رئيس جمهورية كوريا لـ«الاتحاد»: «الثقة» و«الإرادة المشتركة» عنوان شراكتنا مع الإمارات
تاريخ النشر: 18th, November 2025 GMT
حوار: د. حمد الكعبي
أكد فخامة لي جيه ميونغ، رئيس جمهورية كوريا، أن علاقات بلاده مع دولة الإمارات العربية المتحدة تجاوزت كونها مجرد تعاون اقتصادي، إلى «شراكة شاملة وخاصة»، عنوانها الثقة والإرادة المشتركة.
وقال فخامته، في مقابلة مع «مركز الاتحاد للأخبار»، إن هذه الشراكة لن تكون مجرد نقطة تحول لتوسيع التجارة والاستثمار بين البلدين فحسب، بل منصة انطلاق للارتقاء إلى مستوى الشريك الاقتصادي الأكثر تقارباً.
وأفاد فخامته بأن اختياره الإمارات في مستهل زياراته للشرق الأوسط منذ تولي منصبه في يونيو الماضي، دليل على إرادة قوية لترسيخ وتطوير العلاقات معها، مشدداً على ثقة بلاده الكبيرة والعميقة في الإمارات كشريك استراتيجي خاص ووحيد في المنطقة، موضحاً أن البلدين يعملان معاً كشريكين حقيقيين ويصممان مستقبلهما المشترك.
ولفت فخامته إلى أن لقاءه صاحب السمو الشيخ محمد بن زايد آل نهيان، رئيس الدولة، حفظه الله، يضع الأساس لـ «انطلاقة جديدة لمسيرة مئوية» بين البلدين، معرباً عن ارتياحه لما وصلت إليه هذه الاستثمارات، خاصة بعد القرار الذي كانت قد اتخذته الإمارات بالاستثمار في قطاعات استراتيجية بجمهورية كوريا، الذي وصفه بـ«القرار الاستراتيجي»، معتبراً أن ترابط البيئات الاستثمارية للبلدين، والزيادة الطبيعية في التبادل والتعاون بين الشركات، لهما تأثير يتجاوز مجرد الاستثمارات الاقتصادية التي تظهر في الأرقام.
وأعرب فخامته عن توقعاته بأن تلعب الشركات الكورية دوراً مهماً في عملية بناء منظومة أشباه الموصلات للذكاء الاصطناعي في الإمارات مستقبلاً، خاصة في ظل مساعي الإمارات إلى تعزيز قدرتها التنافسية الوطنية الشاملة والتحول إلى مركز عالمي للذكاء الاصطناعي في جميع القطاعات الصناعية، وفق ما نصت عليه «استراتيجية الذكاء الاصطناعي 2031».
واعتبر أن نجاح «محطة براكة للطاقة النووية»، التي دخلت مرحلة التشغيل الكامل رسمياً بعد أن استغرق بناؤها 12 عاماً، سيفتح فصلاً جديداً في التعاون في مجال الطاقة بين البلدين مستقبلاً، كاشفاً عن أن بلاده تعتزم العمل على تعاون مع الإمارات في تكنولوجيا الطاقة النووية من الجيل التالي، بما في ذلك المفاعلات المعيارية الصغيرة، والدخول المشترك إلى أسواق الطاقة النووية.
وفي هذا الصدد، لفت فخامته إلى مشروع محطة العجبان للطاقة الشمسية، والذي شاركت فيه شركة غرب كوريا للطاقة، إضافة للتنفيذ المشترك لمشروعات طاقة متجددة في دول ثالثة بين شركتي «وسط كوريا للطاقة» و«مصدر»، واللذين اعتبرهما مثاليْن مهمين للتعاون الثنائي في مجال الطاقة المتجددة.
وتوقع فخامته أن يصل التعاون بين البلدين في مجال استكشاف الفضاء إلى مرحلة أكثر تقدماً، تشمل: التطوير المشترك للأقمار الاصطناعية والاستفادة منها، وإنشاء البنية التحتية الأرضية، مثل منصات الإطلاق والمحطات الأرضية للملاحة عبر الأقمار الاصطناعية، إضافة لاستكشاف الفضاء، الذي يمتد من القمر وصولاً إلى المريخ.
وفي هذا الإطار، نوه فخامته بالقمر الاصطناعي «دبي سات»، الذي تم تطويره بالتعاون مع جمهورية كوريا، فيما تتلقى كوادر إماراتية تدريبات في مجال تطوير الفضاء بالمعهد الكوري المتقدم للعلوم والتكنولوجيا «كايست».
في سياق متصل، أكد فخامته أن الإمارات أهم وجهة سفر في الشرق الأوسط، كاشفاً عن اعتزام حكومة بلاده مراجعة سبل تحسين سهولة دخول مواطني الدولة، إضافة لتوسيع التبادلات الثقافية لتشمل الصناعات المرتبطة بها، ونيتها إنشاء مركز كوري جديد في الإمارات بحلول 2030 وتطويره ليصبح مرفقاً مركزياً للتبادل الثقافي والتجارة بين البلدين، معرباً عن اعتقاده بأن البلدين مؤهلان تماماً ليكونا شريكين في المجال الثقافي، خاصة أن الإمارات تصنف على أنها مركز ثقافي وسياحي في الشرق الأوسط.
وقال: إن البلدين اختبرا بالفعل قوة تعاونهما في أوقات الأزمات، لافتاً إلى أن بلاده، وخلال جائحة «كورونا»، زودت الإمارات بإمدادات الوقاية الصحية، بينما دعمتها الإمارات عندما واجهت أزمة نقص اليوريا السائلة، بتوفير إمدادات بديلة، مشيراً إلى أن من شأن الجمع بين القدرة التكنولوجية والقاعدة التصنيعية لكوريا وقدرات الإمارات في مجال الطاقة والخدمات اللوجستية، إنشاء سلاسل إمداد مستقرة.
وتالياً نصّ المقابلة:
- مع «الشراكة الاقتصادية الشاملة» بين البلدين، كيف ترون مستوى التعاون بين البلدين؟ وما أبرز محطاته؟
= أعتقد أن القرار الذي اتخذته الإمارات في عام 2023، برئاسة صاحب السمو الشيخ محمد بن زايد آل نهيان، باستثمار 30 مليار دولار في جمهورية كوريا خلال السنوات القليلة، كان قراراً استراتيجياً بالغ الأهمية، تجاوز مستوى مجرد التعاون الاقتصادي بين البلدين، وأظهر الثقة المتبادلة والإرادة المشتركة للنمو بين جمهورية كوريا ودولة الإمارات العربية المتحدة.
بعد هذا القرار، أنشأ البلدان قنوات تعاون وثيقة، فيما بدأ العديد من المؤسسات الاستثمارية الإماراتية، بما في ذلك «مبادلة»، في الاستثمار بنشاط في الشركات الكورية، وأعلم أن حجماً كبيراً من الاستثمارات قد تم تنفيذه بالفعل حتى الآن.
على وجه الخصوص، أبدى العديد من المؤسسات الاستثمارية الإماراتية اهتماماً بالتكنولوجيا العالمية التي تتمتع بها جمهورية كوريا، فيما يجري حالياً تعاون وثيق في مجالات الصناعات المتقدمة، مثل الذكاء الاصطناعي، التي يعتبرها كل من البلدين صناعات استراتيجية رئيسية.
ونرى أن ترابط البيئات الاستثمارية للبلدين والزيادة الطبيعية في التبادل والتعاون بين الشركات، لهما تأثير يتجاوز مجرد الاستثمارات الاقتصادية التي تظهر في الأرقام.
ونأمل أن يؤدي ذلك إلى ترسيخ «علاقة الشراكة الاستراتيجية الخاصة» بين كوريا والإمارات، والتي تهدف إلى تحقيق النمو على المدى الطويل.
فبموجب اتفاقية الشراكة الاقتصادية الشاملة (CEPA) بين كوريا والإمارات، سيتم إلغاء الرسوم الجمركية على أكثر من 90% من السلع المتبادلة بين البلدين، بما في ذلك السيارات الكهربائية والهجينة المصنوعة في كوريا، والمنتجات البتروكيماوية الإماراتية.
ومن شأن ذلك أن يساعد على توسيع التبادل التجاري بين البلدين، وتعزيز القدرة التنافسية الصناعية، وهو ما سيعود بالنفع على المستهلكين في كلتا الدولتين.
علاوة على ذلك، من المتوقع أن يتم تجسيد التعاون الاقتصادي في مجالات متنوعة، مثل الطاقة والموارد، وسلاسل الإمداد، والرقمنة، والاقتصاد الحيوي، وأن يتم تحفيز استثمارات جديدة من خلال تحسين البيئة والنظام الاستثماري.
لن تكون اتفاقية المشاركة الاقتصادية الشاملة بين كوريا والإمارات مجرد نقطة تحول لتوسيع التجارة والاستثمار بين البلدين فحسب، بل أيضاً ستكون منصة انطلاق للارتقاء إلى مستوى الشريك الاقتصادي الأكثر تقارباً.
- تعتبر «محطة براكة» أحد العناوين الرئيسية للتعاون بين البلدين في مجال الطاقة النووية.. ماذا عن التعاون في هذا القطاع الفترة المقبلة؟
= تعد محطة براكة للطاقة النووية أول محطة نووية تجارية في الشرق الأوسط.. ومع بدء التشغيل التجاري للوحدة الرابعة من المحطة في شهر سبتمبر من العام الماضي، فقد اكتملت بنجاح عملية البناء التي استغرقت 12 عاماً، ودخلت المحطة مرحلة التشغيل الكامل رسمياً.
إننا نؤمن بأن محطة براكة، كمصدر للطاقة يغطي 25% من احتياجات الإمارات من الكهرباء، ستكون أساساً مهماً لقيادة محركات النمو الجديدة في دولة الإمارات، مثل الذكاء الاصطناعي والصناعات التحويلية.
وبناءً على النجاح في بناء وتشغيل تلك المحطة، سيفتح البلدان فصلاً جديداً في التعاون في مجال الطاقة في المستقبل.
وعلى وجه الخصوص، فمن المتوقع أن تتجاوز الاستثمارات العالمية في المفاعلات النووية المعيارية الصغيرة 670 مليار دولار بحلول عام 2050، وستعمل كوريا على إرساء الأساس للتعاون مع الإمارات في تكنولوجيا الطاقة النووية من الجيل التالي، بما في ذلك المفاعلات المعيارية الصغيرة، والدخول المشترك إلى أسواق الطاقة النووية في دول ثالثة، وذلك بناء على جهودها في تطوير تكنولوجيا المفاعلات المعيارية الصغيرة والمضي قدماً في بناء مفاعل تجريبي داخل البلاد.
إضافة لذلك، فإن التعاون في تحول الطاقة القائم على الطاقة المتجددة وأنظمة تخزين الطاقة، والذي يجمع بين إمكانيات الإمارات الغنية في مجال الطاقة الشمسية وتقنيات البطاريات المتقدمة ذات المستوى العالمي التي تمتلكها كوريا، سيسهم مساهمة كبيرة في قيادة البلدين للصناعات الجديدة الصديقة للبيئة.
كما يعد مشروع محطة «العجبان» للطاقة الشمسية بسعة 1.5 غيغاوات، الذي شاركت فيه شركة غرب كوريا للطاقة، إضافة للتنفيذ المشترك لمشروعات الطاقة المتجددة في دول ثالثة بين شركة وسط كوريا للطاقة وشركة «مصدر»، مثاليْن مهمين للتعاون الثنائي في مجال الطاقة المتجددة.
وبما أن الإمارات تستعد، كدولة رائدة في مجال الطاقة المتجددة في المنطقة، لتحول الطاقة من خلال التخلي عن الوقود الأحفوري بـ«استراتيجية الطاقة 2050»، بينما بالمقابل تتبنى جمهورية كوريا «التحول الكبير في الطاقة الذي يركز على الطاقة المتجددة» كأولوية وطنية رئيسية، وتسعى جاهدة لتحقيق الحياد الكربوني وتنمية الأعمال الخضراء، فإننا نتوقع أن يتوسع التعاون في مجال الطاقة المتجددة بين البلدين بشكل أكبر في المستقبل بناء على الرؤية والسياسات الراسخة لحكومتي البلدين.
ومن خلال تعميق التعاون بين الحكومة والشركات في المستقبل، نتوقع تحقيق نتائج تعاون مربحة للجانبين، مثل النموذج الثاني لشركة غرب كوريا للطاقة، والنموذج الثالث لشركة وسط كوريا للطاقة وشركة «مصدر».
- وماذا عن تكنولوجيا الذكاء الاصطناعي؟
= لقد دخل العالم بالفعل عصر الذكاء الاصطناعي، فيما يتوقع الجميع أن تؤدي تكنولوجيا الذكاء الاصطناعي إلى تطورات ثورية في الصناعات المتقدمة، وليس من المبالغة القول بأن العالم بأسره قد انخرط في سباق لا حدود له.
ونعلم أن الإمارات أيضاً قد وضعت هدفاً استراتيجياً لتعزيز قدرتها التنافسية الوطنية الشاملة، والارتقاء إلى مستوى مركز عالمي للذكاء الاصطناعي من خلال تطبيق الذكاء الاصطناعي في جميع القطاعات الصناعية، كما أوضحته في «استراتيجية الذكاء الاصطناعي 2031».
ولتحقيق هذا الهدف، من الضروري التوريد المستقر للبنية التحتية للذكاء الاصطناعي من أجل ضمان القدرة على المعالجة الحاسوبية الضخمة.
ونرى أن جمهورية كوريا، بصفتها دولة رئيسية في قطاع إنتاج شرائح الذاكرة ضمن سلسلة التوريد العالمية لأشباه الموصلات، فهي الشريك الاستراتيجي القادر على توفير الإمدادات الكافية من شرائح الذاكرة المتقدمة الخاصة بالذكاء الاصطناعي التي تحتاج إليها الإمارات.
ويمكن القول إن التعاون الأخير بين شركات عالمية مثل «أوبن ايه آي» والشركات الكورية في مجال أشباه الموصلات للذكاء الاصطناعي، مثال رئيسي يوضح أن كوريا شريك تكنولوجي لا غنى عنه في بناء البنية التحتية للذكاء الاصطناعي.
ولذلك، فإنه من المتوقع أن تلعب الشركات الكورية دوراً مهماً في عملية بناء منظومة أشباه الموصلات للذكاء الاصطناعي في الإمارات مستقبلاً.
علاوة على ذلك، نرى أن سوق أشباه الموصلات العالمية للذكاء الاصطناعي، تتميز حالياً بهيكلية ذات اعتمادية عالية على عدد قليل من الشركات.. وهنا، تجدر الإشارة إلى أن الشركات الكورية الناشئة المبتكرة في هذا المجال، مثل «ريبليونس Rebellions» و«فيوريوسا إيه آي FuriosaAI»، تحمل إمكانيات للعب دور المورد البديل، ولذا نتطلع إلى تحقيق تآزر من خلال تلاقي هذه الإمكانات مع استراتيجية الإمارات في المستقبل.
أخيراً، لا بد من الأخذ بعين الاعتبار أن جمهورية كوريا تتمتع بنقاط قوة عبر كامل المنظومة، بما في ذلك المواد والمكونات والمعدات والبحث والتطوير. لذلك، تمتلك كوريا القدرة على تلبية الاحتياجات الضرورية لتطوير منظومة أشباه الموصلات في الإمارات وتعزيز تنافسيتها في الصناعات المتقدمة.
- تعبر الإمارات دولة صاعدة في مجال استكشاف الفضاء،.. هل لكم أن تلقوا الضوء على تعاون البلدين في هذا المجال، وآفاقه المستقبلية؟
= الإمارات تجمع بين رأس المال والقدرة التكنولوجية، وتعد دولة صاعدة في مجال استكشاف الفضاء في الشرق الأوسط، حيث طورت بالفعل مسبار الأمل لاستكشاف المريخ الذي ينجز مهمته بنجاح حالياً.
وتحافظ الإمارات على علاقة تعاون وثيقة مع جمهورية كوريا، حيث قامت بتطوير أول قمر اصطناعي إماراتي، «دبي سات»، بالتعاون مع كوريا، فيما يتلقى كوادرها في مجال تطوير الفضاء تدريبات في المعهد الكوري المتقدم للعلوم والتكنولوجيا، «كايست»، في كوريا.
ونتوقع أن يتبلور التعاون بين البلدين من أجل تعزيز مشاركة أكثر تقدماً، من خلال نواحٍ عدة: أولاها: التطوير المشترك للأقمار الاصطناعية والاستفادة منها، وثانيتها: إنشاء البنية التحتية الأرضية، مثل منصات الإطلاق والمحطات الأرضية للملاحة عبر الأقمار الاصطناعية، وأخيراً: التعاون في استكشاف الفضاء، الذي يمتد من القمر وصولاً إلى المريخ.
- وماذا عن القطاع السياحي وغيره من القطاعات ذات الأهمية؟
= على صعيد التبادلات السياحية، تعد الإمارات أهم وجهة سفر في الشرق الأوسط، حيث يزورها حوالي 200 ألف كوري سنوياً.
ولقد أبرمت جمهورية كوريا والإمارات اتفاقية الإعفاء من تأشيرة الدخول في عام 2016، وبالتالي صار من الممكن لأبناء شعبي البلدين القيام بزيارات متبادلة بحرية على مدار 90 يوماً دون الحصول على تأشيرات، الأمر الذي وضع أساساً مهماً لتوسيع التبادلات البشرية بين البلدين، بما في ذلك السياحة والتبادلات الثقافية، وزيارات العمل. ومن الضروري تعزيز تدفق هذا التعاون في المستقبل أيضاً.
وستواصل الحكومة الكورية مراجعة سبل تحسين سهولة الدخول لمواطني دولة الإمارات العربية المتحدة حتى يتمكنوا من زيارة كوريا بسهولة أكبر، وسوف نقوم بإنشاء مركز كوري جديد في دولة الإمارات العربية المتحدة بحلول عام 2030 وتطويره ليصبح مرفقاً مركزياً للتبادل الثقافي والتجارة بين البلدين.
إضافة لذلك، نخطط للمساعدة في توسيع التبادلات الثقافية، لتشمل الصناعات المرتبطة بها، مثل الجمال والطعام، وذلك من خلال مركز «كوريا 360» الذي يعمل حالياً في دبي كقاعدة لعرض وتجربة وبيع منتجات الموجة الكورية «هالليو».
ويلعب التبادل المستمر بين الطلاب دوراً مهماً في تفعيل التبادل البشري بين البلدين، فيما تتمتع كوريا ببيئة مواتية ومجهزة جيداً تُمكّن الطلاب من التركيز على البحث العلمي والتعليم، كما يوجد فيها العديد من الجامعات ذات القدرات التنافسية عالمية المستوى؛ ولذلك نتطلع إلى توسيع نطاق التبادل الثنائي بين البلدين من خلال تبادل الكوادر والمواهب البشرية.
ونأمل أن يتم من خلال هذه الجهود توسيع عملي للتبادلات البشرية، وتعزيز التعاون المتبادل بين الإمارات وجمهورية كوريا.
أما إذا تحدثنا عن إدارة التجارة، فبما أننا نقف عند نقطة انعطاف في النظام التجاري، فمن المهم للغاية تعزيز النمو المستدام، وإنشاء نظام تجاري يمكن التنبؤ به.
وعلى الرغم من التحديات التي نواجهها حالياً، إلا أن إيماننا راسخ بأن نظام التجارة متعدد الأطراف الذي يرتكز على منظمة التجارة العالمية WTO، يجب أن يظل هو الأساس للنظام التجاري العالمي.
لقد مارست الإمارات قيادة بارعة، بصفتها الدولة المضيفة والرئيسة للمؤتمر الوزاري الثالث عشر لمنظمة التجارة العالمية (MC13) الذي عُقد في أبوظبي في فبراير من عام 2024. وكان تمديد الوقف الاختياري للتجارة الإلكترونية مثالاً يوضح بجلاء الخبرة والقدرة القيّمة التي أظهرتها الإمارات في بناء التوافق بين الدول الأعضاء.
ومع اقتراب موعد المؤتمر الوزاري الرابع عشر (MC14) في مارس من عام 2026، تتطلع جمهورية كوريا إلى التعاون الوثيق مع الإمارات للتوصل إلى نتائج ملموسة وذات مغزى.
وهنا، يسعى البلدان للعمل على دمج اتفاقيتي تيسير الاستثمار لأغراض التنمية (IFD)، والتجارة الإلكترونية في إطار منظمة التجارة العالمية، وإذا أثمرت هذه الجهود لتحديث القواعد التجارية في المؤتمر الوزاري الرابع عشر (MC14)، فسيسهم ذلك في تعزيز مصداقية وفائدة النظام التجاري متعدد الأطراف.
كما تُعد مرونة سلاسل الإمداد أيضاً تحدياً بالغ الأهمية، حيث لم يعد اضطراب سلاسل الإمداد العالمية مشكلة خاصة بدولة واحدة، فيما يؤدي مباشرة إلى تهديد الأمن الاقتصادي للدول ذات الاقتصادات المفتوحة التي تعتمد بشكل كبير على التجارة الخارجية، مثل جمهورية كوريا والإمارات.
وتعتمد جمهورية كوريا على صادرات الصناعات التحويلية المتقدمة، بينما تعتمد الإمارات على دورها مركزاً للطاقة والخدمات اللوجستية.. وفي ظل هذه الهيكلية، لم تعد سلاسل الإمداد مجرد مسألة كفاءة، بل أصبحت أصولاً استراتيجية مرتبطة مباشرة ببقاء الدولة.
ولقد اختبر البلدان بالفعل قوة التعاون في أوقات الأزمات، فخلال فترة جائحة «كورونا»، زودت جمهورية كوريا الإمارات بإمدادات الوقاية الصحية، وعندما واجهت كوريا أزمة نقص اليوريا السائلة، دعمتها الإمارات بتوفير إمدادات بديلة.
وبهذه الطريقة، تشارك البلدان تجربة ناجحة في مرونة سلاسل الإمداد بناء على الثقة المتبادلة في أوقات الأزمات. وهذا التعاون الذي يستغل نقاط قوة كل طرف، لا يمكن اعتباره إجراءً لمرة واحدة فقط، بل يمكن أن يصبح نموذجاً جديداً للاستجابة للأزمات.
وفي المستقبل، يجب علينا بناء نظام تعاون دائم وهيكلي استفادة من هذه التجارب. وإذا تم الجمع بين القدرة التكنولوجية والقاعدة التصنيعية لجمهورية كوريا مع قدرات الإمارات في مجال الطاقة والخدمات اللوجستية، فسيصبح من الممكن إنشاء سلاسل إمداد مستقرة.
وأخيراً، أود أن أتحدث عن التمويل المناخي أيضاً.
تشارك جمهورية كوريا، كدولة قوية مسؤولة عالمياً، مشاركة فعالة وكبيرة في استجابة المجتمع الدولي لأزمة المناخ. وبصفتها دولة تستضيف مقار منظمات دولية معنية بالمناخ، مثل صندوق المناخ الأخضر (GCF)، والمعهد العالمي للنمو الأخضر (GGGI)، تعمل على نشر التكنولوجيا والخبرة إلى الدول النامية، وتسعى، بالتعاون مع اتفاقية الأمم المتحدة الإطارية بشأن تغير المناخ (UNFCCC)، والمعهد العالمي للنمو الأخضر، إلى تطوير السوق الطوعية العالمية للكربون (Global Voluntary Carbon Market).
من أجل تحديد معايير واضحة يمكنها رفع مستوى الشفافية وثقة المستثمرين في التمويل المناخي، أنشأت جمهورية كوريا النظام الكوري للتصنيف الأخضر (Korean Green Taxonomy) في عام 2021، وتعتزم، بصفتها قوة عظمى في مجال تكنولوجيا المعلومات، تسخير التقنيات المتقدمة، مثل الذكاء الاصطناعي و«البلوكتشين»، لتنشيط السوق العالمية للكربون.
ومن المثير للإعجاب أن الإمارات أيضاً تتبوأ مكان الصدارة في نشر التمويل المناخي، من خلال استضافة مؤتمر الأطراف (COP28) في عام 2023، وتأسيس المركز العالمي للتمويل المناخي (GCFC Global Climate Finance Centre). وإذا تضافرت القدرات التكنولوجية والمالية لجمهورية كوريا والإمارات، فسيكون بإمكان البلدين تقديم مساهمة كبيرة للاستجابة لأزمة المناخ في المجتمع الدولي.
إن الإمارات بصفتها الشريك الاستراتيجي الخاص الوحيد في الشرق الأوسط بالنسبة لجمهورية كوريا، ظلت تبني ثقة كبيرة وعميقة.
لقد أظهرت الإمارات ثقة عميقة في قدراتنا التكنولوجية وسلامتنا من خلال استيراد 4 مفاعلات نووية كورية لتصبح أول دولة في العالم في هذا المجال.
وفي المقابل، عملت جمهورية كوريا على بناء علاقات صداقة من خلال نشر 4000 جندي بشكل تراكمي في الإمارات على مدار الـ 15 عاماً الماضية. ويدل ذلك على أن البلدين يتطوران معاً كشريكين حقيقيين يحترمان أمن بعضهما البعض ويصممان مستقبلهما المشترك.
- لماذا اخترتم الإمارات لتكون المحطة الأولى لزياراتكم الرسمية للشرق الأوسط منذ توليكم المسؤولية؟
= نعم.. تعد زيارتي إلى الإمارات أول زيارة رسمية، وأول زيارة إلى الشرق الأوسط أقوم بها منذ تولي المنصب في يونيو الماضي، وهو دليل يبرهن على الإرادة القوية للحكومة الكورية لزيادة ترسيخ وتطوير العلاقات بين جمهورية كوريا والإمارات.
خلال هذه الزيارة سأبحث مع صاحب السمو الشيخ محمد بن زايد آل نهيان، توسيع التعاون ليشمل القطاعات المستقبلية، بما في ذلك التقنيات المتقدمة، مثل الذكاء الاصطناعي والصحة والثقافة، إلى جانب القطاعات الرئيسية الأربعة القائمة، وهي: الاستثمار، والدفاع والصناعة الدفاعية، والطاقة النووية، والطاقة؛ وذلك لتهيئة الأساس لـ «انطلاقة جديدة لمسيرة مئوية» بين البلدين.
ونخطط لتعزيز أعمال التعاون العملية، بما في ذلك توسيع نطاق التعاون في مجالات، مثل الوقود النووي والصيانة، من أجل التشغيل المستقر لمحطة براكة للطاقة النووية، والاكتشاف الفعال لمشروعات التعاون الملموسة في مجالات الذكاء الاصطناعي والتكنولوجيا المتقدمة، مثل بناء مركز بيانات للذكاء الاصطناعي، وإنشاء مركز خدمات في الإمارات، وهي أكبر دولة في منطقة الشرق الأوسط تُرسل مرضى على نفقة الحكومة للعلاج في كوريا.
علاوة على ذلك، أعتقد أن جمهورية كوريا، كقوة عظمى في مجال المحتوى الثقافي معترف بها عالمياً، والإمارات، كدولة صاعدة ومركز ثقافي وسياحي في الشرق الأوسط، مؤهلتان تماماً لتكونا شريكين يُطلقان التآزر ويحققان النمو المشترك في المجال الثقافي أيضاً. أخبار ذات صلة
المصدر: صحيفة الاتحاد
كلمات دلالية: الإمارات وكوريا الجنوبية كوريا الجنوبية جمهورية كوريا كوريا رئيس كوريا الجنوبية الرئيس الكوري الرئيس الكوري الجنوبي رئيس الدولة والرئيس الكوري الإمارات لي جاي ميونغ دولة الإمارات العربیة المتحدة فی مجال الطاقة المتجددة مثل الذکاء الاصطناعی الذکاء الاصطناعی للذکاء الاصطناعی الشرکات الکوریة فی الشرق الأوسط التعاون فی مجال الطاقة النوویة استکشاف الفضاء أشباه الموصلات سلاسل الإمداد توسیع التبادل الاصطناعی فی کوریا للطاقة فی المستقبل أن الإمارات مع الإمارات فی الإمارات التعاون بین الإمارات فی بین البلدین محطة براکة بما فی ذلک فی مجالات تعاون مع فی بناء من خلال فی عام فی هذا من أجل إلى أن
إقرأ أيضاً:
وزير الزراعة يستقبل سفير الكويت لتعزيز التعاون الزراعي بين البلدين
صراحة نيوز- استقبل وزير الزراعة، الدكتور صائب الخريسات في مكتبه، اليوم الإثنين، سفير دولة الكويت لدى المملكة حمد راشد المري.
وأكد الخريسات خلال اللقاء على عمق العلاقات الأخوية التي تجمع الأردن والكويت، وحرص الجانبين على تعزيز التعاون الثنائي في القطاع الزراعي، خصوصًا في مجالات زيادة التبادل التجاري، وتسهيل انسياب السلع الزراعية، وتبادل الخبرات الفنية، وتفعيل مذكرات التفاهم بين البلدين بما يخدم المصالح المشتركة.
من جانبه، أكد السفير المري، متانة العلاقات الأردنية الكويتية، وحرص بلاده على مواصلة تنمية آفاق التعاون بما يحقق تطلعات البلدين والشعبين الشقيقين.