الجزيرة:
2025-11-09@22:16:16 GMT

ماذا بعد زيارة الشرع لواشنطن وأي ثمن ستدفعه دمشق؟

تاريخ النشر: 9th, November 2025 GMT

ماذا بعد زيارة الشرع لواشنطن وأي ثمن ستدفعه دمشق؟

أعادت زيارة الرئيس السوري أحمد الشرع إلى واشنطن طرح أسئلة حول طبيعة التحول في العلاقات بين البلدين، وما إذا كانت تمثل بداية مسار جديد يعيد دمج سوريا في المشهد الإقليمي والدولي، أم أنها خطوة تكتيكية محكومة بحسابات ظرفية.

الزيارة –التي حظيت باهتمام واسع– جاءت بعد سنوات من القطيعة والعقوبات لتفتح باب النقاش بشأن أهدافها الحقيقية وحدودها والثمن السياسي الذي قد يترتب عليها داخليا وإقليميا.

ومنذ بدايات الانفتاح الأميركي على دمشق، اعتبرت دوائر غربية أن واشنطن بصدد اختبار إستراتيجية جديدة قوامها "الاختراق عبر إعادة التأهيل"، أي استمالة النظام السوري لا إسقاطه.

وفي هذا السياق، يرى كينيث كاتزمان، الباحث في مركز الدراسات الإستراتيجية بواشنطن، أن السياسة الأميركية الراهنة تمثل "إعادة تأطير للدور السوري" ضمن رؤية تقوم على استخدام دمشق أداة لاحتواء طهران، وتخفيف نفوذها في المشرق العربي.

ويؤكد في حديثه لبرنامج ما وراء الخبر أن "واشنطن تدرك أن الطريق إلى طهران يمر عبر دمشق"، وأنّ إعادة الانفتاح ليست مكافأة، بل خطوة محسوبة لبناء جدار إقليمي جديد في مواجهة إيران.

نجاح نادر

أما الدكتور لقاء مكي، الباحث في مركز الجزيرة للدراسات، فيرى أن هذه الزيارة تمثل نجاحا أميركيا نادرا في إعادة صياغة موازين القوى دون تدخل عسكري، فبدل أن تخوض واشنطن حربا مفتوحة مع محور المقاومة، لجأت إلى استقطاب أحد أهم أركانه عبر سياسة الترغيب السياسي والاقتصادي.

ويضيف أن الولايات المتحدة "حصلت على سوريا جديدة دون أن تطلق رصاصة واحدة"، مشيرا إلى أن البراغماتية الأميركية أثبتت فاعليتها في تحويل الخصوم إلى شركاء، كما فعلت في مراحل سابقة مع دولٍ كبرى بعد الحروب الباردة.

من جهته، يذهب الباحث السوري نوار نجمة إلى أن الانفتاح السوري على واشنطن لا ينطلق من موقع قوة، بل من موقع اضطرار، فالعقوبات الأميركية والأوروبية أنهكت الاقتصاد السوري، وإعادة الإعمار باتت رهينة للبوابة الغربية.

إعلان

ويرى أن دمشق تقايض اليوم تحالفاتها القديمة ببقاء نظامها، وأنّ أي تقارب مع الولايات المتحدة سيأتي على حساب العلاقة مع إيران وحزب الله، سواء من حيث التنسيق الأمني أو الممرات العسكرية أو ملفات الطاقة والحدود.

ويشير نجمة إلى أنّ النظام السوري يحاول التكيّف مع واقعٍ جديد دون أن يخسر رمزيته كممانع، لكن تلك المعادلة تبدو شبه مستحيلة في المدى البعيد.

وتكشف مداولات الزيارة، بحسب مكي، أن واشنطن لا تبحث فقط عن تطبيعٍ شكلي، بل عن إعادة تموضع إستراتيجي يجعل دمشق جزءا من منظومة الأمن الإقليمي المتقاطع مع المصالح الأميركية والإسرائيلية معا.

انفتاح مدروس

لذلك، جاء الانفتاح متدرجا ومدروسا، بدءا من رفع بعض العقوبات الجزئية، مرورا بتسهيلات اقتصادية محدودة، وصولا إلى لقاء الشرع في البيت الأبيض، بوصفه إعلانا سياسيا عن اكتمال "مرحلة الاحتواء".

لكنّ هذا التحول لا يخلو من كلفة سياسية داخلية وخارجية، فدمشق التي بنت سرديتها لعقود على خطاب "الممانعة ومناهضة الهيمنة" تجد نفسها اليوم مطالبة بخطاب جديد أكثر واقعية، يبرر الانفتاح على واشنطن دون أن يبدو تراجعا عن الثوابت.

ويرى كاتزمان أن هذا التحدي "وجودي" بالنسبة للنظام، إذ إنّ إعادة التموضع الجيوسياسي قد تفرض عليه تغييراتٍ في بنية التحالفات الأمنية وربما في طبيعة العلاقة مع موسكو التي كانت طوال السنوات الماضية المظلة العسكرية الأساسية له.

وفي ضوء هذه التطورات، تبرز رؤية مكي بأن الولايات المتحدة تمارس ما يمكن تسميته بـ"الاحتواء الإيجابي"، أي إعادة هندسة النظام السوري ليصبح شريكا وظيفيا في الاستقرار الإقليمي، لا مصدرا للفوضى.

ويرى أن دمشق ستجد نفسها قريبا أمام اختبارٍ حقيقي، بين الالتزام بتعهدات الانفتاح الجديد أو العودة إلى العزلة القديمة إذا لم تفِ بوعودها في تقليص الحضور الإيراني وتطبيع العلاقة مع إسرائيل عبر القنوات غير المباشرة.

وبينما تعوّل دمشق على رفع تدريجي للعقوبات وإعادة دمجها اقتصاديا في المنطقة، يعتقد نجمة أن الثمن الفعلي لهذا المسار سيكون "فقدان جزء من القرار السيادي"، إذ ستتحول السياسة السورية إلى رهينة التوازن بين واشنطن وطهران، وهو توازن هشّ يصعب ضبطه.

ومع ذلك، يرى أنّ النظام مستعد لدفع هذا الثمن إذا كان يضمن له البقاء والاستقرار النسبي بعد عقدٍ من الحرب والعزلة.

المصدر: الجزيرة

كلمات دلالية: دراسات شفافية غوث حريات

إقرأ أيضاً:

رسميا.. واشنطن تعلن رفع اسم الرئيس السوري من قائمة العقوبات

أعلنت الولايات المتحدة، الجمعة، رفع اسم الرئيس السوري أحمد الشرع من قائمة العقوبات الخاصة بالإرهابيين العالميين، وذلك قبيل زيارته المرتقبة إلى البيت الأبيض.

 

وقال تومي بيغوت نائب متحدث وزارة الخارجية الأمريكية، في بيان إن الوزير ماركو روبيو رفع اسم الشرع من القائمة المذكورة.

 

وأشار المتحدث الأمريكي إلى أن القرار "يبعث برسالة سياسية قوية تُقر بانتقال سوريا إلى مرحلة جديدة".

 

وأوضح أن وزارة الخزانة الأمريكية بدورها رفعت اسم وزير الداخلية السوري أنس خطاب من قائمة عقوباتها.

 

وقال بيغوت: "تُتخذ هذه الخطوات تقديرا للتقدم الذي أحرزته القيادة السورية منذ رحيل بشار الأسد".

 

وأضاف أن "الحكومة السورية الجديدة، بقيادة الرئيس الشرع، تعمل بجد لتحديد مكان الأمريكيين المفقودين، والوفاء بالتزاماتها بمكافحة الإرهاب والمخدرات، والقضاء على الأسلحة الكيميائية، وتعزيز الأمن والاستقرار الإقليميين، ودعم عملية سياسية شاملة بقيادة سورية وملكية سورية".

 

وشدد على أن الولايات المتحدة ستواصل دعم جهود الشعب السوري من أجل السلام والاستقرار وإعادة الإعمار.

 

وقبل يومين، اعتمد مجلس الأمن الدولي قرارا يطالب برفع العقوبات عن الشرع وخطاب.

 

ومن المنتظر أن يجري الشرع زيارة إلى واشنطن الاثنين المقبل، يلتقي خلالها الرئيس دونالد ترامب في البيت الأبيض، وفق تصريحات أمريكية رسمية.

 

ومن المتوقع أن يناقش ترامب والشرع قضايا ثنائية وإقليمية في مقدمتها رفع العقوبات الأمريكية عن سوريا.


مقالات مشابهة

  • ما وراء الخبر يناقش أجندة زيارة الشرع لواشنطن ودلالاتها
  • الرئيس السوري في واشنطن لأول مرة منذ 79 عامًا
  • الرئيس السوري أحمد الشرع يبدأ زيارة رسمية للولايات المتحدة
  • من المقرر الالتقاء بترامب في البيت الأبيض غدًا.. الرئيس السوري يصل إلى الولايات المتحدة الأمريكية في زيارة رسمية
  • أول زيارة من نوعها.. الرئيس السوري يصل إلى واشنطن بعد رفع اسمه من قوائم العقوبات
  • الشرع بواشنطن في أول زيارة لرئيس سوري
  • الشرع إلى البيت الأبيض وسوريا تعود لقلب العالم
  • رسميا.. واشنطن تعلن رفع اسم الرئيس السوري من قائمة العقوبات
  • واشنطن: تقدم دمشق في مكافحة الإرهاب والمخدرات وراء رفع العقوبات عن الشرع وخطاب