في خطوة أولى تاريخياً رفعت جنوب أفريقيا قضية ضد الاحتلال الإسرائيلي لدى محكمة العدل الدولية متهمة إسرائيل بارتكاب "إبادة جماعية" خلال عدوانها في قطاع غزة.

ولتجاوز المدة الطويلة التي قد تستغرقها أي قضية ترفع لدى محكمة العدل العليا  حتى يتم الحسم فيها،  طالبت جنوب أفريقيا المحكمة بالانعقاد خلال الأيام القليلة القادمة لإصدار "إجراءات مؤقتة" تدعو إلى وقف إطلاق النار.



وجاء الرد من دولة الاحتلال الإسرائيلي بالهجوم على الدولة الأفريقية واتهامها بدعم جماعة "إرهابية" وواصفة قضية جنوب أفريقيا "بهجر الدم" وحثت محكمة العدل العليا برفضها.



في شهر آذار/ مارس 2022 أمرت محكمة العدل العليا روسيا بوقف هجومها على أوكرانيا، وهو أمر من المفروض أن يكون ملزماً، إلا أن موسكو تجاهلته على أية حال. ولكن صدور أي حكم من هذا النوع من شأنه أنه يؤثر بشكل كبير على موقف الرأي العام الدولي.

ونصّ الطلب الذي تقدمت به جنوب أفريقيا لفتح الإجراءات على ما يلي: "إن الأعمال والانتهاكات التي ترتكبها إسرائيل، والتي تتقدم جنوب أفريقيا بشكوى حولها، إنما ترقى من حيث طبيعتها إلى جريمة الإبادة الجماعية، وذلك لأنها تستهدف إلحاق الدمار بجزء كبير من الجماعة الفلسطينية، قومياً وعرقياً. ولذلك فإن الإجراءات المؤقتة باتت ضرورية في هذه الحالة من أجل منع إلحاق المزيد من الضرر البالغ وغير القابل للإصلاح بحقوق الشعب الفلسطيني، وذلك بموجب معاهدة تحريم الإبادة الجماعية، والتي لم تزل إسرائيل تنتهكها دونما رقيب ولا حسيب."

ووفقاً لتقرير أعدته صحيفة "ذي غارديان" البريطانية تجيز المادة التاسعة من معاهدة تحريم الإبادة الجماعية لأي دولة عضو فيها برفع قضية ضد أي دولة أخرى لدى محكمة العدل العليا، حتى وإن لم يكن لها أي ارتباط مباشر بالصراع المعني. وكانت المحكمة في العام الماضي قد قضت بأن بإمكان غامبيا رفع قضية ضد ماينمار تتهمها فيها بارتكاب إبادة جماعية. كما حكمت المحكمة في قضية بين كرواتيا وصربيا، قضت فيها بأن حرمان شعب ما من الغذاء والمأوى والرعاية الطبية وغير ذلك من متطلبات المعيشة يمكن أن يدخل ضمن أعمال الإبادة الجماعية.

وتقول سوزان أكرم، مدير المركز الدولي لحقوق الإنسان في جامعة بوسطن للصحيفة : "يفترض بأن من أصعب الأمور إثبات وجود نية لارتكاب الإبادة الجماعية، إلا أن الإسرائيليين المسؤولين عن تنفيذ عمليات هذا الصراع صدرت عنهم العديد من التصريحات التي تثبت بسهولة وجود نية لديهم "لتدمير جميع أو جزء من" السكان الفلسطينيين في غزة."

من الأمثلة التي تشير إليها سوزان أكرم التصريح الصادر عن وزير "الدفاع" الإسرائيلي يوآف غالانت والذي وصف فيه الفلسطينيين في غزة بأنهم "حيوانات بشرية" وكذلك التصريح الصادر عن الجنرال غسان عليان بعد ذلك وقال فيه: "هكذا ينبغي التعامل مع الحيوانات البشرية. لن يكون هناك كهرباء ولا ماء في غزة، لن يكون هناك سوى الدمار. تريدون الجحيم، فلسوف تحصلون على الجحيم.".



وتقول إيفا فوكوشيتش، الأستاذ المساعد في التاريخ الدولي في جامعة أوتريخت: "مع مقتل ما يزيد عن 21 ألفاً في غزة، تعتقد جنوب أفريقيا أنه حان الوقت لأن تنظر محكمة فيما يجري. تجيز لهم معاهدة تحريم الإبادة الجماعية القيام بذلك، لأن الدول، على المستوى العالمي، ليس لديها الكثير من الأماكن التي يمكن أن تتوجه إليها في مثل هذه الأوضاع، وخاصة عندما يكون مجلس الأمن الدولي خاضعاً للاستقطاب وفاقداً للقدرة على العمل."

في هذه الأثناء، تقوم محكمة الجنايات الدولية بالتحقيق في احتمال ارتكاب جرائم حرب وجرائم ضد الإنسانية من قبل الطرفين، حماس وإسرائيل. بينما بإمكان محكمة الجنايات الدولية النظر في الدعاوى الموجهة ضد الأفراد، تقتصر صلاحيات محكمة العدل العليا على النظر في الصراعات التي تدور بين الدول.

يقول فيكتور قطان، الأستاذ المساعد في القانون الدولي العام في جامعة نوتنغهام: "رغم أن الإجراءات المؤقتة الصادرة عن محكمة العدل العليا ملزمة، إلا أن المشكلة تكمن في إمكانية تطبيق ذلك على أرض الواقع. في نهاية المطاف، تناط مهمة التنفيذ بالأذرع السياسية للأمم المتحدة، وهذه مشلولة تماماً. ولكن لا ريب في أن الأمر ذو رمزية ويمكن أن يكون محرجاً لإسرائيل إذا ما وجهت إليها تهمة ارتكاب الإبادة الجماعية، وخاصة إذا ما أخذنا بالاعتبار تاريخها هي."

سارع ليور هايات، المتحدث باسم وزارة الخارجية "الإسرائيلية"، بإصدار رفض سريع عبر مواقع التواصل الاجتماعي للقضية التي رفعتها جنوب أفريقيا. وقال في تغريدة عبر موقع إكس، تويتر سابقاً: "ترفض إسرائيل باشمئزاز هجو الدم الذي تنشره جنوب أفريقيا من خلال تقدمها بطلب لمحكمة العدل العليا. إن ادعاء جنوب أفريقيا يفتقر إلى الحقائق وإلى الأساس القانوني، بل ويشكل استغلالاً خسيساً للمحكمة وازدراءً بها."

وأضاف: "إن جنوب أفريقيا تتعاون مع منظمة إرهابية تدعو إلى تدمير دولة إسرائيل." وذلك في إشارة إلى حركة المقاومة الإسلامية حماس .



وقال ريتشارد غوان، مدير شؤون الأمم المتحدة في مجموعة الأزمات الدولية: "أظن أن من الإنصاف القول إن كثيراً من الدول تستخدم هذه الأيام اللجوء إلى محكمة العدل العليا كجزء من معاركها للتحكم بالسرديات العالمية المتعلقة بالحروب والأزمات. إن التوجه إلى المحكمة واستخدام عبارة "الإبادة الجماعية" أسلوب قوي للتأثير في النقاشات الدولية حول صراع ما. ولكن من الجدير بالإشارة أن المحكمة فشلت يا للأسف في وقف العنف سواء في ماينمار أو في أوكرانيا. وثمة مخاطرة في أن تتحول محكمة العدل العليا إلى مجرد منصة أخرى للخلافات الدبلوماسية العلنية وللتراشق بالنعوت، حالها كحال الجمعية العامة للأمم المتحدة."

المصدر: عربي21

كلمات دلالية: سياسة اقتصاد رياضة مقالات صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة تفاعلي سياسة اقتصاد رياضة مقالات صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة تفاعلي سياسة مقابلات سياسة دولية سياسة دولية جنوب أفريقيا الاحتلال الإسرائيلي محكمة العدل إبادة جماعية غزة غزة جنوب أفريقيا إبادة جماعية الاحتلال الإسرائيلي محكمة العدل المزيد في سياسة سياسة دولية سياسة دولية سياسة دولية سياسة دولية سياسة دولية سياسة دولية سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة اقتصاد رياضة صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة محکمة العدل العلیا الإبادة الجماعیة جنوب أفریقیا فی غزة

إقرأ أيضاً:

محكمة بريطانية تُصدر حكما في قضية حماية الأمير هاري

خسر الأمير هاري، اليوم الجمعة، الاستئناف الذي قدمه للطعن في قرار الحكومة البريطانية سحب الحماية الأمنية الممولة من المال العام منه، وذلك بعد تخليه عن مهامه داخل العائلة الملكية وانتقاله للإقامة في الولايات المتحدة. وقضت محكمة الاستئناف بالإجماع بأن اللجنة التنفيذية لحماية الشخصيات الملكية والعامة البريطانية لم تعامل الأمير هاري بشكل غير عادل عندما قررت مراجعة مسألة توفير الحماية له على أساس كل حالة على حدة في كل مرة يزور فيها المملكة المتحدة.
فقد الأمير هاري وزوجته ميغن حقهما في الحماية الدائمة على حساب دافعي الضرائب البريطانيين، بعدما قررا الانسحاب من العائلة الملكية عام 2020 والاستقرار في الولايات المتحدة. وقررت وزارة الداخلية منحه الحماية على أساس كل حالة على حدة.
ورفع هاري (40 عاما) دعوى قضائية عام 2021 طعنا في القرار. وبعدما ردت محكمة الدرجة الأولى طلبه العام الفائت، استأنف الحكم.
ومن المرجح أن يجبر هذا الحكم دوق ساسكس على دفع فاتورة كبيرة لتغطية رسوم الحكومة البريطانية القانونية، بالإضافة إلى تكاليف فريق الدفاع الخاص به.
ولم يتضح على الفور ما إذا كان الأمير سيحاول الطعن في الحكم أمام المحكمة العليا في المملكة المتحدة.
وأيد هذا الحكم قرار قاض في المحكمة العليا العام الماضي خلص إلى أن الخطة "المصممة خصيصا" لأمن دوق ساسكس لم تكن غير قانونية أو غير منطقية أو غير مبررة.
وظهر الأمير هاري بشكل نادر في جلسة الاستماع التي استمرت يومين الشهر الماضي، حيث أكد محاميه بأن حياته في خطر وأن اللجنة التنفيذية لحماية الشخصيات الملكية والعامة قد اختصته بمعاملة متدنية.
وقالت وكيلة الأمير هاري المحامية شهيد فاطمة للمحكمة إن "هذا الاستئناف يتعلق بالحق الأكثر أساسيةً، وهو سلامة كل فرد وأمنه".
وفي اللوائح المكتوبة التي قدمها وكلاء هاري إلى المحكمة، أشاروا إلى تهديدات تهدد سلامة الأمير، مذكّرين بأن أبرزها "دعوة تنظيم القاعدة إلى قتله".
وأشار محامو دوق ساسكس أيضا في مذكرتهم إلى أنه وزوجته "تعرّضا لمطاردة خطيرة من مقتنصي الصور (باباراتزي) في مدينة نيويورك" في مايو 2023.
أما محامي الحكومة البريطانية جيمس إيدي، فشرح أن القرار لا يهدف إلى حرمان هاري من الحماية تماما في المملكة المتحدة، بل إلى التأكيد أن "حمايته لن تستند إلى الأسس السابقة نفسها بسبب تغيير وضعه" وإقامته خارج المملكة المتحدة.

أخبار ذات صلة رئيس كوريا الجنوبية المعزول يون يحضر أولى جلسات محاكمته المصدر: د ب أ

مقالات مشابهة

  • "العدل الأمريكية" تتهم يمنياً بهجمات إلكترونية ضد 1500 نظام عالمي
  • سفينة الضمير تتهم إسرائيل بتنفيذ الهجوم عليها
  • تضامن عربي مُتواصل.. المغرب واليمن وموريتانيا ترفع الصوت لإنقاذ غزة من الإبادة (شاهد)
  • أمنستي: حصار غزة اللا إنساني دليل على نية الإبادة الجماعية فيها
  • محكمة بريطانية تُصدر حكما في قضية حماية الأمير هاري
  • أمنستي: حصار غزة اللا إنساني دليل على نية الإبادة الجماعية في غزة
  • كاتبة إسرائيلية: الإسرائيليون شركاء في حرب الإبادة الجماعية في قطاع غزة
  • وفد قطر أمام محكمة العدل الدولية: إسرائيل تستخدم التجويع سلاحا ضد الفلسطينيين بغزة
  • إلغاء “ذكرى الإبادة الجماعية للفيليين”!
  • عاجل | وفد قطر أمام محكمة العدل: إسرائيل تستخدم المساعدات الإنسانية سلاحا ضد المدنيين