أبو الغيط: الشعب السوداني جزء من الأمة العربية وعلينا الاستمرار في دعمه
تاريخ النشر: 26th, September 2023 GMT
أكد الأمين العام لجامعة الدول العربية أحمد أبو الغيط، أن مبادرة نبض العرب هى مبادرة صادقة للتعبير عن مشاعر العرب تجاه ما يحدث في السودان، والتعبير عن الحزن لما يتعرض له المواطن السوداني من مرآة وشباب وكبار سن وتوقف التعليم.
وأضاف أبو الغيط خلال كلمته في اجتماع دعم مبادرة نبض السودان، المنعقد بمقر الأمانة العامة لجامعة الدول العربية، والذي يرعاه أبوالغيط، أنه علينا اليوم مهمة ضرورية وهى مساعدة الشعب السوداني، لافتا إلى أن جميع المشاركين في المبادرة لديهم القدرة على تقديم تلك المساعدة ويفعلون ذلك حقيقة لكن علينا أن نداوم ونواصل الدعم، خاصة وأن الوضع السوداني يبدو انه لن ينتهي أو يتوقف قريبا في ظل استمرار الاقتتال في السودان.
وأوضح أن الشعب السوداني جزء من هذه الأمة وعلينا أن نستمر في دعمه بكل الجوانب، مع العمل في الوقت نفسه بالضغط لوقف إطلاق النار لانه بدون وقف لاطلاق النار ستظل الأوضاع مؤسفة.
المصدر: صدى البلد
كلمات دلالية: الأمين العام لجامعة الدول العربية جامعة الدول العربية مقر الأمانة العامة وقف لإطلاق النار نبض العرب
إقرأ أيضاً:
شَـعرَة معاوية بين السُّـودان والإمـارات
(1)
يعجب المتابعون لمجمل تطورات الحرب الدائرة في السودان، من حيرة أطرافه المتصارعة في التعامل الدبلوماسيّ الحصيف، أكثر من جهلهم بالخيارات السياسية المتاحة للوصول إلى حلولٍ تعيد السلم والأمن لذلك البلد المنكوب.
إنّ عجز المتصارعين قي السودان، عسكريين أو سياسيين مدنيين ، يعكس أمراً بديهيا، يناقض مسلمات المجتمع الدولي ، قيّمه ومبادئه التي تديرها منظماته وتكويناته الحريصة على الأمن والسلم الدوليين والإقليميين. تلك قـيَـمٌ تنحو لاعتماد أنظمة لحكمٍ مدنيٍّ تختاره شعوبها بإرادتها الحُرّة، لا بإرادة القسـر وطغيان البندقية. لم يعد المجتمع الدولي يقبل لأنظمة غير دستورية أن تتحكّم في شعوبها، إلا أنْ يُجيز ذلك ضيق نظر بعض قوى كبرى سعياً وراء مصالح وأطماع.
لعلّ ذلك التنافس وفي مظاهره غير السّوية، هو ما أفضى إلى ما نرى من ضعف في آليات الحفاظ على سلامة المجتمع الدولي، وبالتالي ضعف الدبلوماسية المتعددة الأطراف. زعماء شعبويون مثل الرئيس الأمريكي ترامب، هم من يبادرون لسلب صلاحيات تلك الآليات وينازعونها صلاحياتها وقدراتها في إيقاف الحروب وإقرار السلام.
(2)
إنَّ الأزمة السودانية في جوهرها ، تتمثّل في فشل النُّخبِ المدنية والعسكرية في إدارة أحوال البلاد، عبر تغييبِ إرادة الشعب بحجج الجهل والفقر والمرض ، أو بما يشار إليه بلغة أخرى: واقع ضعف الاستنارة من جهة، ونقص التنمية في مجتمع متنوّع من جهة أخرى. هو فشل أسبابه داخلية وإفشال مصدره أسباب خارجية، وبين الفشل والإفشال تعددت أنظمة الحكم في السودان منذ استقلاله اعام 1956 ، وحتى اللحظة الماثلة، أنظمة حكم ديمقراطية وأخرى عسكرية. غير أن أكثرها غلوَاً وغشماً، هي حقبة حكم الإسلامويين للسودان والتي امتدت لثلاثين عاما، على خلفيات داخلية وخارجية معقّدة، تركتْ الشعب السّوداني يتجرّع سموم فشل نخبِـهِ المدنية والعسكرية حتى السّاعة. في الحقبة التاريخية الماثلة، شهد المجتمع الدولي جنوحاً نحو إقرار حقوق الشعوب في إدارة شؤونها وأحوالها ، لا الرّكون إلى مصادرة تلك الحقوق، واهدارها، عنوة واقتداراً وغصبا. لكنّنا نرى في السّودان كيفْ هبّت شعوبه وأنهتْ حكم الاسلامويين، ثم سقطتْ إرادة شعوبه في أيدي عسكريين ومليشيات، جميعها مُسـلّحة إلى أسنانها بالمُسيّرات بسندٍ من أطرافٍ داخلية وخارجية ، فيتردَّى حالُ البلاد إلى انهيار ودمار وفوضى، ويكاد أن يتناساه المجتمع الدّولي والإقليمي تمام النسيان. لا نعجب أن نرى زعيم الدولة الأقوى في العالم، الشّعبوي ترامب، يعتمد النسيانَ خياراً ضمن أجندات مزاعمه الرّامية لاستتباب السلم والأمن الدوليين، ويتّجه لحلِّ حرب أوكرانيا وحرب غزة، ويترك ملفَّ حربِ السودان تكرُّماً منهُ للأمم المتحدة ومثيلاتها من المنظمات الدولية والإقليمية الفاشلة في نظره.
(3)
تتضاعف تجلياتُ العجب الذي أشرنا إليه أوّل مقالنا ، حين تتردَّد مزاعمُ المتصارعين في السودان عن انتصاراتٍ وعن هزائم ، فيما تمضي البلاد إلى دمارِ بناها وانهيار هياكل دولتها وأيلولتها إلى تفتتٍ وانشطاراتٍ قادمة.
حتى في معالجات أوجه علاقاتها الخارجية، تفشل النُّخبُ السودانية، بمدنييها وعسكرييها، في التعامل السياسي والدبلوماسيّ الجاد والرشيد ، فلا يسمع المتابعون صوتاً يعبِّر برصانة عن المواقف، ولا رأياً مبادراً نحو حل لوقف الحرب، ولا قدرات تذكر في مخاطبة المجتمع الدولي والإقليمي، بما يليق لدولة كانت من أوائل البلدان الأفريقية التي نالت استقلالها في أفريقيا جنوب الصحراء، بل ومن ضمن الدول التي أعطت لجامعة الدول العربية والمنظمة الأفريقية مصداقيتها وفعاليتها. من المؤسف أن لا نجد لدبلوماسية السودان الرصينة دورا في التصدي للأزمة الماثلة. يأتي النظام القائم بوزير خارجية كل شهر أو شهرين ليأتي ببديل ، في لعبة عكست ارتباكا مخجلا ، لا رصانة ولا مصداقية. حتى في التعبير عن الخلاف لا نرى وجها رصينا في معالجة الخلافات . من بديهيات العلاقات بين الدول ، هو تناول ترتيب علاقاتها وفق مواثيق واتفاقيات دولية وإقليمية ، ويكون لوزارة الدبلوماسية صلاحيات إدارة تلك العلاقات. غير أن المراقب يرى جهلاً فاضحا بمقررات تلك المواثيق والاتفاقيات التي تضبط العلاقات بين الدول ، القريبة والبعيدة.
(4)
في النظر إلى الأزمة الناشبة بين حكومة السودان الماثلة ودولة الامارات العربية المتحدة، فإنّ ما اعتراها من ارتباك وارباك، وبغض النظر عن الاتهامات المتبادلة، فإنه قد يعزى إلى تجاهل ضوابط وأدبيات تتبع في معالجة مثل هذه الخلافات. ثمة مساعٍ سياسية وجهود دبلوماسية معتادة تتبع في مثل هذه الحالات . للمراقب اللصيق أن يسأل : حين يسارع السودان للشكوى للأمم المتحدة ، أو لمحكمة العدل الدولية ، ألا يبدو ذلك تجاوزا لا مبرر له لما هو متاح لجهود علاقات أخوية قائمة بين البلدين بحكم عضويتهما في منظمتين إقليميتين أو أكثر ، فيكون العلاج أجدى داخل البيت الإقليمي قبل الدولي ؟ لماذا يفترض طرفٌ من أطراف ذلك الصراع ، عجزاً في قدرات تلك المنظمات الإقليمية، فينأى بعيداً عنها بلا مبرر؟ هنالك جامعة الدول العربية ، هنالك منظمة التعاون الإسلامي. هنالك منظمة الاتحاد الأفريقي ، فهل تجاوزها هو عن قناعة بعجزها، أم عن جهل بقدراتها ؟
ذلك سؤال يقف عنده المراقب، وهو لا يرى أو يسمع إلا أصواتاً خافتة تصدر عن مثل هذه المنظمات .
(5)
خلاصة ما نقول هنا ، أن النظم العسكرية في السودان، أو في غيره من البلدان المأزومة بحكم جنرالات جيوشها، خاصة في القارة الأفريقية، لن يكون يسيرا عليها إدارة أحوال بلدانها بالفهم المأمول لمقتضيات إدارة علاقاتها الخارجية بالصورة الفاعلة وبالمصداقية والمعرفة الرصينة بالمعاملات السياسية والدبلوماسية. ما وقع من اضطراب في إدارة العلاقات الدبلوماسية بين بلدين عربيين شقيقين، يعكس استعجالا غير مدروس ، وانفعالاً يناقض مقتضيات الدبلوماسية الهادئة حتى في أوقات الشِّدة. وإنه لمن اللافت أن نلحظ حراكا خلال الأسابيع المنصرمة وعلى مستوى الشرق الأوسط، فيقع ما وقع بين دولتين عربيتين مهمتين، فلا نرى كثير حرص أو قليله من المؤثرين بما يمكن أن يضمّد جراحا قد يتفاقم بين تينك الدولتين، وفينا من لا ينسى ما قيل عن شعرة معاوية تشدّ أو ترخى، ولكن لا تقطع. .
القاهرة – 18/5/2025
jamalim@yahoo.com