البوابة نيوز:
2025-11-10@21:05:13 GMT

الديمقراطية ومفهوم الإرادة العامة

تاريخ النشر: 14th, November 2023 GMT

وفقًا لمفهوم «الإرادة العامة» فإن الشعب هو مصدر تلك الإرادة الصادرة عن الشعور بالاشتراك في حياة اجتماعية واقتصادية وسياسية واحدة. معنى ذلك إن «الإرادة العامة» هي المظهر الوحيد للسيادة التي لا تكون سوى للشعب. لقد نال مفهوم «الإرادة العامة» قدرًا كبيرًا من اهتمام «جان جاك روسو»؛ الفيلسوف الفرنسي الذى برز في عصر التّنوير، وكانت أفكاره ونظريّاته في التعليم والدين مؤثّرة ومثيرة للجدل، وقد كانت لجان جاك روسو مساهمات فيما يتعلق بمفهوم «الإرادة العامة».

صحيح أنه لم يخترع هذا المفهوم؛ لكنه صنع تاريخه من خلال اعطائه مكان مركزي في فلسفته السياسية والأخلاقية؛ لقد أكد روسو أن «الإرادة العامة» دائمًا ما تكون على حق، إنها تنبثق من إرادة الفرد بوصفه مواطنًا عندما يفكر في الصالح العام، وليست الإرادة الخاصة التي تقودنا إلى الأنانية وحب الذات؛ بل تهدف إلى تحقيق السعادة العامة.

لقد ذهب روسو إلى أن تشريع القوانين يأتي وفقًا للمصالح العامة التي تنبعث من الشعب، أما القرارات التي تصدر عن بعض الدوائر الحكومية، فلا تعدو كونها وسيلة من وسائل تطبيق الأوامر التي يصدرها الشعب صاحب الحق في سن القوانين. وبهذه «الإرادة العامة» يستطيع الشعب أن يحمي نفسه من أطماع الإرادات الخاصة، من خلال الخضوع للقوانين التي تجسد حرية المواطن. فالقوانين الشرعية وحدها التي تعبر عن «الإرادة العامة»، وهى تمثل الشعب، إذ يصبح الشعب صاحب السيادة. ويرتبط هذا الفهم ارتباطًا وثيقًا بحق الشعب بوصفه تعبيرًا عن أغلبية اجتماعية متجانسة يتخذ مظهرًا ديمقراطيًا يقوم على المصالح المشتركة والمعايير الأخلاقية. إن إرادة الشعب تعلو على كل المعايير الأخرى، وهذه الإرادة هي فوق معايير المؤسسات التقليدية وتسمو فوق كافة المؤسسات المستقلة، وتتجاوز طموحات الطبقات الأخرى.

وعلى الرغم من أن «الإرادة العامة» تهدف إلى تحقيق الخير المشترك، فإنها تحقق طغيان الأغلبية على حساب الأقلية، وتلغي السياسة التعددية التي تتلخص في تنافس عادل ونزيه بين تصورات للخير العام. ومن ثَمَّ فإن سلطة «الإرادة العامة» هي إجبار الجميع على الانصياع لما تتفق عليه الأغلبية، فما تراه الأغلبية حقًا فهو حَقٌ، وما تراه باطلًا فهو باطلٌ. وبهذا تخلق «الإرادة العامة» نسخ اُحادية متشابهة من المواطنين؛ ولا يمكن أن يتحقق هذا التجانس الشعبي إلا بتحديد من لا ينتمي إلى هذا الشعب ومعاملته معاملة دونية بصفته خائنًا ويجب تصفيته؛ لذلك لا مكان لمن هو خارج الكتلة البشرية المتجانسة. ومن ثمَّ تكون حقوق الأقليات بلا حماية على الإطلاق. فكيف يمكن السيطرة على إرادة الأغلبية حتى لا تفرض استبدادها على الأقليات؟ من يمكنه القيام بذلك؟!. «ليس هناك خطر على الإنسانية أكبر من هؤلاء الذين يدعون أنهم أهل الصلاح والعدل، فى حين أنهم أبعد ما يكونون عن التحلي بالأخلاق الفاضلة» كما أكد نيتشه.

   اعتقد البعض أن «الإرادة العامة» تُؤسس على سياسة الفطرة السليمة للبشر، وفقًا للأولويات الصادقة والمنطقية للأشخاص العاديين، ويرون أن الحس العام، أى القدرة الفطرية القادرة على التمييز بين الصواب والخطأ، يعني أن «الإرادة العامة» محددة مسبقًا. وأن أي شخص يعارض الفطرة السليمة هو جزء من النخب الفاسدة. إن هذا التصور يقوم على تحديد العدو المشترك. وبناءً على ذلك ستُستخدم «الإرادة العامة» من منطق خطابي وليس أيديولوجيًا ولا حزبيًّا يمكن من ذلك صوغ موضوع ذى هوية قوية، وهي هوية «الشعب». إن فكرة احتكار تمثيل الشعب، وإقصاء الخصم، قد يؤدي إلى الانزلاق إلى الفاشية.

المصدر: البوابة نيوز

كلمات دلالية: جان جاك روسو

إقرأ أيضاً:

 بايدن يوجه انتقاداً لاذعاً لـ«ترامب» وحاشيته: لا ملوك في الديمقراطية!

تشهد أمريكا توترات متصاعدة بين الرئيس السابق جو بايدن وخصمه دونالد ترامب، في سياق مواجهة جديدة تحمل رسائل قوية حول الديمقراطية والسلطة السياسية في الولايات المتحدة.

وفي تصريح ناري ألقاه خلال حفل استقبال نظمته الحزب الديمقراطي في ولاية نبراسكا، وجه الرئيس الأمريكي السابق جو بايدن انتقادًا حادًا لمنافسه السابق، الرئيس دونالد ترامب، وحاشيته من الحزب الجمهوري.

وقال بايدن أمام الحضور: “رسالتي إلى ترامب وحاشيته: أنتم تعلمون أن لدينا ديمقراطية هنا، والحقيقة أنه في النظام الديمقراطي لا يوجد ملوك. لا يوجد. لا يوجد”.

وأضاف بايدن، الذي لم يتردد في استخدام كلمات قاسية في مواجهة ما يعتبره تهديدًا لمبادئ الديمقراطية: “إنكم بتصرفاتكم هذه تُلطخون سمعة بلادنا بالعار”.

ويأتي هذا التصريح في وقت حساس، حيث تواصل التوترات السياسية بين الحزبين الديمقراطي والجمهوري تصعيدها، ويتزايد الحديث عن مستقبل الانتخابات الرئاسية المقبلة.

ديمقراطية تحت التهديد؟

تعتبر هذه التصريحات استمرارًا لسلسلة من المناوشات السياسية بين بايدن وترامب، وهو ما يعكس التوترات المتزايدة بين القيادة السياسية الحالية في الولايات المتحدة ومن سبقها.

وفي السنوات الأخيرة، شنت إدارة ترامب حملة واسعة النطاق لإعادة صياغة طريقة ممارسة السلطة في الولايات المتحدة، ما أدى إلى تفاقم الانقسامات الحزبية والاتهامات المتبادلة بين الديمقراطيين والجمهوريين.

وجاءت تصريحات بايدن جاءت في وقت يشهد فيه الحزب الديمقراطي تنافسًا داخليًا بين المترشحين، حيث يبدو أن بايدن سيواجه تحديات كبيرة في حال قرر الترشح للانتخابات الرئاسية مجددًا في 2028، خاصة مع التراجع النسبي في شعبيته بسبب الانتقادات المستمرة لقدرته الإدراكية.

بايدن والانتخابات المقبلة: هل يستطيع العودة؟

في سياق متصل، كان بايدن قد قرر في البداية عدم الترشح في الانتخابات الرئاسية التي كانت قد جرت في عام 2024، بعد أداء غير جيد في المناظرات مع ترامب، والتي أسفرت عن فوز الأخير، لكن لاحقًا انسحب بايدن لصالح نائبته كامالا هاريس، التي قامت بالترشح في السباق الرئاسي، وتمكنت من الفوز في الانتخابات.

أما الآن، وبعد أن أتمّ بايدن ولايته الأولى، فإنه يملك الفرصة القانونية للترشح مرة أخرى في انتخابات 2028،وبالرغم من تقدمه في السن، حيث أصبح أكبر رئيس سنا في تاريخ الولايات المتحدة، إلا أن بايدن لا يزال يحتفظ بالحق في العودة إلى البيت الأبيض في حال فاز في الانتخابات المقبلة.

لكن هذا الحق يظل موضع جدل داخل أروقة الحزب الديمقراطي، حيث توجد مخاوف بشأن قدراته الجسدية والذهنية، خاصة بعد عدة حالات تعرض فيها لانتقادات بسبب الهفوات في خطاباته العامة وسوء صياغة بعض أفكاره، وهو ما استغله الجمهوريون لصب المزيد من الشكوك حول قدرته على القيادة بفعالية.

التوترات بين الديمقراطيين والجمهوريين: منافسة لا تنتهي

إضافة إلى ذلك، لا تقتصر التوترات على تصريحات بايدن ضد ترامب، بل تتعداها إلى صراع طويل الأمد بين الحزبين بشأن قضايا أساسية، مثل السياسات الخارجية، والتعامل مع الأزمة الأوكرانية، والأزمة الاقتصادية الداخلية، بالإضافة إلى التشريعات المتعلقة بحقوق الإنسان والمساواة.

ويتخذ الجمهوريون مواقف صارمة ضد سياسات بايدن الداخلية والخارجية، ويعزون العديد من المشاكل إلى طريقة إدارته في ما يتعلق بالاقتصاد والسياسة الخارجية، بما في ذلك تعامله مع الحرب في أوكرانيا، التي يعتبرها البعض نتيجة للضغط الأمريكي المفرط على روسيا، من جهته، يواصل بايدن تعزيز سياسته الخارجية ويظهر بشكل مستمر التزامه بالقيم الديمقراطية رغم الضغوط الداخلية والخارجية.

ما هو القادم؟

تستمر الأعين على الولايات المتحدة في انتظار ما ستؤول إليه الأحداث، حيث يبدو أن الانتخابات المقبلة في 2028 ستكون حافلة بالمفاجآت السياسية، في حين أن ترامب يواصل تعزيز مكانته في الساحة السياسية بصفته الزعيم الفعلي للجمهوريين، يبقى بايدن مصدرًا رئيسيًا للجدل في الداخل، ويبدو أن كل خطوة يتخذها ستحدد مصير الحزب الديمقراطي في المستقبل القريب.

مقالات مشابهة

  • وزير الصدر: الزموا منازلكم غداً وكونوا متأهبين لأي توجيه ولا تعرقلوا العملية الديمقراطية
  • «الاستثمار الأميركي» يستحوذ على حصة الأغلبية في أتلتيكو مدريد
  • فعالية وافتتاح معرض صور الشهداء في الدريهمي
  • برلماني: الديمقراطية تُبنى بالمشاركة فى الانتخابات البرلمانية
  • الإرادة في الإسلام.. عبادة تُرضي الله وترتقي بالإنسان
  • أوسيم يكتسح بهتيم بعشرة أهداف ويتوج بكأس السوبر للقدرة الرياضية
  • زعيم الأغلبية بالشيوخ الأمريكي: إشارات إيجابية لإنهاء الإغلاق الحكومي المستمر منذ 40 يومًا
  • "الهندسة السياسية في الشرق والهندسة الديمقراطية في الغرب"
  • تونس.. بيان من أجل الديمقراطية للاستئناف
  •  بايدن يوجه انتقاداً لاذعاً لـ«ترامب» وحاشيته: لا ملوك في الديمقراطية!