اعتباراً من يوم أمس الخميس، يمكن القول إنَّ ملف توتر عين الحلوة دخلَ مُنعطفاً جديداً بعد الإعلان عن إنهاء الإشتباكات المُسلّحة إثر مساعٍ أجراها رئيس مجلس النواب نبيه بري مع حركتيْ "فتح" و"حماس". بكلِّ بساطة، إستنفرت الدولةُ اللبنانية بكافّة أركانها خلال اليومين الماضيين لوضع حدّ للإقتتال في المُخيم بين حركة "فتح" من جهة وجماعتي "جند الشام" و "الشباب المسلم"، وما تبيّن هو أنَّ هناك ضغطاً سياسياً أدّى إلى تطويق التوتر بعدما باتت الأمور خطيرة وقد تخرُج عن السيطرة باتجاه مناطق صيدا والبلدات المسيحية المحيطة بها، فضلاً عن تعرّض طريق الجنوب للتهديد.

    تحرُّك بري على خط "حماس" و"فتح" جاء بناءً على مُعطيات أمنيّة مُتقاطعة مفادُها أنَّ الخطر في عين الحلوة قد يمتدُّ إلى كل لبنان، وتكشف معلومات "لبنان24" أنَّ الأطراف الأمنية والسياسية حصلت على ملف إستخباراتيّ يفيدُ بأنّ هناك خطراً كبيراً بات يُهدّد مناطق عديدة في الداخل إنطلاقاً من مخيم عين الحلوة، كما أن هناك جهاتٍ يمكن أن تخرجَ فجأة لشنّ هجماتٍ إنطلاقاً من قاعدة "إنفلات أمن المُخيمات" وإستغلالها لضرب الجيش. هنا، جاء التحرُّك الفوري إما عبر رئاسة الحكومة أو عبر رئاسة مجلس النواب وحتى عبر قيادة الجيش التي أعطت رسالةً واضحة لجميع الأطراف الفلسطينية: "سنضربُ بيد من حديد في حال بقيت الأمور قيد التوتر"، كما أنّ التضييق سيكونُ قائماً على جميع الفلسطينيين من دون إستثناء، رغم التعاون الكبير معهم.    باختصارٍ شديد، سمعت قيادتا "حماس" و"فتح" كلاماً واضحاً من أركان الدولة اللبنانية خلال اليومين الماضيين مفادُه إنَّ "أمن لبنان لن يكون ضحية لأي إقتتال داخل المُخيمات". الرسالةُ الأقوى كانت باتجاهِ حركة "حماس" التي طُلِب منها أن "تُهدّي اللعب قليلاً"، باعتبار أنّ الحديث عن سعيها للسيطرة على أمن المخيمات وسلب القوة من "فتح" بالإقتتال، إنّما يحمل أبعاداً خطيرة وينقل الصراع الفلسطيني – الفلسطيني إلى الداخل اللبنانيّ. بكلّ بساطة، كانت "حماس" أمام مأزقٍ كبير مع الدولة اللبنانية التي بدأت تُفكر جدياً بوضع قيودٍ على كافة المسؤولين "الحمساويين" إن لم يساهموا بالحدّ من الإقتتال في المخيم، والسبب هو وجود معطيات عن ضلوع "حماس" في تحريك الجماعات المسلحة هناك ودفعها لشنّ الهجمات وتضييق الخناق على "فتح".     بالنسبة للدولة، كلّ ذلك كان معروفاً، وعلى صعيد الرسائل التي مُنحت لـ"فتح"، فإنَّ الطلب الأساسي منها هو الإلتزام الكامل بوقف إطلاق النار، وعليه كان القبول الفوريّ والتأكيد من قبل ممثليها على ذلك وفي طليعتهم المشرف على الساحة اللبنانية في "فتح" عزّام الأحمد.     تقولُ مصادر مشاركة في إجتماعات بري بشأن مخيم عين الحلوة لـ"لبنان24" إنّ مساعي رئيس البرلمان لوقف التوتر في المخيم، قامت على 5 بنود: الأول وهو وقف إطلاق النار، الثاني وهو سحب المسلحين من كافة أرجاء المُخيّم، الثالث وهو إعادة النازحين، الرابع تسليم المطلوبين بجريمة اغتيال العرموشي، الخامس وهو مساعدة سكان المخيم على معالجة أوضاعهم.    كذلك، تكشفُ المصادر أنَّ بري وخلال إجتماعه مع ممثلي حركة "حماس" برئاسة القياديّ في الحركة موسى أبو مرزوق، أجرى إتصالاتٍ مع شخصيات عديدة معنية بملف  المخيم وطلب منها تقديم الضغط باتجاه إنهاء الإقتتال وتكريس التعاون مع القوى الفلسطينية المعنية لوضع حدّ للتوتر المُتفاقم.    في المقابل، تشيرُ مصادر متابعة للقاء بري مع ممثلي حركة "فتح" برئاسة القيادي عزام الأحمد، إلى أنَّ التركيز كان على المُهلة المرتبطة بتسليم المطلوبين بقضية العرموشي، وتقول: "لقد أبلغ بري وفد فتح بأنّ المهلة التي تم إعطاؤها الآن هي الأخيرة كما أنها ليست مفتوحة في الوقت نفسه. كذلك، طلبَ برّي من مختلف الفصائل الفلسطينية رعاية وقف إطلاق النار وعدم المساس به أو جعله يُشبه غيره من الإتفاقات التي تم عقدها وفشلت بغية إنهاء التوتر في المخيم".    وتكمل المصادر: "كانت فتح واضحة بأنها ستلتزم بكافة البنود شرط أن يتم إلزام كافة القوى الأخرى على عدم إطلاق النار، وأن ما كان يجري سابقاً هو دفاع عن النفس بعدما كانت المجموعات المسلحة تهاجم عناصر فتح في أكثر من حي".     وسط كل هذه المشهديّة، تكشف معلومات "لبنان24" أنَّ "حركة أمل" كانت على تنسيقٍ تام مع "حزب الله" في ملف المخيم، مشيرة إلى أنَّ إتصالات حصلت مؤخراً بين عين التينة وقيادة الحزب في حارة حريك لتطويق الإشتباكات فوراً، وبالتالي السعي مع القوى الحليفة لإتمام مطلب تسليم المطلوبين الذي لم تتمكن "فتح" حتى الآن من تحقيقه. إزاء ذلك، تقولُ المصادر إنَّ قيادة "حزب الله" فتحت خطوط إتصالاتٍ مباشرة مع "حماس" لدفعها فوراً إلى القبول بكلّ ما سيقوله برّي لها باعتباره "المُفاوض" الأوّل على خط إنهاء الإشتباك، وبالتالي يجب العمل معه على وضع حدّ للتوتر، وإلا سيكونُ هناك كلام آخر إن لم يتحقق أي شيء.    ما الذي سيدفع الأوضاع نحو الإشتباكات مُجدداً؟    في الحقيقة، فإنّ مصير المسعى الأخير للجمِ التوتر قد يكونُ مُماثلاً لما كان يحصل سابقاً من إتفاقات. بحسب المصادر، فإنَّ عدم تحقيق مطلب تسليم المطلوبين بجريمة العرموشي سيؤدي تماماً إلى إندلاع الإشتباكات مُجدداً، وهذا الأمرُ يتوقف عند مساعي "حماس" مع القوى الإسلامية في عين الحلوة لإتمام التسليم وبالتالي لجم الحالة الأصولية داخل المُخيم.    مع ذلك، تقولُ مصادر فلسطينية لـ"لبنان24" إنّ "الصراع بين حماس و فتح لم يتقلّص حتى وإن دخل بري على الخط"، مشيرة إلى أنَّ "هدف حماس بتقاسم أمن المخيمات هو ما يؤرق فتح خصوصاً بعد وجود رنيّة بإشراك الإسلاميين أيضاً في ضبط أمن عين الحلوة، وهو ما يرفضه الكثيرون".     لهذه الأسباب وغيرها، تسودُ مخاوف من تجدّد الإشتباكات وسط حديثٍ جديد تردّد في أوساط المسلحين يشيرُ إلى أنهم لن يسملوا المطلوبين مهما طال الزمن، وتقول معلومات "لبنان24" إنَّ المطلوب هيثم الشعبي أرسلَ عبر خطوطٍ عديدة داخل المخيم رسالة بأنهُ لن يستسلم بسهولة لأي جهة، مُهدداً بعدم إنهاء التوتر إن لم يتمّ الحصول على ضمانات بعدم إنهاء وجود "جند الشام" وإشراكها في أمن المُخيمات مثلها مثل سائر القوى الأخرى التي قاتلت "فتح" وباتت حليفة لها الآن سياسياً مثل "عصبة الأنصار".     بحسب المصادر، فإنّ عدم إنجاز مطلب تسليم المطلوبين سيعني عملية عسكريّة ضد معاقل المسلحين، لكن ذلك قد لا يعني إنهياراً لمساعي بري لسببين: الأول وهو أنَّ تلك العملية العسكرية لن تكون من خلال "فتح" وحدها، بل ستكونُ بمشاركة كافة القوى الفلسطينية داخل المخيم تحت إطار "القوة الأمنية المُشتركة". أما السبب الثاني وهو أنَّ الدولة طوّقت المُسلحين من خلال وضع حدّ للجهات التي تدعمهم وفي طليعتها "حماس" و "عصبة الأنصار" و"الحركة الإسلامية المُجاهدة"، وبالتالي الخناق سيشتدُّ على هؤلاء في حال كُشِف عن تعاونٍ جديد مع "جند الشام" و"الشباب المسلم" لتأخير تسليم المطلوبين.    مصادر في حركة "حماس" قالت لـ"لبنان24" إنَّ المهلة للتسليم يجب ألا تكون محصورة بأيام، معتبرةً أنَّ ملف المُخيم يجب أن يُعالج بـ"التروي والهدوء بعيداً عن الضغط". كذلك، نفت المصادر  عينها والتي شاركت في الإجتماع مع بري ما حُكِيَ عن "تأنيب" مدير المُخابرات في الجيش العميد طوني قهوجي للقياديّ في الحركة موسى أبو مرزوق خلال إجتماع معه يوم أمس، وقالت: "خلال لقائنا مع قهوجي كان الحديثُ صريحاً يسوده الإحترام وليس صحيحاً ما قيلَ عن أنّ مديرية المخابرات ألزمت المرزوق على توقيعِ تعهد بوضع حدّ للإشتباكات".          المصدر: خاص "لبنان 24"

المصدر: لبنان ٢٤

كلمات دلالية: إطلاق النار عین الحلوة داخل الم أمن الم فی الم إلى أن

إقرأ أيضاً:

خفض التوتر وتحسين النوم.. برنامج علاجي واعد لانتكاسة متعافي المخدرات

كشفت دراسة حديثة عن فاعلية تطبيق برنامج علاجي متخصص قائم على تقنيات خفض التوتر وتحسين جودة النوم، في دعم المتعافين من تعاطي المخدرات والحد من خطر انتكاستهم في خطوة علمية تُسهم في تعزيز جهود التعافي من الإدمان.
وقد لاقت نتائج الدراسة إشادة واسعة من منسوبي مجمع إرادة والصحة النفسية بجدة (مستشفى الأمل سابقًا) والمتخصصين في علاج الإدمان والاضطرابات النفسية، لما قدمته من نموذج علاجي متكامل يعزز جودة الحياة لدى المتعافين ويسهم في استقرار حالتهم النفسية والسلوكية.
أخبار متعلقة "العاصمة المقدسة".. برنامج متكامل لصيانة الطرق استعدادًا لموسم حج 1446 هـتأهيل 6 آلاف مراقب ميداني لتحسين جودة الخدمات في القطاع البلدي بالشرقية80 ألفًا.. تراجع وفيات جرعات المخدرات الزائدة في أمريكاوجاءت الدراسة ضمن رسالة الدكتوراه المقدمة من الباحث حامد الرفاعي من قسم علم النفس بكلية التربية بجامعة الملك عبدالعزيز، والتي حملت عنوان:" فعالية برنامج علاجي عقلاني انفعالي لخفض التوتر وأثره في تحسين جودة النوم لدى المتعافين من إدمان المخدرات".
.article-img-ratio{ display:block;padding-bottom: 67%;position:relative; overflow: hidden;height:0px; } .article-img-ratio img{ object-fit: contain; object-position: center; position: absolute; height: 100% !important;padding:0px; margin: auto; width: 100%; } خفض التوتر وتحسين النوم.. برنامج علاجي واعد لانتكاسة متعافي المخدراتتهديد للتعافي من المخدرات وأوضحت الدراسة أن التوتر واضطرابات النوم من أكثر التحديات شيوعًا لدى المتعافين، وتشكلان تهديدًا حقيقيًا لاستمرارية التعافي، ما يتطلب تدخلات علاجية فعالة تستهدف المسببات النفسية الكامنة وراء تلك الاضطرابات.
واعتمد البرنامج العلاجي على منهجية العلاج العقلاني الانفعالي السلوكي، إحدى أبرز نظريات العلاج النفسي الحديثة التي طورها العالم ألبرت إليس، إذ ركزت على تعديل المعتقدات والأفكار اللاعقلانية التي تقود إلى توتر مفرط ومشاعر سلبية تدفع نحو الانتكاس.حامد الرفاعيالباحث حامد الرفاعي
وتم تطبيق البرنامج لمدة ثلاثة أشهر على عينة من المتعافين المقيمين في "منزل منتصف الطريق" التابع لمجمع إرادة، عبر جلسات علاجية ممنهجة تنوعت بين التقنيات المعرفية والانفعالية والسلوكية.
وتضمنت الجلسات التدريب على تقنيات معرفية مثل إعادة بناء البنية الفكرية وتشتيت الانتباه عن التفكير السلبي، إلى جانب التعرف على أنماط التفكير المشوهة وتفنيدها، واستبدالها بأفكار واقعية وإيجابية تدعم التكيف مع متغيرات الحياة اليومية بعد التعافي.
كما شملت تقنيات الاسترخاء العضلي التدريجي والتخيل الانفعالي العقلاني، ما ساعد المشاركين على تقبل المشاعر السلبية بشكل صحي، كالإحباط المقبول والتسامح مع الذات، بدلاً من الانهيار أو الانتكاس.
.article-img-ratio{ display:block;padding-bottom: 67%;position:relative; overflow: hidden;height:0px; } .article-img-ratio img{ object-fit: contain; object-position: center; position: absolute; height: 100% !important;padding:0px; margin: auto; width: 100%; } المناقشين للرسالةدعم نفسيولم تغفل الجلسات الجانب العملي من مهارات التكيف، حيث تم تدريب المشاركين على حل المشكلات من خلال محاكاة مواقف حياتية واقعية وتحليلها واقتراح حلول لها، ما عزز من قدرتهم على التعامل مع التحديات اليومية بأسلوب عقلاني ومنظم.
وأظهرت النتائج فاعلية واضحة للبرنامج في تحسين الحالة النفسية والجسدية للمشاركين، حيث سُجل انخفاض ملحوظ في مستويات التوتر، وتحسن كبير في جودة النوم لدى أفراد العينة التجريبية مقارنة بالمجموعة الضابطة، وهو ما يعزز مصداقية النموذج العلاجي كأداة دعم مستدامة في مراحل التعافي.
وقد اختتم الباحث دراسته بجملة من التوصيات، أبرزها تعزيز استخدام البرامج العلاجية النفسية في مراكز التأهيل، وتطوير ممارسات الدعم النفسي التي تركز على جودة النوم والتوتر كعوامل رئيسية في الحفاظ على التعافي.
يُذكر أن لجنة مناقشة الرسالة التي عُقدت يوم الأربعاء الماضي، تكونت من البروفيسور إبراهيم الحسن حكمي (مشرفًا ومقررًا)، والبروفيسور عبدالله المهداوي (مناقشًا داخليًا)، والبروفيسور أحمد المسعودي (مناقشًا خارجيًا)، وقد أوصت اللجنة بإجازة الرسالة ومنح الباحث حامد الرفاعي درجة الدكتوراه في تخصص الإرشاد النفسي والتربوي بتقدير ممتاز.

مقالات مشابهة

  • إزاي نقلل توتر أبنائنا خلال الامتحانات؟.. استشاري صحة أطفال يجيب
  • خط أحمر لحماس.. مصدر إسرائيلي يكشف شرط إسرائيل لـإنهاء الحرب في غزة
  • ‏رويترز نقلا عن مسؤول إسرائيلي كبير: لا يوجد تقدم يُذكر في محادثات غزة التي تتضمن إنهاء الحرب
  • خفض التوتر وتحسين النوم.. برنامج علاجي واعد لانتكاسة متعافي المخدرات
  • سوريا ورفع العقوبات.. هذه خفايا القرار وخطوة واشنطن المقبلة
  • الشرطة: القبض على اثنين من أخطر المطلوبين في مخيم عسكر بنابلس
  • تصاعد التوتر بين السودان والإمارات بعد إبعاد دبلوماسيين من دبي
  • قيادي بفتح يكشف كواليس جمود المفاوضات مع حماس بعد مغادرة الوسيط الدولي
  • صربيا: اشتباكات في نوفي ساد خلال احتجاجات تطالب بالإفراج عن معتقلين
  • خفايا عن عملاء حزب الله.. قادة تحت الإستهداف