لماذا تخشى أسواق الطاقة العالمية توسع حرب غزة؟
تاريخ النشر: 22nd, November 2023 GMT
تراقب أسواق الطاقة العالمية عن كثب مجريات الحرب الراهنة في منطقة الشرق الأوسط بين إسرائيل والفلسطينيين، والتي من المُرجح أن تستمر لأسابيع طويلة، وهذا ما يجعل من الصعوبة بمكان التنبؤ بدقة بأبعادها وتبعاتها على المنطقة والعالم. ومع اندلاع الحرب في 7 أكتوبر 2023، أُثيرت مخاوف جدية حول احتمالية تصاعد الحرب واتساع نطاقها الإقليمي على نحو قد يفضي إلى تعطل إمدادات النفط والغاز القادمة من الشرق الأوسط.
تفسير الصدمات:
على هامش هذا التحليل، من المفيد الإجابة عن تساؤل رئيسي هو لماذا تحدث صدمات أسعار الطاقة في العالم؟ وهنا استعرض عدداً محدوداً من الأدبيات العلمية للصدمات التاريخية لأسواق الطاقة العالمية وخاصة النفط، مع تحديد أنماطها، وتفسير أسبابها. إذ استخدمت بعض الدراسات نموذجاً يرتكز على ثلاثة متغيرات لتفسير صدمات الطاقة في العالم، وهي: إنتاج النفط، والنشاط الاقتصادي الحقيقي (باستخدام مؤشر دورة الأعمال)، وأسعار النفط. وهذه متغيرات حاكمة في التأثير في استقرار أسواق الطاقة العالمية كافة بنهاية المطاف.
وقد ميزت الأدبيات بين نمطين رئيسيين لصدمات الطاقة وهما، أولاً: صدمة الإمدادات، وترتبط في المقام الأول بالتغير الجذري في مستوى الإنتاج العالمي من النفط أو الغاز الطبيعي، وهي ناتجة، كما يُظهر التاريخ، عن صراعات جيوسياسية حادة في مناطق الإنتاج الرئيسية أو تحولات سياسية جذرية على الساحة الدولية.
وكمثال حديث على ذلك، أدى نشوب الحرب الروسية الأوكرانية في فبراير 2022، إلى انقطاع معظم تدفقات الغاز الروسي إلى أوروبا، وصاحب ذلك ارتفاع في أسعار الغاز الأوروبي في نفس العام بنسبة 148% مقارنة بعام 2021. وكشاهد تاريخي آخر على ذلك، تسببت حرب الخليج الأولى في عام 1990 في أكبر زيادة تاريخية في أسعار النفط بنسبة قاربت 53% خلال فترة ثلاثة أشهر (أغسطس إلى أكتوبر 1990).
ثانياً: صدمة الطلب، وتنصرف إلى التغير الحاد في الاستهلاك العالمي للطاقة بتأثير من دورات الاقتصاد العالمي (النمو السريع أو الركود الحاد). وخير مثال على ذلك، الأزمة المالية العالمية في عام 2008، والتي أدت إلى انكماش واسع للنشاط الاقتصادي العالمي، وانخفاض أسعار النفط الخام بنسبة 102% مقارنة بمستوياته ما قبل تلك الأزمة.
وقد تحدث صدمات الطاقة عندما يشهد الطلب على النفط أو الغاز نمواً قوياً في مواجهة مرونة منخفضة للمعروض، أو يكون هناك قدر وافر من الإمدادات يقابله ركود في الطلب. وهذا ما حدث أثناء جائحة “كورونا”، عندما تدهورت أسعار النفط بشدة مع انخفاض الاستهلاك جراء الإغلاق الاقتصادي العالمي. وبالتالي، يمكن القول إن ديناميكية العرض أو الطلب تحدد مسار صدمة أسعار الطاقة، وليس جانباً واحداً من تلك الديناميكية.
تقلبات السوق:
تسببت الحرب المستمرة حتى الآن في قطاع غزة، في تصاعد القلق العالمي بشأن إمكانية تأثر إنتاج الشرق الأوسط من النفط والغاز وبالتالي اضطراب أسواق الطاقة العالمية. وأضاف هذا التطور الجديد مخاطر جيوسياسية (risk premium) في تسعير خامي النفط والغاز العالميين. فبعد اندلاع هذه الحرب، وصلت أسعار العقود الآجلة لخام برنت ذروتها عند 92 دولاراً للبرميل في 18 أكتوبر الماضي، أي بزيادة تفوق 7 دولارات عن مستويات ما قبلها.
ونفس الأمر بالنسبة لسوق الغاز، فقد ارتفعت الأسعار الفورية للغاز الطبيعي المُسال في آسيا بنسبة تجاوزت 48% لتصل إلى حوالي 19 دولاراً لكل مليون وحدة حرارية بريطانية في 18 أكتوبر الماضي، وذلك مقارنة بـ12.8 دولار لكل مليون وحدة حرارية بريطانية في جلسة 6 أكتوبر الماضي.
لكن سرعان ما تراجعت أسعار النفط والغاز الطبيعي إلى مستويات ما قبل الصراع تقريباً مع نهاية شهر أكتوبر الماضي. ويبدو من المنطقي حدوث هذا الارتداد السريع بالنظر إلى انحسار المخاوف العالمية من امتداد الصراع إلى المنطقة بأكملها، وتلاشي التحذيرات من وجود تهديدات حقيقية أمام بيع ونقل إمدادات النفط والغاز الطبيعي في المنطقة.
وبنهاية الأسبوع الأول من شهر نوفمبر الجاري، تراجعت أسعار النفط إلى مستوى أدنى من 82 دولاراً للبرميل، وجاء ذلك أيضاً بفضل مخاوف تباطؤ الطلب العالمي من الخام، وضعف نمو الاقتصاد العالمي. بينما جرى تداول الأسعار الفورية للغاز الطبيعي المُسال في شمال شرق آسيا عند 15.7 دولار لكل مليون وحدة حرارية بريطانية، وتقل في منطقة جنوب غرب أوروبا إلى 13.2 دولار لكل مليون وحدة حرارية، إذ تبدو أوروبا أكثر استعداداً لفصل الشتاء مع ملء مرافق تخزين الغاز بنسبة وصلت إلى 98.7% في 24 أكتوبر الماضي.
مسار التصعيد:
يبدو سيناريو حدوث صدمة جديدة في أسواق الطاقة العالمية غير مرجح إلى حد كبير، وسط وفرة الإمدادات العالمية من النفط والغاز الطبيعي واستقرار الإمدادات من الشرق الأوسط حتى الآن. ومع ذلك، فإن الحرب الراهنة سوف تكرس مخاوف مستمرة لدى صُناع القرار بشأن تراجع المعروض من إمدادات الطاقة، واحتمالية حدوث اضطرابات في أسواق النفط والغاز.
ورجح البعض أن الإدارة الأمريكية قد تتجه إلى تضييق الخناق أكثر على تصدير النفط الإيراني، مع انتشار مزاعم حول تورط طهران في مساعدة حركة حماس عسكرياً قبل الحرب الحالية. وسوف يوقف أي إجراء عقابي أمريكي جديد نمو مبيعات النفط الإيراني التي وصلت ذروتها عند 1.5 مليون برميل يومياً في شهر أغسطس الماضي، وهو أعلى مستوياتها خلال خمس سنوات.
ومن منظور أوسع، إذا تصاعد الصراع الراهن واتسع نطاقه في الشرق الأوسط، فسيؤدي إلى تزايد عدم اليقين وكذلك التقلبات في أسواق الطاقة العالمية. وربما يؤدي تورط أطراف إقليمية وفواعل مسلحة أخرى في تلك الحرب إلى إلحاق أضرار مباشرة بالبنية التحتية لإنتاج ونقل النفط والغاز الطبيعي في المنطقة، ما يتبعه حتماً اضطراب واسع في أسواق الطاقة العالمية.
وفي ضوء تلك المخاوف، وضع البنك الدولي ثلاثة سيناريوهات رئيسية حول تعطل إمدادات النفط جراء حرب غزة وما سيصاحبها من ارتفاع أسعار الخام. ويفترض البنك الدولي أن الإمدادات قد تنخفض نحو نصف مليون برميل في أدنى السيناريوهات وتصل في أقصاها إلى 8 ملايين برميل يومياً، وسيصاحب ذلك زيادة أسعار النفط لما يتراوح بين 93 دولاراً عند أقل نقطة، و157 دولاراً للبرميل في سيناريو “التعطل الكبير”.
ولا ينفصل خطر التصعيد بالشرق الأوسط عن مجريات أسواق الغاز العالمية خاصة في أوروبا. وفي الواقع، لا يزال سوق الغاز في القارة الأوروبية أكثر حساسية لاضطرابات الإمدادات؛ نظراً لتحولها إلى الاعتماد على شحنات الغاز المُسال الفورية لتعويض نقص الغاز الروسي منذ اندلاع الحرب الأوكرانية. وإذا ما تصاعدت المخاطر في الشرق الأوسط، فهذا قد يعني انخفاض تدفقات الغاز بأسواق الاستهلاك الرئيسية، مما سيقود إلى ارتفاع قياسي في أسعار الغاز الطبيعي ليس في أوروبا فقط، وإنما أيضاً في باقي مناطق العالم.
إذن يمكن القول إن التعقيدات والتشابكات الجيوسياسية لحرب غزة، ستجعل من الصعب الجزم بمسارات أسواق الطاقة في الفترة المقبلة. إذ إن مجريات الحرب الراهنة، وما إذا كانت ستظل محصورة في قطاع غزة أم قد تنتقل إلى دول أخرى في الشرق الأوسط؟ وكيف سترد الأطراف الأخرى في المنطقة على الحرب؟ هي كلها عوامل ستحدد التداعيات المُحتمل أن تتركها تلك الحرب على استقرار أسواق الطاقة العالمية. وفي كل الأحوال، سيترقب منتجو النفط والغاز الطبيعي مجريات الحرب الراهنة وتطورها لتقييم مسارات الاستجابة الممكنة من أجل دعم استقرار أسواق الطاقة. ومن الوارد أن يبقى السحب من المخزونات الاستراتيجية للنفط والغاز الطبيعي أو التحول إلى مصادر أقل جودة بيئياً مثل الفحم؛ خيارات مطروحة على طاولة صُناع القرار في أسواق الاستهلاك للتعامل مع أي طوارئ مُحتملة في الفترة المقبلة.
*نشر أولاً في: “المستقبل للأبحاث والدراسات المتقدمة
لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *
التعليق *
الاسم *
البريد الإلكتروني *
الموقع الإلكتروني
احفظ اسمي، بريدي الإلكتروني، والموقع الإلكتروني في هذا المتصفح لاستخدامها المرة المقبلة في تعليقي.
شاهد أيضاً إغلاق آراء ومواقف
انا لله وانا اليه راجعون ربنا يتقبله ويرحمه...
ان عملية الاحتقان الشعبي و القبلي الذين ينتمون اغلبيتهم الى...
مع احترامي و لكن أي طفل في المرحلة الابتدائية سيعرف أن قانتا...
مشاء الله تبارك الله دائمآ مبدع الكاتب والمؤلف يوسف الضباعي...
الله لا فتح على الحرب ومن كان السبب ...... وا نشكر الكتب وا...
المصدر: يمن مونيتور
كلمات دلالية: أسواق الطاقة العالمیة النفط والغاز الطبیعی فی أسواق الطاقة اختطاف السفینة الحرب الراهنة الغاز الطبیعی أکتوبر الماضی الشرق الأوسط أسعار النفط حرب غزة من الم
إقرأ أيضاً:
زيلينسكي يتهم موسكو بالسعي لزرع الفوضى من خلال ضربات على منشآت الطاقة
عواصم " وكالات": اتّهم الرئيس الأوكراني فولوديمير زيلينسكي روسيا بالسعي إلى "زرع الفوضى" في أوكرانيا من خلال تكثيف ضرباتها في الفترة الأخيرة على منشآت الطاقة والسكك الحديد في البلاد.
قال أوليه كيبر حاكم منطقة أوديسا جنوب أوكرانيا اليوم الخميس إن هجوما روسيا بطائرات مسيرة أثناء الليل أسفر عن إصابة خمسة أشخاص وألحق أضرارا بميناء وببنية تحتية للطاقة.
وأضاف كيبر عبر تطبيق تيليجرام أن الهجوم تسبب في انقطاع الكهرباء عن 30 ألف مستهلك واشتعال النيران في حاويات بها زيوت نباتية وحبيبات خشب داخل الميناء.
وفي الأسابيع الأخيرة، كثّفت روسيا هجماتها على منشآت الكهرباء والغاز والسكك الحديد في عدّة مناطق أوكرانية مع بدء انخفاض درجات الحرارة، في ظلّ مخاوف من تصاعد القصف الروسي مع حلول الشتاء كما حصل في السنوات الماضية، ما حرم ملايين الأوكرانيين من التيّار والتدفئة.
وقال زيلينسكي خلال حديث مع وسائل إعلام اليوم الخميس إن "هدف روسيا هو زرع الفوضى وممارسة ضغوط نفسية على السكان من خلال ضرب منشآت الطاقة والسكك الحديد".
وأشار إلى أن "الهجمات الروسية تطرح ضغطا قويا" على قطاع الغاز في أوكرانيا، ما قد يدفع كييف إلى زيادة وارداتها.
والشتاء الماضي، أدّى القصف الروسي إلى تراجع الإنتاج الوطني للغاز في أوكرانيا بالنصف.
وأكّد زيلينسكي أنه يرى "النتائج الإيجابية" لحملة الضربات الأوكرانية على المصافي الروسية التي تسبّبت في ارتفاع أسعار الوقود في روسيا منذ الصيف.
واستهدفت أوكرانيا أخيرا محطة للكهرباء في منطقة بيلغورود الروسية الحدودية، متسبّبة في انقطاع التيّار.
وفي خطوة جديدة، صوت البرلمان الأوكراني، امس في صالح تمديد فترة ولاية ممثلي السلطات المحلية طوال فترة الأحكام العرفية الحالية.
وأفاد بيان صادر عن البرلمان الأوكراني، المعروف باسم فيرخوفنا رادا، بأن القرار حظي بدعم أغلبية واضحة تبلغ ثلثي أعضاء البرلمان.
وبناء عليه، سيستمر رؤساء البلديات وأعضاء مجالس المدن والمجالس المحلية والبرلمانات الإقليمية في مناصبهم إلى أن يتم إجراء الانتخابات بعد انتهاء الحرب مع روسيا.
ووفقا للدستور، كان من المفترض أن تجرى الانتخابات المحلية في أوكرانيا في 26 أكتوبر، بعد خمس سنوات من الانتخابات المحلية التي جرت عام.2020 ويشمل ذلك أيضا منصب عمدة كييف، الذي يشغله فيتالي كليتشكو منذ عام 2014.
لكن بعد نشوب الحرب الروسية في اوكرانيا، تم فرض الأحكام العرفية في أوكرانيا، مما جعل من المستحيل إجراء الانتخابات.
ونتيجة لذلك، تم إلغاء الانتخابات البرلمانية الاعتيادية المقررة في أكتوبر 2023 والانتخابات الرئاسية المقررة في مارس 2024، ولطالما شككت روسيا في شرعية الرئيس فولوديمير زيلينسكي، استنادا إلى إلغاء الانتخابات.
وفي سياق آخر، قال الرئيس الأوكراني "في ما يخصّ ضرباتنا في العمق الروسي... فلها نتائج إيجابية"، مشيرا إلى "نقص في الوقود بنسبة 20 % من الحاجات" في روسيا.
وأشاد زيلينسكي مجدّدا بالهجوم المضاد الذي شنّته قوّاته ردّا على تقدّم كبير للجيش الروسي هذا الصيف بالقرب من دوبروبيليا، معتبرا أن هذه العملية "أفشلت الحملة الهجومية الروسية الصيفية".
وفي نهاية الأسبوع الماضي، أدّت ضربات روسية إلى انقطاع الكهرباء في عدّة مناطق أوكرانية وأصابت عربتي قطار في محطّة في شمال البلاد، مسفرة عن سقوط عدّة قتلى.
وتعرّضت روسيا خلال هذا الاسبوع وتحديدا يومي "الإثنين والثلاثاء "إلى هجومين بمسيّرات كانا من أقوى الهجمات الجوية الأوكرانية عليها منذ 2022 استخدم في كلّ منهما أكثر من 200 طائرة مسيّرة.
الى ذلك، قال الرئيس الأوكراني فولوديمير زيلينسكي إن الضربات الأوكرانية بعيدة المدى على منشآت الطاقة الروسية ربما تكون قد خفضت إمدادات البنزين في روسيا بما يصل إلى الخمس، وذلك مع تصاعد الهجمات المتبادلة بين الجانبين على البنية التحتية للطاقة.
ومع تعثر الجهود الدبلوماسية لإنهاء الحرب وما يشبه الجمود على خط الجبهة، ركزت القوات الروسية على تعطيل إنتاج الغاز الأوكراني في حين استهدفت أوكرانيا قدرة روسيا على تكرير النفط.
وأظهرت حسابات أجرتها رويترز في أغسطس أن الهجمات الأوكرانية أدت إلى انخفاض عمليات تكرير النفط الروسي بنحو الخُمس في بعض الأيام. وتُشير تصريحات زيلينسكي إلى استمرار هذا التراجع.
وقال زيلينسكي للصحفيين اليوم الخميس "لا يزال هذا الأمر بحاجة إلى التحقق، لكننا نعتقد أنهم فقدوا ما يصل إلى 20 بالمائة من إمدادات البنزين كنتيجة مباشرة لضرباتنا".
من جانبه، أكد الكرملين أن سوق الوقود المحلي في روسيا يحصل على كل إمداداته بالكامل.
وأشار زيلينسكي إلى أن القوات الأوكرانية استخدمت صواريخ نبتون وفلامنجو المنتجة محليا في الهجمات الماضية في إطار جهود أوكرانيا لتوسيع نطاق صناعة الأسلحة المحلية.
وأضاف أن القوات الروسية نفذت 1550 ضربة استهدفت منشآت مرتبطة بالطاقة في مناطق تشيرنيهيف وسومي وبولتافا في أوكرانيا خلال الشهر الماضي لكنها لم ينجح منها سوى 160 ضربة.
من جانب آخر، نقلت وكالة إنترفاكس للأنباء عن نائب وزير الخارجية الروسي سيرجي ريابكوف قوله اليوم الخميس إنه لا يمكن إعادة تشغيل محطة زابوريجيا للطاقة النووية التي تسيطر عليها روسيا في جنوب أوكرانيا في الوقت الراهن.
ونقلت الوكالة عن ريابكوف قوله إنه لا يمكن التفكير في مثل هذه الخطوة في ظل غياب مصدر طاقة خارجي، مشيرا إلى أن المحطة تعمل حاليا بمولدات احتياطية بعد تدمير خط الطاقة الخارجي جراء القتال.
وفي وقت سابق من اليوم الخميس، نُقل عن شركة روس آتوم النووية الحكومية الروسية أنها تستعد لإعادة تشغيل المحطة.
ترامب يترك الحلفاء في حيرة بشأن فرض عقوبات جديدة على روسيا
من جهة اخرى، قال مسؤول العقوبات بالاتحاد الأوروبي إن العقوبات تلحق ضررا واضحا بالاقتصاد الروسي لكن الرئيس الأمريكي دونالد ترامب يترك الحلفاء في حيرة بشأن ما إذا كان سيفرض مزيدا من العقوبات رغم أن واشنطن طرف في اتفاق مجموعة السبع لتنسيق الخطوات ضد الكرملين.
وفي الأسبوع الماضي، وافقت دول مجموعة السبع، الولايات المتحدة واليابان وكندا وبريطانيا وفرنسا وألمانيا وإيطاليا، على تنسيق العقوبات وتكثيفها ضد موسكو بسبب حربها على أوكرانيا من خلال استهداف الدول التي تشتري النفط الروسي وبالتالي تساعد في التحايل على العقوبات.
ولم تُذكر أسماء تلك الدول، لكن الهند والصين وتركيا، العضو في حلف شمال الأطلسي، ودول أخرى زادت بشكل كبير من مشترياتها للنفط الخام الروسي منذ بدأ الحرب في اوكرانيا قبل ثلاثة سنوات ونصف.
وفرضت الولايات المتحدة رسوما جمركية إضافية 25 بالمئة على الواردات القادمة من الهند في محاولة للضغط على نيودلهي لوقف مشترياتها من النفط الروسي المباع بسعر مخفض، مما رفع إجمالي الرسوم المضادة على السلع الهندية إلى 50 بالمائة.
لكن واشنطن لم تتخذ أي إجراء مماثل تجاه مستوردي النفط الخام الروسي الآخرين. ومن غير الواضح ما إذا كانت واشنطن ستؤيد فرض أي عقوبات جديدة على الكرملين.
وقال مبعوث الاتحاد الأوروبي للعقوبات ديفيد أوسوليفان في مقابلة مع رويترز "يبقى هذا الأمر من أكثر الأمور غير الواضحة في هذا الوضع".
وأضاف "هناك مؤشرات على أنه (ترامب) يفقد صبره مع الرئيس بوتين ... لكن ما إذا كان ذلك سيدفعه إلى اتخاذ قرار بضرورة فرض عقوبات جديدة على روسيا، يبقى سؤالا مفتوحا"، وأشار إلى أن الولايات المتحدة بحاجة إلى اللحاق ببقية دول مجموعة السبع بشأن العقوبات بعد أن ركزت في السابق على جهود إحلال السلام بين روسيا وأوكرانيا.
وعلى سبيل المثال، خفض الاتحاد الأوروبي وبريطانيا وكندا سقف سعر النفط الخام الروسي الذي حددته مجموعة السبع من 60 دولارا إلى 47.60 دولار للبرميل اعتبارا من أوائل سبتمبر ولكن الولايات المتحدة لم تنضم لتلك الخطوة، والتي وصفها أوسوليفان بأنها "مؤسفة".
ويواصل ترامب الضغط من أجل فرض رسوم جمركية على كبار مستوردي النفط الخام الروسي لكن أوسوليفان أشار إلى أن العديد من دول الاتحاد الأوروبي إلى جانب كندا وبريطانيا ترى أن هذه الخطوة "أقل إقناعا"، وتفضل بدلا من ذلك التركيز على الضغط على الموانئ وأسطول الظل الروسي ومصافي النفط، باعتبارها وسائل أكثر فعالية.
وتسعى القوى الغربية إلى الاستفادة من تباطؤ الاقتصاد الروسي من خلال تقليص المزيد من عائدات موسكو التي لا تزال كبيرة من صادرات النفط والغاز.
وقال أوسوليفان إنه يرحب بمزيد من الضغط الأمريكي على سلوفاكيا والمجر، العضوين في الاتحاد الأوروبي، لإنهاء مشترياتهما من النفط والغاز عبر خطوط الأنابيب، وهي مسألة شائكة بالنسبة للاتحاد. وفي الوقت نفسه، يسعى الاتحاد الأوروبي إلى تسريع عملية التخلص التدريجي من وارداته من الغاز الطبيعي المسال الروسي ضمن حزمة العقوبات التاسعة عشرة المقترحة.
وقال أوسوليفان إن العقوبات الغربية على روسيا تؤتي نتائج واضحة. مشيرا إلى أن "جميع مؤشرات الاقتصاد الروسي تُشير إلى تباطؤ".
وأضاف "كل ذلك يعكس حجم الضغط الذي تتعرض له روسيا نتيجة عقوباتنا. ولكنهم، بطبيعة الحال، يبتكرون باستمرار وسائل جديدة للالتفاف على هذه العقوبات، ويبتكرون أفكارا جديدة حول كيفية الالتفاف عليها وعلينا سد هذه الثغرات".
وفي ظل غياب الوضوح بشأن التزام الولايات المتحدة بفرض عقوبات جديدة، ينتهج الاتحاد الأوروبي استراتيجية موازية تستهدف أكبر دولة تدعم روسيا وهي الصين.
وينظر الاتحاد الأوروبي وأوكرانيا وحلفاؤهما إلى الصين باعتبارها حلقة وصل محورية في شبكة موسكو للتهرب من العقوبات، من خلال تسهيل تدفق المعدات العسكرية والإلكترونيات الدقيقة المستخدمة في الطائرات المسيّرة والصواريخ.
وتعثرت جهود التواصل مع بكين إذ تنفي الصين أي علاقة لها بأي شيء سوى "التجارة العادية" مع روسيا بعد ثلاث سنوات من حرب أوكرانيا.