يعد التعليم في شرقي القدس أحد أبرز ميادين المواجهة مع سياسات الاحتلال منذ عام 1967، إذ سعت إسرائيل إلى فرض مناهج بديلة تستهدف وعي الأجيال الفلسطينية من خلال محو الرموز الوطنية وتقليص حضور اللغة العربية، وتعمقت هذه السياسات عبر الخطة الخمسية التي ربطت الدعم المالي بمدى التزام المدارس بالمناهج الإسرائيلية، مما حوّل المدرسة المقدسية إلى ساحة تأرجح دائم بين متطلبات الصمود الوطني وضغوط الاحتلال التي لا تتوقف.

تُظهر البيانات أن أكثر من 72% من الأسر المقدسية تعيش تحت خط الفقر، الأمر الذي يضاعف أعباء العملية التعليمية، ويجعل المدارس عرضة للتبعية لمصادر تمويل مشروطة أو لمبادرات فردية غير مستقرة.

اقرأ أيضا list of 2 itemslist 1 of 2دكتوراه على الرف.. أستاذ جامعي يعجن الخبز في غزة المدمرةlist 2 of 2مخيمات الروهينغا: مدارس متهالكة ومعلمون متطوعون وأحلام معلقةend of list

وفي السياق ذاته، تؤكد دراسات تربوية فلسطينية أن الاحتلال يوظف سياسات الإغلاق وتقليص التمويل أداةً منهجية لإضعاف المدارس العربية وإخضاعها للرقابة والوصاية المباشرة، وهكذا تتحول المدرسة من فضاء للتنشئة الوطنية إلى مجال تتحكم فيه اعتبارات سياسية وأمنية لا علاقة لها بالتعليم.

السياق العام والتحديات

اعتمدت سلطات الاحتلال منذ احتلال المدينة سياسات تهدف إلى إعادة صياغة وعي الطلبة عبر فرض مناهج بديلة وربط التمويل والتراخيص بسلسلة من الإجراءات الإدارية الضاغطة، وتشير دراسات دولية حول التعليم في مناطق النزاع إلى أن هذه الممارسات لا تقتصر على البعد الأكاديمي، بل تستهدف في جوهرها إضعاف الهوية الوطنية وتعزيز التبعية السياسية والثقافية، وهذا يفسر التساؤل: لماذا يُنظر إلى التعليم في القدس باعتباره ساحة متقدمة من ساحات المواجهة الرمزية اليومية؟

وإلى جانب السياسات المباشرة، تعاني البنية التحتية التعليمية من عجز يقارب 2000 غرفة صفية، مما يؤدي إلى اكتظاظ يفوق 40 طالبا في الشعبة الواحدة، هذا الاكتظاظ يجعل العملية التعليمية مرهقة للمعلمين، ويُضعف قدرة المدرسة على أداء وظائفها التربوية، ويؤدي إلى ارتفاع نسب التسرب في المرحلتين الإعدادية والثانوية، كما أن غياب برامج التعليم المهني الكافية يزيد من هشاشة الطلبة في مواجهة سوق العمل.

إعلان

الضغوط اليومية لا تقتصر على الجانب المادي، بل تشمل ضغوطا نفسية متواصلة بسبب الحواجز والاعتقالات والإجراءات الأمنية، وهي عوامل تؤثر مباشرة في التحصيل الدراسي وتزيد معدلات التسرب.

إن طول ساعات الانتظار عند الحواجز، والحرمان من الوصول الآمن إلى المدارس، وتكرار المداهمات في الأحياء المقدسية، جميعها تترك آثارا نفسية عميقة على الطلبة، حيث يولّد استمرار هذه الظروف شعورا عاما بعدم الاستقرار ينعكس على ضعف الدافعية للتعلم.

أوضحت الأدبيات التربوية العالمية أن الأثر النفسي للصراع المسلح يُعد من أبرز محددات تراجع الأداء الأكاديمي للأطفال، لذلك يصبح من الضروري التفكير في التعليم ليس فقط بوصفه عملية نقل للمعرفة، بل منظومة دعم نفسي اجتماعي.

وهنا يبرز دور رأس المال الاجتماعي باعتباره موردا حيويا لدعم العملية التعليمية، إذ تسهم الشبكات الأهلية والمؤسساتية في مواجهة التهميش وتوفير مساحات آمنة نسبيا للتعلم والتنشئة، مما يفسر تنامي المبادرات الأهلية بوصفها أطرا بديلة لتعويض غياب السياسات الرسمية.

على أبواب العام الدراسي الجديد، الدكتور مصطفى أبو صوي، عضو مجلس الأوقاف الإسلامية في القدس، يتحدث للجزيرة نت عن أبرز المعيقات التي تواجهها المدارس الفلسطينية بالقدس، والتي تتمثل في تهالك تلك المدارس وعدم تجديدها، وافتقارها إلى التطوير والتحديث، ومعاناة قطاع التعليم من نقص عدد… pic.twitter.com/m0oBDDjE1M

— Aljazeera.net • الجزيرة نت (@AJArabicnet) August 31, 2024

إنجازات الطلبة المقدسيين

ورغم هذه التحديات البنيوية والاقتصادية والسياسية الخانقة، فإن الطلبة المقدسيين يحققون إنجازات أكاديمية وثقافية ورياضية لافتة للنظر، ففي امتحانات الثانوية العامة غالبا ما يتفوقون على المعدل الوطني، ويحرز بعضهم المراتب الأولى على مستوى فلسطين، في حين يسجّل آخرون نسب نجاح تفوق 90%. هذه النتائج لا تعبّر فقط عن اجتهاد فردي، بل عن إرادة جمعية تسعى لإثبات أن التعليم يمكن أن يكون فعل مقاومة في وجه سياسات الإقصاء.

وعلى المستوى الدولي، برز حضور الطلبة في مسابقات علمية مثل الأولمبياد العالمي للرياضيات، حيث حصدوا مراكز متقدمة تؤكد تنافسيتهم وقدرتهم على تمثيل فلسطين رغم غياب الدعم الرسمي.

أما على الصعيد الثقافي والفني، فإن مشاركاتهم في المسرح والموسيقى والفنون البصرية لم تكن مجرد نشاطات مدرسية، بل تحولت إلى أدوات مقاومة رمزية تعيد إنتاج الهوية وتؤكد حضورها في الفضاء العام.

وفي المجال الرياضي، ورغم محدودية الإمكانيات وغياب البنية التحتية، فإن فرق المدارس المقدسية تبقى حاضرة في البطولات المحلية والعربية، في إشارة إلى إصرار جماعي على مواجهة التهميش والإقصاء.

تكمن القيمة الأعمق لهذه النجاحات في كونها جزءا من الحقل التربوي الذي يعرّفه عالم الاجتماع بيير بورديو بأنه ميدان للصراع الرمزي، حيث تُنتج علاقات القوة وتُعاد صياغة الهوية ضمن منافسة دائمة بين هيمنة تسعى لفرض سرديتها ومقاومة تعمل على حماية رأس المال الثقافي.

ومع ذلك، فإن هذه الإنجازات، رغم رمزيتها العالية، تبقى معرّضة للتآكل والتشتت ما لم تُدمج في إطار مشروع وطني شامل يحمي التعليم العربي ويصون الهوية من خطر الأسرلة.

قراءة نقدية للإنجازات

تحمل إنجازات الطلبة قيمة رمزية لافتة، إذ تكشف عن قدرة المجتمع على الصمود والإبداع في ظل واقع ضاغط، غير أن الاكتفاء بهذه الرمزية يخفي فجوة بنيوية عميقة، حيث تبقى النجاحات فردية ولا تتحول إلى رافعة جماعية، هنا تبرز الإشكالية الكبرى: كيف يمكن تحويل رأس المال الرمزي إلى رأس مال اجتماعي قابل للتوزيع؟

إعلان

إشكالية رأس المال الثقافي، كما عالجها بورديو، توضح أن التفوق الفردي يبقى معزولا ما لم يتحول إلى مورد مؤسسي مشترك، فالطالب المتفوق قد يجد نفسه عاجزا عن الالتحاق بالجامعة بسبب غياب المنح وارتفاع التكاليف، في وقت يفتقر فيه الموهوب فنيا أو رياضيا إلى مؤسسات قادرة على رعايته بشكل مستدام. هذه الفجوة تعرقل بناء مشروع تعليمي طويل الأمد، وتفتح الباب أمام "هجرة الأدمغة والقدرات"، حيث يغادر الطلبة المتميزون نحو جامعات خارجية دون ضمان عودتهم، مما يفقد القدس رأس مالها البشري الحيوي.

تشير دراسات دولية حول التعليم في مناطق النزاع إلى أن غياب الدعم المؤسسي يحوّل قصص النجاح الفردية إلى "نجاحات معزولة" محدودة الأثر، في حين أن السياسات المنظمة وحدها قادرة على توسيع نطاق الإنجاز وتحويله إلى نماذج قابلة للتكرار، وهذا يعني أن المطلوب ليس فقط الاحتفاء بالنجاحات، بل تحويلها إلى سياسة عامة تضمن استدامتها.

"عندما ترين يوسي في المرة القادمة يا نور قدمي له قطعة من الحلوى فيطمئن إلى نواياكِ"! قصة مدرسيّة توضح شدة حرب الاحتلال على التعليم في القدس.

هذا الاقتباس وأمثلة أخرى كارثية ينقلها كتاب "التعليم؛الحرب الصامتة في القدس" الذي أعدّه مجموعةٌ من أولياء الأمور في مدارس الإيمان بالقدس. pic.twitter.com/FgT49SArl8

— متراس – Metras (@MetrasWebsite) September 16, 2023

توصيات عامة

إن تحويل إنجازات الطلبة المقدسيين من رمزية فردية إلى قوة مجتمعية مؤثرة يتطلب رؤية عملية واضحة تتكامل فيها المدرسة مع المجتمع المحلي ضمن سياسات وطنية شاملة، ويمكن تلخيص الأولويات في ثلاثة محاور:

دعم مالي: إنشاء صندوق منح دائمة للطلبة، يخفف الأعباء عن الأسر الفقيرة ويضمن فرص متابعة التعليم العالي بما يحد من نسب التسرب. دعم نفسي ثقافي: إدماج برامج علاجية داخل المدارس بإشراف مختصين، مع توظيف الفنون والأنشطة الإبداعية كأدوات تعليمية وعلاجية في آن واحد، بحيث تصبح المدرسة فضاء يحمي الصحة النفسية كما ينمي القدرات الأكاديمية. سياسات وطنية وشراكات: بناء شراكات أكاديمية عربية ودولية، وتعزيز التعاون بين المدارس والجمعيات الأهلية والقطاع الخاص، بما يحوّل المدرسة المقدسية إلى فضاء وطني جامع يعيد صياغة الصمود كقوة إنتاجية قابلة للاستمرار.

نحو أوفق تعليمي وطني

إن إنجازات الطلبة المقدسيين تجسد قدرة المجتمع على مقاومة سياسات الأسرلة وصون الهوية في ظل واقع ضاغط، غير أن استمرار هذه الإنجازات مرهون بانتقالها من مستوى فردي أو رمزي إلى إطار وطني مؤسسي، فالتعليم لا ينبغي أن يكون مجرد رد فعل لممارسات الاحتلال، بل يجب أن يتحول إلى منصة إستراتيجية لإنتاج معرفة بديلة تعزز الصمود وتعيد صياغة الحضور الفلسطيني في فضاء المدينة.

بهذا المعنى، يغدو التعليم المقدسي مشروعا وطنيا متكاملا، لا مجرد ساحة لمواجهة الأسرلة، بل رافعة إستراتيجية لإعادة إنتاج الهوية الفلسطينية وتحويل الإنجازات الفردية إلى قوة جماعية مستدامة، وهنا تكمن مسؤولية السياسات الوطنية والمؤسسات التعليمية في تحويل رمزية التفوق إلى مشروع وطني شامل يصون الهوية ويرسم أفقًا جديدا للقدس وأجيالها القادمة.

_________________

* مالك زبلح: كاتب وباحث فلسطيني من القدس، يهتم بالسياسات الثقافية وقضايا الهوية والصمود، وينشر مقالات ودراسات حول الواقع التربوي والثقافي في المدينة.

المصدر: الجزيرة

كلمات دلالية: دراسات شفافية غوث حريات إنجازات الطلبة التعلیم فی رأس المال فی القدس

إقرأ أيضاً:

تنفيذ أكثر من 100 مشروع ومُنجز وطني منذ انطلاق "عُمان 2040"

 

 

 

 

 

 

◄ الارتقاء بجودة الخدمات والمرافق والبنية الأساسية لتعزيز فرص النمو

◄ تشييد وصيانة 188 مدرسة منذ 2021 ورقمنة المناهج الدراسية

◄ إنشاء مستشفيات جديدة بتكلفة 300 مليون ريال

◄ تأسيس مشاريع ثقافية متنوعة ضمن محور الإنسان والمجتمع

◄ إطلاق مشروعات استثمارية جديدة في قطاعات متنوعة

◄ تطوير البنية اللوجستية لتعزيز فرص جذب الاستثمارات

◄ تدشين محطة أسياد للحاويات وتأسيس شركة قطار حفيت

◄ إنشاء مشاريع سياحية نوعية مثل مدينة يتي المستدامة وتلفريك مطرح

◄ إطلاق مشاريع متنوعة في قطاع الأمن الغذائي مثل إنتاج القمح واستزراع الروبيان

◄ إطلاق صندوق عُمان المستقبل بحجم ملياري ريال لتمويل المشروعات والمؤسسات

◄ تنفيذ مشاريع عمرانية مستدامة مثل "صروح" و"مدينة السلطان هيثم"

◄ تدشين مشروع إعادة تدوير السفن الأول من نوعه في الخليج

 

مسقط- العُمانية

شهدت السنوات الخمس الأولى لانطلاق رؤية "عُمان 2040" تنفيذ أكثر من 100 مُنجز وطني ضمن محاورها الأربعة؛ إذ تشير البياناتُ الصادرة عن وحدة متابعة تنفيذ رؤية "عُمان 2040" إلى أن السنوات الخمس الماضية شهدت تنفيذ مئات المشروعات والمبادرات والبرامج والخطط الوطنية التي انعكست إيجابًا على أولويات الرؤية ومؤشراتها في إطار 4 محاور تركز على الإنسان والمجتمع، والاقتصاد والتنمية، والبيئة والاستدامة، والحوكمة والأداء المؤسسي.

وانعكس أثر هذه المشروعات والمنجزات في تحقيق خدمات أفضل من خلال مدارس ومستشفيات وطرق ومرافق ترفع جودة الحياة في كل ولاية، واقتصاد متنوع باستثمارات وفرص تعزز النمو في مختلف المحافظات، وبيئة مستدامة ونظيفة بمشروعات خضراء تحافظ على البيئة وتسهم في الاقتصاد، وخدمات رقمية شملت التحول الرقمي وحوكمة تجعل التعاملات أسهل وأكثر شفافيةً، وقصص تلهم وتمثلها نماذج فردية تجسد قيم الإبداع والعطاء.

ويعد محور الإنسان والمجتمع منطلقًا رئيسًا للعديد من الخطط والبرامج التي تستهدف تطوير التعليم، وتعزيز القدرات الوطنية، وبناء نظام صحي بمعايير عالمية، وترسيخ الهُوية الوطنية، وتوفير رفاه وحماية اجتماعية تضمن الحياة الكريمة.

وفي هذا المحور شهد قطاع التعليم بشقيه المدرسي والجامعي تحولًا جذريا، فخلال الفترة من عام 2021 إلى 2025 تم تشييد وصيانة 188 مدرسة، وتنفيذ خطة رقمنة المناهج الدراسية للصفوف (1 - 12)، وإطلاق منصة نور للتعليم الإلكتروني التي تُعنى بتقديم محتوى تعليمي رقمي تفاعلي عالي الجودة متاحٍ للطلبة بكل سهولة من أي مكان وفي أي وقت، وتمكن المنصة المُعلمين من إدارة حصصهم الدراسية واستخدام الأنشطة التعليمية بشكل رقمي، وتشمل المرحلة الأولى 140 مدرسة. كما بدأ العمل بتطبيق نظام التعليم المهني والتقني لطلبة الصفين (11 - 12) في 9 تخصصات تشمل إدارة الأعمال وتقنية المعلومات في محافظتي مسقط وشمال الباطنة، وتخصصات السفر والسياحة في محافظتي ظفار والداخلية.

وفي قطاع التعليم الجامعي تم إنشاء جامعة التقنية والعلوم التطبيقية عبر دمج الكليات التقنية، وكليات العلوم التطبيقية، وكلية التربية في الرستاق، ويبلغ إجمالي عدد الطلبة والطالبات في الجامعة أكثر من 48 ألفًا، وعدد الفروع 11 فرعًا فيما بلغ عددُ التخصصات الأكاديمية 48 تخصصًا.

وشهد قطاع الابتكار عددًا من المُنجزات من بينها تأسيس أكاديمية الابتكار الصناعي التي تضم 6 برامج استراتيجية، وتم خلال السنوات الثلاث الماضية تأهيل 360 شابا للحصول على شهادة "اختصاصي ابتكار صناعي"، وبلغ عددُ المصانع والشركات التي استفادت من الخدمات التي تقدمها الأكاديميةُ أكثر من 40 مصنعًا وشركةً وطنيةً.

وشهد القطاع الصحي مزيدًا من العمل بشأن تحديث البنية الأساسية مع افتتاح مستشفى المزيونة بمحافظة ظفار وإنشاء 3 مستشفيات جديدة هي مستشفى السلطان قابوس الجديد في صلالة ومستشفى السويق ومستشفى خصب وتوسعة مستشفى صحار، وتوفر هذه المشروعات أكثر من 1800 سرير فيما بلغت تكلفتها الإنشائية أكثر من 300 مليون ريال عُماني.

وشهدت السنوات الخمس الماضية أيضًا تأسيس المدينة الطبية الجامعية، والمدينة الطبية للأجهزة العسكرية والأمنية، وإنشاء المختبر المركزي للصحة العامة، وافتتاح عدد من المستشفيات الخاصة، منها: مستشفى عُمان الدولي، ومستشفى السعادة، وتشغيل وحدات جديدة لقسطرة القلب في مستشفى صحار ومستشفى نزوى، وإنشاء وحدة تحضير المحاليل الوريدية بمستشفى جامعة السلطان قابوس، وإنشاء مركز مسقط للتعافي، بالإضافة إلى إنشاء عدد من مصانع الأدوية ضمن الجهود المبذولة لتوطين صناعة الدواء في سلطنة عُمان وتلبية احتياجات السوق المحلية وتعزيز الصادرات العُمانية غير النفطية.

وشهد القطاع الصحي عددًا من الإنجازات الطبية التي شملت إجراء عمليات طبية معقدة بكوادر وطنية، أبرزها: عملية فصل توأم سيامي، وعملية زراعة قلب من مريض متوفي دماغيا، وعملية استئصال ورم بتقنية الجمجمة المفتوحة أثناء اليقظة، وزراعة قوقعة أذن لطفلٍ بعمر 9 أسابيع.

وحققت أولوية الرفاه والحماية الاجتماعية ضمن محور الإنسان والمجتمع العديد من الإنجازات الوطنية، ففي الجانب الثقافي تم تأسيس مجمع عُمان الثقافي بمحافظة مسقط، ومتحف التاريخ البحري العُماني بولاية صور، وافتتاح متحف عُمان عبر الزمان بولاية منح، ومتحف أمجاد عُمان بولاية صحار، ومركز فتح الخير بولاية صور، ومركز زوار بسياء وسلوت بولاية بهلا، كما شهدت السنوات الخمس الماضية عددًا من الفعاليات الثقافية الدولية التي استهدفت تأكيد رسائل السلام والتعايش من عُمان إلى العالم. وفي هذا الإطار تم افتتاح ركن عُمان في متحف الارميتاج في روسيا الاتحادية الذي يحتوي على 28 قطعة أثرية تعكس الإمبراطورية العُمانية القديمة. في حين بلغ عدد محطات معرض "رسالة السلام من سلطنة عُمان" أكثر من 136 محطة حول العالم، وتمت ترجمة منشوراته إلى 29 لغة عالمية.

وفي الجانب الاجتماعي تم تأسيس صندوق الحماية الاجتماعية الذي يقدم خدماته لأكثر من مليون و450 ألف منتفع حتى أغسطس 2025، فيما بلغ إجمالي عدد العُمانيين النشطين المؤمن عليهم في الصندوق 598 ألفًا، كما تم أيضًا إنشاء المركز الوطني للتوحد ليقدم خدمات تأهيلية وعلاجية عالية الجودة منذ الطفولة وحتى مرحلة البلوغ، وبلغ عدد المُستفيدين من خدمات المركز من ذوي اضطراب طيف التوحد 222 مستفيدًا، وينفذ المركز مجموعة من المشروعات المشتركة والمبادرات المجتمعية بالتعاون مع مؤسسات محلية ودولية.

وشهد محور الاقتصاد والتنمية التركيز على تأسيس اقتصاد مزدهر يقوم على التنويع والاستدامة، وتعزيز استثمارات القطاع الخاص وتحفيز النمو، وبناء تنمية شاملة تتيح الفرص لجميع المحافظات، وشهد هذا المحور مزيدًا من الاهتمام ببناء قيادة اقتصادية مُمكنة من خلال البرامج التي تنفذها الأكاديمية السلطانية للإدارة، والمُبادرة الوطنية للفريق الحكومي الواحد.

وتضمنت قطاعات التنويع الاقتصادي إطلاق مشروعات جديدة في قطاع التعدين مثل الشويمية للصناعات المعدنية بولاية شليم وجزر الحلانيات ويستهدف المشروع إنتاج 40 مليون طن سنويا من الحجر الجيري والجبس والدولوميت، ومشروع رمال السيليكا، ومنجم الواشحي، ومنجم الغيزين، والتنقيب والتعدين لخامي النحاس والذهب المصاحب في مربع 10 بولاية ينقل، بالإضافة إلى مشروع إعادة تطوير منجمي الأسيل والبيضاء للنحاس.

وحققت المصانع الوطنية في قطاع الصناعات الثقيلة والمتوسطة العديد من الإنجازات مع افتتاح مصفاة الدقم في عام 2024 بطاقة إنتاجية عند 230 ألف برميل يوميا. وقد تمكنت المصفاة من زيادة طاقتها الإنتاجية في عام 2025 إلى 255 ألف برميل يوميا، وشهدت السنوات الخمس الماضية افتتاح وتأسيس العديد من المشروعات الأخرى مثل مصنع صلالة للأمونيا بطاقة إنتاجية تبلغ 365 ألف طن متري سنويًا من الأمونيا، ومصنع كروة للسيارات بالدقم، ومصنع قوالب الفاناديوم والنيوبيوم الذي يستهدف تزويد مصانع السبائك في أسواق الولايات المتحدة وأوروبا، ومصنع السيليكون المعدني، ومصنع عجلات الألمنيوم بولاية صُحار بطاقة إنتاجية تبلغ 1.2 مليون عجلة سنويا خلال المرحلة الأولى، كما تم أيضًا تأسيس شركة إنتاج صحار للصناعات المتقدمة التي تركز على استخدام تقنيات متقدمة في الإنتاج تشمل الهندسة العكسية، وتصنيع القوالب، والأدوات الدقيقة، وتضم الشركة 3 مراكز رئيسة هي: مركز تكنولوجيا البلاستيك، ومركز تصنيع القوالب، ومركز الصناعات المتقدمة.

ومن المتوقع أن يشهد العام المقبل تشغيل عدد من المصانع أبرزها: مصنع بولي أكريلاميد لإنتاج البوليمرات بولاية صُحار الذي يعد ثاني أكبر مصنع لإنتاج البوليمرات في العالم بتكلفة استثمارية تتجاوز 115.3 مليون ريال عُماني، ومصنع موارد توربين المتخصص في تصنيع معدات وأبراج وتوربينات الرياح بالدقم بطاقة إنتاجية تبلغ 1000 ميجاواط سنويا، في حين من المتوقع خلال عام 2027 تشغيل مصنع تركيز خام الحديد بولاية صُحار.

وأولت رؤية "عُمان 2040" القطاع اللوجستي المزيد من الاهتمام لتشهد السنوات الماضية تنفيذ واستكمال وصيانة العديد من مشروعات الطرق الحيوية والاستراتيجية من بينها: طريق الربع الخالي بطول 725 كيلومترًا، وطريق السلطان فيصل بن تركي (دبا - ليما - خصب) بطول 71 كيلومترًا وبلغت نسبة الإنجاز في المشروع حتى يونيو الماضي 48 بالمائة، وتوسعة طريق الرسيل - نزوى بطول 27 كيلومترًا.

وشهدت السنوات الخمس الماضية إطلاق محطة أسياد للحاويات بولاية الدقم، وتأسيس شركة قطار حفيت بالتعاون بين سلطنة عُمان ودولة الإمارات العربية المتحدة، ويربط بين أبوظبي وصحار فيما يبلغ امتداد السكك الحديدية 238 كيلومترًا، ويقطع القطار المسافة بين أبوظبي وصحار خلال 100 دقيقة.

وفي القطاع السياحي تم العمل على تعزيز الوجهات السياحية عبر إنشاء مشروعات نوعية مثل مدينة يتي المستدامة، وتلفريك مطرح بطول 3 كيلومترات، ومن المتوقع تشغيله في الربع الأول من عام 2026 ليشكل إضافة بارزة تعكس هُوية سلطنة عُمان وتمنح زوارها تجربة لا تُنسى تجمع بين البحر والجبل والمدينة في مشهد واحد.

وشهدت مشروعات الأمن الغذائي إطلاق مشروع استزراع الصفيلح العُماني بولاية مرباط بطاقة إنتاجية عند 600 طن سنويا، ومشروع استزراع الروبيان الطبيعي بحجم إنتاج يبلغ 4 آلاف طن سنويا، ومشروع إنتاج القمح العُماني من مزارع نجد بطاقة إنتاجية تبلغ 10 آلاف طن وبمساحة تبلغ أكثر من 6 آلاف فدان.

وفي الوقت الذي يتم فيه إطلاق وإنشاء العديد من المشروعات الاقتصادية تم العمل على تمكين الطاقات الوطنية وتأهيلها للعمل في هذه المشروعات عبر العديد من الخطط والبرامج والمبادرات التي تضمنت تنفيذ مشروع التدريب المقرون بالإحلال أو بالتشغيل، وإطلاق المنظومة الوطنية التكاملية لبناء القدرات وإدارة المواهب، وإطلاق منصات جديدة مثل منصة "توطين". كما تم الاهتمام ببناء رحلة المستثمر بشكل يواكب التطورات العالمية واحتياجات الاقتصاد العُماني من خلال صالة استثمر في عُمان و"منصة عُمان للأعمال" التي تستهدف رفع حجم التبادل التجاري لسلطنة عُمان مع مختلف دول العالم وزيادة الاستثمار الأجنبي، وتضمنت التسهيلات المقدمة للمستثمرين: برنامج إقامة المستثمر والإقامة الذهبية للمستثمرين وبرنامج تسعيرة وغيرها من البرامج الأخرى.

كما تم العمل على تحقيق التوازن في الاستثمار بين تطلعات الشركات العالمية الراغبة بالاستثمار في سلطنة عُمان وتطلعات الشركات الصغيرة والمتوسطة الراغبة في المشاركة في التنمية الاقتصادية والاجتماعية. وفي هذا الإطار تم إطلاق صندوق عُمان المستقبل بحجم ملياري ريال عُماني تم تخصيص 90 بالمائة منه لتمويل المشروعات الكبرى، و10 بالمائة لتمويل المؤسسات الصغيرة والمتوسطة، كما تم العمل أيضًا على تمكين ريادة الأعمال عبر برنامج الشركات الناشئة العُمانية الواعدة والعديد من البرامج الأخرى.

وشهدت سلطنة عُمان خلال السنوات الخمس الماضية إطلاق تنمية عُمرانية مستدامة عبر العديد من المشروعات من بينها مشروع صروح الذي يستهدف تطوير 18 مشروعًا للأحياء والمخططات السكنية ويضم 9950 وحدة سكنية، في حين تعد مدينة السلطان هيثم من أكبر المشروعات العُمرانية بمساحة 14.8 مليون متر مربع، وتستوعب 100 ألف نسمة.

ويعد ميناء إطلاق الفضائي واحدًا من المشروعات البارزة على مستوى سلطنة عُمان والمنطقة باعتباره أول ميناء فضائي تجاري في منطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا.

وشهد محور البيئة الذي يركز على استدامة الموارد الطبيعية إطلاق العديد من المشروعات والخطط الاستراتيجية من بينها الاستراتيجية الوطنية للحياد الصفري الكربوني التي تتضمن 212 مشروعًا ومبادرة حتى عام 2025. كما تم إنشاء شركة هيدروجين عُمان للإشراف على هذا القطاع الجديد في الاقتصاد الوطني والعالمي، وتم العمل على العديد من مشروعات الطاقة المتجددة مثل محطة أمين لتوليد الطاقة الكهروضوئية بقدرة 100 ميجاواط، ومشروع قبس صحار للطاقة الشمسية بقدرة 25 ميجاواط، ومحطة عبري (2) للطاقة الشمسية بسعة إجمالية 500 ميجاواط، ومحطة صور لتحلية المياه بالطاقة الشمسية التي توفر المياه لأكثر من 600 ألف من سكان محافظتي جنوب وشمال الشرقية، ومحطة ريما لمعالجة المياه المصاحبة للنفط التي تعمل على معالجة أكثر من 60 ألف متر مكعب من المياه يوميا، بالإضافة إلى محطتي منح 1 ومنح 2 بقدرة إجمالية تبلغ 1000 ميجاواط، ومشروع ولاية جعلان بني بو علي لطاقة الرياح بقدرة تتراوح بين 95 و105 ميجاواط، ومحطة ظفار 2 لطاقة الرياح بقدرة 50 ميجاواط، وعدد من مشروعات طاقة الرياح في محوت والدقم وسدح بطاقة إنتاجية تصل إلى أكثر من 1000 ميجاواط.

كما حظي قطاع الاستدامة البيئية بالعديد من المشروعات الأخرى في مجال الصناعات الخضراء من بينها مصنع فولكن للحديد الأخضر بالدقم، ومجمع شركة فالي العالمية للحديد بالدقم، ومشروع تحويل النفايات إلى طاقة بولاية بركاء.

وفي مجال السياحة الخضراء تم إنشاء 5 محميات طبيعية جديدة ليرتفع عدد المحميات والمواقع البيئية إلى 31 محمية، و33 موقعًا بيئيا، كما تم إنشاء حديقة النباتات بولاية السيب، أكبر حديقة من نوعها في العالم العربي وتضم قاعدة بيانات لأكثر من 1200 نوع من النباتات العُمانية النادرة والمهددة بالانقراض وتضم الحديقة أكثر من 40 صنفًا زراعيًا من الفواكه والخضروات والنباتات الطبية والعطرية، وتم افتتاح المسار السياحي بمزرعة رزات السلطانية بولاية صلالة وتم إنشاء مشتل المنطقة الاقتصادية الخاصة بالدقم الذي يستهدف زيادة المساحة الخضراء بالولاية عبر زراعة أكثر من 5000 شجرة متنوعة وإنشاء محطة للتجارب الزراعية وحاضنة لأنواع جديدة من النباتات والأشجار.

وشهد القطاع أيضًا تنفيذ مبادرة "التنقل الأخضر" من خلال الشركة الوطنية للنقل الأخضر التي عملت على تأسيس منظومة متكاملة للنقل الكهربائي يشمل السيارات الكهربائية، والبنية الأساسية للشحن، والمنصات الرقمية، والخدمات الفنية، ويستهدف المشروع تقليل انبعاثات ثاني أكسيد الكربون بمعدل 4.6 طن متري لكل سيارة.

كما تم تنفيذ مشروع إعادة تدوير السفن الذي يعد الأول من نوعه في الخليج، ويستهدف المشروع تحويل السفن القديمة إلى موارد قابلة لإعادة الاستخدام بطريقة صديقة للبيئة وتزويد السفن بالكهرباء والوقود الأخضر، وتم أيضًا تنفيذ مشروع تزويد السفن بالطاقة النظيفة بميناء صحار، والعمل أيضًا على تعزيز استدامة الموارد المائية عبر إنشاء سدود جديدة في عدد من المحافظات مستهدفة أيضا حماية المناطق السكنية والتجارية من الفيضانات.

وأولى محور الحوكمة والأداء المؤسسي مزيدًا من الاهتمام بإيجاد نظام رقابي يعزز ثقة المجتمع بالقضاء العُماني عبر العديد من المشروعات والبرامج والتشريعات والخطط الوطنية من بينها: إصدار لائحة التفتيش القضائي التي رفع كفاءة العمل القضائي، وإنشاء محكمة الاستثمار والتجارة وإصدار قانونها بهدف الفصل في منازعات الاستثمار والأعمال التجارية، وتسريع البت في القضايا التجارية، والعمل على تقليص متوسط مدة الحكم في الطعن من تاريخ التسجيل لدى المحكمة العليا من 186 يومًا في عام 2023 إلى 136 يومًا في عام 2024، وتفعيل جلسات التقاضي عن بُعد عبر الاتصال المرئي، والتوقيع على اتفاقية مكة المكرمة لإنفاذ قوانين مكافحة الفساد للدول الأعضاء في منظمة التعاون الإسلامي، وتدشين البوابة الإلكترونية "قضاء" التي تُتيح للمستفيدين الوصول إلى الخدمات القضائية إلكترونيًا.

وفي محور الحوكمة والأداء المؤسسي تم تنفيذ عدد من المشروعات الرامية لتأسيس جهاز إداري مرن يواكب التطلعات ويخدم المواطن من بينها: منصة "تجاوب" التي تُسهل تقديم ومتابعة المقترحات والشكاوى والبلاغات والاستفسارات المتعلقة بالخدمات الحكومية، وتُعزز المشاركة المجتمعية، والشفافية، والمساءلة الحكومية.

كما تم إطلاق البوابة الوطنية الموحدة للخدمات الحكومية الإلكترونية التي شهدت في الربع الأول من العام الجاري تنفيذ 14.5 مليون معاملة رقمية، وبلغ عدد المستخدمين النشطين لمنظومة "وصول" أكثر من 17 ألف مستخدم، في حين بلغ عدد الخدمات الحكومية التلقائية التي يتم تقديمها دون تدخل بشري 267 خدمة؛ ما أسهم في تبسيط الإجراءات وتحسين الكفاءة الرقمية في تقديم الخدمات الحكومية، كما تم أيضا تطبيق لائحة تنظيم المشروعات الحكومية، ودليل إدارة المشروعات الحكومية لتعزيز الرقابة والجودة ورفع كفاءة التنفيذ وتحقيق أفضل استخدام للموارد العامة.

مقالات مشابهة

  • خالد بن محمد بن زايد يزور المعرض الفني الطلابي “وطني إبداعي” بمتحف اللوفر أبوظبي
  • خالد بن محمد بن زايد يزور المعرض الفني الطلابي «وطني إبداعي» في متحف اللوفر أبوظبي
  • تنفيذ أكثر من 100 مشروع ومُنجز وطني منذ انطلاق "عُمان 2040"
  • يوم الاتصال الجماهيري يستعرض إنجازات طلبة جامعة التقنية بصلالة
  • موعد امتحانات الترم الاول 2026 في المدارس .. التعليم تحسم قرارها النهائي
  • لأول مرة.. تفاصيل مسابقة أوائل الطلبة للتعليم العام ببورسعي
  • متابعة مستوى الطلبة المستفيدين من منح "التعليم العالي" و"تنمية نفط عُمان" في جامعة ظفار
  • الدقهلية تتصدر المركز الأول في تطعيمات طلبة المدارس
  • مقال: أسرلة التعليم في القدس.. مختبر صهيوني لصناعة العربي الجديد