قال الدكتور علي جمعة، عضو هيئة كبار العلماء بالأزهر الشريف، اننا تكلَّمنا عن مفهوم المعاجزة، وأنها ضدُّ مراد الله من عباده؛ إذ أراد منهم الإيمان والتسليم والإذعان. وقد أورد الله تعالى أمثلةً لهؤلاء المعاجزين ليكونوا مَثَلًا وعِبْرَةً للمؤمنين. ومن أكبر الأمثلة التي ضربها الله في كتابه للمعاجزين «قارون»، الذي ظنَّ أن ما به من قوةٍ ومالٍ هو استحقاقٌ له، وأنه على علمٍ عنده، وأنه لا يمكن أن يزول.

فنسِيَ الله، فأنساه اللهُ نفسَه.

واستشهد جمعة، في منشور له عبر صفحته الرسمية بموقع التواصل الاجتماعي فيسبوك، ان الله عز وجل قال تعالى:{إِنَّ قَارُونَ كَانَ مِنْ قَوْمِ مُوسَى فَبَغَى عَلَيْهِمْ وَآتَيْنَاهُ مِنَ الكُنُوزِ مَا إِنَّ مَفَاتِحَهُ لَتَنُوءُ بِالْعُصْبَةِ أُولِي الْقُوَّةِ إِذْ قَالَ لَهُ قَوْمُهُ لَا تَفْرَحْ إِنَّ اللَّهَ لَا يُحِبُّ الفَرِحِينَ * وَابْتَغِ فِيمَا آتَاكَ اللَّهُ الدَّارَ الْآخِرَةَ وَلَا تَنْسَ نَصِيبَكَ مِنَ الدُّنْيَا وَأَحْسِنْ كَمَا أَحْسَنَ اللَّهُ إِلَيْكَ وَلَا تَبْغِ الفَسَادَ فِي الْأَرْضِ إِنَّ اللَّهَ لَا يُحِبُّ المُفْسِدِينَ * قَالَ إِنَّمَا أُوتِيتُهُ عَلَى عِلْمٍ عِنْدِي أَوَلَمْ يَعْلَمْ أَنَّ اللَّهَ قَدْ أَهْلَكَ مِنْ قَبْلِهِ مِنَ القُرُونِ مَنْ هُوَ أَشَدُّ مِنْهُ قُوَّةً وَأَكْثَرُ جَمْعًا وَلَا يُسْأَلُ عَنْ ذُنُوبِهِمُ المُجْرِمُونَ} [القصص: 76-78].

فماذا كانت عاقبةُ ذلك المعاند؟ قال تعالى:{فَخَسَفْنَا بِهِ وَبِدَارِهِ الْأَرْضَ فَمَا كَانَ لَهُ مِنْ فِئَةٍ يَنْصُرُونَهُ مِنْ دُونِ اللَّهِ وَمَا كَانَ مِنَ المُنْتَصِرِينَ * وَأَصْبَحَ الَّذِينَ تَمَنَّوْا مَكَانَهُ بِالْأَمْسِ يَقُولُونَ وَيْكَأَنَّ اللَّهَ يَبْسُطُ الرِّزْقَ لِمَنْ يَشَاءُ مِنْ عِبَادِهِ وَيَقْدِرُ لَوْلَا أَنْ مَنَّ اللَّهُ عَلَيْنَا لَخَسَفَ بِنَا وَيْكَأَنَّهُ لَا يُفْلِحُ الكَافِرُونَ * تِلْكَ الدَّارُ الْآخِرَةُ نَجْعَلُهَا لِلَّذِينَ لَا يُرِيدُونَ عُلُوًّا فِي الْأَرْضِ وَلَا فَسَادًا وَالْعَاقِبَةُ لِلْمُتَّقِينَ} [القصص: 81-83].

دعاء الفجر المستجاب لمن يطلب خيري الدنيا والآخرة.. ردده بقلب خاشعدعاء صلاة العشاء لمغفرة الذنوب وقضاء الحاجة.. لا تفوت فرصة الاستجابة

ومعاجزةُ قارون تمثَّلَت في قوله: {إِنَّمَا أُوتِيتُهُ عَلَى عِلْمٍ عِنْدِي}. ولم تكن هذه مقالةَ قارون وحده، وإنما هي مقالةُ كلِّ إنسانٍ مغرورٍ بالدنيا وبما آتاه الله منها. قال تعالى:
{فَإِذَا مَسَّ الإِنْسَانَ ضُرٌّ دَعَانَا ثُمَّ إِذَا خَوَّلْنَاهُ نِعْمَةً مِنَّا قَالَ إِنَّمَا أُوتِيتُهُ عَلَى عِلْمٍ بَلْ هِيَ فِتْنَةٌ وَلَكِنَّ أَكْثَرَهُمْ لَا يَعْلَمُونَ} [الزمر: 49].

فالإنسان مقهورٌ بقدر الله وأمره، وإن توهَّم غير ذلك. قال تعالى: {أَفَغَيْرَ دِينِ اللَّهِ يَبْغُونَ وَلَهُ أَسْلَمَ مَنْ فِي السَّمَاوَاتِ وَالأَرْضِ طَوْعًا وَكَرْهًا وَإِلَيْهِ يُرْجَعُونَ} [آل عمران: 83].
وقال سبحانه: {وَلِلَّهِ يَسْجُدُ مَنْ فِي السَّمَاوَاتِ وَالأَرْضِ طَوْعًا وَكَرْهًا وَظِلَالُهُمْ بِالْغُدُوِّ وَالآصَالِ} [الرعد: 15].

طباعة شارك المعاجزة علي جمعة المعاند

المصدر: صدى البلد

كلمات دلالية: علي جمعة قال تعالى

إقرأ أيضاً:

علي جمعة: طريق الله واحد ومن يبتعد عنه يقع في الحيرة والضلال

قال الدكتور علي جمعة، عضو هيئة كبار العلماء بالأزهر الشريف، ان ربنا سبحانه وتعالى بيَّن أن الإنسان إذا ضلَّ عن طريقه وقع في الحيرة؛ لأن الحيرة تجعله في طُرُقٍ شتّى، وطريقُ الله واحد. أمّا الطُّرُق المختلفة فليست هي سبيلَ الله. فإذا خرج عن طريق الله الواحد وقع في سُبُلٍ كثيرة وطرائق متعددة؛ فتحدث له الحيرة. 

واضاف جمعة، في منشور له عبر صفحته الرسمية بموقع التواصل الاجتماعي فيسبوك، ان هناك ارتباطٌ بين التخلّي عن طريق الله وبين الحيرة. فإذا أردتَ طريقَ الله، فطريقُ الله واحد. حتى قالوا: «إن طريقَ الله واحد، والخلافُ من جهلةِ المريدين». يعني: هناك طُرُقٌ مختلفة «الطرائق على عدد أنفاس الخلائق»، وإن اختلفت المشارب والأذواق والبرامج؛ لكنها كلّها تصبُّ في «لا إله إلا الله محمدٌ رسول الله».

وشبَّهوها بالدائرة: أنَّ الله هو مقصودُ الكُلّ؛ فكلُّ مَن على هذه الدائرة مقصودُه هو الله، ومَقْصَدُه يسير إلى المركز. والعلاقة بين أي نقطةٍ على المحيط وبين المركز واحدة، مقياسها واحد، وهو نصف القطر، لا يختلف. فطريقُ الله واحد. فإذا نظرنا إلى المحيط فعدد الطرائق على أنفاس الخلائق، وإذا نظرنا إلى المسافة بين ذلك المحيط وبين المركز الذي هو مقصودُ الكلّ؛ فإن طريقَ الله واحدٌ ومتساوٍ، والخلاف من جهلة المريدين. فيجب أن ننظر إلى التساوي ولا ننظر إلى التعدد. فطريقُ الله الحق هو هذه الدائرة، أمّا الدوائر الأخرى فليست حقًا، وليست هي طريق الله، بل هي سُبُلٌ مختلفة يسير فيها الإنسان.

كيف نتمسّك بطريق الله سبحانه وتعالى حتى نتقي الحيرة والضلال والاختلاف والتخلّف بعد التقدّم؟ يقول ربنا سبحانه وتعالى: {وَأَنْ أَقِيمُوا الصَّلَاةَ وَاتَّقُوهُ وَهُوَ الَّذِي إِلَيْهِ تُحْشَرُونَ}.

إذًا:أولًا: {وَأَنْ أَقِيمُوا الصَّلَاةَ}، وهي مفتاح طريق الله، وأولُ التوجّه الصحيح. ولذلك يقول سيدُنا رسول الله ﷺ: «الصلاةُ عمادُ الدين». فشأنُ الصلاة عظيم، وتركُ الصلاة يوقع في الحيرة والضلالة.

ثاني خطوة للسير في طريق الله: {وَاتَّقُوهُ}. والتقوى: شعورٌ بمقتضاه يخاف العبدُ من الجليل سبحانه وتعالى؛ فيمنعه هذا الخوف من المعصية، ومن الفساد في الأرض، ومن ظلم الناس، وأن يعمل بالتنزيل؛ لأن الله قد نصحك في نفسك، فأمرك ونهاك، فتلتزمُ ما أراده الله سبحانه وتعالى. ويحقق المسلمُ التقوى بدوام مراقبة الله عز وجل ومداومة ذكره.

إذن:أول خطوة: إقامةُ الصلاة، وهذه مسألةٌ عملية.
وثاني خطوة: التقوى، وهذه مسألةٌ عقائديةٌ قلبيةٌ ذهنيةٌ روحية.

وثالث خطوة: {وَهُوَ الَّذِي إِلَيْهِ تُحْشَرُونَ}: الربط باليوم الآخر. فالإيمان باليوم الآخر هو الذي يتحكّم في سلوك البشر؛ ولولا وجود هذا اليوم لبغى الناسُ وأفسدوا.

هذه أشياءٌ دلَّنا الله تعالى عليها لكي نتمسّك بالطريق ولا نضلَّ فنحتار، فنختلف، فنتدهور، ونتخلّف، ولا نتقدّم.

طباعة شارك علي جمعة كيف افتح صفحة جديدة مع الله التوبة والرجوع لله

مقالات مشابهة

  • علي جمعة: النبي نهى عن الجدال بغير علم ومن طلب الشهرة بعلمه أدخله الله النار
  • علي جمعة: طريق الله واحد ومن يبتعد عنه يقع في الحيرة والضلال
  • ما حكم الشماتة في الموت وعواقبها؟.. الإفتاء تجيب
  • نهى الله تعالى عنها.. ما هى المعاجزة؟
  • علي جمعة: النبي نهانا عن المراء والجدال بغير علم .. لهذا السبب
  • الرحمة في الإسلام
  • علي جمعة: الجهل والكذب أصل كل انحراف وتخلف
  • علي جمعة: التلاعب بالألفاظ يبدل المفاهيم ويقود للضلال.. وعلى المسلمين العودة لمراد الله في اللغة
  • علي جمعة: من أراد عمارة الدنيا فلا بد أن يعلم قوانينها وسنن الله الجارية فيها