يبدو أن حالة إمساك العصا من المنتصف التي التزمها الاتحاد التونسي للشغل، إزاء الصراع الدائر بين الرئيس قيس سعيد ومعارضيه، لم تجعله بمنأى عن جرافة السلطة التي تستهدف الكيانات والمنظمات كافة بلا استثناء، حسبما يقول خبراء.

فرغم حالة الصمت التي انتهجها الاتحاد مؤخرا، فإن أمينه العام نور الدين الطبوبي خرج معلنا رفضه قرار الحكومة تجميد الحوار الاجتماعي بشأن زيادة أجور العمال، وقال إن هذه الإجراءات لن توقف نضال النقابيين والعمال.

ولم يقف الطبوبي عند الحديث عن أزمة العمال، بل ذهب إلى ما هو أبعد بقوله إن على السلطات أن توقف سياسية الاستهداف وانتهاج مبدأ التشاركية المجتمعية، وذلك بالتزامن مع حركة إضراب عن الطعام بدأها سياسيون معتقلون بارزون، بينهم زعيم حركة النهضة راشد الغنوشي والقيادي في جبهة الخلاص المعارضة جوهر بن مبارك.

ودأب الاتحاد الذي يمثل أقوى منظمة مدنية تونسية على إبقاء باب التفاهم مواربا مع النظام رغم حالة الجفاف السياسي التي تعيشها البلاد منذ أطاح سعيد بالحكومة والبرلمان قبل نحو عامين وبسط سيطرته على كل شيء، مما جلب عليه انتقادات محلية ودولية واسعة.

ما الذي استجد؟

من جهته، يرى المحلل السياسي الحبيب بوعجيلة -خلال مشاركته في حلقة (2-10-2023) من برنامج "ما وراء الخبر" أن الرئيس كان واضحا منذ بدء إجراءاته الاستثنائية بشأن عدم اكتراثه بالأجسام الوسيطة، بما فيها الاتحاد التونسي للشغل، مضيفا أن ما حدث هو أن الاتحاد أدرك حاليا أن جرافة قيس سعيد قد وصلت إليه.

ليس هذا فحسب، يضيف بوعجيلة، بل سبق أن لوحت الحكومة بفتح ملفات الاتحاد عندما حاول إعلاء نبرته بشأن انفراد الرئيس بكل السلطات، وهو ما رد عليه الطبوبي بالقول إن الصمت طريقة من طرق النضال.

ومن ثم، فإن ما يحدث اليوم من وجهة نظر بوعجيلة ليس سوى تأكيد لحقيقة أن الرئيس التونسي غير معني بمختلف مكونات المجتمع المدني من منظمات وأحزاب، وعلى رأسها الاتحاد التونسي، التي يراها سعيد سببا في ما يسميها "العشرية السوداء".

في المقابل، يقول المحامي والباحث القانوني قيصر الصياح إن عودة الاتحاد إلى التراشق السياسي مع الرئيس مرده إلى سببين: أحدهما موضوعي، وهو تراجع الحكومة عن تنفيذ اتفاقات سابقة، والآخر شخصي بحت، وهو قلق الاتحاد مما يصفه بانفراد سعيد بالسلطة وعدم الحوار مع المكونات الأخرى بما فيها الاتحاد.

ويرى الصياح أن حديث الاتحاد عن انفراد الرئيس التونسي بالسلطة وعدم رغبته في الحوار ليس صحيحا، لأن سعيد دعا مرارا للحوار السياسي خلال السنوات الماضية، لكن محاولاته باءت بالفشل حتى قبل إجراءات 25 يوليو/تموز 2021.

وللتأكيد على فرضية أن الاتحاد يتحرك من منطلقات شخصية، أشار الصياح إلى اللقاءات الكثيرة التي جمعت الطبوبي بالرئيس سعيد في قصر قرطاج بعد إجراءات 25 يوليو/تموز 2021، بل وإعلان الطبوبي تثمين ما قام به سعيد من إجراءات.

لذلك، فإن ما يقوم به الطبوبي حاليا هو محاولة إعادة تموضع سياسي، لإجبار الرئيس على صياغة الجغرافيا السياسية للبلاد وفق الطريقة التي تعود عليها اتحاد الشغل، والتي أوصلت البلاد إلى أزمتها الاقتصادية الحالية.

بيد أن بوعجيلة يختلف مع رأي الصياح، لأنه يجزم بأن الاتحاد يعلم حاليا أنه لم يعد كما كان قبل 10 سنوات، لأن سمعته في الشارع أصبحت مثل سمعة بقية المكونات السياسية، ومن ثم فإن التونسيين لن يقبلوا بأن يمارس طريقته القديمة في فرض ما يريد على أي نظام.

إلى جانب ذلك، فإن التونسيين ينظرون للاتحاد بوصفه أحد الأسباب التي أوصلت تونس إلى ما هي عليه الآن، لأنه كان يفرض ما يريد على كل حكومة، ثم يأتي ليطالب بأن يكون جزءا من مسار التصحيح، حسبما يقول بوعجيلة.

كما أن الرعاة الدوليين -يضيف بوعجيلة- يحمّلون الاتحاد مسؤولية جزء كبير مما تعيشه تونس، لأنه تسبب في كثير من التصعيد والتعطيل مع الأحزاب والحكومات المختلفة التي تداولت الحكم خلال السنوات الماضية، وهو ما عطل عملية الإصلاح ووصل بالبلاد إلى 25 يوليو/تموز.

وخلص بوعجيلة إلى أن الاتحاد اتخذ موقفا خاطئا يوم 25 يوليو/تموز 2021، ولم ينحز للديمقراطية، بل إلى الانقلاب، وهو ما أوصله إلى ما هو فيه الآن، وجعله طرفا ضعيفا في المعادلة.

المصدر: الجزيرة

كلمات دلالية: أن الاتحاد یولیو تموز

إقرأ أيضاً:

"ساعات مفصلية".. ترقب الشارع الرياضي لانتخابات اتحاد الكرة صباح الأربعاء

الرؤية- أحمد السلماني

تتجه أنظار الشارع الرياضي العُماني في العاشرة من صباح الأربعاء نحو فندق معاني بولاية السيب، حيث تُعقد الجمعية العمومية للاتحاد العُماني لكرة القدم لاختيار مجلس إدارة جديد يقود دفة الكرة العُمانية للفترة 2025 – 2029، في استحقاق انتخابي مفصلي طال انتظاره، وسط تنافس لافت على أبرز المناصب القيادية داخل أروقة الاتحاد.

الجمعية العمومية ستبدأ أعمالها بإعلان اكتمال النصاب القانوني واعتماد جدول الأعمال، تليها كلمة لرئيس الاتحاد المنتهية ولايته سالم بن سعيد الوهيبي، ثم يتم تعيين ثلاثة أعضاء لتدقيق محضر الاجتماع والمصادقة على محضر الجمعية السابقة، ليبدأ بعدها التصويت لاختيار مجلس الإدارة، وذلك لأول مرة عبر نظام إلكتروني متكامل.

ويشهد سباق الرئاسة تنافسًا بين شخصيتين بارزتين، هما سعادة السيد سليمان بن حمود البوسعيدي، النائب الأسبق لرئيس الاتحاد في 2007 ورئيس نادي الشباب سابقًا، والدكتور جاسم بن محمد الشكيلي، الذي يملك سجلًا حافلًا في العمل الكروي محليًا وخليجيًا وعربيًا، وكان قد شغل منصب النائب الثاني لرئيس الاتحاد في دورة 2016 – 2021، إضافة إلى رئاسته للعديد من اللجان المتخصصة، إلى جانب كونه لاعبًا دوليًا سابقًا في صفوف المنتخب ونادي السويق.

أما منصب نائب الرئيس، فيتنافس عليه ثلاثة مرشحين، هم: السيد مسلم بن سالم البوسعيدي، ونصر بن حمود الوهيبي رئيس نادي مسقط الحالي، والمهندس قتيبة بن سعيد الغيلاني عضو مجلس الإدارة الحالي ورئيس لجنة المسابقات سابقًا.

وفيما يتعلق بالمقعد النسائي الإلزامي، تخوض السباق كل من فاطمة الفزارية وهاجر المزينية، في وقت ترشّح فيه 11 اسمًا لعضوية المجلس للتنافس على 3 مقاعد، وهم: إبراهيم بن مراد البلوشي، حسن بن عبدالله العجمي، سعيد بن علي البوسعيدي، عبدالله بن سالم الشنفري، عبدالله علي الكمزاري، عبدالله علي الراشدي، عبدالله محسن الجابري، علي بن أحمد الكثيري، علي بن عبدالله الرئيسي، محمد بن علي المقبالي، وناصر بن سالم الهدابي.

وقد حسم مقعد اللاعبين لصالح محمد بن خميس العريمي بعد أن نال ثقة لجنة اللاعبين بالإجماع، في أعقاب انسحاب منافسه ناصر بن حمدان الريامي.

وبحسب المادة (37) من النظام الأساسي، يتكوّن مجلس الإدارة من سبعة أعضاء: الرئيس، ونائب الرئيس، وعضو نسائي، وثلاثة أعضاء يتم انتخابهم من الجمعية العمومية، إضافة إلى عضو مقعد اللاعبين الذي يتم ترشيحه من قبل رابطة اللاعبين والتصديق عليه لاحقًا.

وينتظر المجلس المنتخب عدد من الملفات الجوهرية، أبرزها: إعادة هيكلة الدوري المحلي، ورفع جاهزية المنتخبات الوطنية، وتوسيع قاعدة ممارسة كرة القدم في الفئات السنية والنسائية، والعمل على تطوير البنية التحتية والملاعب، إضافة إلى تفعيل الاستراتيجيات التسويقية، وضمان حصول الأندية على التراخيص المحلية والآسيوية، وتعزيز العلاقة مع الجماهير والأندية عبر الحوكمة والشفافية.

يوم غدٍ الاربعاء سيكون بلا شك محطة فارقة في مسار الكرة العُمانية، وموعدًا مع لحظة التغيير المنتظر.

مقالات مشابهة

  • مرزوق علي عضوا بلجنة التطوير في الاتحاد الدولي للجودو
  • حاج عدلان: “موسم الاتحاد لم يكن في مستوى طموحات الإدارة والأنصار”
  • رئيس اتحاد اليد: التعاقد مع تشافي باسكوال حدث تاريخي
  • اتحاد القدم يعلن عن مواعيد مباريات كأس السوبر السعودي في هونغ كونغ
  • تونس .. الرئيس يهدد كل يحاول تأجيج الأوضاع وافتعال الأزمات
  • الرئيس الجديد لـ"اتحاد القدم": لا قرارات مُتسرعة بشأن الجهاز الفني لـ"الأحمر"
  • اتحاد اليد يقدّم الإسباني خافيير باسكوال مديرًا فنيًا لمنتخب مصر: “طموحاتي بلا حدود”
  • عبد المسيح التقى الرئيس عون: لضرورة الاستمرار في سياسة الحياد التي حمت لبنان
  • "اتحاد القدم": تخصيص قطعة أرض لإنشاء مركز تدريب وطني متكامل
  • "ساعات مفصلية".. ترقب الشارع الرياضي لانتخابات اتحاد الكرة صباح الأربعاء