د. عادل القليعي يكتب: الذكاء الاصطناعي.. وحقوق الملكية الفكرية!
تاريخ النشر: 16th, November 2025 GMT
لا شك أننا نعيش الآن في ظل عالم متغير ، أخشى أن أقول سيطرت الآلة عليه ، وأتمنى أن أكون مخطئا.
لكن ما نراه الآن ونسمع عنه ونشاهده في كل يوم عن ثورة معلوماتية رهيبة وتقدم تقني غير مسبوق وصيحات متلاحقة ألحقوا ركب التقدم والا سيفوتكم ليس هذا وحسب بل قد يصل الأمر إلى حد القول أنه سيدهسكم تحت عجلاته وتصبحون في خبر كان أو طي النسيان.
نعم رضينا أم لم نرضى ، إنه عصر الانفتاح السمواتي ، الأقمار الصناعية ، الميتافيرس ، الرقمنة ، تطبيقات الذكاء الاصطناعي ، تطبيقات مواقع التواصل الإجتماعي ، واتس آب ، فيس بوك ، منصات التواصل ، ويبيكس ، زووم ، توك توك ، انستجرام ، وغيرها ،" ويخلق ما لا تعلمون"، هل نقول نحن في زحام من النعم ، أم زحام من الفوضى والنقم.
فمتى تكون نعم ، ومتى تكون نقم.
الإجابة واضحة لكل لبيب ، تكون نعم إذا ما أحسن استخدامها وأصبحت ثمة مواثيق ومعاهدات تضمن الحفاظ على قيمنا ومبادئنا وأخلاقنا وعاداتنا وتقاليدنا ، فليس الوازع الداخلي وحده يكفي لتفاوت درجات الناس في هذا الأمر ولاختلاف مجتمعاتهم وثقافاتهم فما نعده نحن في مجتمعاتنا العربية والإسلامية لا أخلاقي ، قد تعده مجتمعات أخرى أخلاقي ، وقد تعده مجتمعات ثالثة أنه خارج دائرة الحكم الأخلاقي.
ومن ثم بات الأمر ملحا إلى ضرورة إيجاد صيغة قانونية وتشريعات دولية يخضع لها الجميع تضمن سلامة وصحة استخدام مثل هذه التقنيات ، تقي الإنسان بما هو كذلك من الوقوع في شراك وبراثن الرذائل الأخلاقية ، فليست الرذائل مقصورة على الاباحات الجنسية والشذوذ فقط، وإنما في ظل هذا العالم المفتوح كل نقيصة تودى بالإنسان إلى انحرافه عن سلوكه الخير وعن قيمه الخلقية التي طالما ظل يدافع وينافح عنها طيلة حياته تدخل في باب الرذائل.
وقد تكون نقمة إذا استخدمت بقصد أو عن غير قصد في إفساد المجتمعات ونشر الموبقات واباحة الشذوذ والشرعنة له بحجة الحرية ، والحرية المسؤولة من كل ذلك براء ، فالحرية لا تكون كذلك إلا إذا تحققت على مسرح حريات الآخرين كما قال جان بول سارتر ، فعندما يكون الآخر حرا أصبح أنا حرا ، فما الجناية التي ارتكبها الناس عندما يدخلون على محرك جوجل وعلى الإنترنت فيشاهدون كل هذه المهلكات من أفلام العري والشذوذ ، أليس في ذلك إهدار لآدمية الإنسان الذي كرمه الله ، ليس هذا وحسب بل ويشاهدها الكبار والصغار والنساء ، أليس ذلك نشر للرذيلة ، ورب واحد يقول من الممكن أن نقف رقباء على أولادنا وبناتنا ، نرد قائلين راقبناهم في بيوتنا هل سنراقبهم في مدارسهم ، جامعاتهم ، أعمالهم.
الأمر جد خطير ، بل والأخطر من ذلك أن القائمين على هذه التطبيقات يغدقون العطايا على من يستخدمها بالمال تارة وبالهدايا العينية تارة أخرى وتلك طآمة كبرى ، اللعب على الوتر الحساس والضرب بمنتهى القوة عليه مستغلين الضوائق المالية والحالات الاقتصادية وضيق الرزق مع الناس ، فلا يجدون فكاكا من الكسب غير المشروع بعد أن زين لهم الشيطان سوء عملهم فرأوه حسنا ، فنجد من يصور زوجه أو ابنته وهي ترقص عارية.
أو يسجل فيديو يتصدر فيه للفتوى بغير علم ، ومن ثم يصبح المتلقي في حيرة من أمره هل نشاهد ونسمع أم لا ، هل نقلد هؤلاء أم نظل قابضين على جمار قيمنا ، نعم القابضون المستمسكون بقيمهم كالقابضون على الجمر الآن.
والسؤال المهم على الأقل منذ وجهة نظري - أين موقع العقل البشري من الذكاء الاصطناعي ، أيهما ستكون له الغلبة ، عقل الإنسان أم البرمجيات المتمثلة في المخترع المعاصر الذكاء الاصطناعي ، وهل سيحل هذا العقل الميموري محل الإنسان.؟!
الرأي عندي ، لا يمكن بحال من الأحوال أن نستعيض بالعقل الاصطناعي عن العقل الإنساني ، لماذا ؟! لأن الذي اخترع هذه العقول المبرمجة هو العقل الإنساني ومن ثم فالآلة هي التي دوما في حاجة إلى مخترعها ، لأنها دوما ما تحتاج إلى صيانة وتحديث برمجي يواكب متغيرات العصر ومتطلباته ومستجداته ، ومن ثم سيبقى العقل الإنساني نشط فعال قائدا دفة الأمور وليس مقودا .
وشاهدي على ذلك ، فلتطلبوا من الذكاء الاصطناعي أن يقدم لكم معلومات عنكم ، سيطلب منكم أن تمدوا ذاكرته بهذه المعلومات ثم يعيد فلترتها ويقدمها إليكم.
لكن ومع التقدم الهائل في الثورة المعلوماتية وسرعة وتيرة الحياة ، ومواكبة للعصر لا مندوحة من استخدام تطبيقات الذكاء الاصطناعي في كل المجالات سواء الإقتصادية أو السياسية أو العسكرية أو التعليمية ، واركز على التعليم روح الأمة فلا استقامة لأمة دون الاستقامة في تعليم أبنائهم ، نعم من الممكن استخدامه في التعليم شريطة أن تكون هناك دورات تدريبة للطلاب و المعلمين على حد سواء ، دورات تأهيلية للتدريب على إستخدام هذه التقنيات ، سواء إنشاء فصول افتراضية ، أو إنشاء اختبارات وتصحيحها اختصارا للوقت.
وقد تم تفعيل ذلك وقت جائحة كورونا وحققت نتائج مذهلة لكن التدريب أخذ وقتا طويلا وجهدا شاقا ، لكن وهذا يؤكد ما ذهبت إليه ، استطاع العقل الإنساني تجاوز هذه العقبات وتعامل مع كل هذه التقنيات الحديثة.
لكن يبقى السؤال الأهم ، هل الذكاء الاصطناعي سيضمن للكتاب والمؤلفين والباحثين حماية مؤلفاتهم من السرقات العلمية والسطو التقني ، هل سيضمن لأصحاب الرسائل العلمية حمايتها من السطو عليها.
أم سيكون العكس هو الصحيح ، وهنا أعود إلى حيث بدأت ، لابد من تشريعات وقوانين تحافظ على حقوق الملكية الفكرية للمؤلفين من الكتاب والأدباء والباحثين.
نحن لا نرفض المواكبة والمعاصرة والتقدم التقني ، لكن دونما إفراط أو تفريط بما يضمن للإنسان حفظ وجوده المادي وتواجده القيمي الفعال.
المصدر: صدى البلد
كلمات دلالية: الميتافيرس الذكاء الاصطناعي مواقع التواصل الإجتماعي الذکاء الاصطناعی العقل الإنسانی ومن ثم
إقرأ أيضاً:
الذكاء الاصطناعي في الطب: تشخيص أسرع أم خطر أكبر؟
#سواليف
#ثورة_التكنولوجيا و #قلق_الإنسان
في السنوات الأخيرة، تحوّل #الذكاء_الاصطناعي في #الطب من #فكرة_خيالية إلى #واقع_ملموس يغيّر شكل الطب الحديث والرعاية الصحية حول العالم. لم تعد الأجهزة الطبية مجرد أدوات يستخدمها الطبيب، بل أصبحت “عقولًا إلكترونية” قادرة على تحليل صور الأشعة، واكتشاف الأمراض، وحتى اقتراح خطط علاجية دقيقة خلال ثوانٍ معدودة.
لكن، مع هذه القفزة الهائلة في التكنولوجيا الطبية، بدأ الجدل:
هل نحن أمام ثورة تنقذ الأرواح بتشخيص أسرع وأدق؟
أم أننا نفتح الباب أمام مخاطر طبية جديدة قد تهدد خصوصية المريض أو تضع قرارات مصيرية في يد آلة لا تمتلك مشاعر؟
كيف دخل الذكاء الاصطناعي عالم الطب؟
بدأت القصة عندما أدرك الباحثون أن الأنظمة الذكية تستطيع التعامل مع كميات ضخمة من البيانات الطبية في وقت قياسي، وهي مهمة كانت تستغرق من الأطباء ساعات طويلة من التحليل.
فمن خلال خوارزميات تعلم الآلة (Machine Learning) والتعلم العميق (Deep Learning)، أصبح بإمكان الذكاء الاصطناعي فحص آلاف صور الأشعة السينية أو صور الرنين المغناطيسي، والتعرف على أنماط دقيقة تشير إلى تشخيص الأمراض في مراحلها الأولى.
اليوم، تستخدم مئات المستشفيات حول العالم أنظمة ذكاء اصطناعي لمساعدة الأطباء في:
اكتشاف الأورام السرطانية مبكرًا.
تحليل صور القلب والرئتين بدقة عالية.
متابعة حالة المرضى المزمنين لحظة بلحظة.
التنبؤ بحدوث المضاعفات قبل وقوعها.
التشخيص الأسرع: إنقاذ للوقت والأرواح
أحد أهم فوائد الذكاء الاصطناعي في الطب هو السرعة الفائقة في التشخيص.
في الماضي، كان تحليل صورة أشعة واحدة يحتاج إلى وقت طويل وخبرة كبيرة، أما اليوم، فيمكن لبرنامج ذكاء اصطناعي أن يحللها في ثوانٍ معدودة، ويقارنها بملايين الصور المشابهة الموجودة في قواعد بيانات ضخمة.
مثلًا، طوّرت شركة “جوجل هيلث” نموذجًا يستطيع اكتشاف سرطان الثدي من صور الأشعة بدقة تفوق أحيانًا أداء الأطباء المتخصصين، كما تستخدم بعض أنظمة الرعاية الصحية الذكية تقنيات تحليل البيانات الحيوية (مثل ضغط الدم ونبض القلب) للتنبؤ بحدوث نوبات قلبية قبل ساعات من وقوعها.
بهذا الشكل، أصبحت التكنولوجيا الطبية حليفًا قويًا للأطباء، وساعدت على تقليل الأخطاء البشرية وإنقاذ المزيد من الأرواح.
الذكاء الاصطناعي لا ينام ولا يمل
من مزايا الذكاء الاصطناعي أنه لا يتعب ولا يحتاج إلى راحة أو مناوبة.
يمكنه مراقبة آلاف المرضى في الوقت نفسه، وتحليل مؤشراتهم الحيوية على مدار الساعة. في وحدات العناية المركزة مثلًا، يتم ربط الأجهزة بأنظمة ذكية تراقب معدل التنفس وضغط الدم وتصدر تنبيهات فورية للطبيب إذا لاحظت أي خلل.
هذه الأنظمة لا تستبدل الطبيب، لكنها تمنحه عينًا إضافية لا تغفل، مما يعزز جودة الرعاية الصحية الذكية ويجعلها أكثر أمانًا وكفاءة.
التكنولوجيا الطبية ودقة غير مسبوقة
لم تعد التكنولوجيا الطبية تقتصر على الأجهزة الميكانيكية أو الأدوات الجراحية.
اليوم، دخل الذكاء الاصطناعي إلى تفاصيل الطب الدقيقة، مثل:
تحليل الجينات لتحديد الأمراض الوراثية بدقة مذهلة.
التشخيص المبكر لأمراض مثل الزهايمر والسكري والسرطان.
الجراحة بمساعدة الروبوتات التي تنفذ العمليات بمهارة لا تخطئ المليمتر.
تخيل روبوتًا جراحيًا يقوده ذكاء اصطناعي يستطيع إزالة ورم دقيق في الدماغ دون إتلاف أي خلية سليمة! هذه ليست خيالًا علميًا بعد الآن، بل واقع يعيشه الطب الحديث يوميًا.
لكن… هل هناك جانب مظلم؟
رغم كل هذه الإنجازات، إلا أن استخدام الذكاء الاصطناعي في الطب لا يخلو من المخاطر الطبية والجدل الأخلاقي،
فبينما يرحب البعض بالثورة التكنولوجية، يشعر آخرون بالقلق من الاعتماد المفرط على الآلات في قرارات قد تتعلق بحياة إنسان.
أبرز المخاوف تشمل:
الأخطاء في التشخيص:
قد يخطئ النظام إذا كانت البيانات غير مكتملة أو منحازة، مما يؤدي إلى تشخيص خاطئ أو علاج غير مناسب.
فقدان اللمسة الإنسانية:
الطبيب لا يعالج الأعراض فقط، بل يواسي المريض ويمنحه الأمل. هذا الجانب الإنساني لا يمكن لأي خوارزمية أن تعوضه.
الخصوصية وحماية البيانات:
الذكاء الاصطناعي يحتاج إلى ملايين السجلات الطبية للتعلم، وهنا تكمن الخطورة. من يضمن ألا تُستخدم هذه البيانات خارج الإطار الطبي؟
تراجع دور الطبيب:
هناك تخوف من أن تحل الأنظمة الذكية محل الأطباء في المستقبل، مما يثير تساؤلات مهنية وأخلاقية كبيرة.
الطب الحديث بين التعاون والتوازن
الحل ليس في رفض الذكاء الاصطناعي أو الاعتماد الكامل عليه، بل في تحقيق التوازن بين الإنسان والآلة.
فالذكاء الاصطناعي لا يمكن أن يحل محل الطبيب، لكنه يستطيع أن يكون مساعدًا قويًا له، يمنحه الوقت ليركز على الجوانب الإنسانية من العلاج.
المستقبل القريب يشير إلى أن الرعاية الصحية الذكية ستعتمد على نموذج “التعاون بين الإنسان والآلة”، حيث يستخدم الطبيب التكنولوجيا لتحليل البيانات بسرعة، بينما يحتفظ بقراره الإنساني في التشخيص والعلاج.
تجارب ناجحة من حول العالم
في المملكة المتحدة، استخدم الذكاء الاصطناعي لتحديد أمراض العيون الناتجة عن السكري بدقة تضاهي أطباء العيون.
في الولايات المتحدة، تساعد أنظمة الذكاء الاصطناعي في تحديد أنواع السرطان من صور الأنسجة.
وفي اليابان، تعتمد بعض المستشفيات على روبوتات ذكية لتقديم الأدوية ومرافقة المرضى المسنين.
هذه التجارب تثبت أن المستقبل الطبي سيعتمد على التكنولوجيا الطبية بشكل أوسع، لكن مع إشراف بشري صارم يضمن الأمان والعدالة لكل مريض.
هل سيغني الذكاء الاصطناعي عن الطبيب؟
الإجابة ببساطة: لا.
الذكاء الاصطناعي لا يمتلك إحساس الطبيب، ولا يمكنه فهم الألم أو القلق الإنساني. دوره هو تسريع تشخيص الأمراض ومساعدة الأطباء في اتخاذ قرارات أدق، لكنه لن يتمكن من الحلول محل القلب البشري الذي يتعاطف ويشعر.
الطب ليس مجرد علم، بل فن ورحمة وإنسانية، وهذه قيم لا يمكن ترجمتها إلى رموز رقمية.
تشخيص أسرع.. لكن بحذر أكبر
يبدو أن الذكاء الاصطناعي في الطب يمثل بالفعل ثورة علمية غير مسبوقة، فهو يمنحنا أدوات مذهلة لتشخيص أسرع وأكثر دقة، ويخفف العبء عن الأطباء ويُحسّن من مستوى الرعاية الصحية الذكية.
لكن هذه القوة التكنولوجية العظيمة يجب أن تُستخدم بحذر ومسؤولية. فكل خوارزمية مهما بلغت من ذكاء، تظل بحاجة إلى إشراف بشري، ومراجعة دقيقة تضمن سلامة المرضى وتحترم إنسانيتهم.
في النهاية:
المستقبل الطبي سيكون أكثر ذكاءً، لكنه يجب أن يكون أيضًا أكثر إنسانية.
فالتكنولوجيا قد تكتشف المرض قبل ظهوره، لكنها لن تستطيع أن تبتسم للمريض أو تطمئنه على شفائه.