باحثون يحذرون من أنانية الذكاء الاصطناعي
تاريخ النشر: 15th, November 2025 GMT
كشف باحثون في جامعة كارنيغي ميلون الأميركية أن بعض نماذج الذكاء الاصطناعي قد تُظهر سلوكاً أنانياً يسعى لتحقيق مصلحتها الخاصة.
وأظهرت دراسة جديدة من كلية علوم الحاسوب بالجامعة أنه كلما تضاعفت قدرات التفكير المنطقي لهذه الأنظمة، تراجع مستوى تعاونها وارتفع تأثيرها السلبي على سلوك المجموعات؛ إذ يميل النموذج الأكثر قدرة على الاستدلال إلى العمل أقل مع الآخرين.
← اقرأ أيضاً: الذكاء الاصطناعي يسلّح جهاز المناعة بـ"صواريخ" لمهاجمة الخلايا السرطانية
المخاطر تتصاعد
يثير هذا الاتجاه القلق مع توسع اعتماد الناس على الذكاء الاصطناعي في حل النزاعات الشخصية وتقديم نصائح العلاقات والإجابة عن الأسئلة الحساسة، إذ قد تدفع الأنظمة القائمة على الاستدلال نحو قرارات تخدم مصلحة الفرد بدلاً من تعزيز التفاهم المتبادل.
وقال يوشوان لي، المؤلف المشارك في الدراسة بجانب هيروكازو شيرادو: "عندما يتصرف الذكاء الاصطناعي مثل البشر، يبدأ الناس في معاملته كمعالج أو رفيق بشري، ما يجعل الاعتماد عليه في القرارات الاجتماعية خياراً محفوفاً بالمخاطر إذا أظهر سلوكاً أنانياً".
← أداة ذكاء اصطناعي ترصد مؤشرات الانتحار
ذكاء أعلى وتعاون أقل
بحسب تقرير لموقع SciTechDaily، درس الباحثان لي وشيرادو الفروق بين نماذج تمتلك قدرات استدلالية وأخرى لا تمتلكها في مواقف تعاونية. ووجدا أن النماذج القادرة على الاستدلال تحلل المعلومات بعمق أكبر وتفكك المشكلات وتستخدم منطقاً أقرب للبشر، لكنها في المقابل تُظهر تعاوناً أقل.
وأوضح شيرادو: "ما يثير القلق أن الناس قد يفضّلون النماذج الأذكى، حتى لو كانت تساعدهم على اتخاذ قرارات أنانية"، مشيراً إلى أن توسع دور الذكاء الاصطناعي يجعل السلوك الاجتماعي لهذه النماذج مهماً بقدر أهمّية قدرتها على التفكير المنطقي. وحذّر من أن الاعتماد المفرط عليها قد ينعكس سلباً على التعاون البشري.
← نظارات بالذكاء الاصطناعي تمنح ضعاف السمع قدرات خارقة
سلوك أناني لافت
اختبر الباحثون سلوك هذه النماذج عبر ألعاب اقتصادية تحاكي المعضلات الاجتماعية، وذلك على نماذج من شركات مثل OpenAI وGoogle وDeepSeek وAnthropic.
وفي إحدى التجارب، اختبر الفريق البحثي نموذجين مختلفين من ChatGPT في "لعبة السلع العامة".
بدأ كل نموذج بـ100 نقطة مع خيار مشاركتها في صندوق يُضاعف ويُوزّع بالتساوي، أو الاحتفاظ بها. وكانت النتائج واضحة:
- النماذج غير الاستدلالية شاركت نقاطها بنسبة 96%.
- النموذج القادر على الاستدلال شارك نقاطه بنسبة 20% فقط.
وأشار شيرادو إلى أن إضافة خمس أو ست خطوات استدلال فقط خفّض التعاون إلى النصف، فيما أدت أساليب التفكير التأملي إلى انخفاض التعاون بنسبة 58%. وفي التجارب الجماعية، انتقلت النزعة الأنانية إلى النماذج الأخرى، ما خفّض تعاونها بنسبة 81%.
← أداة ذكاء اصطناعي تكشف 9 أنواع من الخرف بفحص واحد
مجتمع أفضل
أكد الباحثون أن زيادة ذكاء النموذج لا تعني أنه يسهم في بناء مجتمع أفضل، إذ قد يستخدم الأشخاص توصياته "المنطقية" لتبرير سلوك أقل تعاوناً.
وتدعو الدراسة إلى تطوير نماذج ذكاء اصطناعي تجمع بين قوة الاستدلال والذكاء الاجتماعي.
وختم لي قائلاً: "مع تطور الذكاء الاصطناعي، يجب موازنة قوة الاستدلال بالسلوك الاجتماعي الإيجابي. فالمجتمع أكبر من مجرد مجموع أفراده، ويجب أن تُصمّم الأنظمة بما يخدم الصالح الجماعي، لا المكاسب الفردية فقط".
أمجد الأمين (أبوظبي) أخبار ذات صلة
المصدر: صحيفة الاتحاد
كلمات دلالية: الذكاء الاصطناعي التوليدي أدوات الذكاء الاصطناعي نماذج الذكاء الاصطناعي التقنيات الحديثة نماذج الذكاء الاصطناعي التوليدية نضج الذكاء الاصطناعي الأنانية الأنظمة الذكية الذكاء الاصطناعي الذکاء الاصطناعی على الاستدلال
إقرأ أيضاً:
الذكاء الاصطناعي .. ثورة تكنولوجية هائلة !
شغل العالم بظهوره أول مرة في حقبة الأربعينيات من القرن الماضي، ومنذ ذلك التاريخ والبشر لا يتعرضون له بالحديث الكثير، ليس توجسًا من أضراره بل لأن مدى انتشاره كان بطيئًا للغاية ومراحل نموه كانت تزحف في الخفاء، أما اليوم فأصبح صوت «الذكاء الاصطناعي» عاليًا، بعض الناس يصورونه على أنه «مارد» مخيف، وآخرون يرون فيه ذلك الحمل الوديع، وما بين الرأيين يوجد نفر من الناس ينتظرون منه الكثير من الفائدة.
ولذلك أسهب الناس في الحديث عن بعض تفاصيل الذكاء الاصطناعي وأهميته في الحياة اليومية، لكن وسط هذا التهافت المزدحم إلى استخدام تقنياته عجز الكثير من المهتمين بهذا العلم في الوصول إلى أدق تفاصيله وأسراره.
لكن الجميع أجمع على أن هذا العلم هو «ثورة علمية وتكنولوجية رهيبة، فهو لا يترك مجالًا إلا ووجد فيه، أصبح عبارة عن أخطبوط ذي أذرع طويلة يمكنه الوصول إلى أماكن عميقة مستخدمًا تقنيات فائقة الدقة سواء في الجانب الإيجابي أو السلبي.
لقد أصبح انتشار «الذكاء الاصطناعي» بشكل مخيف للغاية، لا تكاد تنفصل عن عالمه «لدقائق معدودة» حتى تراه في العالم الجديد الذي تدخل أنت فيه، ولكن ما بين ضفتي نهر جارف يقف الإنسان اليوم قريبًا منه ولكن بشيء من الحذر والتوجس والريبة والأمل في حصول أكبر قدر من الفائدة.
في مرحلة ما انتشر الحديث على أنه سيحل محل عمال المصانع والمعامل، وتنبأ الكثير من الناس بأن الناس سوف يخسرون وظائفهم، وسيكون الذكاء الاصطناعي هو البديل عنهم، ولكن مع الوقت ظهرت بعض الفجوات والإخفاقات التي صعّبت على البشر الثقة الكاملة بهذه الآلة المتطورة، وبقي الحديث منصبًا في تطوير هذا العلم ورفع مستوى الجودة والأداء رغم أنه وصل إلى مرحلة متقدمة.
وقد تخلى بعض أرباب العمل عن مشروعهم الجديد، وبقي هذا العلم عنصرًا مساعدًا للإنسان، لكن التنبؤات تشير إلى أنه سيكون له شأن عظيم في المستقبل إذا ما تم تطويره بشكل محكم ودقيق، ولكن الواقع الحالي يبصرنا بأن تقنيات الذكاء الاصطناعي هي الشغل الشاغل للحكومات حول العالم.
لقد استُغل هذا العلم من بعض الجهات الإجرامية واستخدم كأداة تدمير للبشرية وزُرعت بذوره في اتجاهات مظلمة، وهذا ما يفسر لك النظريات الجديدة التي تجعلك لا تثق في الكثير من الأشياء التي تعرض أمامك لأنها ربما تكون «مزيفة»، ولذا يقف البعض مترددًا ومتشككًا في مدى مصداقية ما يراه أو يسمعه هل هو واقع حقيقي أم خيال مزيف؟.
لقد أصبح الذكاء الاصطناعي هو الحوار السردي الطويل الذي لن ينتهي قريبًا الحديث عن إنجازاته، ولكن هناك سلسلة أخرى من الأشياء المجهولة لا يزال الناس لا يعلمون عنها شيئًا، وربما الأيام أو السنوات المقبلة ستكشف عن تقنيات أكثر تعقيدًا في مجال الذكاء الاصطناعي وفوائده في الحياة.
ولذلك يمكننا القول بأن فيض الكلمات وكمية الإبهار التقني التي أصابت العالم في عينيه لن تجعله يحيد النظر عنها أو يتنازل عن تتبع انبعاثاتها، بل سيظل توّاقًا لمعرفة الجديد حول الذكاء الاصطناعي في أشكال جديدة ونسخ أكثر تطورًا.