كيف تلقي مشكلة المخدرات في سوريا بظلالها على إعادة تأهيل الأسد؟
تاريخ النشر: 30th, September 2023 GMT
تقرير من إعداد نادين إبراهيم، ضمن نشرة الشرق الأوسط البريدية من CNN. للاشتراك في النشرة (اضغط هنا)
(CNN)-- بعد مرور ما يقرب من 5 أشهر منذ أن مدت الدول العربية غصن الزيتون للرئيس السوري بشار الأسد، هناك دلائل تشير إلى أن بعض مهندسي المبادرة الرئيسيين يشككون بشكل متزايد بشأن التزامه بالاتفاق.
قال وزير الخارجية الأردني أيمن الصفدي هذا الأسبوع إن تهريب مادة الكبتاغون المسببة للإدمان من سوريا إلى الأردن ازداد بعد محادثات التطبيع التي أدت إلى عودة الأسد إلى الجامعة العربية في مايو.
طُردت سوريا من جامعة الدول العربية في العام 2011، في أعقاب حملة قمع وحشية شنها النظام على قوى المعارضة التي سعت إلى الإطاحة بالأسد.
وكان الأردن أحد أكبر المؤيدين لإعادة تأهيله، كونه أحد الضحايا الرئيسيين لتجارة المخدرات في سوريا، لكنه يشعر الآن أن النظام إما غير راغب أو غير قادر على قمع هذه التجارة.
ونقل موقع "المونيتور" عن الملك قوله الأسبوع الماضي: "يقاتل الأردن على الحدود للتأكد من عدم دخول المخدرات إلى البلاد. بشار (الأسد) لا يريد صراعًا مع الأردن... لا أعرف إذا كان يسيطر على الأمور بشكل كامل."
كانت أحد المطالب الرئيسية للدول العربية من سوريا مقابل إعادة تأهيلها أن يساعد الأسد في قمع تجارة الكبتاغون. ويُعتقد أن الغالبية العظمى من الإمدادات العالمية في صناعة الكبتاغون البالغة قيمتها 57 مليار دولار تأتي من سوريا، حيث تكون الدول المجاورة ومنطقة الخليج وجهتها الرئيسية.
لقد حولت هذه التجارة سوريا إلى دولة مخدرات سمحت لنظام الأسد بتجديد خزائنه بعد سنوات من الحرب والعقوبات ومنحته نفوذاً هائلاً على جيرانه، وكان ذلك مسؤولاً جزئياً عن جلبهم إلى طاولة المفاوضات مع الأسد.
وفي علامة أخرى محتملة على الاستياء العربي من الأسد، ذكرت صحيفة الشرق الأوسط المملوكة للسعودية هذا الشهر أن اللجنة الوزارية العربية المكلفة بالإشراف على التطبيع العربي السوري جمدت اجتماعاتها مع دمشق بسبب عدم استجابتها لخارطة الطريق المرسومة لتطبيع العلاقات العربية السورية.
في حين نفى الأمين العام المساعد لجامعة الدول العربية حسام زكي هذه التقارير. وقال زكي لشبكة CNN يوم الجمعة: "إنها غير صحيحة."
وقال إميل حكيم، مدير الأمن الإقليمي في المعهد الدولي للدراسات الاستراتيجية (IISS) في لندن، إنه ليس من المستغرب أن تصل جهود إعادة ادماج سوريا إلى طريق مسدود.
وقال حكيم لشبكة CNN: "لم يتم إنجاز أي شيء جوهري بينما حقق الأسد نصراً رمزياً"، مضيفاً أنه من الصعب أن نرى كيف "يمكن التراجع عن قرار مايو وكيف يمكن استخدام العصا لإجبار سوريا على الامتثال."
وفي مقابلة مع سكاي نيوز عربية الشهر الماضي، بدا الرئيس السوري واثقًا وأشار إلى أنه ليس في عجلة من أمره للتصالح مع الجيران حتى يتغيروا. وألقى باللوم في عدم إحراز تقدم في التطبيع مع الدول العربية على عدم كفاءة السياسة العربية. وقال إن العرب يجيدون "النظريات" وليس "التطبيق".
وقال الأسد إن تهريب المخدرات يتفاقم مع الحرب، وبالتالي فإن مسؤولية مشكلة الكبتاغون في سوريا تقع على عاتق "الدول التي ساهمت في الفوضى في سوريا، وليس الدولة السورية". وأضاف أن سوريا، وليس جيرانها العرب، هي التي اقترحت حل أزمة المخدرات لأن ذلك "يحقق منفعة متبادلة".
خبراء يقولون إن عملية إعادة تأهيل سوريا كانت معيبة.
وقال إتش إيه هيللير، الباحث في مركز كارنيغي للسلام الدولي: "المشكلة هي أنه لا توجد في الواقع آلية للمساءلة فيما يتعلق بمبادرة التطبيع."
وقال هيللير لشبكة CNN: "إذا تجاهل الأسد ببساطة مطالب الدول العربية، حتى لو أشار في الأصل إلى أنه سيأخذها على محمل الجد، فلن تكون هناك إجراءات لمعاقبته على أي انتهاكات.
ازدهار تجارة الكبتاغون
ويقول الأردن إن تجارة الكبتاغون تزدهر، حيث يستخدم المهربون تكنولوجيا متقدمة بشكل متزايد لتهريب الأمفيتامين من سوريا إلى البلدان المجاورة.
وقال وزير الخارجية الأردني أيمن الصفدي: "لقد وعد السوريون بالعمل معنا على مواجهة هذا التحدي، لكن الوضع على الأرض لا يزال يمثل تحديًا كبيرًا. نشهد زيادة في عدد العمليات وبناء على ذلك نقوم بما يتعين علينا القيام به."
ووصف الصفدي تجارة الكبتاغون بأنها "عملية منظمة للغاية، حيث يتمكن تجار المخدرات من الوصول إلى تكنولوجيا متقدمة للغاية" بما فيها الطائرات بدون طيار والرؤية الليلية. وقال الصفدي إنه مقابل كل عمليتي ضبط أو ثلاثة، يمر اثنان أو ثلاثة آخرون عبر الحدود.
ويرى الأردن، الذي يشترك في حدود طولها 378 كيلومتراً مع سوريا، أن عدم الاستقرار مع جارته يضر بأمنه القومي.
تقوم دول الخليج والأردن بشكل روتيني بالإبلاغ عن عمليات ضبط المخدرات، حيث يتم العثور على كميات هائلة من المخدرات في كل شيء بدءًا من ألواح البناء وحتى شحنات البقلاوة.
وقالت دولة الإمارات العربية المتحدة هذا الشهر إنها أحبطت محاولة لتهريب 13 طنا من الكبتاغون -تبلغ قيمتها أكثر من مليار دولار- مخبأة في شحنة من الأبواب وألواح البناء المزخرفة. وتقوم القوات المسلحة الأردنية بشكل روتيني بإسقاط طائرات بدون طيار تحلق من سوريا وتحمل الأمفيتامينات.
ويقول الخبراء إن طرفي اتفاق التطبيع العربي السوري يفشلان في تلبية توقعات بعضهما البعض. ربما لم يجد الأسد حافزًا قويًا بما يكفي للتخلي عن تجارة المخدرات المربحة. وما يريده قد يكون من الصعب تحقيقه.
وقال حكيم: "ما أراده الأسد دائمًا لم يكن شيئًا يمكن أن تقدمه أو ستقدمه الدول العربية: دعم سياسي غير مشروط، ومساعدات مالية ضخمة، فضلاً عن الضغط العربي لرفع العقوبات الغربية."
وقد تجد الدول العربية نفسها الآن محاصرة في الزاوية.
وقال حكيم إن "هامش مناورتهم محدود،" وأضاف أن الإكراه المباشر والواضح غير مطروح على الطاولة، والعديد من الدول لا تهتم بما يكفي لبذل الجهد ورأس المال السياسي في سوريا"، مشيرًا إلى أن سياسة الأسد العنيدة قد تؤدي "ببعض الدول إلى الاستسلام ببساطة".
الأردنسورياالمخدراتبشار الأسددول الخليجنشر السبت، 30 سبتمبر / ايلول 2023تابعونا عبرسياسة الخصوصيةشروط الخدمةملفات تعريف الارتباطخيارات الإعلاناتكوبونز CNN بالعربيةCNN الاقتصاديةمن نحنالأرشيف© 2023 Cable News Network. A Warner Bros. Discovery Company. All Rights Reserved.المصدر: CNN Arabic
كلمات دلالية: المخدرات بشار الأسد دول الخليج الدول العربیة سوریا إلى من سوریا فی سوریا إلى أن
إقرأ أيضاً:
ورقة بحثية تستعرض مستقبل الدور التركي في غزة بعد الحرب
غزة - صفا
نشر المركز الفلسطيني للدراسات السياسية، اليوم الإثنين، ورقة تحليل استراتيجي جديدة بعنوان "من التضامن إلى الفاعلية الإقليمية: مستقبل الدور التركي في غزة بعد الحرب".
واستعرضت الورقة دور جمهورية تركيا التي برزت كلاعب إقليمي يسعى لتحويل تضامنه الرمزي مع القضية الفلسطينية إلى فاعلية ملموسة — إعادة إعمار، دعم إنساني، حضور دبلوماسي — ما يطرح تساؤلات جدّية حول مدى جدّية هذا الدور، وفرصه وقيوده.
ووفق الورقة، تمتلك تركيا مزايا فريدة تجعلها مرشّحًا للدور: "علاقات تاريخية مع الساحة الفلسطينية، اتصالات مع الفصائل، وقدرة على النفوذ الإقليمي عبر أدوات دبلوماسية، إنسانية وتنموية — ما يجعلها في موقع أيسر من كثير من الدول".
وأضافت أنه على الأرض، بدأت أنقرة خطوات عملية: "فتح ممر إنساني إلى غزة، مد خطوط مساعدات عبر مصر، والتعهد بالمشاركة في إعادة الإعمار".
في هذا السياق، أعلن رئيس الحكومة التركية أن أنقرة ستخطو خطوة لإعمار غزة، بالتعاون مع دول الخليج.
وقدمت الورقة ثلاثة سيناريوهات محتملة: "انخراط شامل لجميع اللاعبين — مشاركة الكيان الإسرائيلي، الدول العربية، وفلسطينيين في مشروع إعادة إعمار غزة تحت إطار دولي/عربي ـ فلسطيني، مبادرة تركية قطرية — في حال غياب توافق عربي أو رفض إسرائيلي، تقود تركيا (مع قطر ربما) مشروعًا لإعادة الإعمار والدعم عبر إطار إقليمي محدود، الجمود/ دور محدود — في حال فشلت أي مبادرات، يقتصر دور تركيا على مساعدات إنسانية أو شكلية، دون إدارة حقيقية أو تأثير استراتيجي".
ورجحت الورقة أن المبادرة التركية القطرية تبدو الأكثر احتمالًا في المدى القريب، نظرًا للفراغ الذي يتركه تردّد بعض الدول، والرفض الإسرائيلي للدور التركي الكامل.
*التحديات والقيود*
وأشارت إلى أنه رغم استعداد تركيا للمساهمة، لا يزال هناك رفض إسرائيلي واضح لمشاركتها، خصوصًا في القوات الأمنية أو قوة "تثبيت سلام/استقرار" في غزة.
وتابعت "كذلك هناك مخاوف عربية حيث أن بعض الدول قد ترى في حضور تركي واسع تهديدًا لتوازن النفوذ الإقليمي، أو تنافسًا على الإدارة بعد الحرب".
ولفتت إلى أن الحاجة لتمويل ضخم لإعادة إعمار غزة ستكون مكلفة جسيمة، ما يتطلب دعمًا عربيًا – دوليًا، وتخطيطًا دقيقًا — ليس فقط إعمارًا، بل بنى تحتية، خدمات، أمن، إدارة.
ودعت الورقة الفصائل والسلطة والمجتمع المدني إلى توحيد موقف فلسطيني وطني يرحّب بدور تركي، والتركيز على البعد الإنساني والتنمية (إعمار، خدمات، دعم اجتماعي) بدلاً من الأدوار الأمنية، وتشكيل آليات شفافة لإدارة المساعدات، تضم الفصائل والسلطة والمجتمع المدني، لضمان توزيع عادل وفعّال، والانخراط مع تركيا ودول داعمة ومؤسسات دولية لتأمين التمويل، الخبرة، والشراكة.
ورسمت الورقة أفقًا محفوفة بالتحديات، لكنها تفتح أيضاً نافذة أمل أمام غزة: "طالما أن تركيا تمتلك الإرادة، والقدرة، وتوفر شراكات محتملة، فمن الممكن أن يتحول دورها من تضامن شعبي وسياسي إلى فاعلية إقليمية حقيقية تسهم في إعادة إعمار غزة، وتضعها ضمن معادلة إقليمية جديدة، وهذا الدور لن يكون تلقائيًا، بل يحتاج إلى حكم فلسطيني ذكي، تنسيق عربي – دولي، ورؤية واضحة لإدارة ما بعد الحرب".