فريق التغيير.. مبادرة شبابية تعزز الوعي المجتمعي وتوفر الدعم النفسي بغزة
تاريخ النشر: 18th, November 2025 GMT
مدينة غزة- في قلب الدمار وبعد توقف الحرب الإسرائيلية على قطاع غزة، لم تكن الحاجة فقط إلى الغذاء أو المأوى، بل إلى الأمان النفسي والوعي المجتمعي، ومن أجل ذلك انطلق من بين الركام فريق شبابي تطوعي تحت اسم "فريق التغيير" (Xchange Gaza)، حاملا رسالة التمكين والتغيير من داخل المجتمع وإليه.
تأسس فريق التغيير خلال الحرب الإسرائيلية على غزة، بعد احتكاك مباشر بالنازحين والمتضررين كما يؤكد إسلام المسارعي مؤسس الفريق -للجزيرة نت- قائلا "لم تكن الفكرة وليدة لحظة، بل نتيجة مشاهدات ميدانية لاحتياجات غير مرئية، كالتوعية الرقمية، وحماية النساء من الاستغلال، والدعم النفسي للأطفال، وهي قضايا لم تكن تتصدر أولويات الجهات العاملة في الإغاثة".
من هنا، تشكّل الفريق من مجموعة شباب وشابات يؤمنون بأن تبادل الخبرات والمعرفة هو السبيل الأول للتغيير المجتمعي، واختاروا اسم "Xchange" (الذي يعني بالإنجليزية التغيير)، وذلك للتعبير عن هذا المفهوم، مستهدفين فئات واسعة، أبرزها النساء، الأطفال، واليافعون.
ورغم القصف والانقطاع شبه الكامل للكهرباء وشحّ الموارد، استطاع الفريق تنفيذ عشرات الورشات التوعوية والنفسية في مختلف مناطق القطاع، من شمال غزة حتى جنوبها، شملت الورش مواضيع مثل الأمان الرقمي، الاستغلال الإلكتروني، الدعم النفسي للأطفال، والصحة النفسية للنازحين، إلى جانب أنشطة تطويرية للشباب والنساء داخل المخيمات.
"عمَلُنا بالكامل تطوعي وذاتي، لا تمويل ولا دعم مؤسساتي، ومع ذلك واصلنا لأننا شعرنا بأن هناك فراغا كبيرا يجب ملؤه"، كما يقول مؤسس المبادرة. ويضيف "واجهنا صعوبات لوجيستية هائلة، بدءا من التنقل وتأمين أدوات بسيطة، لكننا تجاوزناها بالإصرار والتعاون المجتمعي".
اللافت في تجربة الفريق هو حجم التفاعل المجتمعي الكبير، خصوصا من العائلات التي فقدت الكثير خلال الحرب.
إعلانتقول أم خالد وهي إحدى الأمهات التي يشارك طفلها في الأنشطة "لأول مرة منذ بداية الحرب أشوف ابني يضحك بصدق.. هذه الورش قدمت كتير، مش بس ترفيه، كانت كمان متنفس حقيقي بعد شهور من الرعب".
ويؤكد الفريق أن الأثر النفسي الإيجابي بدا واضحا بعد كل نشاط، إذ أقبل الأهالي بأعداد كبيرة على الورش رغم الظروف، وعبّر كثيرون عن امتنانهم لكون هذه المبادرات إنسانية، مجانية، وشبابية.
تقول شيماء إحدى المشاركات في ورشة تقنية "ورشة الذكاء الاصطناعي كانت بداية جديدة لي. لم أكن أعلم شيئا عن البرمجة، واليوم لديَّ شغف حقيقي لتعلّم المزيد". بينما علّق محمود، أحد المشاركين في ورشة الأمان الرقمي "لم أكن أعرف كيف أحمي نفسي من الابتزاز الإلكتروني. الآن صرت أساعد غيري".
غياب التمويلورغم الجهود الكبيرة، يواجه فريق التغيير تحديات تمويلية جدية تهدد استمراريته، ورغم محاولاتهم لبناء شراكات مع مؤسسات محلية ودولية، لم يحصلوا على أي دعم مادي يُذكر.
ومع ذلك، كان هناك تعاون معنوي ومحدود من بعض الجهات كـ"اللجنة الشعبية للاجئين"، التي ساعدت الفريق في توفير مكان لبعض الفعاليات.
وتقول منسقة العلاقات العامة في الفريق ديمة الحج أحمد "نحن بحاجة إلى شراكات حقيقية تمكننا من التوسع واستدامة العمل. لا يمكن أن نعتمد إلى الأبد على طاقات المتطوعين فقط، خصوصا مع هذا الزخم والطلب المتزايد من الناس".
يعتمد الفريق في اختيار برامجه على ما يلمسه من احتياجات مباشرة في الميدان. لا توجد خطط جاهزة أو نماذج معلبة، بل يصغون للناس في أماكن النزوح، ويعقدون جلسات عصف ذهني لتحديد الأولويات، كما يحرص الفريق على تبسيط المحتوى وتقديمه بأسلوب تفاعلي يناسب الفئات المستهدفة، مع تقسيم المهام داخليًا والعمل بالإمكانات المتاحة.
وحول هذا تتحدث منسقة السوشيال ميديا نيرمين سلامة قائلة "نحن نؤمن بالتخطيط حتى لو كنا نعمل بدون كهرباء أو دعم. نرفض العمل العشوائي، ونعتبر التنظيم والابتكار وسيلتنا لتعويض نقص الموارد".
رغم حداثة الفريق، فإن تأثيره بدأ يظهر بشكل ملموس. إحدى الأمهات قالت إن نجلها، الذي كان يعاني من اضطرابات بعد النزوح، عاد إلى طبيعته تدريجيا بعد أن شارك في عدة ورش نفسية.
وفي حالة أخرى، يقول عبد الله الخطيب مسؤول الفريق فرع غزة "شاب كان ضحية استغلال إلكتروني شارك في ورشة توعوية، واليوم أصبح من المتطوعين معنا لنقل الوعي لغيره. هذا بالنسبة لنا أعظم إنجاز".
ومن قصص التمكين التي يفتخر بها الفريق، وفق محمد أبو الكاس عضو الفريق هو تحوّل عدد من المشاركين إلى مدربين محليين ضمن الفريق نفسه، يقودون ورشات مشابهة في مناطقهم، مما يعزز فكرة "التغيير الذاتي والمجتمعي المتسلسل".
يأمل فريق التغيير في أن يجد احتضانا مؤسساتيا حقيقيا لمبادرته، بما يضمن استدامة هذا النوع من العمل المجتمعي في غزة، خاصة في ظل تصاعد الأزمات وتزايد الحاجة لمثل هذه البرامج، في وقت تنشغل فيه معظم الجهود الدولية بالإغاثة المباشرة، يعيد هذا الفريق التذكير بأهمية الوعي، والدعم النفسي، والأمان الرقمي، باعتبارها خطوط دفاع أولى للمجتمع الفلسطيني بعد الحرب.
إعلانالمصدر: الجزيرة
كلمات دلالية: دراسات شفافية غوث حريات فریق التغییر
إقرأ أيضاً:
لوموند: تشاد مهددة بتمدد الحرب من دارفور إلى أراضيها
قالت صحيفة لوموند إن تشاد تعيش وضعا بالغ الحساسية مع تصاعد الحرب في دارفور وتمدد آثارها عبر الحدود باعتبارها طرفا فاعلا في الصراع، تدعم مجموعات مسلحة وفق مصالحها الإستراتيجية وتستضيف أكثر من مليون لاجئ سوداني.
وأشارت الصحيفة -في تقرير بقلم سيريل بنسيمون- إلى أن التطورات الأخيرة في دارفور، وخاصة سقوط مدينة الفاشر بيد قوات الدعم السريع بقيادة محمد حمدان دقلو (حميدتي)، أثارت قلقا بالغا داخل تشاد، خصوصا مع تنامي العنف الموجه ضد الزغاوة، الذين يشكلون العمود الفقري للمؤسسة العسكرية التشادية منذ عهد الرئيس الراحل إدريس ديبي.
اقرأ أيضا list of 2 itemslist 1 of 2هذه هي الأسلحة البعيدة المدى التي تستخدمها أوكرانيا لضرب عمق روسياlist 2 of 2هآرتس: إسرائيل تدخل عصر المليشياتend of listويدرك التشاديون -كما تقول الصحيفة- أن أي شرارة طائفية في دارفور قد تمتد بسهولة إلى أراضيهم نظرا لتداخل المكونات العرقية على جانبي الحدود، وتنامي التوتر التاريخي بين الزغاوة وبعض القبائل العربية، ونظرا لأن الخرطوم قامت بدور مباشر في زعزعة الاستقرار التشادي عبر رعاية تمردات متعددة، من بينها تمرد 1990 الذي أوصل إدريس ديبي إلى الحكم.
وتشير مصادر عسكرية إلى أن القلق يتصاعد داخل الجيش التشادي، لأن السلطات لم تصدر أي إدانة لمجازر الفاشر، وفي المقابل تتحدث تقارير أخرى عن عبور مقاتلين تشاديين الحدود لدعم القوات المناوئة لحميدتي، مما يشكل معضلة حساسة للسلطة، التي تجد نفسها محرجة أمام غضب الزغاوة.
ويقول جنرال تشادي بقلق واضح -حسب الصحيفة- "ليس سرا أن سقوط الفاشر أغضب مجتمع الزغاوة كثيرا. هذا هو مصدر قلقنا الأكبر حاليا، إذ يجب الحذر كي لا يتسرب الصراع في دارفور إلى بلادنا".
وضع محرجوفي الوقت الذي ينظر للنزاع أكثر فأكثر كحرب بين الزغاوة والعرب، كما تقول الصحيفة، يقول ضابط من الزغاوة "شهدنا احتفالات في بعض المخيمات بعد سقوط الفاشر، في وقت يرتكب فيه حميدتي مجازر بحق الزغاوة. من الطبيعي أن يفكر الإنسان في الانتقام عندما يقتل أحد أفراد أسرته".
نجامينا بعدما دعمت بهدوء القوات المسلحة السودانية بقيادة عبد الفتاح البرهان عند اندلاع الحرب في أبريل/نيسان 2023، انقلبت فجأة وانضمت إلى داعمي قوات الدعم السريع
ويرى باحثون أن الوضع محرج للغاية للسلطات التشادية، معيدين ذلك إلى تبدل مفاجئ وغير متوقع في الموقف التشادي، لأن نجامينا بعدما دعمت بهدوء القوات المسلحة السودانية بقيادة عبد الفتاح البرهان عند اندلاع الحرب في أبريل/نيسان 2023، انقلبت وانضمت إلى داعمي قوات الدعم السريع، حيث تشير تقارير متعددة إلى استخدام مطارات تشادية لنقل السلاح وعلاج مقاتلي حميدتي.
إعلانوتكشف مصادر سياسية أن وراء هذا التحول اعتبارات تتعلق ببقاء الرئيس محمد إدريس ديبي في السلطة، من حيث إنه يرى أن الخطر الأكبر قد يأتي من تمردات تقودها مجموعات من الزغاوة، وهو لذلك يراهن على أن هيمنة قوات حميدتي في دارفور ستمنع أي تمرد محتمل داخل تشاد.
لكن هذا الرهان محفوف بالمخاطر -حسب الصحيفة- لأنه يهدد تماسك الجيش، ويغذي الانقسامات العرقية، ويترك تشاد مكشوفة أمام أي تحرك مضاد من جانب الجيش السوداني الذي يدرك هشاشة الوضع الداخلي في تشاد، مع العلم أن الدعم المتبادل للتمردات كان السمة الأبرز للعلاقات السودانية التشادية على مدى سنوات.
وخلصت الصحيفة إلى أن إعلان تشاد نهاية اتفاقياتها الدفاعية مع فرنسا يوم 28 نوفمبر/تشرين الثاني 2024، أفقدها الدعم الفرنسي الذي كانت تستخدمه كطوق نجاة في مواجهة هجمات المتمردين، إذ لا يوجد اليوم أي جندي فرنسي على أراضيها رسميا.