عربي21:
2025-05-17@17:06:07 GMT

ليس خذلانا لغزة بل خيانة

تاريخ النشر: 18th, December 2023 GMT

ما من شك أن الحرب الإسرائيلية على غزة كشفت العديد من نقاط الضعف الاستراتيجية لكيان العدو، بالإضافة إلى الكشف عن حقيقة إمكانية محاصرته اقتصاديا رغم التدخل الغربي والعربي. ويثير مشروع جسر بري لنقل البضائع والاحتياجات الإسرائيلية من الإمارات إلى إسرائيل مرورا بالسعودية والأردن جدلا واسعا في الأوساط العربية على المستوى الشعبي والرسمي.



الجدير بالذكر أننا كنا تحدثنا عن هذا المشروع بشكل مفصل في مقال سابق نُشر على موقع "عربي21" في تموز/ يوليو الماضي، حيث عملنا على توصيف حالة التطبيع الاقتصادية بين الدول العربية وإسرائيل، وذكرنا بنحو مفصل بأنه وعلى الرغم من توتر العلاقات بين الولايات المتحدة وإسرائيل على خلفية قضية التعديلات القضائية آنذاك، إلا أن الولايات المتحدة تنظر إلى مشروع ربط الدول العربية بإسرائيل بريا من منظور استراتيجي، أي أن هذا المشروع يصب في صالح إسرائيل بغض النظر عن الحكومة أو الإدارة التي تحكم الكيان الصهيوني، كما أن مثل هذا المشروع لن يكلف الولايات المتحدة تكاليف اقتصادية ولن يجبرها على تقديم تنازلات سياسية وأمنية للسعودية مقابل التطبيع؛ لأن التطبيع في هذه الحالة يأتي عبر الاقتصاد وحسب.

وبعد مرور أشهر على طرح هذا المشروع، تحدثت صحيفة "واللا" الإسرائيلية عن وصول الدفعة الأولى من الشحنات التجارية المحملة بالمواد الغذائية الطازجة من دبي إلى الاحتلال الإسرائيلي عبر الجسر البري الذي يقطع مسافة ألفي كيلومتر ويستغرق يومين مرورا بالسعودية والأردن. وبالطبع لا بد من تحليل الظرف الزماني الذي يتم فيه تفعيل هذا الجسر البري، إذ إن هذا المشروع في الوقت الحالي يهدف إلى استبدال الممر البحري عبر البحر الأحمر وباب المندب بسبب استهداف الحوثيين للسفن المتوجهة للموانئ الإسرائيلية التي تمر عبر هذا الممر.

في الحقيقة تكشف قصة الجسر البري مدى فقدان العرب للدور المؤثر والاستراتيجي والتحكم في الأوراق الرابحة التي تقع في أيديهم بطريق الصدفة. فلو أن السياسيين العرب يقصدون وبشكل جدّي وقف إطلاق النار في غزة وإنقاذ الشعب الفلسطيني الذي يتعرض لمذبحة جماعية هناك، ولو أنهم متمرسون في السياسة ولو قليلا لحاولوا استثمار هذا الحصار البحري الذي فرضه اليمن على إسرائيل؛ في سبيل الدفع بعملية الهدنة إلى الأمام والضغط على إسرائيل للقبول بحلول يطرحها العرب وحدهم. ويبدو أنّ العداء للمقاومة الفلسطينية أعمى على قلوبهم فأصبح التفكير المنطقي والتحليل العقلاني مستعصيا عليهم.

على الرغم من أن الأردن نفى على لسان رئيس النقابة اللوجستية الأردنية نبيل الخطيب مرور مثل هذه الشحنات، إلا أن تصريحات الخطيب كانت مهمة للغاية، حيث كشفت مدى التيه والتخبط العربي في قضية الحرب على قطاع غزة. يقول الخطيب إن "هناك كلفة سياسية وأزمة ستتشكل لدى بين الأردن والإمارات في حال المنع، ولكن على الأقل من ناحية الإجراءات فرفع الكلفة قد يبطئ العملية".

يُظهر هذا التصريح أزمتين استراتيجيتين معقدتين؛ فالأولى تتعلق بفقدان الأردن لزمام المبادرة في وقف إطلاق النار، وهو الدولة الأكثر تضررا من استدامة الحرب على غزة بما يشمل احتمالية التهجير القسري ومن احتمالية تمدد الصراع الإقليمي إلى فقدان التأثير المباشر فيما يخص حل الدولتين. والأزمة الأخرى هي أن من يدفع ويضغط باتجاه تفعيل الجسر البري هي الإمارات، وهذا سيوفر كسرا لـ"شبه الحصار" البحري المفروض على إسرائيل وسيجعلها تحصل على ما تحتاجه بأقل الخسائر الممكنة.

وللبحث في الأسباب التي دفعت الإمارات وإسرائيل إلى تفعيل هذا الجسر البري، علينا العودة قليلا إلى الوراء وبشكل محدد إلى توقيع اتفاقيات التطبيع بين الإمارات وإسرائيل.

أولا، وعلى الرغم من أن العلاقات كانت موجودة، إلا أن إظهارها إلى العلن وفر البيئة المناسبة لنقل رؤوس الأموال الإسرائيلية إلى الإمارات والاستثمار في مجالات المتعلقة بالمقاولات والفنادق والشحن البحري. وبدأ الحديث عن تزايد في عمليات غسل الأموال في الإمارات ووصلت هذه العملية إلى الحد الذي قامت به "مجموعة العمل المالي الدولية (FATF)" بوضع الإمارات على قائمتها الرمادية وهددت فيما بعد بتصنيفها ضمن القائمة السوداء بوصفها تحتل المرتبة الأولى عربيا و44 عالميا في مجال غسيل الأموال، بواقع 3 إلى 5 في المئة من الناتج المحلي.

وبحسب وجهة نظر هذه المؤسسات المالية الدولية، فإن بعض الإجراءات التي اتخذتها دولة الإمارات، بما في ذلك إنشاء محاكم خاصة لمكافحة غسل الأموال، لم تتمكن من إحداث تأثير كبير على الوضع الحالي لغسل الأموال في هذا البلد، كما أنه يظهر تنفيذ هذه الإجراءات في المؤسسات المالية والأعمال التجارية عبر الإنترنت والمعدات الإلكترونية في دولة الإمارات العربية المتحدة في مجال شراء التذاكر أو التبادل الرقمي والعملات المشفرة ونشاط الشركات الهرمية.

ثانيا، يعتبر هذا الجسر ذا أهمية استراتيجية وعميقة لإسرائيل، حيث يعد بديلا سريعا مقارنة بالمرور عبر قناة السويس الذي يستغرق 10 أيام. وفي الوقت ذاته يأتي الجسر بديلا عن الالتفاف حول طريق رأس الرجاء الصالح البحري، الذي يستمر نحو شهر بسبب تهديد الحوثيين.

ورغم أن الشحن البري أغلى من البحري عادة، إلّا أن الجسر البري الجديد سيكون أقل كلفة. كما يمكن للشركات في دبي والهند الاستفادة من الجسر لتقصير زمن نقل منتجاتها إلى أوروبا عبر ميناء حيفا وميناء الخليج، وهذا سينعكس بشكل مفجع على الاقتصاد المصري لأنه سيتسبب بإضعاف موارد مصر من قناة السويس.

أخيرا، كان من الممكن على العرب اللعب بأوراق رابحة مهمة مثل تعطيل عبور السفن الإسرائيلية عبر البحر الأحمر الذي فرضه الحوثيون، لوقف العدوان على قطاع غزة وفرض أنفسهم كلاعبين دوليين مهمين بدون حتى التهديد بالسلعة الاستراتيجية الأهم التي يملكونها وهي النفط. ويبدو أنّهم وكالعادة اختاروا أن يقفوا في الجانب الخاطئ من التاريخ؛ بوصفهم عاملا في استمرار العدوان الإسرائيلي على شعب قطاع غزة.

المصدر: عربي21

كلمات دلالية: سياسة اقتصاد رياضة مقالات صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة تفاعلي سياسة اقتصاد رياضة مقالات صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة تفاعلي مقالات كاريكاتير بورتريه الإسرائيلية غزة الإمارات الحصار إسرائيل تجارة غزة الإمارات حصار مقالات مقالات مقالات سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة رياضة سياسة سياسة سياسة اقتصاد رياضة صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة هذا المشروع الجسر البری

إقرأ أيضاً:

على ظهر آيلة.. انطلاق أول أفواج الحج البري من ميناء نويبع

انطلقت أولى أفواج الحج البري من ميناء نويبع البحري، اليوم، حيث غادرت العبارة "آيلة" وعلى متنها 128 حاجًا و3 حافلات، في مستهل موسم الحج لعام 1446هـ، ضمن خطة تشغيل تشمل سفر حوالى 8 آلاف حاج و180باص عبر 10 رحلات بحرية.

وأعلنت الهيئة العامة لمواني البحر الأحمر - في بيان - عن تنفيذ خطة تشغيل متكاملة لضمان انتظام حركة سفر الحجاج وتيسير الإجراءات، بالتنسيق مع الجهات العاملة بالميناء؛ بما في ذلك شرطة الميناء، الجوازات، الجمارك، الحجر الصحي، وشركات النقل البحري والسياحي.

ووجه رئيس الهيئة، المهندس محمد عبد الرحيم، برفع درجة الاستعداد القصوى داخل الميناء، والعمل على توفير أقصى درجات الراحة والأمان للحجاج، مشددًا على أهمية سرعة إنهاء الإجراءات، وتوفير بيئة خدمية متكاملة تليق بحجاج بيت الله الحرام، مع منع التكدسات وضمان انسيابية الحركة داخل صالات السفر والوصول، والمتابعة اللحظية لتشغيل العبارات والتأكد من جاهزيتها الفنية، والتنسيق الدقيق بين الوكالات الملاحية وسلطات الميناء لتفويج الحجاج وفق جداول التشغيل المحددة، حفاظًا على انتظام الرحلات وسلامة الركاب.

وشملت الاستعدادات تجهيز صالات السفر بالميناء بالوسائل اللازمة، منها مكيفات الهواء، شاشات العرض، منظومة إذاعة داخلية، كاميرات مراقبة، ومقاعد انتظار، بالإضافة إلى تخصيص صالة لكبار السن وذوي الهمم، وتوفير طاقم طبي وسيارات إسعاف ومطافئ على مدار الساعة داخل قرية الحجاج.

وتواصل اللجنة العليا للتفتيش البحري التابعة للهيئة المصرية لسلامة الملاحة البحرية أعمالها في فحص العبارات والتأكد من استيفائها لكافة اشتراطات الأمان والسلامة البحرية قبل الإبحار، لضمان موسم حج آمن ومنظم.

وأكدت الهيئة العامة لمواني البحر الأحمر أن هذه الإجراءات تأتي في إطار توجيهات وزير النقل، كامل الوزير، بتقديم خدمات متميزة لحجاج بيت الله الحرام، بما يعكس كفاءة وجاهزية المواني المصرية وحرص الدولة على تيسير مناسك الحج برؤية شاملة وخطط تنفيذية محكمة.

طباعة شارك الحجاج افواج ميناء نويبع

مقالات مشابهة

  • ماذا يعني اختيار جيش الاحتلال معبر كيسوفيم للتوسع البري؟
  • وصول الدفعة الأولى من الحجاج المصريين إلى ميناء العقبة
  • إسرائيل تعلن بدء عملية عسكرية وتوسّع اجتياحها البري لـ غزة
  • السياحة: انطلاق أولى رحلات الحج السياحي البري لموسم الحج 1446هـ
  • 7500 حاج .. انطلاق أولى رحلات الحج السياحي البري
  • فوز المجلس البلدي في بلدة قاعقعية الجسر بالتزكية
  • على ظهر آيلة.. انطلاق أول أفواج الحج البري من ميناء نويبع
  • استمرار فتح ميناء رفح البري لليوم الـ 59 على التوالي
  • الأرصاد تحذر سكان القاهرة والوجه البحري من ظاهرة جوية.. وتكشف حقيقة العاصفة شيماء
  • من عدن.. السفيرة البريطانية تُبرز جهود بلادها في دعم الصحة والأمن البحري اليمني