أكبر الخاسرين.. المتقاعدون في فرنسا يحتجون على مشروع قانون المالية
تاريخ النشر: 10th, November 2025 GMT
بدعوة من كبرى النقابات العمالية، خرج المتقاعدون في فرنسا الخميس الماضي في احتجاجات حاشدة بمختلف المدن، تنديدًا بمشروع ميزانية حكومة رئيس الوزراء سيباستيان لوكورنو لعام 2026، ومشروع قانون تمويل الضمان الاجتماعي.
وفي قلب العاصمة باريس، امتدت المظاهرة من أمام مجلس الشيوخ إلى ساحة لينزانفاليد، كنبعٍ من الغضب الهادئ، حيث ارتفعت أصوات المتقاعدين التي لا تُسمع غالبًا بالحدة نفسها "نحن لسنا أبقارا حلوبا".
ولمواجهة ما اعتبروه "حملة شرسة" و"كفة عدالة اجتماعية مائلة" في مشروع الميزانية، أكدت هذه الفئة والنقابات الممثلة لها أنهم ليسوا خزانا ماليا يُستنزف، بل هم مواطنون يجب أن تُصان حقوقهم كاملة.
دوافع الغضبعلى الرغم من تصريحات لوكورنو الأسبوع الماضي عن تخليه عن تجميد المعاشات التقاعدية ومزايا الرعاية الاجتماعية -الذي يتوقع أن يحقق 2.2 مليار يورو (2.36 مليار دولار) عام 2026- لا يزال التهديد يلوح في الأفق بشأن كبار السن.
كما يخيم الغموض على تمويل تعليق إصلاح نظام المعاشات التقاعدية، الذي من المتوقع أن تبلغ تكلفته 100 مليون يورو (107 ملايين دولار) على الأقل عام 2026، ومبلغ 1.4 مليار يورو (1.5 مليار دولار) عام 2027. وقد رُفضت مقترحات الحكومة بفرض ضريبة إضافية على التأمين الصحي التكميلي وخفض فهرسة المعاشات التقاعدية في اللجنة.
ومن بين البنود الأكثر إثارة للقلق مسألة "السنة البيضاء" التي تعني تجميد الإنفاق على الخدمات الاجتماعية والمعاشات عند مستوى عام 2025، مما يُترجم بانخفاض فعلي في القيمة الحقيقية للدخل.
وتهدف هذه الإجراءات إلى الحد من العجز العام الذي ارتفع من 4.7% من الناتج المحلي الإجمالي عام 2022 إلى 5.4% عام 2023، و5.8% عام 2024.
وبحسب ما ورد في مشروع قانون تمويل الضمان الاجتماعي الذي عُرض الثلاثاء الماضي، من المتوقع أن تستمر إجراءات التقشف لفترة أطول مما أعلنه رئيس الوزراء السابق فرانسوا بايرو صيف العام الماضي، إذ تعتزم ميزانية الضمان الاجتماعي التي قدمتها حكومة لوكورنو الجديدة مطالبة المتقاعدين بدفع مساهمات حتى عام 2030.
إعلانوفي نهاية عام 2023، بلغ عدد المستفيدين من معاشات التقاعد المباشرة من أنظمة التقاعد الفرنسية 17.2 مليون شخص، بزيادة نسبتها 1.3% مقارنة بنهاية عام 2022، وفق التقرير السنوي للمتقاعدين والمعاشات التقاعدية الصادر عن إدارة الإحصاء التابعة لوزارة الصحة.
وعلى رأس المسيرة الباريسية، أشارت الأمينة العامة للاتحاد العام للعمال "سي جي تي" إلى أن المتقاعدين "لا يملكون ثروات طائلة" معتبرة أن تصريحات لوكورنو "بعيدة كل البعد عن الواقع في ظل غياب أي ضمان واضح".
وأضافت في حديثها للجزيرة نت "لا نزال نخشى وقوع الأسوأ، ويقع التأثير الأكبر على أفقر المتقاعدين، فالحكومة الحالية تريد نهب جيوب الأقل دخلاً وترى أن المرء يبدأ بالثراء عند راتب الألفي يورو (2140 دولارا) بينما تترك الأثرياء، وهذه هي المشكلة برمتها".
وقد رفع آلاف المتظاهرين أعلام اتحادات التقاعد ولافتات تحمل شعارات مثل "كفى استغلالًا للمتقاعدين.. حالة طوارئ اجتماعية.. ارفعوا معاشاتنا التقاعدية" في مشهد يعكس وجوه نساء ورجال يرفضون أن يصبحوا على هامش القرار.
وفي ظل حقيقة أن المعاشات غالبًا ما تكون المورد الوحيد للمتقاعدين، انتقدت المتقاعدة آنيك الحكومة قائلة "كل مرة يريدون فرض مزيد من الضرائب، يكون المتقاعدون هم المتضررون دائمًا".
وأضافت للجزيرة نت "لدي معاش تقاعدي متواضع جدًا، وإذا فرضوا ضريبة الـ10% فسأضطر لدفع الضرائب، مما يعني فقدان بطاقة معاشي التقاعدي. كما أنني لا أملك عقارًا أو سيارة، وأرغب أن أعيش حياة مريحة فقط، لأن هناك الكثير من الأمور التي أحبها وأرغب في الحفاظ عليها وأكون قادرة على تحمل تكلفتها".
وتشكّل النساء أغلبية المتقاعدين المقيمين في فرنسا، إذ يمثلن الآن 53% من المستفيدين المباشرين من المعاش التقاعدي (باستثناء معاشات الورثة من الأزواج المتوفين) ويبلغ متوسط هذا المبلغ الإجمالي 1666 يورو (1785 دولارا) أو الصافي 1541 يورو (1,650 دولار).
أما متوسط سن التقاعد، فأصبح يتأخر بشكل متزايد، ليصل إلى 62 عامًا و9 أشهر، بزيادة تقدر بعامين و3 أشهر منذ عام 2010، بعد رفع سن التقاعد القانوني.
مطالب ومخاوفالقلق والغضب كانا واضحين في وجوه المتقاعدين خلال المظاهرة، بسبب تراجع قدرتهم الشرائية واحتمال إلغاء الإعفاء الضريبي البالغ 10% الذي يتمتعون به حاليًا، فضلًا عن مضاعفة الخصومات الطبية وتجميد المعاشات التقاعدية.
وفي هذا السياق، أكد عضو الاتحاد الفدرالي للمتقاعدين "إفي إس يو" (FSU) كاسار ديوب أن خفض الخدمات العامة، بما فيها تقليل عدد الأطباء والممرضات في المستشفيات، سيكون له تأثير مباشر على كبار السن.
وأضاف للجزيرة نت "إذا تم بالفعل تجميد المعاشات التقاعدية لعدة سنوات، كما أُعلن، فسيكون لذلك تأثير مادي كبير ومباشر، لأن فواتير الكهرباء والغاز وجميع الفواتير الأخرى لم تُجمّد".
ويطالب المتقاعدون في فرنسا اليوم بإعادة تفعيل مبدأ التضخم في حساب المعاشات حتى لا تفقد قيمتها الشرائية تدريجيًا، وبالحفاظ على الخدمات العمومية الضرورية، وفرض العدالة الضريبية بحيث لا تصبح الفئة المتقاعدة ضحية لرفع الرسوم والضرائب بينما تبقى الثروات الكبيرة بمنأى عن ضغط الميزانية.
إعلانوبينما يتوقع مراقبون أن تنشئ الحكومة جسر حوار سياسي قد يفضي إلى تعديل بنود مشروع الميزانية أو تأجيل بعضها، يرى آخرون أن مواصلة تشريع القوانين رغم الاحتجاجات قد يكون السيناريو الأبرز خلال الفترة المقبلة رغم كل التصعيدات التي قد تنتج عن ذلك.
المصدر: الجزيرة
كلمات دلالية: دراسات شفافية غوث حريات المعاشات التقاعدیة فی فرنسا
إقرأ أيضاً:
احذر.. نشر شائعات بهدف إضعاف الثقة المالية بالدولة تعرضك للحبس 5 سنوات
تضمن قانون العقوبات عقوبة لجريمة نشر شائعات بهدف إضعاف الثقة المالية بالدولة ، ويستعرض “صدى البلد” من خلال هذا التقرير عقوبة نشر شائعات بهدف إضعاف الثقة المالية بالدولة.
عقوبة نشر الشائعاتنصت المادة 188 من قانون العقوبات على أنه “يعاقب بالحبس مدة لا تجاوز سنة وبغرامة لا تقل عن 5 آلاف جنيه ولا تزيد على 20 ألف جنيه أو بإحدى هاتين العقوبتين، كل من نشر بسوء قصد بإحدى الطرق المتقدم ذكرها، أخبارًا أو بيانات أو إشاعات كاذبة أو أوراقًا مصطنعة أو مزورة أو منسوبة كذبًا إلى الغير، إذا كان من شأن ذلك تكدير السلم العام أو إثارة الفزع بين الناس أو إلحاق الضرر بالمصلحة العامة”.
ونصت المادة 80 (د) من قانون العقوبات على أنه: يعاقب بالحبس مدة لا تقل عن ستة أشهر ولا تزيد على خمس سنوات وبغرامة لا تقل عن 100 جنيه ولا تجاوز 500 جنيه أو بإحدى هاتين العقوبتين كل مصري أذاع عمدًا فى الخارج أخبارًا أو بيانات أو إشاعات كاذبة حول الأوضاع الداخلية للبلاد وكان من شأن ذلك إضعاف الثقة المالية بالدولة أو هيبتها واعتبارها أو باشر بأية طريقة كانت نشاطًا من شأنه الإضرار بالمصالح القومية للبلاد.
وهناك أيضا المادة 102 مكرر من قانون العقوبات والتي تنص على أنه “يعاقب بالحبس وبغرامة لا تقل عن 50 جنيهًا ولا تجاوز 200 جنيه كل من أذاع عمدًا أخبارًا أو بيانات أو إشاعات كاذبة إذا كان من شأن ذلك تكدير الأمن العام أو إلقاء الرعب بين الناس أو إلحاق الضرر بالمصلحة العامة وتكون العقوبة السجن وغرامة لا تقل عن مائة جنيه ولا تجاوز خمسمائة جنيه إذا وقعت الجريمة فى زمن الحرب”.