرين على حمل هموم أمتهم وقضاياهم .
استراتيجيات رئيسية للعدو
يعتبر الإعلام الموجة هو سلاح العدو الأبرز في معركة الوعي، من خلال قدرته على قلب الحقائق وتزييف الوعي, وضخ الشائعات والأخبار الكاذبة لتدمير الثقة بين الشعوب وقيادتها, وكذلك لتلميع صورة الأعداء والمحتلين، بينما يتم شيطنة حركات المقاومة ووصفها بـ”الإرهاب”, إضافة إلى تكريس الإنقسام وتضخيم الخلافات الطائفية والمذهبية وتحويلها إلى صراعات دموية، ودعم النعرات القومية والحزبية لإبقاء الأمة في حالة استنزاف داخلي دائم كما هو قائم اليوم في قلب الساحة الإسلامية والعربية, ولا تختلف كليا عن المسار الذي سعى له الأعداء وعملوا لإعداده لسنوات وربما قرون من الزمن.
التطويع والتركيع.. من الحرب الاقتصادية إلى التطبيع
تهدف هذه الإستراتيجية إلى تحويل الأمة من عدو مجاهد ومقاوم في نظر الأعداء من اليهود والنصارى إلى أداة طيعة’, فيما تستخدم سلاح التجويع كحرب اقتصادية عبر الديون من صندوق النقد الدولي والعقوبات والحصار، لإجبار الدول على التنازل عن سيادتها وقرارها المستقل’ وتنفذ كل هذه الاستراتيجية عبر سياسة الترويض والتطبيع التي تعد من أخطر المراحل، حيث يسعى الأعداء لإنهاء حالة العداء مع الكيان الصهيوني, وهو في مشروع لتزييف وعي الأجيال، وجعلهم يتقبلون المحتل كجار طبيعي، وصولاً إلى تحويل بعض الأنظمة إلى حلفاء للعدو ضد إخوانهم في الدين والإسلام والعروبة والجغرافيا والأرض ولعل العدوان على اليمن والتكالب عليه, وقبله على العراق, ولبنان, وفلسطين وغزة وصمتهم عن مظلومية القرن والمأساة وما يجري في السودان لهو خير دليل واضح يجب أن يتوقف الجميع لوضع الآلاف من الأسئلة وعلامات الإستفهام كيف..! ومتى.. وأين ولماذا.. وما هو الحل والمخرج, من هذه عواصف هذه الفتن الهوجاء, ولعل السبيل الأقرب لفهم الأحداث هو ما حكاه النبي المصطفى في حديثه الشريف محذرا أمته بقوله ” ستتوالي عليكم الفتن كقطع الليل المظلم يتبع آخرها أولها’ الآخرة شر من الأولى .. قال الصحابة يومها والمخرج يارسول الله منها .. فأجاب.. تركت فيكم ما إن تمسكتم بهما لن تضلوا بعدي أبدا كتاب الله وعترتي أهل بيتي نبأني اللطيف الخبير أنهما لن يفترقا حتى يردا علي الحوض”.
خارطة طريق النجاة.. العودة إلى منابع القوة
إن فهم أساليب العدو هو نصف المعركة، أما النصف الآخر فيكمن في العودة الواعية إلى مصادر القوة الحقيقية التي لا تُقهر والحل الجذري لإخراج الأمة مما هي عليه الآن ليس ردود أفعال متفرقة ومجتمعة في القمم وإصدار البيانات الهابطة والهزيلة، بل بالعمل وفق استراتيجية مضادة شاملة تبدأ بالعودة الصادقة والحقيقية للقرآن كمرجعية حاكمة، ونبذ كل الدعوات الحزبية والطائفية التي مزقت الأمة و الاعتصام بحبل الله ونبذ كل أشكال الفرقة امتثالا للأمر الإلهي: “واعتصموا بحبل الله جميعاً ولا تفرقوا” ومن خلال الآية يتبين أن “الوحدة الإسلامية ليست مجرد خيار استراتيجي، بل هي أصل من أصول الدين”.
طوق النجاة للأمة في زمن الفتن
وفي مواجهة موجة التطبيع القائم على الساحة العربية والإسلامية، يصبح ترسيخ مبدأ ” الولاء لله ولرسوله وللمؤمنين وأعلام الهدى من آل بيت رسول الله صلوات الله عليه وآله كونهم الامتداد الأصيل للنبي الأكرم ، والبراء التام من أعداء الله والمستكبرين ” يعتبران ركنان أساسيان في الدين وضرورة حتمية , كما يمثلان البوصلة التي تحمي الأمة من السقوط في فخ التبعية والضلال والإنحراف, في الوقت الذي نلحظ قيام أمريكا وتحكمها كليا في عصرنا بهذه المهمة وتوجيه الأمة كيفماء تشاء وتريد لتفرض عليها ولاية من نوع آخر وفق سياساتها وخططها الماكرة, ومعركة بهذا الحجم دون التولي للقيادة الربانية ووجود قائد رباني حكيم لا يمكن خوضها” لأن الأمة حينما “تركت كتاب ربها وتجردت من سلاحها وبعيدة عن اقتفاء أعلام هداتها انطلقت في الميدان لتصارع فصرعت وهزمت وأذلت على أيدي من ضرب الله عليهم الذلة والمسكنة, وقد أثبتت الأحداث على مر التاريخ وفي عصرنا الراهن أن العودة للارتباط بأعلام الهدى والقادة الربانيين، والالتفاف حولهم، هو طوق النجاة في زمن الفتن، فهم من يملكون البصيرة لكشف مخططات الأعداء وقيادة الأمة نحو بر الأمان, وهو ما يخشاه الأعداء ويبدون قلقهم منه في كل عصر ومرحلة وزمن.
النصر يبدأ من الوعي
إن معركة الوعي هي في جوهرها معركة إرادات في زمن وصف بزمن “كشف الحقائق”, ورغم القوة الظاهرية لمشروع العدو، إلا أنه قائم على الزيف والباطل,النصر في هذه المعركة المصيرية يبدأ من اللحظة التي يقرر فيها كل فرد في هذه الأمة أن يكون جندياً واعياً في هذه الحرب، وأن يحصن نفسه وعائلته ومجتمعه بالوعي والبصيرة المستمدة من كتاب الله , ثم وفق قاعدة الشهيد القائد رضوان الله عليه ” من نحن ومن هم”، وقاعدة ” عين على القرآن وعين على الأحداث” وأن يعتصم بحبل الله، ويتولى أولياءه، ويعادي أعداءه, حينها فقط، تبدأ الأمة مسيرتها الحقيقية لاستعادة مكانتها التي أرادها الله لها أن تكون “خير أمة أخرجت للناس”.
المصدر: يمانيون
كلمات دلالية: معرکة الوعی سایکس بیکو الله علیه الأمة من التی ت
إقرأ أيضاً:
مأرب.. قبيلة القراميش تعلن النفير لمواجهة مؤامرات الأعداء
وأكد أبناء القراميش خلال الوقفة القبلية تحت شعار "وفاءً لدماء الشهداء.. التعبئة مستمرة والجهوزية عالية"، المضي على درب شهداء الوطن في الدفاع عن الدين والأرض والعرض والسيادة ونصرة قضايا الأمة، وكذا دعم الشعب الفلسطيني ومقاومته الباسلة في مواجهة العدو الصهيوني الأمريكي في حال نكث بوعده ونقض الاتفاق.
وجددوا العهد لقائد الثورة السيد عبد الملك بدر الدين الحوثي، بالثبات على طريق الجهاد، والمضي على درب الشهداء العظماء الذين بذلوا أرواحهم في المعركة المقدسة.
وأعلن أبناء القراميش جهوزيتهم العالية لمواجهة مؤامرات الأعداء التي تستهدف الوطن ومقدسات الأمة.. محذرين العدو الأمريكي والإسرائيلي وأدواته في المنطقة من أي تصعيد أو محاولة لزعزعة الجبهة الداخلية.
وأكدوا وقوفهم سندًا وعونًا للقيادة وعدم التراجع عن مواجهة كل من يعمل لصالح الأعداء داخليًا وخارجيًا، حتى يتحقق الوعد الإلهي بالنصر.
وخلال الوقفة أشاد مسؤول الوحدة الاجتماعية بالمحافظة أحمد السقاف ومدير مديرية حريب القراميش صادق هيسان، بالمواقف المشرفة لأبناء قبيلة القراميش وحضورهم المشرف في هذه الوقفة التي تعبر عن وفائهم للشهداء واستمرارهم في التعبئة والجهوزية العالية لمواجهة العدو.
وأكد بيان صادر عن الوقفة، الاستمرار في التعبئة ورفع الجاهزية نصرةً لغزة والأقصى ومواجهة كل مساعي الأعداء ومخططاتهم الرامية لاستباحة المنطقة والأمة.
وأشار إلى أن قبائل القراميش لن تحيد أو تميل عن نهجها حتى يتحقق النصر الموعود بإذن الله.. مؤكدًا الاستمرار في إعداد العدة والتعبئة بوتيرة أكبر وعزم أقوى ورفع الجاهزية لمواجهة مؤامرات الأعداء التي تستهدف الوطن ومقدسات الأمة.
وبارك البيان الإنجازات التي حققتها الأجهزة الأمنية في ضبط خلايا تجسس تابعة للعدو الصهيوني والأمريكي والسعودي.. داعيا إلى اليقظة العالية والتعاون مع الجهات الأمنية في ضبط خلايا العدو التجسسية.