كيف تؤثر العقوبات الأمريكية على «عبد الباسط حمزة» في مسار الحرب السودانية؟
تاريخ النشر: 26th, October 2023 GMT
التحق عبد الباسط حمزة، مؤخراً، بقائمة رجالات نظام المخلوع عمر البشير، القابعين في القوائم الأمريكية السوداء، ما يقدم برهاناً جديداً على تورط نظام الإسلاميين في أنشطة مشبوهة ومقلقة ليس على مستوى السودان وحسب، وإنما حول العالم.
الخرطوم: التغيير
أدرجت وزارة الخزانة الأمريكية، عبد الباسط حمزة، أحد أهم أذرع الحركة الإسلامية المحلولة، في قوائم عقوباتها، بصفته الممول الرئيس لأنشطة حركة حماس من السودان.
وقالت الوزارة إن صاحب النفوذ المالي القوي في حقبة النظام المباد، عبد الباسط حمزة، عمل على تبييض أموال حماس، وأدار عديد من استثماراتها، مسهماً في تمويل خزينتها بما يزيد عن 20 مليون دولار، علاوة على تسييره وصول أموال أخرى لصالح قادة الحركة في قطاع غزة.
وشملت العقوبات شركة الرواد العقارية التي يديرها حمزة ووضعتها في قوائم الإرهاب.
وتحول حمزة من موظف صغير قابع في هيئة المساحة العسكرية إلى إمبراطور مالي، بفضل صلاته الوثيقة بزعيم تنظيم القاعدة، الملياردير السعودي أسامة بن لادن، وبات لاحقاً وريثاً لقائد التنظيم الإرهابي الذي أجبره نظام البشير على مغادرة البلاد في العام 1998 من دون ثروته المالية الضخمة.
ووثق حمزة صلاته بالبشير من خلال عمليات مصاهرة، وأعمال تجارية واسعة تحوم حولها كثير من الشبهات، ما جعله أحد أهم المطلوبين للجنة إزالة التمكين عقب الإطاحة بنظام الإسلاميين في أبريل 2019.
وفي تأكيد على صلة قادة انقلاب أكتوبر 2021، بتنظيم الأخوان المسلمين، تمّ الإفراج عن حمزة عقب الإطاحة الانتقالية بقيادة المدنيين، ليضمن العودة إلى نشاطه الاقتصادي، لا سيما وأنَّ اللجنة التي قامت بحجز أمواله وأصوله، تم تجميد كافة أعمالها في أول فرمان تلاه قائد الجيش صبيحة يوم الانقلاب.
فك ارتباطالصلة بين حمزة وحماس، حظيت بالاهتمام في السودان، ربما بأكثر مما هو عليه الحال في غزة التي تقبع تحت القصف والحصار منذ أسابيع.
وعلَّ السؤال الأهم والأبرز بشأن هذه الآصرة، الخاص بأثر هذه العقوبات على الداخل السوداني، وعلى مسار الحرب المدمرة التي يخوضها الجيش ضد قوات الدعم السريع منذ 15 أبريل الماضي.
ودخل طرفا النزاع في حرب مدمرة، أدت إلى مقتل ما يزيد عن 9 آلاف سوداني، ونزوح ما يقارب 7.5 مليون آخرين عن منازلهم، فيما تتهدد أخطار الحرب، والتفلتات الأمنية، والفجوات الغذائية، والأوبئة الخطيرة، جميع السودانيين حالياً.
وأبدى المحلل السياسي حسام إبراهيم، دهشته من تحول عراب التطبيع مع إسرائيل، الجنرال عبد الفتاح البرهان، إلى داعم لأنشطة الإسلاميين مع حماس وبقية الحركات الجهادية.
وقال لـ(التغيير) إن على البرهان تقديم نفسه للعالم بوجه واحد، راعي للتطبيع أو داعم لحل القضية الفلسطينية وفقاً لرؤى حماس وبقية التنظيمات المسلحة.
وبعيداً عن أين يتموضع البرهان، أكد إبراهيم أن العقوبات الأمريكية على حمزة، تعطي إشارات أمريكية واضحة لقائد الجيش عبد الفتاح البرهان، بضرورة فك ارتباطه مع تنظيم الحركة الإسلامية المحلول.
وقال إبراهيم، لـ(التغيير) إن وضع حمزة ومن قبل زعيم التنظيم علي كرتي في قوائم العقوبات، يزيد من الضغوط الموضوعة على البرهان، ويضعه أمام خياريّ، مواصلة علاقته بالإسلاميين ما يعني مزيد من العقوبات والعزلة الدولية أو فك الشراكة معهم، وترجيح الحل السلمي على خيار الحسم العسكري الذي يتبناه رجالات البشير على أمل العودة للسلطة ولو على حساب خراب وتفكيك السودان.
ونادى إبراهيم قائد الجيش بالإذعان لصوت العقل، والعودة إلى طاولة التفاوض لوضع نهاية للحرب، وبدأ عملية إصلاح أمني وعسكري واسعة تضمن خروج الجيش من العملية السياسية، مضيفاً بأن الإصرار على الحسم العسكري يهدد بحرب أهلية شاملة، وتفكيك البلاد إلى عدة دويلات.
وفي الصدد، حثَّ إبراهيم، واشنطن بممارسة مزيد من الضغوط على إسرائيل، من خلال لعب كرت العقوبات على إسلاميي السودان، لمنعها من تزويد قوات الدعم السريع بالسلاح المتطور.
مراجعات لازمةيرى القيادي الإسلامي الشاب، مجاهد كمال الدين، إن قادة الإسلاميين لم يستفيدوا من درس حقبة البشير، ويعملون على طلب السلطة بذات الوسائل القديمة التي باعدت بينهم وبين غمار الناس (حد تعبيره).
وقال كمال الدين لـ(التغيير)، إن الإسلاميين وعوضاً عن العكوف على مراجعة تجربة الثلاثة عقود، واستخلاص العبر منها، بما في ذلك وسائل الحصول على السلطة، وعلاقتهم بالدولة ومؤسساتها؛ تعمدوا الزج بأنفسهم في معترك السياسة باستخدام ذات الوسائل القديمة وعلى رأسها دعم العسكريين، وبان ذلك في تأييدهم لتحركات البرهان في 25 أكتوبر 2021، ودعم حربه ضد الدعم السريع بعد 15 أبريل 2023، زد على ذلك تورطهم المستمر في إثارة القلاقل بما فيها التهديد بالحرب، والتمسك بقياداتهم المتورطة في انتهاكات جنائية ومالية خطيرة.
ونوه إلى أن استمرار قادتهم في اختطاف التنظيم، يهدد بإنزواء مزيد من القادة والنشطاء الفاعلين، وصولاً لحدوث تصدعات وانشقاقات غير قابلة للتدارك في صفوف الحركة الإسلامية.
مزيد من العقوباتمن المرجح أن تواصل الإدارة الأمريكية تقليم أظافر قادة النظام المعزول، لكن من مصلحة الجميع حالياً ومستقبلاً أن يحدث ذلك بعد قطع البرهان صلاته البتة بالتنظيم المحلول، خشية أن تؤدي علاقة الطرفين لمعاقبة البرهان نفسه، ومن ثم تنداح لجميع السودانيين، أسوة بالبشير الذي وضع السودان برمته في إسار العزلة الدولية، ليس لشيء إلا لخدمة أجنداته الشخصية وأجندات جماعته التي استولت على السلطة بقوة السلاح.
الوسومالعقوبات الأمريكية النظام البائد حركة حماس عبد الباسط حمزة قطاع غزة وزارة الخزانة الامريكيةالمصدر: صحيفة التغيير السودانية
كلمات دلالية: العقوبات الأمريكية النظام البائد حركة حماس قطاع غزة وزارة الخزانة الامريكية مزید من
إقرأ أيضاً:
محللون: العقوبات البريطانية رسالة لا تقتصر على سموتريتش وبن غفير
القدس المحتلة- أعلنت 5 دول غربية هي بريطانيا ونيوزيلندا والنرويج وأستراليا وكندا، فرض عقوبات على وزيريْن إسرائيليين بارزين هما وزير المالية بتسلئيل سموتريتش ووزير الأمن القومي إيتمار بن غفير، على خلفية تحريضهما المتكرر على العنف ضد الفلسطينيين.
وشملت العقوبات فرض حظر سفر على الوزيرين وتجميد أصولهما. وأوضح البيان المشترك الصادر عن وزراء خارجية الدول الخمس أن سموتريتش وبن غفير "حرّضا على العنف المتطرف، وارتكبا انتهاكات خطيرة بحق الفلسطينيين"، معتبرين أن هذه التصرفات "غير مقبولة، وتستوجب محاسبة المسؤولين عنها".
وتُشابه هذه العقوبات تلك التي فرضت في وقت سابق على شخصيات روسية بارزة متورطة في الحرب على أوكرانيا، وتشمل منع الوزيرين الإسرائيلييْن من دخول بريطانيا ومنع المؤسسات المالية البريطانية من التعامل معهما.
ويأتي هذا التصعيد على خلفية مواقف وتصريحات متطرفة صدرت عن الوزيرين؛ فقد دعا سموتريتش إلى توسيع المستوطنات في الضفة الغربية، ورفض إدخال المساعدات الإنسانية إلى غزة.
وقال إنه "لن يسمح بدخول حتى حبة قمح واحدة". كما صرّح الشهر الماضي بأن "غزة ستُدمَّر بالكامل" وأن الفلسطينيين "سيغادرون بأعداد كبيرة إلى دول أخرى".
إعلانأما بن غفير، فدعا علنا إلى استبدال المسجد الأقصى بكنيس يهودي، وطرد الفلسطينيين من غزة، واصفا استئناف إدخال المساعدات إلى القطاع بأنه "خطأ جسيم". وقال "لا حاجة لإدخال المساعدات إلى غزة. لديهم ما يكفي"، مؤكدا دعمه لما سماه "تشجيع الهجرة الطوعية لسكان غزة".
خطوة غير مسبوقةواعتبر مراقبون في إسرائيل أن هذا القرار يمثل خطوة غير مسبوقة من قبل دول حليفة، مما أثار تساؤلات حول مدى قدرة هذه الخطوة على ممارسة ضغط فعلي على حكومة نتنياهو. كما جرى الحديث عن التأثير المحتمل لهذه العقوبات على العلاقات المستقبلية بين إسرائيل والدول الأوروبية.
ونقلت القناة (12) الإسرائيلية عن مصادر مقربة من سموتريتش تهديده باتخاذ "خطوات حاسمة" ردا على القرار، من بينها وقف آلية التعويض للبنوك المراسلة ووقف تحويل أموال المقاصة إلى السلطة الفلسطينية، مما قد يؤدي، بحسب تلك المصادر، إلى "انهيار فوري للسلطة الفلسطينية واقتصادها ومنظومتها المصرفية".
وفي تعليق لافت على العقوبات، قالت مصادر دبلوماسية إسرائيلية لصحيفة "يسرائيل هيوم": "انتهى الزمن الذي نطعم فيه اليد التي تعُضنا"، معتبرة أن على الدول الغربية أن تفهم تبعات قراراتها جيدا، في ظل تصاعد التوتر بين الحكومة الإسرائيلية وحلفائها الغربيين بسبب سياساتها في الأراضي الفلسطينية.
وهناك من يرى من المحللين أن فرض العقوبات الغربية الأخيرة على وزيري المالية والأمن القومي في إسرائيل، لا يستهدف الحكومة الإسرائيلية كمؤسسة، بل يبرز تمييزا متعمدا بين الوزراء المتطرفين والمجتمع الإسرائيلي ككل.
هذا التمييز، بحسب التحليلات الإسرائيلية يتيح للدول الغربية التحرك ضد التحريض الواضح على العنف، مع الحفاظ على قنوات التواصل مع المواطنين الإسرائيليين ومعارضة السياسة الحكومية المتطرفة.
مراجعة اتفاقية الشراكةتقول ليزا روزوفسكي، مراسلة الشؤون الخارجية والأوروبية في صحيفة "هآرتس" ليست صدفة أن تركز العقوبات على تصريحات بن غفير وسموتريتش لا على أفعالهما المباشرة. فالتصريحات تمكّن من التحرك الدبلوماسي بسهولة، دون الحاجة إلى أدلة قانونية معقدة كما في حال جرائم الحرب".
إعلانوعلى الرغم من أن هذه العقوبات محددة، تضيف روزوفسكي "بيد أنها تأتي عقب توجه الاتحاد الأوروبي، الذي بدأ بمراجعة اتفاقية الشراكة مع إسرائيل، وقد ألمح قادته إلى أن ما يجري في غزة والتصريحات الرسمية الإسرائيلية ستؤثر على نتائج المراجعة".
وأوضحت أن إسرائيل التي ترد بغضب على قرار بريطانيا فرض عقوبات على الوزيرين، وتزعم أن نتائج المراجعة "مكتوبة مسبقا"، تتجاهل أن القانون الدولي يحظر بوضوح استهداف المدنيين وتجويعهم وتهجيرهم، وهو ما توثقه الصور والتقارير القادمة من غزة.
وتعتقد أن التركيز الغربي على الشخصيات لا يعفي الحكومة من المسؤولية، لكنه يمهد لتدفيع الثمن تدريجيا دون قطع كامل للعلاقات. وتضيف روزوفسكي " الرسالة واضحة، التحريض له ثمن، والتواصل سيبقى مع الشعب، لا مع حكومة تمضي في مسار يهدد أمن إسرائيل ومكانتها الدولية".
مؤشر لعمق الأزمةالطرح ذاته استعرضته مراسلة الشؤون الخارجية في القناة 12 الإسرائيلية كيرن بتسلئيل، التي أشارت إلى أن قرار فرض العقوبات على الوزيرين سموتريتش وبن غفير، رغم اقتصاره عليهما، يعكس عمق الأزمة المتزايدة بين بريطانيا وحكومة نتنياهو.
ومما يعزز عمق الأزمة، تقول بتسلئيل "قبل نحو شهر، أعلنت بريطانيا تعليق مفاوضاتها مع إسرائيل بشأن اتفاقية تجارية جديدة، ورغم أن الاتفاقيات القائمة لم تلغَ، فإن الأجواء الحالية لا تبشر بأي تقدم في العلاقات الاقتصادية".
وأضافت بتسلئيل أن هذا التجميد البريطاني يأتي في وقت تواصل فيه حكومة رئيس الوزراء كير ستارمر توقيع اتفاقيات تجارية مع دول كبرى مثل الهند، الولايات المتحدة، والاتحاد الأوروبي، مما يعزز الانطباع بأن إسرائيل تعامل الآن بشكل استثنائي نتيجة لسلوك حكومتها في الحرب الجارية على غزة.
وأوضحت أن الموقف البريطاني الرسمي يعكس عمق الاستياء من النهج الإسرائيلي، وهو ما عبر عنه ستارمر نفسه بوضوح حين قال "أشعر بالصدمة والرعب من العمليات العسكرية الإسرائيلية في غزة". مما يعني أن بريطانيا لا يمكنها الاستمرار في التعامل مع حكومة نتنياهو كما لو أن الأمور طبيعية، في ظل الحرب على الفلسطينيين.
إعلان
دلالات سياسية واضحة
من جانبه، يقول الباحث في "مركز أبحاث الأمن القومي" بجامعة تل أبيب عزرائيل برامنت، إن العلاقات بين إسرائيل وبريطانيا شهدت تدهورا متسارعا منذ السابع من أكتوبر/تشرين الأول 2023، مع اندلاع الحرب في قطاع غزة.
وأشار برامنت إلى أن العقوبات الفردية التي فرضتها بريطانيا على وزراء إسرائيليين لا تستهدف أشخاصا بعينهم فحسب، بل تحمل رسائل سياسية أوسع إلى مجمل الطبقة الحاكمة في إسرائيل.
وفي تقدير موقف بعنوان "العلاقات البريطانية الإسرائيلية: وقف التدهور"، استعرض برامنت مسار العلاقات بين البلدين منذ بداية الحرب.
وأوضح أن بريطانيا كانت لعقود أحد أقرب الحلفاء الأوروبيين لإسرائيل، وقدمت دعما واضحا لحكومة نتنياهو عقب هجمات 7 أكتوبر، مؤكدة على "حق إسرائيل في الدفاع عن نفسها" أمام حركة حماس.
ولفت إلى أن بريطانيا شاركت بشكل فاعل في جهود اعتراض الهجوم الإيراني بالصواريخ والطائرات المسيرة في 13 أبريل/نيسان 2024، إلى جانب إسرائيل وحلفاء آخرين.
لكن هذا الدعم، يقول الباحث الإسرائيلي "بدأ يتآكل تدريجيا مع استمرار الحرب، وتزايد القلق البريطاني من سلوك إسرائيل، خصوصا فيما يتعلق بمنع دخول المساعدات الإنسانية إلى غزة".
ووفقا لبرامنت، فإن بريطانيا تدرس بجدية خطوات أكثر حدة، مثل "فرض حظر على مبيعات الأسلحة لإسرائيل، وإعادة النظر في الاتفاقيات التجارية القائمة معها".
ورغم أن مثل هذا الحظر، إن فرض، قد يكون رمزيا من الناحية العملية، فإنه "سيحمل دلالات سياسية واضحة تعكس تحفظات لندن على سياسات إسرائيل في الحرب" وفق الباحث.
وأكد برامنت أن أي خطوة من هذا النوع ستضع حكومة إسرائيل أمام ضرورة تقييم ردها بعناية، تفاديا لإلحاق ضرر طويل الأمد بالعلاقة مع أحد أهم شركائها الأوروبيين.