العدوان على غزة.. كيف تتعامل مع قلق الحرب؟
تاريخ النشر: 23rd, October 2023 GMT
قد يتساءل البعيدون عن ألسنة اللهب والدمار في غزة عن سبب تدهور صحتهم العقلية، منذ اليوم الأول للغارات الإسرائيلية على المدنيين في قطاع غزة، وشعورهم بالتهديد المباشر لأمنهم وأمن أطفالهم.
يمكن تفسير جزء من ذلك بحقيقة أن أدمغتنا مصممة للبحث عن التهديدات، لحمايتنا من المخاطر المحتملة، لكن قد يؤدي امتلاك كل واحد منا لهاتف ذكي إلى بحث مستمر عن الأخبار لا يمكن إيقافه، استعدادا منا للأسوأ، إلى أن نصاب بهوس التمرير، وإدمان الأخبار.
لذا فإن القلق اليوم يتردد بلا توقف بين قنوات الأخبار ووسائل التواصل الاجتماعي، مما جعلنا نعيش الحرب لحظة بلحظة.
ما هو "قلق الحرب"؟نشر موقع كلية الطب في جامعة "هارفارد" تقريرا لاستشاري الطب النفسي ستيفاني كولير حول الأثر النفسي لمتابعة أخبار الحرب. عرفت كولير مصطلح "قلق الحرب" بأنه رد فعل شائع على الأخبار والصور المتعلقة بالصراع، وقد يرتبط بمستويات عالية من الإرهاق، والقلق، والشعور بالهشاشة، وانعدام السيطرة على الوضع.
أضافت كولير أن الأشخاص المعرضين للقلق أكثر عرضة للبحث عن آخر أخبار الأزمات، مما قد يؤدي إلى حبسهم في دائرة القلق التي تضيق عليهم كلما تأزمت الأوضاع الإنسانية.
ويتأكد ذلك بالرجوع إلى استطلاع نشرته الرابطة الأميركية للأطباء النفسيين أفاد فيه الأطباء النفسيون بأن 67% من مرضى القلق شعروا بتهديد مباشر مع اندلاع الحرب الأميركية على العراق، وأن 42% عبروا عن قلقهم من الأحداث، وأن 13% منهم كانوا قلقين من الحرب بدرجة تكفي لتصير الحرب محور جلسات علاجهم.
بالنسبة لأعراض "قلق الحرب" فيمكن أن تظهر تدريجيا أو فجأة، ردا على أحد المحفزات، مثل صورة لطفل جريح، أو فيديو لأم ثكلى، وقد تكون تلك الأعراض جسدية أو عقلية أو كليهما.
تشمل الأعراض الجسدية للقلق: تسارع نبضات القلب، وتقلصات المعدة، والغثيان، والدوخة، وتنميل أو وخز في الأطراف، وتشنج عضلي.
بينما تأتي الأعراض العقلية في صورة: نوبة ذعر، ومخاوف خارجة عن السيطرة، وصعوبة في النوم، وكوابيس، وغضب موجه لجماعات أو لأعضاء الأسرة أو الأصدقاء الذين لا يشاركونك وجهة النظر أو المشاعر ذاتها.
ونقل تقرير على موقع الرابطة الأميركية للأطباء النفسيين، تعليقا لغراهام ديفي -الأستاذ الفخري في علم النفس بجامعة ساسكس في إنجلترا- والمتخصص في اضطرابات القلق، أشار خلاله إلى معاناة متابعي الأخبار أعراضا تشبه أعراض الصدمة النفسية بسبب تعرضهم للبث المباشر والأخبار العاجلة.
وكان الذعر من بين الآثار التي بحثها ديفي، فالتعرض للأخبار السلبية يؤثر بطريقة طردية على مخاوفك الشخصية، ويفاقمها، حتى تصل إلى مرحلة الهوس بمخاوفك، ثم تدمرك تلك المخاوف.
كيف تخفف حدة القلق؟شبه موقع مؤسسة أكسفورد للصحة أثر متابعة أحداث الحرب على صحتنا النفسية بالوباء، فشعر جميعنا خلال انتشار فيروس "كوفيد-19" بالعجز عن تغيير الأحداث بطريقة مباشرة، لذلك من المهم حقا التركيز على ما يمكنك التحكم فيه.
ويمكنك استعادة سيطرتك من خلال التبرع مثلا، أو الانضمام إلى جمعية خيرية، أو منظمة شعبية تساعدك على تقديم دعم مباشر للقضية الفلسطينية، وقد انطلقت في أنحاء الوطن العربي مبادرات لجمع التبرعات لإخواننا في فلسطين.
تجاهل المشاعرويحاول كثير منا تجاهل مشاعره، تحت دعوى أن هناك من يعاني حقا في غزة، وأن الإرهاق العصبي لا شيء مقابل ما خسره إخواننا، ومع ذلك نبهت نيلوفار أحمد، محاضرة العلوم الاجتماعية بجامعة بريستول، في بحثها المنشور على موقع "ذا كونفرزيشن" إلى ضرورة عدم إغفال مشاعرك في مثل هذه الأوقات، فيمكن أن تشعر بالقلق والحزن على نفسك وعلى الآخرين، أو أن تختلط مشاعر الحزن بالامتنان لأنك آمن، ثم الخذلان من امتنانك، لكن تأكد من أن لوم نفسك على مشاعرك، أو تجاهلها لن يخلصك منها، بل يضعف قدرتك على التأقلم مع الأزمة.
لذلك نصحت نيلوفار أحمد، بالاعتراف بمشاعرنا وقبولها دون إصدار أحكام، ثم محاولة فهم أسباب مشاعرنا، مثل ذكرى الانفصال عمن أحببناهم، أو عدم اليقين، أو تجربة الأمومة والأبوة.
تحكم في العاداتإن التخلص من عادة الاطلاع على الأخبار بانتظام قد يكون التغيير الوحيد الأكثر فعالية في مكافحة قلق الحرب، فقدمت العالمة النفسية لورا براون نصيحة عبر موقع الرابطة الأميركية للأطباء النفسيين لضحايا الحروب والقلقين من متابعة أخبار الحرب بتقليل الوقت الذي يقضونه في تصفح الإنترنت، وقراءة الأخبار في فترة بعد الظهر بدلًا من قبل النوم أو فور الاستيقاظ؛ لأننا نكون في أضعف حالاتنا الذهنية في تلك الأوقات.
كذلك نصح ديفيد إتش. بارلو، مؤسس مركز القلق والاضطرابات المرتبطة به في جامعة بوسطن، مرضى قلق الحرب بأخذ إجازة قصيرة من هواتفهم ووسائل التواصل الاجتماعي، وشجع أولئك الذين يشعرون بالقلق المزمن على تخصيص مكان آمن حيث يمكنهم الرجوع إليه كل يوم في وقت محدد لتطهير ذهنهم من كل ما يزعجهم في ذلك المكان، الذي يمكن أن يكون غرفة في المنزل أو خارجه.
وقد يساعدك تدوين اليوميات أو التحدث مع صديق على معالجة مشاعرك، فما أن تمنح أفكارك المتصارعة صوتا تتعطل دورة القلق، وتهدأ عواطفك وانفعالاتك، إلى أن تتمكن من وضع خطة لدعم القضية الفلسطينية، سواء بتوعية المراهقين والأطفال بالقضية، أو التدوين باللغات الأجنبية، أو أي طريقة لاستغلال مهاراتك في خدمة القضية.
المصدر: الجزيرة
كلمات دلالية: قلق الحرب
إقرأ أيضاً:
موقع عبري: نتنياهو يحاول طمس الكارثة عبر تغيير اسم حرب غزة
لا يتوقف رئيس حكومة الاحتلال الإسرائيلية بنيامين نتنياهو عن ابتكار المزيد من الألاعيب لإشغال الرأي العام لديه عن حقيقة الفشل الذي يُجلّله بسبب إخفاقه الذي لن يمحى يوم السابع من أكتوبر، ولذلك فقد أقدم أخيرا على الحصول على مصادقة حكومته على تغيير اسم الحرب على غزة إلى "حرب النهضة"، وهي خطوة أخرى في سعيه لطمس مسؤوليته عن هجوم الطوفان المروع، ومحاولة بناء رواية جديدة لا تدور حول أكبر فشل في تاريخ الدولة، قاده بنفسه.
باراك سيري الكاتب في موقع ويللا، ذكر أن "نتنياهو بدأ أولى محاولاته لمحو ذكرى السابع من أكتوبر، أو نسيانها، وطمسها، بعد أن أدرك فورًا أن كارثة كهذه تشكل أسوأ فشل ذريع في تاريخ إسرائيل، وسيُكتب في كتب التاريخ بحروف سوداء، مع الإشارة إلى أنه شغوف بالتاريخ، فهو ابن المؤرخ بن تسيون نتنياهو، وعندما اتضحت أبعاد الهجوم، والحرب من بعده، فقد استحوذ على نتنياهو، أنه بعد مئة عام، ومئتي عام، وسبعمائة عام، سيُخلّد ذكراه في كتب التاريخ، وسيُخصّص له سطر واحد: "في عهده، وقعت أكبر مجزرة للشعب اليهودي منذ المحرقة".
وأضاف في مقال ترجمته "عربي21" أنه "بجانب رغبته في ضرب حماس، وتفكيك حزب الله، وإضعاف إيران، انشغل نتنياهو باستمرار بالبقاء، وتأجيل الانتخابات قدر الإمكان، ومحو فشله الذريع الذي حلّ في السابع من أكتوبر، بعد أن سادت فوضى عارمة في الأيام التي تلت الهجوم، وارتباك كبير، وخوف، وانهيار للوزارات الحكومية، وفشل الجيش والشاباك، لا أحد يشك في ذلك، لكن الفشل الذريع كان على عاتق نتنياهو، الذي بدل أن يعلن عن موعد تنحيه عن السلطة، فقد توفرت لديه خطط أخرى".
وأكد أن "أبرز خطط نتنياهو بعد الهجوم تمثلت في التهرب من المسؤولية، وإثبات براءته، وإلقاء اللوم على الجميع: الجيش، الشاباك، المحكمة العليا، المستشار القانوني، وزير الحرب، باستثنائه، صحيح أنه تحدث عن فشل ذريع، ووعد بتقديم إجابات، لكنه في الوقت ذاته، بذل قصارى جهده للنأي بنفسه عنه، لذلك، تمسك بالائتلاف المكون من 64 عضوًا، واقترح انضمام بيني غانتس وغادي آيزنكوت إليه لكسب مزيد من الشرعية، لكنه سرعان ما طردهما، واستمر في إسقاط الاتهامات على الجميع".
وأشار أن "نتنياهو بذل كل ما بوسعه للتغلب على كل عقبة سياسية، من أجل الابتعاد قدر الإمكان عن التاريخ الملعون الذي يريدنا أن ننساه: 7 أكتوبر الرهيب، ويستثمر الكثير من الوقت والتفكير في ذلك، ومن ذلك مثلا أنه في ذكراه السنوية قبل أيام، لم يأتِ على الحدث إلا بكلمات قليلات، وفي آخر اليوم، وفي الوقت الذي شهدت فيه الدولة حالة أشبه بالحداد، وخصصت جميع القنوات التلفزيونية، باستثناء قناته المفضلة 14، والمواقع الإلكترونية ومحطات الإذاعة والشبكات، ذلك اليوم لبث خاص، من الصباح حتى الليل، لكنه لم يُرِد ذلك، ولا يريد لأحد أن يتذكره، لأن هذا اليوم مكتوب باسمه، ولذلك فهو يريد محوه".
وأضاف أن "نتنياهو مُصمّم جدا على محو كل أثرٍ للسابع من أكتوبر، ولذلك جاء بفكرة تغيير اسم الحرب "حرب القيامة أو النهضة أو البعث"، بهدف بناء روايةٍ جديدةٍ لها، مفادها أن حماس وباقي الأعداء ثاروا على الدولة لتدميرها، وأنا قدت هذه الحرب التي أنقذتها، دون ذكر لهجوم الطوفان".
وتشير هذه المحاولة من قبل نتنياهو إلى أنه يسعى لتسويق ما يعتبرها إنجازات عسكرية في حرب العامين الأخيرين، وعلى مختلف الجبهات، من خلال تغيير وعي الجمهور الإسرائيلي، لكن الواقع يقول إننا أمام محاولة مبتذلة فاشلة، لأنه حتى في الأجيال القادمة لن ينسى أحد ما مرت به دولة الاحتلال في ذلك اليوم من هجوم مرّغ أنفها في التراب لعقود قادمة.