صنعاء تفكك خيوط المعسكر الأمريكي ……. الورطة السعودية تكبر !
تاريخ النشر: 18th, November 2025 GMT
الإنجاز الأمني يميط اللثام عن اعتماد المنهجية التي خُرِقَ بها حزب الله لخرق اليمن
التحالف المناوىء بين السندان والمطرقة، فالذهاب إلى تفجير الوضع لا يوفر البيئة الرخوة الملائمة للعمل الاستخباري النوعي، والذهاب إلى سلام ودفع استحقاقاته يضع بين يدي صنعاء الأموال ويرفع عن كاهلها الضغط الشعبي.
الثورة /إبراهيم الوادعي
ليس مفاجئا أن تتكثف العمليات الاستخبارية للعدو الإسرائيلي في اليمن، ذلك أمر مسلَّم به في ظل تحول اليمن إلى ساحة مواجهة رئيسية للعدو الإسرائيلي، وتهديد استراتيجي كبير سناتي على تفصيله لاحقا .
ثمة أمران لافتان أظهرهما الإنجاز الأمني لوزارة الداخلية، الأول.. وجود عمل مشترك لأجهزة الاستخبارات الغربية تنتهي بغرفة عمليات فيس تل أبيب بصفتها صاحبة المصلحة الأولى في إخضاع المنطقة، وهذه النوع من الأعمال مشابه لما تعرض له حزب الله.
شهيد الإسلام والإنسانية السيد حسن نصر الله، تحدث عن وجود عشرين جهازاً استخباراتيا عملت جميعا منذ حرب تموز2006م على تتبعه، وصولا لاغتياله بينها أربعة أجهزة استخبارية عربية، سعودية وإماراتية وأردنية، وما كان مفاجئا ورود اسم جهاز الاستخبارات العامة المصرية ضمن الأجهزة التي تعقبت السيد نصر الله..
وكان يتم سكب المعلومات جميعا القادمة من كل جهاز استخباراتي لدى الإسرائيلي، وهذا الأمر وقف وراء إنجازات الأيام العشرة في كشف كثير من سرية حزب الله، ويبدو أن هذا الأسلوب وهذه المنهجية في العمل يجري اتباعهما عمليا في اليمن، لكشف خارطة العمل السري للقوات المسلحة اليمنية وتموضع قدراتها وقادتها المؤثرين، وصولا إلى محاولة استهداف السيد القائد عبد الملك بدر الدين الحوثي حفظه الله.
ثمة مؤشرات ودلائل بأن المركز الذي أنشأته الولايات المتحدة لمراقبة وإدارة السلام في غزة وجلب إليه ضباط المخابرات العربية ممن عملوا في اليمن، ولاحقا عين ستيفن فاجن مديرا له، ستكون مهمته الأساسية هي التعامل مع الميدان اليمني وتوحيد جهود المعسكر الأمريكي، ويمكن اعتبار الغرفة المشتركة في الرياض قاعدة وذراعا لهذا المركز في « إسرائيل».
وما يؤكد ذلك حقيقة تحدث عنها الشهيد القائد « من يتعامل مع أمريكا ويقبل بأمريكا، سيتعامل ويقبل بإسرائيل» ذلك حال حكام الرياض وقادة المرتزقة الذين يغرقون في الوحل الإسرائيلي المفضوح يوما بعد أخر..
والأمر الثاني: كشف الإنجاز الأمني لوزارة الداخلية في إسقاط خلية التجسسية الأخيرة، جزءا كبيرا من خارطة المواجهة العسكرية مع العدو الإسرائيلي، وأن الميدان السعودي سيكون أحد مسارح المواجهة وربما أهمها، وأكثرها لهيبا بالنظر إلى قربه وخيارات التعامل الواسعة معه والكلف الأقل للقوة النارية المستخدمة.
تمتلك صنعاء مروحة واسعة من الأهداف على امتداد الخارطة السعودية، وهي أهداف لا يقتصر تأثيرها على استقرار النظام السعودي، بل تمتد بقدرة تأثيرها خارج الحدود واقصى الكوكب، فالسعودية تمثل أحد أهم مصادر الطاقة للغرب بعد حظر النفط الروسي، ومن شأن تعطيل إمدادات الطاقة الخليجية رفع أسعار الوقود والنفط إلى مستوى لا يمكن للغرب تحمله.
وتتمتع المملكة السعودية بمكانة مركزية كمصدر رئيسي للطاقة في العالم، فهي أكبر منتج ومصدر للنفط الخام وتمتلك نسبة كبيرة من احتياطيات النفط المؤكدة عالمياً، وتعد أكبر منتج للنفط الخام في العالم، كما تمتلك حوالي 18% من الاحتياطيات النفطية المؤكدة على مستوى العالم.
الإشارات القادمة من صنعاء توحي بأن المعركة مع السعودية يمكن أن تذهب إلى أقصى الحدود، وربما المستوى الصفري من العراك، حين يصبح النصر مقرونا بنهاية أحد الطرفين المتقاتلين.
وبالمقارنة بين اليمن والسعودية، فاليمن ككيان متجذر في التاريخ، بينما المملكة السعودية مرتبطة بعائلة وأشخاص لا ينقصهم العداء والأعداء المتربصين داخل وحول المملكة، وحتى من داخل العائلة المالكة نفسها والتي أصابها الكثير من التفكك وبلغ العداء في أوساطها مستوى الأحقاد الذي سيودي حتما المملكة على قاعدة شمشون الصفري، وكما حصل على مدى التاريخ حين يتقاتل أبناء الملك على العرش.
وبالنظر إلى الاختلاف بين الميدان السعودي والميادين الأخرى، أيا كانت الأطراف الإقليمية أو الدولية التي ستشارك القتال إلى جانب «إسرائيل» في المواجهة الحتمية المرتقبة، يبقى الميدان السعودي إلى جانب زخمه الكبير بالأهداف ذات التأثير العالمي – قطاع النفط-.
خلال عامين من طوفان الأقصى، راكمت اليمن إلى جانب القدرات التسليحية قدرات بشرية هائلة من المقاتلين، اكثر من مليون مقاتل ضمن تعبئة شعبية مستمرة، ناهيك عن القبائل والمرجح أن تلعب دورا في القتال مع النظام السعودي، نتحدث عن نحو 1307 كيلومترات حدود برية مع المملكة لا يمكن للنظام السعودي تأمينها إذا ما زحف باتجاهها مليون مقاتل وحينها قد يكون الرقم أضعاف ما هو معلن، إذ يتعطش عشرات الملايين من اليمنيين للانتقام من السعودية ويرون فيها سبب بلائهم لعقود وليس لعشر سنوات مضت .
ووفقا لما سبق ثمة سؤالان مطروحان، الأول هو ما الذي يجعل الغرب وأمريكا يخاطران بزج السعودية في حرب مدمرة مع اليمن؟، جرت تجربة خياراتها الخاسرة على مدى عشر سنوات، والأمر يعود إلى أن التعامل مع العدو الإسرائيلي يظل فكرة غير مقبولة من قبل اليمنيين حتى في أوساط الغالبية الساحقة من المرتزقة، إذ أن اليمنيين على كثرة خلافاتهم وتقاتلهم وارتباطاتهم، توحدهم فلسطين، ولا يشذ عن هذه القاعدة إلا فئة محدودة وبعض منها تحت ضغط الخوف من الفضائح الأخلاقية أو ما شابه وهو أسلوب ابتزاز تجيده أمريكا وإسرائيل وأنظمة الخليج لضمان ولاء أدواتها في اليمن.
وبالتالي تحضر السعودية كيافطة وغطاء يمكن من خلاله تجنيد عدد أكبر من العملاء والمرتزقة الذين يخشون ولا يستسيغون التعامل المباشر مع العدو ويجدون الخيانة لصالح السعودية أقل وطأة من أن يكون مع الإسرائيلي مباشرة.
والسؤال الآخر هو إلى أي مدى يمكن للإسرائيلي أن يعمل مع الشركاء لإنجاز المهمة أو الأهداف على غرار الوقت الذي أتيح له في لبنان؟
والجواب بكل ببساطة إن ذلك محل شك بالنظر إلى خارطة التغيرات الجغرافية، واعتماد صنعاء المبادرة وليس التوقع ..
بعد توقف إطلاق النار في غزة، رأينا صنعاء تدفع باتجاه التصعيد مع الرياض لإنجاز سلام، وحين هاجم الأمريكان ذهبت صنعاء إلى الرد بكل قوة ولم تبد موقف ضعف أو تردداً بوجه أقوى الدول عالميا، بل تمكنت من هز هيبتها وإنجاز انتصار صدمت به الصين وروسيا كأكبر قوتين دوليتين تنافسان واشطن على زعامة العالم أو إيجاد موقع ندي.
يمكن لانفجار الوضع مع الرياض أن يضيع الفرصة للغرب لخرق الميدان اليمني ونخل المعلومات، نتحدث عن مدة أطول للعمل الاستخباري ينتج مدة أقصر للضغط العسكري، العمل الاستخباري غير ظاهر وبالتالي يحدث العمل العسكري القصير والمدمر فعله نفسيا..
وبالتالي ينعدم في حال اشتعال المواجهة حدوث ارتخاء يمكن العمل الاستخباري من الخرق المؤثر لجهة استهداف القادة على سبيل المثال.
وبعد تحذير الرئيس مهدي المشاط- رئيس المجلس السياسي الأعلى في خطابه عشية أكتوبر بوجوب الذهاب إلى سلام حقيقي، وتصريحات القائم بأعمال رئيس الحكومة المتكررة النارية ضد السعودية والنظام السعودي بوجوب دفع استحقاقات السلام أو الحرب، والذي قال عقب الكشف الأمني إن السعودية تراكم جرائمها في اليمن، يضع التحالف المناوىء لصنعاء بين السندان والمطرقة، فالذهاب إلى تفجير الوضع لا يوفر البيئة الرخوة الجيدة للعمل الاستخباري النوعي- كما أشرنا- والذهاب إلى سلام ودفع استحقاقاته سيخرج صنعاء من واقع الحصار والضيق الاقتصادي وسيضع بين يديها الأموال لمزيد وسرعة التطوير العسكري، وأيضا زيادة الالتفاف الشعبي بعد زوال الضغوط المادية، وهو الأمر الذي وقف خلف قرار ترامب خلال رئاسته الأولى ودفعه للخروج من الاتفاق النووي مع ايران .
تكمن المصلحة السعودية في انتظار المواجهة بين الأقوياء في المنطقة، بين اليمن ومعها محور الجهاد والمقاومة والعدو الإسرائيلي وخلفه أمريكا، وغير ذلك فلا مصلحة للرياض في التورط بحرب مع صنعاء أقله حاليا بعدما بلغته من قوة، وكأبلغ درس يمكن أن تكون خرجت به من حرب الـ 8 سنوات والغرق في اليمن دون نتيجة تذكر، بل خسائر تراكمت وانتقال صنعاء إلى موقع اقوى في مقابل تراجع السعودية إلى موقع أضعف لم تبلغه قبلا في المواجهة مع الأنظمة اليمنية منذ نشأتها قبل مائة عام، وفي مواجهة المد الشعبي الجارف للثأر من النظام السعودي، بل وتحطيمه إلى غير رجعه.
ويمكن فهم التورط السعودي، ليس في اليمن وإنما في ملفات عدة – العداء لإيران، عداء حزب الله، عداء المقاومة الفلسطينية- فقط من خلال تصريحات توم براك المبعوث الأمريكي إلى سوريا والأكثر صراحة بين زملائه، حين قال «لا يوجد لواشنطن حلفاء في المنطقة، التحالف يكون بين أطراف متساوية في القوة تزيد من قوة بعضها، أما الدول في المنطقة التي تطلب الحماية من أمريكا فهي ليست بحليفه، فهي مجرد أدوات تنفذ ما يملى عليها وتحصل في المقابل على الحماية الأمريكية».
وفي تصريح آخر له «يقول لا يوجد سلام في المنطقة، هناك طرف يريد الهيمنة – إسرائيل – وهناك طرف يتوجب عليه أن يخضع»..
السعودية ومعها دول ستنخرط في المواجهة ضد اليمن مع إسرائيل، لم يتأكد كما الميدان السعودي حضوره ضمن خارطة المواجهة، هي في ذات المربع والتوصيف، مذعنة وتنفذ ما عليها ولو بخلاف مصالحها..
الكشف الأمريكي عن طلب السعودية صفقات تسليح نوعية كطائرات اف 35 وزيادة بطاريات صواريخ ثاد على أراضيها، لن توفر لها الأمان، والتجربة الصهيونية خلال طوفان الأقصى في مواجهة الصواريخ اليمنية شاهد، كما أن أنظمة التسليح المتفوقة لا تضمن الانتصارات في حروب الجيل الخامس وأمام فئة لديها من الإيمان ما يهزم التسليح على تفوقه، كما أن تجربتها على مدى 10 سنوات أكثر من كافية.
المصلحة تبقى في ملاقاة صنعاء الراغبة في تحييد الرياض عن المواجهة كلية، واقتصارها مع أنظمة الكفر والاستكبار، وتجاهل الرياض لمساعي صنعاء الحميدة، يضعها في مربع الحماقة التي أعيت صنعاء.
المصدر: الثورة نت
كلمات دلالية: المیدان السعودی فی المنطقة حزب الله فی الیمن
إقرأ أيضاً:
من الأمن إلى الشراكة: ندوة سياسية ترصد الدور السعودي في اليمن
نظّم مجلس الجوف الوطني، اليوم الاثنين في مدينة مأرب، ندوة سياسية بعنوان “اليمن والسعودية من الأمن إلى الشراكة الاستراتيجية” بمشاركة باحثين ومتخصصين في الشؤون الأمنية والإنسانية، وبحضور وكيل أول وزارة الداخلية اللواء الركن محمد سالم بن عبود، وعدد من القيادات الرسمية والاجتماعية والحزبية والإنسانية.
وشهدت الندوة عرض ثلاث أوراق بحثية ركزت على حجم الحضور السعودي في مختلف الملفات الحيوية خلال السنوات الماضية، وتناولت الورقة الأولى، التي قدّمها رئيس مجلس الجوف الوطني الشيخ سنان العراقي بعنوان “الدور السعودي في اليمن.. محطات في الأمن والتنمية”، عرض خلالها مستويات الدعم السعودي لليمن بين 2015 و2025، بلغت 11 مليار دولار موزعة على الإغاثة والتنمية والدعم الأمني.
وذكر أن مركز الملك سلمان نفذ أكثر من 1,100 مشروع إغاثي تجاوزت قيمتها 4.6 مليار دولار، شملت المياه والتعليم والصحة والإيواء، إلى جانب مشروع “مسام” وبرامج التغذية وترميم المنازل والتدريب المهني.
كما استعرض مشاريع البرنامج السعودي لتنمية وإعمار اليمن التي تراوحت قيمتها 4 مليارات دولار، شملت المياه والطرق والبنية التحتية والتعليم والصحة والطاقة، إضافة إلى مشاريع الإسكان في عدن.
وفي الجانب الأمني، أشار العراقي إلى دور المملكة في منع انهيار مؤسسات الدولة، وقيادة تحالف دعم الشرعية، ودعم مكافحة الإرهاب وتأمين المنافذ والموانئ.
وتطرقت الورقة الثانية التي قدّمها الدكتور عبدالحميد عامر رئيس المركز القومي للدراسات الاستراتيجية بعنوان “مسام والأمن الإنساني.. تجربة سعودية رائدة في نزع الألغام”.
وأوضح أن مشروع “مسام” الذي انطلق عام 2018 بتكلفة تجاوزت 126 مليون دولار، وتمكن حتى أكتوبر 2025 من إزالة 522 ألف لغم وعبوة وتطهير 72.4 مليون متر مربع في 11 محافظة عبر 32 فريقًا هندسيًا يضم 525 موظفًا أغلبهم يمنيون.
وأشار إلى "مسام" قدم 77 بين شهيداً، ومصاب من فرق المشروع، مؤكداً أن رفض الحوثيين تسليم خرائط الألغام وتطوير نماذج أكثر خطورة ضاعف التهديدات، وأن اليمن يحتاج إلى عشر سنوات إضافية للتخلص من إرث الألغام إذا توفرت الخرائط الكاملة.
ووقف المشاركون في الندوة دقيقة حداد لقراءة الفاتحة على ضحايا الألغام الحوثية من المدنيين وفي مقدمتهم العاملين في مشروع مسام.
وناقش نائب رئيس مؤسسة الأسرى والمختطفين حسن القبيسي في الورقة الثالثة، الدور السعودي في دعم مسار التفاوض وفرض السلام، مشيرًا إلى دعم المملكة للمبادرة الخليجية، وتشكيل حكومة الوفاق، ومؤتمر الحوار الوطني، والجولات التفاوضية اللاحقة.
كما تطرق لدور الرياض في ملف الأسرى، مؤكداً أنها لعبت دورًا حاسمًا في إنجاح صفقات تبادل وإفراج واسعة خلال السنوات الماضية، ما خفّف معاناة آلاف الأسر اليمنية.
وأثريت الندوة بالمداخلات التي أكدت على أن الدور السعودي في مختلف المجالات، سياسيًا وإنسانيًا وتنمويًا وما مثله من ركيزة أساسية في دعم الاستقرار وتعزيز فرص إنهاء الصراع في اليمن، وأن تعزيز الشراكة بين البلدين ضرورة لمواجهة التحديات الراهنة.
وفي ختام الفعالية، كرّم مجلس الجوف الوطني مركز الملك سلمان للإغاثة، والبرنامج السعودي لتنمية وإعمار اليمن، ومشروع “مسام”، إلى جانب مستشفى العيون في مأرب التابع لمركز الملك سلمان، تقديرًا لجهودهم الإنسانية والتنموية في اليمن.