العسل المجنون في تركيا..هل لديه القدرة فعلًا على إسقاط جيش كامل؟
تاريخ النشر: 11th, November 2025 GMT
دبي، الإمارات العربية المتحدة (CNN) -- داخل هذا الكوخ الخشبي الصغير المرتفع على أعمدة ملفوفة بالمعدن، يصدر طنين عالٍ، وصاخب ومستمر.
مرتدياً بدلة تربية النحل بيدين مكشوفتين، يضغط حسن كوتلواتا على مدخن النحل المملوء بأخشاب الصنوبر، حيث تتصاعد حلقات دخان باهتة في الهواء، محاكيةً الضباب الذي ينساب فوق منحدرات جبال كاتشكار كثيفة الغابات في الخارج.
يتمثل الغرض من مدخن النحل في تهدئة النحل، وإخفاء الفيرمونات التي يفرزها عند شعوره بالخطر ما يُنذر النحل الآخر لشن هجوم.
عندما يرفع كوتلواتا غطاء خلايا النحل الدائرية المصنوعة من خشب الزيزفون، يرتفع الطنين إلى ذروته، لكن هذا النحل ليس غاضباً، بل العسل الذي تُنتجه هو الذي يثير الجنون.
تُعد منطقة البحر الأسود في تركيا واحدة من مكانين فقط في العالم لإنتاج "العسل المجنون"، أو"deli bal" كما يُسمّى في تركيا، بينما يقع المكان الآخر في سلسلة جبال هندكوش في نيبال، وهي جزء من سلسلة جبال الهيمالايا.
قال كوتلواتا لـCNN: "في غاباتنا البكر، يزهر نبات الرودودندرون البنفسجي في الربيع. ويجمع النحل رحيق هذا النبات، وهكذا نحصل على deli bal".
يحتوي الرحيق على سم طبيعي يُسمى "غرايانوتوكسين"، وتختلف كمية السم التي تصل إلى العسل بحسب الموسم والزهور الأخرى التي يتغذى عليها النحل، لكن ملعقة صغيرة يمكن أن تمنح شعوراً لطيفاً بالانتشاء، بينما قد تؤدي علبة كاملة إلى دخول المستشفى.
على مدى آلاف السنين، كان يُستخدم "العسل المجنون" كدواء شعبي، تؤخذ ملعقة منه يومياً لخفض ضغط الدم أو كمُنشط جنسي.
واليوم، يباع هذا العسل الخطير بسعر مرتفع.
العسل الذي أسقط جيشاًيستخدم كوتلواتا سكيناً لاستخراج الشمع بعناية من الخلية، فيتساقط خلال جمعه في دلو الإكسير اللزج السميك وحلو المذاق.
يتمتع العسل المجنون بلون أحمر كهرماني داكن ورائحة حادة. أما طعمه فترابي يحمل نكهات خفية تشبه رائحة المزرعة. وتكشف نكهته عن وجود "غرايانوتوكسين"، أي مرارة عشبية تمتزج بحلاوة العسل تعقبها حرارة لاذعة تلتقط مؤخرة الحلق وتترك أثرًا لا يُنسى.
أوضح كوتلواتا: "لا ينبغي تناول كميات كبيرة من هذا العسل، فالإفراط في استهلاكه قد يُسبب بعض الأعراض الجانبية. فهو لا يؤدي إلى الهلوسة، لكنه قد يسبب دوارًا وانخفاضًا في ضغط الدم، وارتفاعًا طفيفًا في الحرارة، وغثيانًا، وصعوبة في المشي".
ويوصى كوتلواتا بألا تتجاوز كمية الاستهلاك ملعقة صغيرة أو كبيرة كحد أقصى، مضيفًا: "يجب أن نكون حذرين عند تناول هذا العسل، فالإفراط في أي شيء مضر، والعسل الزائد لا يُستثنى من ذلك".
يُذكر أن هذا العسل كان معروفًا منذ القدم بقدرته على إسقاط الجيوش. ففي القرن الرابع قبل الميلاد، كتب القائد العسكري اليوناني زينوفون عن جنوده الذين كانوا يسافرون قرب مدينة طرابزون على ساحل البحر الأسود وتناولوا هذ العسل بكثرة: لم يتمكن أي منهم من الوقوف. أما من أكلوا قليلًا فبدوا وكأنهم في حالة ثمالة شديدة، ومن أكلوا كثيرًا فقد تصرفوا كالمجانين، وبعضهم بدا على وشك الموت. فسقطوا بأعداد كبيرة على الأرض كما لو أن الجيش قد هُزم، وساد بينهم يأس شديد".
وتشرح زوجته أمينة أن نقاء البيئة يساهم في جودة العسل، قائلة: "ما يميزنا هو الطبيعة، والارتفاع، وغياب التجمعات السكانية. كل ذلك يلعب دوراً كبيراً في عملية الإنتاج".
أشار كوتلواتا إلى أنه "كلما بقي العسل في الخلية لمدة أطول، ازدادت جودته. وتُحدد الجودة بحسب قيمة البروميل (Promille)، أي تركيز العسل. فكلما ارتفعت قيمة البروميل، ارتفعت الجودة".
وأضافت أمينة: "عسل الكستناء يمكن العثور عليه في أماكن كثيرة، لكنه هنا مختلف حقاً. من حيث قيمة البروميل، يمكن أن تصل إلى 600 أو 700 أو 800، بينما في أماكن أخرى قد لا تتجاوز 500 من حيث الجودة".
المصدر: CNN Arabic
كلمات دلالية: هذا العسل
إقرأ أيضاً: